
شبكة النبأ: أزمة سياسية حادة تشهدها
ايطاليا التي تعيش اليوم وبحسب بعض المراقبين في وضع صعب، بسبب
الخلافات السياسية المستمرة وفضائح الفساد المتلاحقة التي شملت كبار
رجال الدولة، ويرى بعض المراقبين ان أخفاق زعيم الحزب الديمقراطي بيير
برساني والفائز بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات البرلمانية
الأخيرة، في تشكيل حكومة ائتلافية هو دليل واضح على اتساع رقعة الخلاف
بينه وبين باقي الأحزاب ورجال السياسة ومنهم برلسكوني زعيم حزب شعب
الحرية ورئيس الوزراء السابق الذي يواجه جملة من الاتهامات والفضائح،
والذي يسعى وبحسب وجهة نظرهم الى إضعاف نفوذ برساني من خلال طرح بعض
الاتفاقيات والقيود ومنها تقاسم السلطة في البلاد التي لاتزال تعيش
واقع التشتت والانقسام وحاله الغضب الشعبي من الساسه المتهمين بتوريط
البلاد في ازمه اقتصاديه طاحنه كانت سبب مباشر في اسقاط حكومة برلسكوني
الأخيرة.
وبعد أن فشل برساني في تشكيل حكومة ، تولى الحاكم الإيطالي جورجيو
نابوليتانو مهام تشكيل حكومة لإيطاليا، عن طريق تعيين إثنين من
المستشارين في البرلمان من أجل مساعدته في تقديم حلول لتشكيل حكومة
لإيطاليا و إنهاء النزاع السياسي. وجاء الجهد من قبل نابوليتانو فشل
تلك المحادثات. وسيتم يتم وبحسب بعض المصادر اختيار القادة من الأحزاب
التي يترأسها كل من برساني و برلسكوني ليكونوا مستشارين للحاكم و ذلك
لمساعدته في تشكيل الحكومة. وإيجاد أرضية مشتركة للخروج من هذه الازمة.
وكان نابوليتانو (87 عاما) قد اجرى جولة سريعة من المحادثات مع
القوى الثلاث الرئيسية في البرلمان بعد فشل الجهود التي بذلها زعيم
يسار الوسط بيير لويجي بيرساني على مدى أسبوع من أجل كسب الدعم لتشكيل
حكومة جديدة. غير أن جميع الأحزاب ظلت متمسكة بمواقفها التي تتبناها
منذ الانتخابات التي أجريت يومي 24 و25 فبراير شباط الماضي دون ظهور أي
مؤشر على استعداد أي حزب للتزحزح عن موقفه.
وجددت حركة الخمسة نجوم الشعبوية ثالث أكبر قوة في البرلمان رفضها
دعم حكومة يقودها بيرساني أو أي حكومة أخرى لا تقودها الحركة. ويقود
الممثل الكوميدي السابق بيبي جريلو الحركة التي تمسك بميزان القوى.
وأكد يسار الوسط أنه لن ينضم إلى ائتلاف يشارك فيه رئيس الوزراء الأسبق
وقطب الإعلام سيلفيو برلسكوني (76 عاما) الذي قال بعد محادثاته مع
نابوليتانو إن تشكيل الائتلاف هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة دون
اللجوء إلى انتخابات جديدة مبكرة.
وقال إنريكو ليتا نائب بيرساني بعد الاجتماع مع نابوليتانو إن
المشاركة في ائتلاف مع تيار يمين الوسط الذي ينتمي إليه الملياردير
برلسكوني "لن يمثل خيار التغيير الذي سعت إليه البلاد." واستبعد
برلسكوني وحركة الخمسة نجوم تأييد حكومة تكنوقراط كتلك التي قادها رئيس
الوزراء المنتهية ولايته ماريو مونتي والتي يحملاها مسؤولية دفع
إيطاليا إلى دائرة الركود. وقال برلسكوني للصحفيين بعد اجتماعه مع
نابوليتانو "موقفنا لم يتغير. وعبرنا عنه بوضوح شديد للرئيس." ويقول
بيرساني إن برلسكوني غير جدير بالثقة ويرفض أيضا طلب الأخير اختيار
خليفة لنابوليتانو الذي تنتهي فترة ولايته في مايو أيار.
ويقلل رفض برلسكوني وحلفائه في حزب رابطة الشمال وجريلو لدعم حكومة
تكنوقراط من الخيارات المتاحة أمام نابوليتانو بشكل كبير ويقلص من
احتمالات قدرة أي شخصية مستقلة على قيادة حكومة غير سياسية. وقال زعيم
رابطة الشمال روبرتو ماروني "نعارض حكومة مونتي وإذا كانت الحكومة
القادمة من نفس النوع فإنه من الأفضل ألف مرة إجراء انتخابات جديدة."
