البعد الستراتيجي لمظاهرات المناطق الغربية في العراق؟

الدكتور علي حسن الشيخ حبيب

المقدمة:-

عندما احتلت بريطانيا العراق عام 1914، شنت العشائر العربية الشيعية، حربا ضروس على المحتل البريطاني، بينما اتخذت قيادات العرب السنية العشائرية والدينية موقف الحياد، ومن ثم التحالف مع المحتل البريطاني، وكُرموا على موقف الحياد لاحقا، حيث اسندت اليهم ادارة الدولة ومؤسساتها الامنية والعسكرية.

وبعد ثورة 14 تموز 1958، حاول عبدالكريم قاسم تجاوز الطائفية، ومعاملة جميع المكونات بالتساوي في الحقوق والواجبات، على الرغم من ان الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها تميزت انها دولة طائفية ومحكومة دائما من قبل المكون السني فقط.

وبعد الانقلاب البعثي المتلبس بزي القومية يوم 8 شباط 1963، دافعت الجماهير في المناطق الشيعية عن ثورة 14 تموز وزعيمها عبد الكريم قاسم وعانت الكثير من الاضطهاد وقدمت الكثير من الضحايا، بينما ساندت المحافظات السنية الانقلاب المذكور، وعلى الرغم من أن الانقلاب البعثي قام باسم الوحدة والقومية العربية، إلا إنهم ما أن استقرت الامور وتمكنوا من السلطة قاموا في إزاحة معارضيهم وتنكروا للأهداف والشعارات القومية التي رفعوها، ومارسوا الطائفية بأبشع صورها كما تم تهميش وطرد اعداد من البعثيين الشيعة الذين تحالفوا معهم.

وفي عهد حكم البعث الثاني عام 1968، فقد تبنى النظام الطائفية كأساس لبقائه، فجند معظم منتسبي مؤسساته الامنية وكوادر ادارة الدولة ووزراء الحكومات كلهم من مكون واحد فقط من المكون السني مع استثناءات بسيطة في حقب زمنية معينة لبعض الوزراء من الشيعة او من الاكراد، وتعينهم لم يكن لاعتبارات الاستحققات بل هي كانت وسيلة لصرف النظر عن الطائفية التي حكموا فيها العراق فقد قام النظام البعثي بإغداق الامتيازات الوظيفية والمادية على المكون السني وتقاسم الادوار بينهم في ادارة الدولة ومؤسساتها القميعية، وربط وجودهم ببقاء نظامه، في الوقت الذي خص مكونات الشعب الأخرى بالقمع والحرمان والحروب والمقابر الجماعية والغازات السامة والتهجير القسري ومصادرة الممتلكات، وما صاحبها من ويلات ودمار على العراق، وحتى المناصب الممنوحة الى الشيعة والاكراد كانت تمنح الى اصحاب الولاء الكامل لرأس الهرم..

اما في الامس القريب عندما قامت انتفاضة أذار1991 (الانتفاضة الشعبانية) شملت المحافظات الشيعية والكردية فقط، بينما وقفت المحافظات السنية ساكتة ومدافعة عن نظام صدام السني وشنوا حملات الابادة الجماعية على الشيعة والاكراد وقتلوا في تلك الانتفاضة مايقارب نصف مليون شيعي واخفوا اجسادهم في يعرف اليوم بالمقابر الجماعية التي هي وصمة عار على جبهة دعاة التهميش والقتل والتهجير والتطهير العرقي والغاء الآخر.

وبعد سقوط النظام الطائفي السني يوم 9 نيسان 2003 استبشرت الجماهير الشيعية والكردية بسقوط الجلاد واعوانه وادواته، حزنت المحافظات السنيه وظنت ان الشيعة والاكراد سوف يستأصلونهم لانهم الاقلية في العراق، وبعد ان أمنوا من ردود الافعال الانتقامية ضدهم، أعلنوا تمردهم العارم بحجة مقاومة اعوان الاحتلال، ولم يفصحوا عن الغرض الحقيقي لهذا التمرد المسلح، او الحرب الطائفية التي لازال هدفها الخافي والمعلن هو اعادة الحكم السني في العراق، لانهم وببساطة عندما سقط حكم البعث رفض هؤلاء أن يكونوا سواسية مع بقية أبناء الشعب، وجدوا في التغيير الديمقراطي الحاصل في العراق نهاية لامتيازاتهم واحتكارهم للسلطة، واصبح العراق على مفترق طرق، وعلى شفى حرب طائفية واصبحت مناطقهم حواضن للارهاب والجماعات المسلحة واشاعة الفوضى وعدم الاستقرار الامني وخلط الاوراق من اجل تحقيق مأربهم في حكم العراق مجددا.

