القاعدة في سوريا... بداية النهاية

 

شبكة النبأ: بعد اكثر من عامين على الصراع في سوريا، بدأت اليوم تتضح ملامح وغايات ثورة المعارضة المزعومة من لدن المتمردين في البلاد السورية، خصوصا بعدما اعلنت جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة التي تقاتل ضد النظام السوري مبايعتها زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، واعلان ما يسمى بدولة العراق الاسلامية الاندماج معها تحت راية واحدة.

لتكشف مبايعة جبهة النصرة لزعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، الوجه الحقيقي لهذه الثورة المزعومة التي صنعة المؤامرة ضد الشعب السوري ونفذتها المجموعات الارهابية بتمويل خارجي، وكذلك لتعزز موقف النظام السوري وتشجعه على تصعيد حملته العسكرية ضد معارضيه.

في الوقت نفسه، من شأن هذا الاعلان ان يحرج اكثر الدول الغربية المطالبة برحيل النظام والمترددة في تسليح مقاتلي المعارضة خشية وقوع اسلحتها في ايدي متطرفين معادين اجمالا للغرب.

فلا تسليح للمعارضة وسط دعم سياسي حذر ويبدي الغربيون اكثر من اي وقت مضى عجزا عن معرفة ما العمل لمواجهة المأساة السورية التي ازدادت تعقيدا بعد الاعلان رسميا عن وجود القاعدة في البلاد.

فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الخليجية والغربية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، يرى الكثير من المراقبين ان هناك انقسامات وتقاطعات حادة بين مكونات المعارضة، وبين الدول الداعمة لمشروع إسقاط النظام السوري من الدول الإقليمية والغريبة على حد سواء.

كما بينت الحقائق والدلائل باعترافات مباشرة من تنظيم القاعدة أن هذا التنظيم احد اهم فصائل القتال في سوريا التي تحولت ارضها الى ساحة قتال تشارك فيها الكثير من الفصائل والجماعات الجهادية المسلحة المدعومة من بعض الدول الاقليمية، كما عكست هذه الحقائق والدلائل مدى التنافس والغايات والأجندة التي تهدف اليها الدول الداعمة والمحرضة للمعارضة تحت غطاء الثورة المزعومة.

وعليه فأن من المعطيات آنفة الذكر تضفي الى انه من مستبعدة ايجاد حلا سياسيا خلال الاونة المقلبة كون بات من المؤكد ان مسار الثورة المزعومة يتجه صوب بداية النهاية، وربما سيتم الحسم الصراع السوري في المستقبل القريب.

وصاية القاعدة

في سياق متصل يرى مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام ابو عبد الله ان انكشاف الارتباط بين القاعدة وجبهة النصرة هو "بالتأكيد نقطة لصالح النظام تعزز الرواية السورية (الرسمية) وتؤكد وجود دور لقوى خارجية"، ويضيف "انها تضعف المعارضة امام الرأي العام السوري والرأي العام الدولي"، واعلن زعيم جبهة النصرة ابو محمد الجولاني مبايعة زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، "على السمع والطاعة".

وتلقفت دمشق هذا الاعلان لتذكر عبر وزارة خارجيتها انها لطالما "حذرت من ارتباط الارهابيين (الذين يقاتلون في سورية) بتنظيم القاعدة وخطورة الجرائم التي يرتكبونها في سورية استنادا الى فكر ظلامي وفتاوى تكفيرية"، وطالبت مجلس الامن الدولي بادراج جبهة النصرة على لائحته السوداء للتنظيمات المرتبة بالقاعدة. بحسب فرانس برس.

ويقول الخبير الفرنسي في الشؤون الاسلامية في سورية توما بييريه ان "كل ما يساهم في ربط المعارضة بالقاعدة يشكل تقدمة ثمينة للنظام الذي يمكنه الاكتفاء بمراقبة التركيز الاعلامي الغربي على هذا الموضوع (..) ليستنتج منطقيا ان التطرف العقائدي في صفوف معارضيه يشغل الغربيين اكثر من اطنان المتفجرات التي يلقيها يوميا على شعبه".

ويضيف عبدالله في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان الايام المقبلة ستشهد "بتقديري اداء مختلفا للجيش السوري الذي سيبدأ عمليات للحسم الشامل"، ويتابع "الوضع اصبح مكشوفا وواضحا (...) سنرى تحولا كبيرا في الميدان وتسعيرا في الوضع العسكري لتوجيه ضربات قاصمة الى هذا التنظيم".

كما كتبت صحيفة "الوطن" السورية تعليقا على المبايعة "انها القاعدة وليست ثورة سلمية قامت بصدور عارية، كفاكم كذبا ودجلا وخداعا"، وبات معلوما ان جبهة النصرة التي لا يزال الغموض يحيط بنشأتها هي اكثر تنظيما وتسليحا وافضل تمويلا من المجموعات المسلحة الاخرى.

ويقول تشارلز ليستر، المحلل في مركز "جاينز" المتخصص في شؤون الامن والارهاب في لندن

ان الوقائع الاخيرة تضع الدول الغربية "في موقف شائك"، لا سيما ان "التعاون بين المجموعات على الارض يجعل تسليح مجموعات معينة (دون اخرى) مهمة شبه مستحيلة".

