ليبيا... العنف يقوض مكتسبات الثورة

هشاشة أمنية وفوضى سياسية

 

شبكة النبأ: منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي قبل أكثر من عامين تقريبا وحتى اللحظة الراهنة، ما زال يكتنف ليبيا مشهد العنف والفوضى المتكرر في الدولة المنقسمة، نتيجة تنامي الفوضى والمسلحين الإسلاميين.

 إذ تعاني ليبيا اليوم الكثير من الاضطرابات والأزمات على مختلف الأصعدة سواء، وخاصة على الصعيد الأمني، وبالتحديد منطقة جنوب ليبيا المعزولة والمهملة منذ فترة طويلة، حيث يتنامى فيها انعدام تطبيق القانون والتهريب والاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية ووجود سكان غير أصليين بالمنطقة، ولا يوجد بها سوى ميليشيات قبلية تعاني من سوء التدريب لمنع المسلحين الإسلاميين من السيطرة على المنطقة.

ويرى الكثير من المحللين أن انفلات الأمني وتصاعد أعمال العنف وزيادة حدة التوتر والصراع بين الاطراف المتخاصمة الحكومية وغير الحكومية، فضلا عن تزايد التعصب الديني في ليبيا، جميعها هذه الامور تقود الدولة الى هشاشة سياسية وامنية واقتصادية خطيرة جدا، وقد زاد هذه الامور من  تأزم الأوضاع ورفع من حالة الاحتقان السياسي، لتقدم صورة سياسية امنية لانعدام الثقة بين المكونات السياسية ولتشكل أساس الأزمة في ليبيا الجديدة.

وعلى الرغم من التطورات الايجابية التي حققتها الحكومة الجديدة على صعيد الحياة السياسية، إذ يسعى حكام ليبيا الجدد لإعادة النظام إلى لبيبا، لكنهم يصطدمون بعدة معوقات أهمها الصراع السياسي مع فلول النظام السابق، إذ يحاول فلول الرئيس السابق، إفساد العملية السياسية بدعم من بعض الجهات الإقليمية والخارجية، في حين يعتبر انعدام الأمن أحد الشواغل الرئيسية للحكومة الجديدة التي ما تزال في مرحلة إنشاء قوة شرطية وجيش وطني حديث.

في حين ينتشر الاستياء في أنحاء ليبيا بسبب انتشار السلاح وانعدام الأمن، ومازالت المخاوف الأمنية تدفع المستثمرين الأجانب للحذر من العمل في ليبيا على الرغم من الفرص الهائلة والثروة النفطية الكبيرة المتوفرة لسداد تكاليف احتياجات إعادة الإعمار الملحة، بينما تسعى ليبيا اليوم جاهدة الى ايجاد حلول وتوافقات سياسية جديدة توحد جميع الكيانات، كي تنفض عن كاهلها تركة خلفها حكم القذافي الذي دام 42 عاما.

خطف مستشار رئيس الوزراء واقتحام وزارة العدل

في سياق متصل قال مصدر حكومي إن مهاجمين مجهولين خطفوا مستشارا لرئيس الوزراء الليبي علي زيدان من داخل سيارته على مشارف طرابلس، واختطف المجهولون محمد علي الشنتال وهو في الخمسينات من العمر بعد مروره بنقطة تفتيش تؤدي إلى ضاحية تاجوراء في طرابلس. وقال مصدر في مكتب زيدان إن الشنتال من كبار مستشاري رئيس الوزراء، وقال "لا أحد يعرف مكانه. تركوا سيارته ربما ظنا منهم انه يمكن تتبعها"، وتحدث الشنتال إلى اسرته بالهاتف المحمول من سيارته قبل اختطافه. ويجري تحقيق في الحادث. بحسب رويترز.

وقال مسؤولو أمن إن جماعة مسلحة خطفت لفترة وجيزة خمسة رعايا بريطانيين كانوا ضمن قافلة مساعدات تمر بليبيا في طريقها الى غزة وإن إحدى أفراد المجموعة تعرضت لاعتداء جنسي خلال الواقعة التي حدثت في مدينة بنغازي.

الى ذلك ذكرت تقارير ليبية أن مجموعة مسلحة حاولت اقتحام وزارة العدل، موضحة أن المحاولة تأتي على خلفية تصريحات أدلى بها وزير العدل صلاح المرغني بأن الحكومة لن تصرف مرتبات إلا للعاملين في أجهزة الدولة الرسمية، وذكرت (وكالة أنباء التضامن) أن مجموعة مسلحة تحاول هذه الأثناء اقتحام وزارة العدل على خلفية ما صرح به الوزير عندما لفت إلى أن الحكومة لن تعطي المرتبات إلا للعاملين في الشرطة المنضمة لوزارة الداخلية وأن الحكومة ستهاجم أماكن تجمع كتائب الثوار لحلها. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

قاعدة تمنهنت

فيما تعرضت قاعدة " تمنهنت " بمنطقة سبها جنوب ليبيا لهجوم من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية مستهدفة الطيارين المكلفين بحماية الحدود ضد عمليات التهريب.

