مصر والاخوان... استبداد اللحى

 

شبكة النبأ: تحديات ومشاكل كثيرة تواجها مصر بقيادة الرئيس محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين التي تسعى إلى السيطرة على كل مفاصل الحياة في هذا البلد و مصادرة نتائج ثورة 25يناير كانون الثاني التي أسهمت بإسقاط النظام الدكتاتوري للرئيس السابق حسني مبارك كما يرى بعض المراقبين الذين أكدوا على ان هذه الجماعة وبعد ان تمكنت من الوصول الى مركز القرار القيادي، تسعى الى التفرد وفرض هيمنتها على جميع مؤسسات الدولة العسكرية أو المدنية من خلال إقصاء وتهيش القوى والأحزاب المصرية الأخرى التي أصبحت اليوم في موضع الاتهام من قبل قادة الجماعة خصوصا بعد أحداث العنف الأخيرة التي اعتبرها بعض المراقبين ردة فعل طبيعية تجاه اعتداءات وتهديدات أعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين الساعين الى إثارة المشاكل واعتماد أسلوب القوه ضد الخصوم، وهو ما قد يدخل البلاد في دوامة العنف و التناحر. وفي هذا الشأن فقد استدعت سلطات التحقيق القضائية في القاهرة، مجموعة من نشطاء المعارضة في البلاد للتحقيق معهم في بلاغات بالتحريض على العنف.

 فيما انتقد معارضون وصحف مصرية تهديدات الرئيس، محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين باتخاذ اجراءات بحق المعارضين اذا ما ثبتت إدانتهم في أحداث العنف. معتبرين التهديدات بلا أساس قانوني، بينما واصل مئات الشباب المنتمين للتيار الإسلامي محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي متهمين الإعلام الفضائي الخاص بالكذب ومعاداة التيار الإسلامي، وهو ما اعتبره المتحدث باسم الحكومة تشويهاً لمناخ الديمقراطية.

وأمرت نيابة جنوب القاهرة الكُلية باستدعاء عدد من قادة المعارضة المصرية وناشطيها للتحقيق معهم في بلاغات تقدَّم بها محامون ومواطنون تتهمهم بالتحريض على العنف ومحاولة اقتحام المقر المركزي لجماعة الإخوان المسلمين ومقار الجماعة بالمحافظات.

ومن بين من تم استدعاؤهم رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، محمد أبوالغار، والسكرتير المساعد لحزب المصريين الأحرار، محمود العلايلي، والمرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية، خالد علي، والإعلامية بثينة كامل، والنشطاء زياد العليمي، ومالك عزمي، وتقادم الخطيب، وعلاء عبدالفتاح، ونوارة نجم.

في السياق، قال المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني المعارض الائتلاف الرئيس للمعارضة خالد داوود، تصريحات الرئيس مرسي تأكيد على انهيار دولة القانون وإعطاء ضوء أخضر للعنف وإقامة دولة الميليشيات، وأضاف : مرسي وفر الغطاء السياسي للإسلاميين للتعدي على الصحافيين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي تجمع كبير لعدد من القنوات الفضائية الخاصة والاستوديوهات الفنية. وتابع بانفعال واضح لم نعد نشعر بالأمان الشخصي، الأمر تعدى قمع الأجهزة الأمنية لقمع المواطنين لبعضهم بعضاً.

من جانبه، قال القيادي بجبهة الإنقاذ، عبدالغفار شكر الرئيس مرسي ينفعل دوماً حين تكون جماعة الإخوان المسلمين تحت الضغط، وتابع هو أبداً لا يتحدث حين يتم الاعتداء على المعارضين او يحاصر أنصاره المحكمة الدستورية او مدينة الإنتاج الإعلامي. وشدد على أن العقاب الذي تحدث عنه مرسي يجب أن يكون عبر الوسائل القانونية وعبر الدستور الذي يقول هو عنه انه ديمقراطي. وقال الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حازم حسني، ان حديث الرئيس مرسي بهذا الشكل دليل ارتباك شديد وخوف من المستقبل، لكنه تابع هو يشن حرباً نفسية ضد المعارضة وهو أسلوب اعتاده. وأثارت تصريحات مرسي بحق بعض السياسيين مخاوف من احتمال شن السلطات حملة اعتقالات واسعة بحق قادة المعارضة والنشطاء السياسيين.