وأجج الجمود السياسي في إيطاليا مخاوف متنامية بشأن قدرة البلاد على
مواجهة أزمة اقتصادية مستمرة أدت إلى حالة ركود عميق منذ أكثر من عام
حيث وصل الدين العام إلى تريليوني يورو (2.6 تريليون دولار) وسجلت
البطالة مستويات قياسية خاصة بين الشبان.
ازدادت الضغوط على زعيم اليسار الايطالي بيير لويجي بيرساني بعد ان
رفضت حركة بيبي غريلو مجددا الانضمام الى حكومة قادرة على تحريك ثالث
اقتصاد في منطقة اليورو. وصرح بيرساني خلال مشاوراته مع وفد حركة خمس
نجوم "المختل عقليا هو من يرغب في الحكم في هذه المرحلة" ملمحا الى
الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد.
واضاف خلال لقاء مع هذا الحزب "اني مستعد لتحمل مسؤولية كبرى ولا
اطلب من كل الاحزاب الاخرى سوى تحمل جزء بسيط منها". وادى انكماش
الاقتصاد الايطالي منذ ستة فصول وانتخابات شباط/فبراير التي انتهت من
دون التوصل الى غالبية سياسية واضحة في البرلمان، الى زيادة فارق
معدلات الفائدة المدفوعة من قبل ايطاليا والمانيا.
وصرح مارتشيلو ميسوري الاستاذ في الاقتصاد في جامعة لويس الرومانية
"من الواضح ان انعدام الاستقرار السياسي لا يساعد في الوضع الحالي"
مؤكدا ان "البلاد لا تحتاج الى حكومة تكون مدة ولايتها قصيرة". واعرب
ميسوري عن "قلقه" لكون المشاكل الاقتصادية لا تشكل اولوية في النقاش
بين ابرز القوى السياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة.
الى جانب ذلك واجه رئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلسكوني
الذي يواجه المحاكمة في اتهامات ضريبية وجنسية محتجين تهجموا عليه
وقابلوه بالصفير لدى دخوله البرلمان وقال بصوت مرتفع وهو يشق طريقه نحو
مجلس الشيوخ "يجب ان تشعروا بالعار أيها البؤساء الأغبياء الحمقى."
وبدأ عشرات من المحتجين في الصفير ووصفوه بأنه "مهرج" بينما كان في
طريقه لدخول مجلس الشيوخ. ويواجه ملياردير الإعلام البالغ من العمر 76
عاما ضغوطا بسبب مشكلاته القانونية بمحاكمتين هذا إلى جانب تحقيق مستقل
بخصوص اتهامات بتقديم رشاوى سياسية.
من جانب اخر طلبت نيابة نابولي تسريع محاكمة سيلفيو برلوسكوني
للاشتباه بشراء سناتور في المعارضة قبل سنوات. وفي القانون الايطالي
يجوز لوزارة العدل ان تطلب تسريع اجراءات المحاكمة اذا كانت ادلة
الجريمة "راسخة". وتعود القضية الى الانتخابات التشريعية في 2006 التي
فاز فيها الائتلاف اليساري بقيادة رومانو برودي الذي حصل في حينها على
عدد ضئيل من الاصوات الاضافية في مجلس الشيوخ.
وبعد اشهر من الانتخابات انسحب سيرجو دي غريغوري العضو في مجلس
الشيوخ المنتخب في احد احزاب ائتلاف برودي من معسكره لينتقل الى معسكر
برلوسكوني، ما سارع في انهيار الحكومة اليسارية التي استقالت في 2008
بعد اقل من عامين على الاقتراع. وبحسب النيابة قد يكون برلوسكوني دفع
مبلغ مليون يورو الى جمعية "ايطاليي العالم" التي كان يتولى دي غريغوري
رئاستها ومليوني يورو في حسابات مختلفة للسناتور.
والتحقيق من صلاحية نيابة نابولي (جنوب) لان دي غريغوري انتخب في
هذه الدائرة. وقال دي غريغوري في مقابلة اجريت معه مؤخرا "بالطبع تلقيت
المال من برلوسكوني لقد قلت ذلك للقضاة". واتهم برلوسكوني مرارا من قبل
خصومه السياسيين ب"شراء" اصوات او نواب لكنها المرة الاولى التي يخضغ
فيها رسميا للتحقيق في قضية فساد تتعلق برشوة رجل سياسي.
الى جانب ذلك قال الإدعاء في محاكمة رئيس الوزراء الإيطالي السابق
سيلفيو برلسكوني بتهمة ارتكاب جرائم جنسية ان الحفلات التي كان يقيمها
في فيلته في ميلانو كانت للدعارة وليست حفلات عشاء فاخرة كما يدعي.
وقال المدعي انطونيو سانجيرمانو في المرافعات الختامية في محاكمة
برلسكوني بتهمة ممارسة الجنس مع عاهرة قاصر ان الحفلات تضمنت وجبات
عشاء ورقصات ماجنة وممارسة للجنس بين مذيعات تلفزيون طامحات وضيوف
مدعوين. وقال برلسكوني في بيان "اشعر بالدهشة بعض الشيء من مرافعات
الادعاء الختامية واجدها مسلية بعض الشيء."