على الضفة الاخرى من المعادلة السياسية العراقية" الشيعة" الاغلبية السكانية في العراق ومناطقهم الجنوبية رئة العراق الاقتصادية وهم يرون ثرواتهم تقدم هدية الى الاكراد المنفصلين عن العراق الا في الاموال، ولكون المعادلة السياسية الصعبة التي افرزها الاحتلال الامريكي وعدم وجود شريك سني همة بناء العراق او انصاف شعبه بل كان هم السنة تهميش المكون الشيعي والغاءه مما ادى مطالبات شيعية في اقامة اقليم الجنوب اجهضت معظمها من قبل المؤسسة الدينية والاحزاب المرتبطة بها في اضافة الوسط الى الجنوب في اقليم واحد او من قبل حكومة المالكي السابقة والحالية التي ترغب في دولة مركزية قوية غير ابهة في المطالب الحقيقية والملحة لاهل الجنوب في اقامة اقليمهم المنشود.

انقسم الشيعة الى اربعة اقسام حيال فكرة اقامة الاقاليم؟.

القسم الاول:- يعتبرها خطرا كبيرا على وحدة العراق وانها منزلق كبير باتجاه التقسيم وهذا ماذهب اليه حكومة المالكي (حزب الدعوة الاسلامي) والتيار الصدري.

القسم الثاني:- متخوف من العواقب التي سوف تتركها اقامة فيدرالية في الجنوب والوسط من عمليات التناحرات على قيادة الاقليم ومناطق النفوذ الاقتصادي والديني للمرجعيات المختلفة، ونفوذ الاحزاب وتسلطها وتسترها على المفسدين والسراق ومافيات تهريب النفط وهلم جرة من تلك المشاكل التي عرفتها مناطق الجنوب والوسط بعد سقوط النظام والى يومنا هذا.

القسم الثالث:- يرى ان الوقت مازال جيدا لاقامة فيدرالية قوية تحكم العراق وتستطيع فرض ارادتها على جميع الفرقاء السياسيين في العراق لانها قوية اقتصاديا ومنيعة جغرافيا.

القسم الرابع:- متصيد في الماء العكر يفكر في حدود المصلحة الحزبية والفؤية الضيقة لكتلته او حزبه، او منفذ للاجندات الاقليمية التي تدعمه فهو يدعم اقامة الاقليم على شرط ان تكون قيادة الاقليم له، والبعض الآخر يرفضها ظنا منه ان الحكم في العراق سوف يدوم تحت تصرفه، فتراه ينزعج من فكرة الاقليم ويعمل على ربط كل شيء في المركز على حساب المصلحة العليا والعواقب الكارثية المترتبة على عدم اقامة اقليم الجنوب. لكن جميع الاحتمالات هي رهينة المواقف السياسي للكتل الشيعية المتناحرة على النفوذ والسلطة، بالإضافة الى قلة وعيها السياسي وخبرتها في ادارة شؤون الدولة وانعدام الخطط الاستراتيجية لديها.

القراءة الاستراتيجية للازمة السياسية الراهنة التي تعصف في العراق؟

الازمة السياسة الحادة التي تعصف بالعراق اليوم هي الاشد منذ 2003حيث اخذت الامور تنحى منحى خطير جدا يبشر بمستقبل مظلم للعراق حيث دقت اجراس الحرب الطائفية والتهديد بتقسيم العراق وركب موج التظاهرات التي انطلقت في المناطق السنية على خلفية اعتقال حماية العيساوي على خلفيات ارهابية ووفق مذكرات اعتقال صادرة عن القضاء العراقي.

مما حدى بالعيساوي والتحالف السني في العراقي الى زج الشارع السني وتأجيجه ورفع سقف المطالب باسقاط النظام العراقي وتغيير الدستور والغاء قوانين مكافحة الارهاب والمساءلة والعدالة، والكثير من التهجمات على المذهب الشيعي واتهامه بالعمالة الى ايران ومحاولة تقزيم العملية السياسية من خلال خلط الاوراق ورفع شعارات مستفزة لعواطف وعقائد اغلبية الشعب العراقي.