وأوضح بيان لوزارة الدفاع تلقت وكالة الأنباء الليبية نسخة منه أن الهجوم أدى إلى "استشهاد عقيد طيار موسى رزق الله العوامي أحد معاوني الحاكم العسكري في الجنوب ، والجندي سامي محمد عبدالله البرعصي، وجرح جنديين آخرين أحدهما حالته خطيرة"، وعبرت وزارة الدفاع عن أسفها لحدوث "مثل هذه الأعمال الإجرامية،" وتعهدت بملاحقة الجناة والقصاص منهم واتخاذ الإجراءات المكثفة لحماية الموقع والتحقيق الفوري والعاجل في الواقعة. بحسب وكالة الإنباء الألمانية.

جنوب ليبيا

بينما نجا الحاكم العسكري لمنطقة جنوب ليبيا العميد رمضان البرعصي، من محاولة أغتيال بهجوم مسلح على مقر قيادته في تمنهت القريبة من مدينة سبها (750 كلم) جنوب ليبيا، وقالت مصادر أمنية بالمنطقة، إن الهجوم المسلح الذي نفذته مجموعة وصفت بأنها خارجة عن القانون، أدى إلى مقتل أربعة عناصر من الجيش بينهم ضابط برتبة عقيد، وأضافت أن عدداً آخر من العسكريين جرحوا إثر تبادل لإطلاق النار بين المجموعة المسلحة وقوات الجيش الليبي. بحسب يونايتد برس.

كما تعرضت سيارة رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف لاطلاق نار في طرابلس فيما كان يغادر في وسط حالة من الارتباك قاعة اجتماعات يحاصرها متظاهرون، على ما اعلن وزير الداخلية.

وقال وزير الداخلية عاشور شوايل في مؤتمر صحافي بطرابلس ان المقريف نجا من الهجوم. واكد شوايل ان السيارة التي كان يستقلها رئيس المؤتمر تعرضت لوابل من الرصاص أثناء مغادرة المجلس القاعة في حالة ارتباك شديد، واكد الوزير ان المحتجين كانوا مسلحين وبعضهم كان يحمل متفجرات.

وفي بيان صادر عن المكتب الصحافي لرئيس المؤتمر اكد المقريف ان المؤتمر "لن يزاول عمله تحت تهديد السلاح، ولم ولن يسمح أن يستخدم السلاح من الجماعات الخارجة عن القانون كوسيلة للضغط على المؤتمر ليسير عمله بناء على أجندات هذه الجماعات"، وأكد "أن هناك طرقا مشروعة لإيصال الصوت والتظاهر، بعيدا عن الاعتداء الجسدي والاحتجاز التعسفي لأعضاء المؤتمر، كما حصل ليلة البارحة في مقر مركز الأرصاد الجوية بالكريمية".

واضاف المقريف "سنواصل عملنا الدؤوب لأجل تعزيز دولة القانون والحفاظ على شرعية الدولة التي بذل شعبنا لأجلها الدماء والأرواح، وإن ذلك يتطلب تضافر جهود جميع مكونات الدولة والشعب كل من مكانه للحفاظ على الوطن وأبنائه، ولن نسمح لأي كان أن يقفز على الشرعية ويمزق هذا الوطن"، ويهدف مشروع قانون العزل السياسي الذي قدم في كانون الاول/ديسمبر الى منع المسؤولين السابقين في نظام القذافي والمتعاونين معهم من ممارسة العمل السياسي. بحسب فرانس برس.

واثار هذا القانون مناقشات صاخبة في المجلس وداخل الطبقة السياسية بسبب امكانية استبعاد اكثر من 30 من اعضاء المجلس ومسؤولين حاليين من بينهم المقريف وعلي زيدان اللذين كانا في الثمانينات من اعضاء السلك الدبلوماسي قبل ان ينقلبا على السلطة، ولا يستبعد مشروع القانون في الواقع المعارضين التاريخيين لنظام معمر القذافي الذين تصالحوا معه في وقت ما.

في حين ألقي القبض على أربعة ليبيين على خلفية اتهامهم بالتعدي جنسيا على بريطانيتين من العاملين في مجال تقديم المعونات، وجرى اختطاف السيدتين عند إحدى محطات التفتيش قريبا من مدينة بنغازي، واحتجزهما الخاطفون لساعات قبل أن يطلقوا سراحهما.