وزادت الفضائح التي تحيط ببرلسكوني من نفور الأحزاب الاخرى من
التعاون معه في البرلمان بعد الانتخابات غير الحاسمة التي اجريت على
الرغم من نجاحه في قيادة كتلة يمين الوسط الى المركز الثاني في
الانتخابات بعدما كانت اقرب الى التفسخ الخريف الماضي.
وينفي برلسكوني الاتهامات بدفع اموال مقابل ممارسة الجنس مع راقصة
مغربية تدعى كريمة المحروق عندما كانت تبلغ من العمر 17 عاما وكذلك
اساءة استخدام سلطته عندما كان رئيسا للوزراء بالافراج عنها من مقر
شرطة ميلانو عندما احتجزت للاشتباه في قيامها بالسرقة في مايو ايار
2010. وتنفي كريمة المحروق المشهورة باسم (روبي) ممارسة الجنس مع
برلسكوني (76 عاما) في الحفلات التي اقيمت في فيلته أو في أي مكان آخر.
في السياق ذاته قضت محكمة إيطالية بسجن برلسكوني لمدة عام بعد نشر
الصحيفة التي تملكها عائلته نصا لتسجيل صوتي يتعلق بفضيحة مصرفية عام
2006. وبموجب نظام التقاضي في إيطاليا فإن برلسكوني لن يقضي أي فترة
عقوبة لحين استنفاد كل درجات الاستئناف وربما تبطل محكمة أعلى درجة
الحكم. ونفى برلسكوني مُجددا صلته بأي مخالفات بأي صورة من الصور وقال
ان الحكم أظهر أن قضاة لهم دوافع سياسية يقومون بحملة ضده. وتابع قائلا
في بيان "من المستحيل التهاون مع اضطهاد قضائي من هذا النوع يتواصل على
مدى 20 عاما ويعاود الظهور في كل مرة تمر فيها الحياة السياسية في
بلادنا بلحظات معقدة سياسيا."
وانتقد بييرو لونجو محامي برلسكوني الحكم وقال "لست متفاجئا نظرا
لان هذه ميلانو والقضية تتعلق ببرلسكوني." وأضاف "لكني قلق ومصدوم
لأنني مقتنع تماما بأن الاتهامات الموجهة لبرلسكوني ضعيفة ومتناقضة."
وحكم على باولو شقيق برلسكوني وناشر صحيفة الجيورنالي اليومية المملوكة
للعائلة بالسجن عامين وثلاثة أشهر في القضية ذاتها التي تركزت على نص
مكالمة هاتفية تم التنصت عليها فيما يتعلق بعملية استحواذ على أحد
البنوك والتي نشرتها الصحيفة.
وأيدت أعلى محكمة استئناف في إيطاليا حكما بتبرئة برلسكوني من تهمة
التهرب الضريبي فيما يتعلق بنشاط مؤسسته ميدياتريد لحقوق البث. وبرأ
الحكم برلسكوني من اتهامات بان ميدياتريد وهي وحدة خاصة بحقوق البث
تابعة لمجموعة ميدياست حصلت على حقوق بث مواد سينمائية وتلفزيونية
بأسعار مبالغ فيها للتهرب من دفع عشرة ملايين يورو (13 مليون دولار) من
الضرائب عام 2004.
من جهة اخرى تدخل الرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو في المعركة
السياسية والقانونية التي تحيط بسيلفيو برلسكوني وانتقد حزب رئيس
الوزراء السابق بسبب احتجاج خارج محكمة في ميلانو وتظاهر عشرات من نواب
حزب شعب الحرية الذي ينتمي اليه برلسكوني خارج وداخل قاعة المحكمة التي
يواجه فيها برلسكوني اتهامات بدفع مبالغ مالية لعاهرة لم تبلغ السن
القانونية لممارسة الجنس معها.
وفي بيان قوي بدرجة غير معتادة صدر بعد اجتماع مع زعماء حزب
برلسكوني عبر نابوليتانو عن "أسفه الشديد" بشأن "احتجاج سياسي لم يسبق
له مثيل داخل قصر العدل في ميلانو" و"عودة التوترات والمواجهات بين
سياسيين وجهاز العدالة". واجتمع في وقت لاحق مع الهيئة الحاكمة
للمحلفين الايطاليين الذين احتج اعضاؤها مرارا على هجمات برلسكوني على
ممثلي الادعاء والقضاة الذين يصفهم بأنهم "سرطان الديمقراطية". وبعد
الاجتماع أصدر نابوليتانو بيانا مباشرا آخر غير معتاد من المؤكد انه
سيغضب يمين الوسط وصف فيه مزاعم برلسكوني المتكررة بأنه ضحية قضاة
تحركهم دوافع سياسية بأنها "افتراضات سخيفة". |