وتصدرت تهديدات مرسي الصفحات الأولى في الصحف المستقلة وقالت صحيفة المصري اليوم المستقلة في عنوانها الرئيس أنا على وشك أن أفعلها، وفي عنوان جانبي أضافت الرئيس يلوح بإجراءات استثنائية. وقالت صحيفة الوطن المستقلة مرسي يتوعد المعارضة، وفي عنوان جانبي الرئيس: سنتخذ إجراءات ضد السياسيين.

يأتي ذلك في وقت توجد فرق من الأمن المركزي لتأمين مدينة الإنتاج الإعلامي، لكن وجودها لم يمنع المحاصرين من التحكم في حركة الدخول والخروج من المدينة. وحاول وزير الداخلية التفاوض مع المحاصرين لكن محاولته باءت بالفشل. واعتدى محاصرو المدينة على عدد من ضيوف البرامج الفضائية، منهم القيادي المعارض حسين عبدالغني، والحقوقي حافظ أبوسعدة، كما منعوا اخرين من الدخول، واصطدم بعضهم بعاملين في تلك القنوات.

وبعد اشتباكات عنيفة قرب المقر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين بهضبة المقطم بالقاهرة دعا نشطاء في صفحات تؤيد الإخوان على موقع فيسبوك لاقتحام مدينة الإنتاج الإعلامي وتحطيم معدات القنوات المناوئة. وقالت جماعة الإخوان إنها لا تتبنى تلك الدعوة لكن المحتجين توافدوا إلى مدينة الإنتاج الإعلامي استجابة للدعوة. وقال أيمن عطية مدير المراسلين والمندوبين في قناة سي.بي.سي إحدى القنوات المستهدفة "الحصار شامل. لا دخول ولا خروج." وأضاف أن قوات الأمن التي رابطت داخل المدينة أحكمت إغلاق الأبواب منعا لاقتحام محتمل.

وواجه مرسي معارضة متزايدة بعد شهور من انتخابه في يونيو حزيران واندلعت احتجاجات متكررة في البلاد تحول بعضها للعنف. ويتهم المعارضون الذين تتبنى قنوات يملكها رجال أعمال وجهات نظرهم مرسي وجماعة الإخوان بالسعي للاستحواذ على السلطة بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية.

ومع تجمع المحتجين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي انضم إليهم لفترة قصيرة عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية التي تؤيد مرسي وقال لقناة الجزيرة مباشر مصر التلفزيونية إن المتظاهرين جاءوا "للاعتراض على دور الإعلام القذر لتأجيج الفتنة في مصر." وأضاف "دا هدف الاخوة النهارده وإن شاء الله بكرا تكون أهدافنا أوسع من ذلك. جبهة الإنقاذ (هي) المجرم الرئيسي." ويشير عبد الماجد إلى الجبهة التي تقود المعارضة والتي تشكلت العام الماضي وينسق أعمالها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. وتضم مدينة الإنتاج الإعلامي استوديوهات قنوات تلفزيونية تملكها الدولة وقنوات تلفزيونية إسلامية تناوئ جبهة الإنقاذ.

الى جانب ذلك يرى العديد من "شباب الثورة" انه لم يعد إمامهم سوى اللجؤ الى العنف "كرد فعل على عنف الإخوان" في إشارة الى جماعة الاخوان المسلمين الحاكمة في مصر والمتهمة بإعادة إنتاج نظام قمعي يضرب عرض الحائط المبادئ الديمقراطية التي قامت من اجلها الثورة. ويدل استهداف مكتب إرشاد جماعة الإخوان على ان الحركة الإسلامية باتت تعتبر مع مكتبها السياسي مركز السلطة الحقيقي وليس الرئيس محمد مرسي المنتمي اليها.