ويرى ليستر ان الدول الغربية "تشك منذ وقت طويل بوجود صلات بين جبهة النصرة وتنظيم القاعدة، والارجح ان هذا الامر كان سببا رئيسيا لعدم رغبتها في تسليح اي مجموعة مقاتلة"، ويسأل بسام ابو عبدالله بدوره عما سيكون عليه موقف الغرب قائلا "لا تستطيع المعارضة السورية المزعومة ان تبرر وجود عناصر غير سورية وجهادية في سورية، خصوصا امام الاوروبيين"، ويضيف "الوضع بات محرجا للمجتمع الغربي الذي يدعي دعمه للتحول الديموقراطي وغير ذلك من الشعارات". وتحرص دمشق على اللعب على وتر الاحراج هذا.

فقد رأت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) ان ارتباط القاعدة والنصرة "يضع مصداقية الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والدول المستقلة امام اختبار حقيقي عليها خلاله الاختيار بين الانحياز للارهاب (...) او الاعتراف بحق الشعب السوري وحكومته بمكافحة الارهاب انسجاما مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن".

اسلحة ومتطرفون وفوضى خليط المعادلة الجهنمية في سورية

على الصعيد نفسه قبل شهر لم يكن هناك امر اهم بالنسبة الى لندن وباريس من تسليم الاسلحة الى المعارضة السورية "لتغيير توازن القوى ميدانيا" واجبار دمشق وبالتالي حليفتها روسيا على الاقرار بالحاجة الى مفاوضات. واعلنت واشنطن عدم الاعتراض على ذلك من دون القيام باي مبادرة.

واشار وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الى "خلافات مستمرة" بخصوص النزاع وعدم احراز "تقدم" في هذا اللقاء فيما اكد نظيره الامريكي جون كيري عدم قطع "اي وعد" للمعارضين السوريين الوافدين الى لندن.

وباريس التي كانت مؤخرا مستعدة لخرق حظر الاسلحة الاوروبي على سوريا الذي ستجري مراجعته في اواخر ايار (مايو)، اكدت تراجعها بهذا الخصوص مبررة ذلك بعدم استقرار الوضع وشكوكها في تنظيم المعارضة السورية.

وتعزز التردد الغربي في تسليم الاسلحة من دون ضمانات حول انتهائها في "الايدي المناسبة"، بعد اعلان جبهة النصرة الجهادية التي تقاتل في الصفوف الامامية النظام السوري مبايعتها للقاعدة، علما انها ترمي الى انشاء دولة اسلامية في سورية.

وصرح "سفير" المعارضة السورية في فرنسا منذر ماخوس "لن تكون هناك ابدا ضمانات حول وجهة الاسلحة. ولن نتمكن على الاطلاق من رفع الحظر الاوروبي بالكامل" مقرا بان علاقة النصرة بالقاعدة "مشكلة".

وتابع ماخوس لفرانس برس 'لكن بصراحة اتسائل اين المخططين الاستراتيجيين الغربيين الكبار؟ فهم لم يرصدوا ما يحدث، ويعاني الائتلاف الوطني السوري من صعوبة في اثبات مصداقيته نظرا لانقسامه وعدم تنظيمه وخضوعه لتأثيرات اجنبية متعارضة ولا سيما من قطر والسعودية.

ويرى الباحث يزيد صايغ من مركز كارنيغي الشرق الاوسط للابحاث ان المعارضة السورية منشغلة "بضمان الدعم الخارجي" اكثر من سعيها الى الترسخ في سورية. واكدت الباحثة في كلية الدفاع التابعة للحلف الاطلسي في روما فلورانس غوب ان "المشكلة الاساسية اليوم ليست مسألة تسليح، بل بنية الثورة ميدانيا. فليس هناك في الواقع استراتيجية، وكل مجموعة صغيرة تفعل ما تشاء".

مبايعة النصرة لتنظيم القاعدة تثبت أن لا وجود للثورة

الى ذلك رأت صحيفة (الوطن) السورية ان مبايعة جبهة النصرة في سوريا لتنظيم القاعدة تثبت ان لا وجود لأي "ثورة سلمية" وان سوريا تخوض منذ سنتين "حربا ضد الارهاب"، وكتبت الوطن "انها القاعدة وليست ثورة سلمية قامت بصدور عارية، كفاكم كذبا ودجلا وخداعا"، واضافت "هو مشروع مدعوم ماليا وعسكريا وسياسيا من قبل مستعربين وغربيين وكل ما يملكونه من امكانيات واعلام". بحسب فرانس برس.

وتابعت الوطن "اليوم نسأل من كان يقبل عناصر جبهة النصرة ويدعي انهم جزء لا يتجزأ من ما يسميه الثورة السورية"، متسائلة "هل ثورتكم يرعاها أيمن الظواهري؟، أم يوسف القرضاوي؟، أم الدول التي كانت حتى اندلاع الحرب في سوريا تدعي مكافحة الارهاب وتبين انها شريكة معه؟"، في اشارة الى الدول الغربية والخليجية الداعمة للمعارضة السورية.

واكدت الوطن ان سوريا "تخوض منذ عامين حربا حقيقية على ارهابكم وعلى من تقبلون وتدافعون عنه أمام المحافل الدولية وتزودونه بالمال والرجال والعتاد"، مشددة على ان هذه الحرب "لن ينتصر فيها الا الشعب السوري الذي يرفض ارهابكم وتطرفكم واموالكم، ويدا بيد مع جيشه سيقضي على آخر ارهابي دنس أرض سورية الطاهرة"، ويرفض النظام منذ بداية الانتفاضة المناهضة له في منتصف آذار/ مارس مقولة "الثورة"، مؤكدا انه يتعرض ل"مؤامرة" ضده مدعومة وممولة من الخارج ينفذها "ارهابيون اسلاميون".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 14/نيسان/2013 - 3/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م