بورما... جرائم مسكوت عنها

 

شبكة النبأ: تواصل الجماعة البوذية انتهاكاتها المتواصلة وجرائمها الوحشية المستمرة ضد الاقلية المسلمة في بروما التي تواجه اليوم وبحسب بعض المراقبين حملة تطهير عرقي وديني وسط صمت دولي خطير، حيث اسفرت هذه الجرائم المتكررة والمدعومة قبل الحكومة عن سقوط العديد من الابرياء وحرق منازل ومزارع عدد كبير من المسلمين اضافة الى تشريد الالاف من العوائل المسلمة. وقد تعرضت الأقلية المسلمة في بورما، التي يبلغ تعدادها 4% من السكان، للعديد من حوادث العنف الطائفي من قبل الأغلبية البوذية، وتعاملت السلطات الحاكمة فى بورما مع المسلمين وكأنهم "وباء" لابد من التخلص منه بأسرع وقت.

وبدأت أحوال المسلمين فى بورما تسوء بعد انقلاب الجنرال "ني وين" عندما تولى الحكم عام 1963، وذلك عندما قام بطردهم من الجيش وتعرضت تلك الأقلية للتهميش والإقصاء، وشردت سلطات بورما أكثر من 300 ألف مسلم فى عام 1978 وقامت بتهجيرهم إلى بنجلاديش، كما ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم مستوطنون فى بورما وذلك فى عام 1982، وعندما فازت المعارضة فى الانتخابات الوحيدة التى أجريت فى بورما عام 1991 والتى ألغيت نتائجها بعد ذلك دفع مسلمو بورما الثمن، لأنهم صوتوا لصالح المعارضة فطردوا ما يقرب من نصف مليون مسلم آخرين إلى بنجلاديش.

ظلت هذه التوترات العنصرية بين المسلمين والبوذيين مستمرة، لكنها ازدادت حدة فى عام 2001عندما أضرم البوذيين النار فى مساكن المسلمين وممتلكاتهم. وفي الآونة الأخيرة أصدرت السلطات الحاكمة فى بورما قرارًا يمنع العاملين والموظفين في الحكومة من إطلاق لحاهم وارتداء الزي الإسلامي في الدوائر الرسمية، وفصل كل من لا يمتثل لهذا الأمر، وقد تم العمل بهذا القرار، وأعفي آلاف المسلمين من وظائفهم.

وفيما يخص بعض هذه الاحداث فقد كان مسلمو سيت كوين في ميانمار دائما جماعة صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها مئة شخص في القرية التي يعيش فيها ألفا شخص. لكن مع انتشار العنف الطائفي الذي تقوده حشود بوذية في وسط ميانمار بدأ المسلمون يختفون من القرية وغيرها من المناطق. ودمرت منازل المسلمين ومتاجرهم ومساجدهم وانتهى الحال ببعضهم في مخيمات للاجئين أو اختبأوا في منازل أصدقاء أو أقارب لهم. وقتل العشرات منهم.

وقال أونج كو مينت وهو سائق سيارة أجرة في سيت كوين ويبلغ من العمر 24 عاما "لا نعلم أين هم". ونهب بوذيون متجرا مملوكا لأحد المسلمين المتبقين في البلدة. وأضاف مينت "فر قبيل وصول العصابات إلى هنا." وقتل 42 شخصا في أعمال عنف ببلدة ميختيلا يوم 20 مارس اذار وامتدت الاضطرابات التي يقودها بوذيون متشددون إلى عشر بلدات وقرى أخرى على الأقل في وسط ميانمار ووقعت أعمال العنف الأخيرة على مسافة ساعتين فقط بالسيارة من يانجون العاصمة التجارية للبلاد.

وميانمار ذات أغلبية بوذية وتصل نسبة المسلمين بين سكانها البالغ عددهم 60 مليون شخص إلى نحو خمسة في المئة. وهناك تجمعات كبيرة للمسلمين في مدن يانجون وماندالاي وبلدات في قلب ميانمار. وذكرت وسائل إعلام رسمية أنه تم اعتقال 68 شخصا فيما يتصل بالاضطرابات التي تسببت في تشريد 13 ألف شخص.

وقال شهود إن الاضطرابات في سيت كوين بدأت عندما تجول نحو 30 شخصا يركبون دراجات نارية بالبلدة وأخذوا يحثون السكان على طرد المسلمين. ونهبوا مسجدا بعد ذلك ومجموعة من متاجر وبيوت المسلمين. وإلى الجنوب من سيت كوين كثفت الشرطة الدوريات بقرية ليتبادان التي يقطنها 22 ألف نسمة على بعد نحو 160 كيلومترا من يانجون.

وقاد ثلاثة رهبان مجموعة من 30 شخصا متجهين إلى مسجد لكن الشرطة فرقة الحشد الذي كان كثير منهم مسلحون بسكاكين وهراوات واعتقلت شخصين لفترة وجيزة. وقالت الشرطة إنها أفرجت عنهما بناء على طلب من مسؤولين بالبلدة. وقال الراهب خامايندا الذي قاد الاحتجاج إنه خرج إلى الشارع بعدما سمع شائعات نقلها إليه رهبان آخرون عبر الهاتف عن عنف بين بوذيين ومسلمين في بلدات أخرى. وقال إنه أراد الانتقام من المسلمين واضاف "سنعود مرة أخرى إذا سنحت لنا الفرصة."