وانتشرت قوات الامن المركزي امام المقر غداة صدامات "جمعة الكرامة" التي ادت الى اصابة اكثر من 160 شخصا. وسميت هذه التظاهرة "جمعة الكرامة" ردا على اعتداء عدد من شباب الاخوان على ناشطين كانوا يرسمون رسوم "غرافيتي" على جدران المبنى والشارع الكائن فيه وصفع احدهم ناشطة معارضة صفعة قوية على وجهها ما اثار موجة استنكار عارمة.

وفي اليوم نفسه تم الاعتداء على عدد من الصحافيين والمصورين كانوا في الموقع لتغطية الاحداث ما اسهم في تفاقم اجواء التوتر بين الجماعة وقسم كبير من الصحافة المصرية التي يتهمها الاخوان بعدم الحياد وبمحاولة تشويه صورتهم. وجرت مهاجمة اكثر من 30 مقرا للجماعة ولحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها منذ انتخاب مرسي في حزيران/يونيو 2012. فالتضامن الذي ظهر مطلع 2011 ضد مبارك بين هذه الحركة الإسلامية المنظمة جيدا و"شباب الثورة" لم يستمر طويلا. وفي فيديو اعده موقع "مصرين" الاعلامي تظهر اعمال العنف الحالية وكأنها امتداد للثورة التي طردت مبارك من السلطة.

ويقول المتظاهرون الإخوان كذابون يخدعون الناس تحت ستار الدين" لقد أصبحوا "الحزب الوطني الجديد" في اشارة الى حزب مبارك السابق. ومرسي الذي انتخب في حزيران/يونيو 2012 ديموقراطيا، هو اول رئيس مدني بعد ان تعاقب عدد من العسكريين على الرئاسة في مصر. لكن مرسي منح نفسه صلاحيات واسعة جدا بموجب اعلان دستوري اصدره في نهاية 2012 ثم عمل على تبني دستور يرسخ سلطة الاسلاميين الامر الذي اثار غضب المعارضة.

وما يزيد النقمة محاولتهم السيطرة على كل مفاصل الدولة اضافة الى حالة الانفلات الامني والازمة الاقتصادية الخانقة التي انعكست خصوصا في تراجع احتياطي النقد الأجنبي الى "مستوى حرج" بحسب البنك المركزي حيث انخفض الى نحو 5ر13 مليار دولار في نهاية كانون الثاني/يناير

في السياق ذاته اتهم قيادي كبير في جماعة الاخوان المسلمين، المعارضة باللجؤ الى العنف بسبب فشلها سياسيا وذلك غداة مواجهات عنيفة امام المقر العام للجماعة في القاهرة. وقال البيومي ان هذه الاحداث ان دلت على شيء فهي تدل على نوع خسيس من النفوس. ونحمل المسؤولية السياسية والانسانية والجنائية الى من دعا الى مثل هذه التظاهرات". واعتبر البيومي ان هذه التظاهرات تعلن عن فشل هؤلاء الناس في ان يخوضوا مواجهة سياسية نظيفة".

من جانب اخر حصلت جماعة الاخوان المسلمين المصرية على وضع "منظمة اهلية" بحسب ما اعلنت الحكومة وذلك بعد يوم من اعلان عدد من القضاة ان الحركة الاسلامية ليس لها اي وضع قانوني. وعند تسجيلها منظمة اهلية، يتعين على الجماعة الكشف عن مصادر تمويلها. وقالت وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية نجوى خليل ان الجماعة اصبحت منظمة اهلية واضافت ان الوزارة تتابع نشاطات جميع الجماعات المسجلة،.

وتحافظ الجماعة المحظورة منذ عقود على سرية مصادرها المالية. وتؤكد انها كسبت احكاما قضائية في ظل الرئيس المخلوع حسني مبارك تؤكد قانونيتها. وقالت هيئة قضائية ان الجماعة ليس لديها اي وضع قانوني، وذلك في راي استشاري الى المحكمة التي تنظر في طلب بحل الجماعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/آذار/2013 - 16/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م