وقال مسؤول في الجيش الليبي إن الخاطفين كانوا من قوات الأمن، وتم طردهم من الخدمة منذ شهور، وأفادت رنا جواد، مراسلة بي بي سي في طرابلس، أن بعض خطباء المساجد بدأوا خطبهم يوم الجمعة باستنكار الاعتداء على البريطانيتين، وكانت السيدتان ضمن قافلة مساعدات متجهة من المغرب نحو قطاع غزة، إلا أنه وعند وصولهما إلى الحدود الليبية المصرية، رفض المسؤولون منح خمسة منهم – ومن بينهم السيدتان- إذنا بالمرور.

واستقل الخمسة سيارة أجرة نحو مدينة بنغازي، على أمل اللحاق برحلة طيران تعيدهم إلى بريطانيا، وتعرضت المجموعة للاختطاف عند إحدى نقاط التفتيش.

ووصف مايكل آرون، سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، الحادث بأنه "حادث فظيع"، وقال لبي بي سي إن السلطات الليبية تحقق في الأمر، وبعد إطلاق سراح المختطفين، جرى نقلهم إلى القنصلية التركية في بنغازي، ثم أعيدوا -حسب مسؤولين بريطانيين- إلى بريطانيا.

تزايد التعصب الديني في ليبيا

الى جانب ذلك تشعر العديد من الطوائف المسيحية وبعض الجماعات المسلمة في ليبيا بضغوط متزايدة من الجماعات الإسلامية المتشددة منذ الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي في أكتوبر 2011، وق دقال جيوفاني مارتينيلي، أسقف الروم الكاثوليك في طرابلس أن "مستوى الأمن مازال غير مستقر لجميع الأجانب وخاصة المسيحيين بسبب وجود بعض الجماعات الإسلامية الأصولية". وقال مارتينيلي أنها "ظاهرة جديدة ظهرت أثناء الانتخابات في يوليو الماضي".

وكل الليبيين تقريباً هم من المسلمين السنة أما أعضاء الجاليات الدينية الأخرى فجميعهم تقريباً أيضاً من المقيمين الأجانب على الرغم من أن المسيحية حافظت على وجودها في البلاد منذ العصر الروماني. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومان رايتس ووتش أن "عمليات الاعتقال التي جرت مؤخراً للمصريين المسيحيين تسلط الضوء بكل تأكيد على مشكلة متزايدة"، وأضاف مارتينيلي أن "أشياء مختلفة تحدث وهناك مشكلتان كامنتان: الأولى هي انعدام القانون وغياب نظام يعمل بصورة جيدة لإنفاذ القانون أو نظام العدالة، والثانية أنني أعتقد أن هناك مشكلة في السيطرة على الميليشيات".

وقد أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بياناً الأسبوع الماضي تعبر فيه عن قلقها العميق من الحوادث الأخيرة بما في ذلك العنف ضد الكنيسة القبطية وغيرها من المباني الدينية علاوة على الهجمات على وسائل الإعلام.

وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة طارق ميتري أن "القيم العالمية للتسامح والاعتدال واحترام الاختلاف متأصلة بعمق في التراث الثقافي والديني للمجتمع الليبي".

وأضاف ميتري أن "تلك القيم ينبغي أن تكون الأساس الذي تُبنى عليه ليبيا الجديدة"، وخلال حكم القذافي الذي دام 41 عاماً وضعت شبكة المراقبة الحكومية حداً للتطرف الديني وتم سجن الآلاف من المسلمين الراديكاليين، لكن العديد منهم ساعد في الإطاحة بالقذافي وشكلوا ميليشيات مسلحة في أنحاء البلاد.

ومنذ انتهاء القتال، قام بعض السلفيين الذين يفضلون التفسير الحرفي للإسلام، بمئات الهجمات على المساجد والقبور والأضرحة للطوائف الإسلامية الأخرى وخاصة الصوفيين.، وقد تم هدم مسجد الشعاب الدهماني في وسط العاصمة الليبية طرابلس في شهر أغسطس بالإضافة إلى حوالي 50 قبراً من القبور الصوفية بما في ذلك مقبرة العالم الإسلامي الليبي عبد الله الشعاب.، وتظهر لقطات في وسائل التواصل الاجتماعي قوات الأمن الليبية وهي موجودة أثناء عمليات التدمير دون أن تقوم بالتدخل. وقد ذكر موقع أخبار "ليبيا هيرالد" أنه قد تم احتجاز ثلاثة من الصحفيين التابعين لمحطة تلفزيون العاصمة قد تم احتجازهم من قبل قوات الأمن بينما كانوا يحاولون تغطية أحداث التدمير.

ويلقي معظم الخبراء ووسائل الإعلام الليبية باللوم في أعمال التدمير المنسقة للمساجد والأضرحة على جماعة أنصار الشريعة السلفية الليبية، ومن المنظور السلفي فإن أعمال التدمير كانت ضرورية من أجل "تجنب الشرك" ومنع "الفساد الديني" ووضع حد لانتشار الانحرافات الدينية الأخرى مثل "السحر الأسود".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/نيسان/2013 - 28/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م