موقف حكومة المالكي من الازمة الحالية؟

اتضح من تصرحيات المالكي شبه اليومية الكثير من الجدية في تلبية مطالب المتظاهرين مع بعض الهواجس والتخوف حول سير المظاهرات وطبيعة شعاراتها والتي اتسمت بسقف مطالب مرتفع تمثل بثلاث عشر مطلب من الصعب على المالكي او التحالف الوطني الراعي لحكومة المالكي تلبيتها،مما دفع التحالف الى دعوة المتظاهرين الى رفع شعارات ومطالب تتسم بالتعقل والدعوة الى نبذ العنف والاحتكام للعقل وتغليب المصلحة الوطنية ورفض الاجندات الخارجية والتدخل الاقليمي، والتحذير من استغلال تلك المظهرات من قبل الجماعات المسلحة وتنظيماتها في المناطق الغربية في العراق وكذلك قواعد البعث واتباعه في تلك المناطق التي تضررت كثرا بعد سقوط النظام السابق، وان الكثير من المظاهرات نستطيع قراءتها من عنوانها الابرز والشعارات والصور التي رفعت فيها وكذلك اعلام النظام السابق واعلام منظمة القاعدة الارهابية والتي رفعت بكثرة في اليوم الاول الى يومنا هذا في اشارة واضحة الى رغبتهم الجامحة الى اعادة حكم البعث الى العراق او تخويف السياسي العراقي والاقليمي ان اللاعب الاقوى في حالة عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين هو عودة القاعدة الى تلك المناطق.

موقف علماء السنة من المظاهرات؟

المتابع للمظاهرات في ايامها الاولى ان اغلب المتحدثين فيها هم من النخب السياسية السنية في الحكومة واعضاء البرلمان العراقي حيث برزت المزيدات السياسية والدعايات الانتخابية جلية في خطاباتهم التي هيجت الشارع السني كثيرا رغم ان بعضهم علي رأس السلطة التنفيذية في الحكومة او السلطة تشريعية في البرلمان وراح البعض منهم يسابق الزمن في صراع محموم في برز العضلات واستخدام لغة الشتيمة والتكفير خارج نطاق سياقات الاعراف السياسية ولغة الدبلوماسية المعمول بها.

اما الجانب الديني المتمثل بالمرجعيات الدينية السنية مثل العلامة الدكتورعبد الملك السعدي الذي كان خطاباته ولقاءاته المتلفزة في حث الشارع السني على الهدوء والابتعاد عن التهجمات الطائفية وفي خطاب اقل مايقال عنه انه دبلوماسي بامتياز استطاع امتصاص الغضب الشيعي وردود فعل الحكومة نتيجة التنكيل والتهجم الغير مسبوق على المذهب الشيعي ورموزه السياسية والدينية، واشارات المغازلة التي ارسلها الى التيار الصدري مما دفع سماحة السيد مقتدى الصدر الى طلب الالتقاء به او زيارته. فقد صلى السيد مقتدى في جامع عبد القادر الكيلاني في ترجمة على تلك الاشارات الايجابية التي ارسلها السعدي.

الفقة السني وتأجيج المظاهرات؟

المتأمل في الفقه السني يلحظ ان الحاكم لايجوز الخروج عليه وانما تسديده والدعاء له ولكون المالكي من المذهب الشيعي فقد عطلت تلك المسائل الفقهية في اشارة من السنة العراقيين انهم لايقبلون الا بحاكم سني منهم لايخرجون عليه ويدعون له.

ونتيجة الاغلبية السكانية الشيعية في العراق والحيف الكبير والظلم الذي وقع عليهم مما ولد مناخ يرفض تلك الشعارات والمطالب التي استخدم فيها الدهاء والالتفاف على المفاهيم والتلاعب في الالفاظ في استغلال مشاعر البسطاء من الشيعة وكسب ودهم في الانضمام لتلك الجموع السنية التي ترى في حكم المالكي الشيعي دكتاتور متسلط عليهم لايرغبون بالانصياع له او حتى الاعتراف به.

البعد الاستراتيجي للمظاهرات السنية في غرب العراق؟

1- كسر هيبة الدولة وتسفيه القضاء العراقي، والمطالبة في تقليل دور الجيش العراقي في حفظ الامن والتعامل معه على انه عدو للسنة وانه مشكل من طيف عراقي واحد، وهو مبني على استئصال السنة، والزج بأبنائهم في السجون.

2- الغاء قانون مكافحة الارهاب الذي كان له دور كبير في شل حركة الارهاب في العراق وتحجيم دورهم في المثلث السني، وإعادة الهدوء الى مايسمى سابقا المناطق الساخنة التي كانت السمة السائدة فيها هو العنف الطائفي.

