التطلعات القطرية في إلتهام السعودية

عبدالباسط الحبيشي

لعله لم يعد خاف على أي عاقل حجم التطلعات التي وصلت إليها دولة قطر، والتي تشير بأنها لا تقف عند حد، وذلك ربما إنطلاقاً من فهم قادة هذه الدولة الصغيرة بأن فن الممكن هو من أبجديات وبديهيات السياسية التي لا تقف عند سقف معين. وقد ساعدها على ترسيخ هذا الفهم ما يصوغه ويجود به منطق الفراغ السياسي الواضح في المنطقة العربية عموماً. الفراغ الذي أتاح لإسرائيل بأن تعربد شمالاً ويميناً دون رادع كما أتاح أيضاً لكل القوى الإقليمية والدولية أن تعمل في منطقتنا ما تشاء. لذا فمن باب أولى أن تقوم قطر بحسب مفهومها بالسياسة وكدولة عربية ـ بهذا الدور ـ نيابةً عن الآخرين طالما توفرت لها مقومات وعوامل القوة المادية لتملئ هذا الفراغ.

إضافة إلى أن التجربة التي خاضتها قطر في كل من اليمن ومصر وتونس وليبيا وسورية في زعزعة وتغيير أنظمتها الحاكمة وتبديل بعضها بقوى تابعة لها كما هو الحال في مصر اليوم التي أخرجت رئيسها من السجن ودفعت به إلى رئاسة مصر، لا شك بأنه قد رفع من رصيدها كما رفع لديها سقف الجرأة في الفراغ، لتواصل المشوار بما تبقى من هذه الدول بما في ذلك جارتها السعودية التي تمر بفترة الشيخوخة التي يعاني منها نظامها الذي بات نهباً للمنافسات والصراعات داخل الأسرة الحاكمة بينما يشهد شعب نجد والحجاز دعوات التحرر من العبودية والإستبداد والتحرك ضد ظلم الحكام إسوة بشعوب دول "الربيع العربي".

كما لم يعد خافياً على أن العلاقة بين السعودية وقطر قد بلغت مؤخراً، كما تؤكد بعض المصادر، "درجة عالية من التوتر المكتوم، وأن الدوائر الأمنية السعودية تتابع بدقة حركة الأصابع القطرية في الداخل السعودي، ومدى التعاون الخفي بين حكام قطر وقادة جماعات الإخوان المسلمين لزعزعة إستقرار السعودية وأمنها". وتوضح مصادر موثوقة "أن حكام قطر لم يزجوا بفضائية الجزيرة في الحملة الضارية ضد السعودية مخافة إنكشاف دورهم التحريضي بشكل سافر، وإستجابة لمطالب قادة مجلس التعاون الخليجي الذين وضعتهم السعودية في صورة التآمر القطري عليها، وطالبتهم بالتدخل حرصاً على إستمرارية مجلس التعاون المهدد بالإنفجار..

غير أن حكام الدوحة لم يتورعوا عن تجنيد كل الوسائل الإعلامية الورقية والفضائية والإلكترونية التي يمولونها، للعمل ضد السعودية"، والتحشيد لما يسمى "بجمعة الكرامة" إسوة بجمعة الكرامة التي قام بها حلفاء قطر في صنعاء وحققت لهم الإنقلاب على الثورة الشبابية والشعبية اليمنية.

وتكشف المصادر ذاتها بأن أمير قطر الشيخ حمد آل ثاني لا يريد لحياته السياسية أن تنتهي إلا بعد أن يرى إشتعال الثورة الشعبية في أراضي نجد والحجاز، وبعدها في دولة الإمارات العربية اللتين تحولان الآن دون تزعم قطر لمجلس التعاون الخليجي، وتقفان بالمرصاد لحلفائه الإستراتيجيين من جماعات الإخوان المسلمين. هكذا تكشف المصادر ولكن الحقيقية من وجهة نظرنا هو أن أمير قطر يريد أن يتزعم كامل الوطن العربي ويصبح الضابط العسكري الأول للمنطقة بأكملها نيابة عن القوى الدولية المتسلطة.

رغم أن المصادر نفسها تفيد بأن الشيخ حمد يعتزم التنازل عن الحكم لصالح نجله وولي عهده الشيخ تميم آل ثاني في العام القادم، ليس لأسباب صحية فقط، بل ونفسية ايضاً جراء إحساسه بعقدة الذنب التي يشعر بها تجاه والده الشيخ خليفة آل ثاني الذي انقلب عليه وطرده في صيف عام 1995.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل بالإمكان لدولة قطر الصغيرة التي زاحمت الكبار في المنطقة العربية بعد أن تخلت عن كل القيم والمبادئ الإنسانية التي تتجلى حالياً في الممارسات الإجرامية في سورية بتجاوزها كل الخطوط الحمراء المتعارف عليها في عالم السياسة التقليدية التي وصلت إلى حد الجرأة بالتبرع بكرسي رئيس دولة عربية إقليمية ومحورية وتاريخية في قمة عربية لصالح رئيس إئتلاف حقير ومزور قامت بتكونيه دولة فسيفسائية وعلى مرأى ومسمع من العالم!!، أن تتخلى عن تطلعاتها في إلتهام دولة أخرى مصطنعة قامت وتوسعت على حساب أراضي غيرها ؟؟.

لا شك بأن ثمة إشارات خضراء وحمراء عديدة يتم إطلاقها هنا وهناك من قبل القوى العظمى التي من شأنها تغيير الخارطة العربية الحالية إلى خارطة أخرى جديدة لم تظهر معالمها الواضحة بعد، لكنها دون أدنى شك إن كتب لها النجاح ستعتمد على ديموغرافيا إثنية وعرقية وطائفية تستجيب لنظام عالمي وحيد تسيطر على أنشطته قوة أحادية غامضة عن طريق وكلاء وعملاء يؤمنون بأحادية هذا النظام العالمي الجديد. "وستبدي لك الأيام ماكنت جاهل ويأتيك بالاخبار مالم تزود".

bassethubaishi@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/نيسان/2013 - 23/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م