في ذكرى استشهاد الفقيه الشيرازي: تجديد الذكرى واستنباط العبر

 

شبكة النبأ: كلنا نتفق على أن الانسان يحتاج الى النموذج حتى يتمثل افكاره وسلوكه، لكي يتجنب المزالق في حياة تعج بالمعاصي والاغواء، فضلا عن تركيبة النفس البشرية التي تنطوي على تعقيد كبير وتناقضات كثيرة، وضعف نحو السهل المريح حتى لو كانت السبل المؤدية اليه تنتهك المحرمات، وهنا تقع الطامة الكبرى، لذا يحتاج الانسان عموما والمسؤول او القائد خصوصا، الى الاقتداء بالنموذج حتى يتجنب السقوط في فخ الانحراف.

وطالما ان هذه الايام تحمل في طياتها ذكرى استشهاد الفقيه المقدس، آية الله، السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته)، فمن الحري بنا أن نستنبط من هذه الشخصية النموذجية العبر المطلوبة، ولابد لقادة النخب عموما ان يتمثلوا حياة السيد الفقيه بتروٍ ودقة، حتى يتعلموا منه كيف يمكن أن تصان النفس، وكيف يؤدي الانسان دوره القيادي على افضل وجه، مترفعا على الصغائر، ساميا بشخصه ونفسه الى الاعالي دائما.

إن السمات التي طبعت شخصية الشهيد الفقيه الشيرازي - وهو القائد المعروف على مستوى الفكر والعمل والتربية والخوض في معترك الحياة-، تجعلنا نتمثل حياته ومواقفه وافكاره وصفاته جيدا، لكي نتمكن من استنباط العبر التي تجعل من افكارنا، وسلوكنا، موازية لمسؤولياتنا كقادة للمجتمع او الدولة.

إن قائد الدولة وقادة النخب عليها اليوم أن تحتذي بهذا النموذج، فقد كان الفقيه المقدس في حياته، قمة في الهدوء والتوازن واطمئنان النفس، وقمة في التواضع، ومصباحا مشعّا في مجال التنوير الفكري السليم، فضلا عن جهوده الكبيرة في المجال التربوي والمجتمعي، فقد كان (رحمه الله) هادئ النفس، جميل الكلام، مشعّ الوجه، عميق الفكر، متواضع، وزاهد في كل ما يمكن ان تقدمه له الحياة من مزايا وهبات، وكان همه الاول ارشاد الناس الى راحة الضمير والنفس، من خلال العمل الذي ينفع الشخص نفسه والاخرين على حد سواء.

لذا حري بكل انسان يجد نفسه في مرتبة القيادة، السياسية او المجتمعية بشكل عام، أن يقف اليوم عند هذه الذكرى المعطرة، ويتمثل شخصية الشهيد الفقيه الشيرازي، وسماته وافكاره، وتعاطيه مع مختلف جوانب الحياة، لكي يتحرك القائد، وحتى الانسان العادي، وفقا لهذه المعايير الخلاقة التي طبعت شخصية الفقيه الشيرازي.

وقد كان الفقيه الشيرازي منفتحا على الجميع دونما استثناء، ولم يكن منغلق على احد، كما انه شخصية مشاركة، تشترك مع الناس في همومهم وتطلعاتهم وآمالهم، فضلا عن سعيه لتحقيق ما يمكنه من مساعدة لكل من يطلبها ويستحقها، وهكذا هو القائد وهذه سماته، لذا على قادة اليوم في السياسة، او الدين، او العلم، او الاقتصاد، والاجتماع وما شابه، أن يقتدوا بالنموذج ممثلا بشخصية الفقيه الشيرازي، وأن يتعاطوا مع الناس وفق المعايير التي تؤكد انسانية الانسان، وامتلاكه للضمير الحق، والاخلاص في التعامل من موقع السلطة، أو من موقع المسؤولية مهما كان نوعها او حجمها.

لذلك لابد من تجديد هذه الذكرى، بما يليق بها، كونها تتعلق بشخصية دينية اجتماعية، قدمت للمسلمين والانسانية عصارة الفكر التنويري، الذي أسهم في فتح آفاق التفكير لعقول كثيرة متفاوتة في مستوياتها، فضلا عن كونها شخصية نموذجية ليس في الفكر فحسب، أو المؤلفات والمحاضرات التي تركها للجميع، بل على مستوى الحركة والفعل الاجتماعي الملموس، حيث كان السيد الفقيه مثالا للتعاون والمشاركة والتآزر، مع الجميع.

هذه السمات الكبيرة التي تحلّى بها الفقيه الشيرازي (وهو قائد مشهود له بالفوق والمثالية)، تفرض على قادة اليوم في كل المجالات، أن يسيروا على خطى السيد الفقيه الشيرازي، وأن يستنبطوا العبر التي تساعدهم على النجاح في قيادتهم للمجتمع، ممثلة بالزهد ومكافحة امتيازات السلطة، وكل ما يمكن ان يحول القائد، من انسان حقيقي، الى انسان انتهازي، لا يستحق ان يتشرف بمسؤولية قيادة الآخرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/نيسان/2013 - 28/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م