3- التهديد بعودة الامور الى المربع الاول من سيطرة تنظيم القاعدة على المناطق السنية في العراق مما يشكل تهديدا كبيرا للعراق برمته وكذلك الى الدول المجاورة للعراق،فمن المعروف ان حق أي شخص في بلدنا يخرج في تظاهرة وتلك حق شرعي ومكفول من الدستور وما قام به الأخوة في الأنبار هو حالة طبيعية لأي تظاهرة، لكن المشكلة هو دخول السياسيين على التظاهرات وتشويه التظاهرات حيث خرجت في الأنبار في أيامها الأولى شعارات وهتافات وأسماء ومعاني غريبة وهذه الشعارات وهذه العناوين وهذه الصور شوهت القضية وحتى التظاهرات التي خرجت في محافظات الوسط والجنوب ربما هي خرجت ضد الطائفية لم تخرج لا لهذا ولا لهذا كما يعتقد البعض فلا الذين خرجوا بالأنبار خرجوا على حكومة المالكي ولا الذين خرجوا في محافظات العراق الأخرى خرجوا لصالح المالكي.

4- نوري المالكي خلال السنوات الماضية منذ توليه رئاسة الحكومة ثبت أنه يفكر بعقل سياسي جيد وبعقل رجل دولة، السياسي يناور ويفكر بعموم الشعب وبالمصلحة العامة وبالمستقبل رغم صعوبة الوضع السياسي العراقي والمحاصصة الحزبية التي افرزها وزراء مكبلون بقيود كتلهم لا رئيس وزرائهم، مما شكل صعوبة كبيرة في تمرير القرارات الحكومية او التي لها علاقة مباشرة بحياة الناس او المتعلقة بالامن الستراتيجي والقومي للبلد.

5- عدم وجود قيادة او واجهة رسمية ممثلة للمتظاهرين مما ادى الى صعوبة التعامل معهم وفق تشنج الخطاب الديني الذي يعتمدون عليه في خطب الجمعة ولغة الطائفية التي تفوح من تلك الخطابات التحريضية وبمساعدة الإعلام أيضاً وبغياب لغة التفاهم بينهم وبين الحكومة ما ادى الى حالة من الجمود السياسي الذي سمح للمغرضين من الارهابيين وعناصر القاعدة والبعثيين الى استغلال الفرصة والاندساس بين المتظاهرين وتمثيلهم في الاعلام العربي والاقلمي ودس السم ومحاولة تشتيت اللحمة الوطنية.

6- العامل الاقليمي الذي كان خفيا في بداية التظاهرات والذي بدأ يبرز الان حيث ان الحكومة التركية خرجت من مرحلة الخفاء الى العلن في اقامة المؤتمرات الداعمة الى للمتظاهرين ومهاجمة الحكومة العراقية ونعتها بالحكومة الطائفية، وكذلك الدعم اللامحدود التي لاقته التظاهرات من قبل الحكومات الخليجية التي تسابق الوقت للحفاظ على وجودها باصطناع الازمات الإقليمية وصرف الرأي العام الداخلي وسياسة التحشيد والحث الطائفي ضد الحكومة العراقية ووصفها بانها صفوية او انها تمثل ايران الخ...

7- البعد الدولي المراقب لما يجري في العراق وانعكاسات التحذيرات والمخاوف التي كانت قد حذرت الحكومة العراقية منها عند الاخلال في التوازن الطائفي الناتج من محاولات اسقاط نظام الحكم في سوريا ولكون العراق هو الخاصرة الرخوة لتلك الاحداث وللتبعية السياسية والدينية للسنة العراقيين لتركيا والاردن والسعودية وقطر فقد حركت تلك المظاهرات بعد ان تعذر اسقاط الاسد في محاولة لخلط الاوراق وممارسة الضغوط على المحاور الداعمة لنظام الاسد ومحاولة جر العراق الى المستنقع السوري الذي حاولت تركيا الآن بالتنصل منه لنتائجه الكارثية على السلم الاهلي التركي، مما دفع تركيا الى تصدير مشكلتها الداخلية الى العراق في دعم تلك التظاهرات ونصائحهم للقائمين عليها بعدم الاستجابة للمطالب الحكومية العراقية في الحوار وإنهاء التظاهر بالحوار والتهديد بإعادة المشهد الدموي السوري في العراق اذا اقتضى الامر وتعيين خليفة راشد عثماني على العراق!!.