وإلى الشمال من سيت كوين توجد قرية مينهلا التي شهدت عنفا هي الاخرى وقال ضابط بالقرية إن حشدا ضم المئات دمر ثلاثة مساجد و17 متجرا ومنزلا خلال تلك الأحداث. وقال شهود إن الرهبان لم يشاركوا في تلك الهجمات. وقال أحد سكان القرية إن نحو 200 من أفراد الجيش والشرطة تدخلوا في نهاية المطاف لفرض هدوء هش.

وقال ضابط بالقرية إن قرابة 500 من سكان مينهلا البالغ عددهم 100 ألف هم مسلمون وقدر أن نحو ثلثي المسلمين فروا من البلدة. وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن حقوق الانسان في ميانمار إنه تلقى تقارير عن "ضلوع الدولة" في العنف الذي وقع في الفترة الماضية في ميختيلا.

في السياق ذاته قتل 13 شخصا بينهم اطفال في حريق اندلع في مدرسة للمسلمين في رانغون، مما اثار غضب واستنكار سكان الحي بعد اعمال العنف الطائفية الاخيرة وذلك على الرغم من تطمينات الشرطة بان الامر ناجم عن حادث عرضي. واندلع الحريق خلال الليل في المبنى الواقع بوسط المدينة والذي يضم مسجدا ومدرسة وحيث كان سبعون شخصا من بينهم عدد كبير من الاطفال يمضون الليل. وعلى الفور، نسبت عدة مصادر من الشرطة الحادث الى عطل كهربائي شائع في بورما. واوردت الشرطة على صفحتها الرسمية على فيسبوك "افاد تحقيق شرطة الحي ان الحريق ناجم عن التيار العالي في المسجد".

وعلى خلفية التوترات الطائفية التي شهدتها البلاد، ارتفعت شكوك في اوساط المسلمين المتخوفين من امتداد اعمال العنف الى العاصمة البورمية السابقة. والتقى ممثلون عن المنظمات المسلمة الاساسية مع السلطات المحلية للمطالبة بفتح تحقيق "لتحديد ما اذا كان الامر يتعلق بحادث او بحريق متعمد"، حسبما اوضح يي نونغ ثين امين سر احدى هذه المنظمات. واضاف "البلاد كلها تخشى على رانغون الان وتتساءل ما اذا الامر يتعلق بجريمة".

في المقابل، بدا الحشد المؤلف من مئات الاشخاص الذين تجمعوا في احد مقابر المسلمين بشمال المدينة لتشييع الضحايا على قناعة ولو دون دليل بان الامر لا يمكن ان يكون مجرد حادث. وقال خين مونغ هلا احد مدرسي الضحايا ال13 من الفتيان والذين تراوحت اعمارهم بين 12 و15 عاما والذي ايقظه الحريق "اعتقد ان احدا اضرم النار عمدا". واشار عدد من الشهود الى انبعاث رائحة بنزين.

وصرح شاين وين زعيم مجموعة للشبيبة المسلمة ان "بعض التلاميذ والاساتذة الذين تمكنوا من الهرب قالوا انهم لاحظوا سائلا في الطابق الارضي وان رائحته شبيهة بالبنزين"، في اشارة الى فرضية ان الحريق ناجم عن عمل اجرامي.

في السياق ذاته نفت الحكومة البورمية بشدة اتهامات مسؤول كبير في الامم المتحدة اشار الى "ضلوع الدولة" وقوات الامن في بعض اعمال العنف المناهضة للمسلمين. وقال يي هتوت المتحدث باسم الرئيس البورمي ثين سين على صفحته على موقع فيسبوك "ارفض تماما ما قاله (مقرر الامم المتحدة الخاص حول حقوق الانسان في بورما توماس اوجيو) كينتانا عن ضلوع بعض اقسام في الدولة في اعمال العنف وتشجيعها".

واعتبر ان تعليقات المسؤول الاممي "تستند الى معلومات غير دقيقة، من دون بحث الوضع الميداني في شكل صحيح". وكان كينتانا اعلن انه "تلقى تقارير اشارت الى ضلوع الدولة في بعض اعمال العنف". واضاف "في بعض الحالات، فان العسكريين وعناصر الشرطة وقوات امن اخرى لم يتحركوا فيما كانت هذه الفظائع ترتكب امام اعينهم، بما في ذلك (ما قامت به) مجموعات بوذية قومية منظمة جدا"

وطلبت المنظمات الرئيسية للمسلمين في بورما في رسالة مفتوحة حماية فعلية من قوات الامن في مواجهة العنف الديني. وقال رئيس مجلس الشؤون الاسلامية نيونت مونغ شين في الرسالة التي وجهت الى الرئاسة ان "حياة وممتلكات المسلمين والمساجد والمدارس الدينية في بورما ولم تعد في امان والوضع مثير للقلق".

واكدت المنظمات الاربع الموقعة للرسالة ان "هذه الهجمات العنيفة تشمل حرائق متعمدة ومجازر تستحق عقابا قاسيا"، متهمة قوات الامن "بالاهمال" وحتى بعدم الاكتراث. وقال معدو الرسالة ان "المجازر والاضرار التي لحقت بالمباني الدينية والممتلكات سببها ضعف الحماية وضعف الاجراءات التي اتخذتها السلطات المسؤولة". وادت مواجهات بين البوذيين من اقلية الراخين والمسلمين من اقلية الروهينجيا في 2012 الى سقوط اكثر من 180 قتيلا ونزوح 110 الف شخص في غرب البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/نيسان/2013 - 30/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م