8- مخاطر تقسيم العراق في حالة تعذر التواصل واتساع الفجوة بين المتظاهرين والحكومة وتحويل قبلة التظاهر الى ان تأخد المنحى العسكري لإسقاط نظام الحكم في العراق، والعمل على تشجيع الاطراف السياسية والدينية العراقية في العصيان المدني وعدم الامتثال الى سلطة الدولة والتبعية السياسية لتركيا وقطر والسعودية واستنساخ الحالة السورية في العراق.

9- تعذر الحلول الآنية التي تلوح في الافق بين المتظاهرين والحكومة نتيجة لأساليب الالتفاف التي يمارسها الطرفان في احتواء وتصعيد المواقف، بعيدا عن سياسة الاحتواء التي عادة ماتكون هي الابرز في مثل تلك الازمات، لأن خصوم المالكي وشركائه وحلفائه كلهم جاهزين لكي يقولوا له ليس من السهل أن نذهب إلى انتخابات جديدة قبل أن نتفاهم حول ماذا تريد أن تفعل في هذه الانتخابات؟.

10- هل سيطرح خيار أن يستقيل المالكي وينتخب البرلمان حكومة انتقالية وظيفتها فقط إتمام الانتخابات أم كيف سيقتنع خصوم المالكي بأن يدخلوا يخوضوا انتخابات يسيطر عليها الفريق الأمني والعسكري والسياسي للسيد نوري المالكي؟.لانهم وببساطة سوف يشككون فيها وسوف تكون انتخابات ليست عادلة بالتأكيد ولا أحد يعلم كيف ستمر وما هي الإشكالات التي ستحصل فيها؟.

11- تطورت التظاهرات إلى أعمال عنف حين أقدم متظاهرون في الفلوجة على إحراق سيارة عسكرية أعقبها اشتباكات وسقوط ضحايا عودة العنف إلى العراق مقرونة دائما بتنظيم القاعدة الذي استعاد قوته في مناطق غرب البلاد، وهو يطارد اليوم قيادات الصحوات وأبناء العراق بالاغتيالات، كما يسعى لتأجيج الحرب الطائفية الراكدة تحت الرماد من خلال تفجيرات تستهدف مناطق شيعية، آخرها تفجير انتحاري وقع الأربعاء (23 كانون ثاني/ يناير 2013) في حسينية بقضاء طوز خورماتو ونفذه رجل يرتدي لباس رجال الدين وعمامتهم وقد أسفر عن مصرع أكثر من 42 قتيل.

من جهة أخرى يحذر خبراء مختصون بشؤون الشرق الأوسط من بانزلاق البلد سريعا إلى نفق الفوضى في ظل التركيبية الطائفية والإثنية المعقدة. ويبدو أن المشروع الديمقراطي في العراق ينهار ويتصدع، وقد يفسّر البعض هذا على أساس وجود انقسامات كبيرة في مكونات الشعب الواحد.

12- ظهر واضحا نشاط تنظيم القاعدة الارهابي في الفترة الاخيرة في العراق نتيجة للاجواء السياسية المتشنجة التي تشهداها المنطقة الغربية، فضلا عن الشعارات الطائفية المحرضة التي هيئت الأرضية المناسبة لنمو الارهاب في البلاد عامة وفي الانبار خاصة مما ينذر بحدوث المزيد من الهجمات الارهابية في المستقبل.

13- ان الفساد والتدخلات الإقليمية والعربية في الشأن العراقي هي التي تجهض المشروع الديمقراطي واليوم، وبعد عشرة أعوام، يبدو أن النموذج الديمقراطي الذي صممه الأمريكيون للعراق بعد إسقاط الديكتاتورية قد بدأ ينهار، وهناك من يقول إن الأمريكيين لم يحموا الوليد الديمقراطي بما يكفي كما فعلوا في ألمانيا بعد النازية، وفي اليابان بعد الضربة النووية، لكن في العراق اليوم إعلام حر واسع الانتشار ومساحة كبيرة من حرية رأي تبيح للجميع انتقاد رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وكل النخب السياسية دون خوف اذن على الحكومة ان تكون على قدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها امام الله اولا وامام التاريخ والناس والحفاظ على المكتسبات التي حققها النظام الديمقراطي العراقي خلال السنوات العشرة الماضية رغم هول التضحيات التي ألمت بالعراقيين من جراء ضربات الارهاب البعثوتكفيري وقوى الظلام المتحالفة معه.

* مركز الرافدين للدراسات والبحوث الاستراتيجية

www.alrafedein.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/آذار/2013 - 16/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م