حزب الله واسرائيل... معارك تسقيط متجددة

 

شبكة النبأ: إدراج اسم حزب الله ضمن القوائم السوداء للمنظمات الإرهابية لايزال من أهم الملفات بالنسبة لإسرائيل التي تكثف اليوم جهودها لضغط على الاتحاد الأوروبي لإعلان الجماعة اللبنانية منظمة إرهابية مستعينة بحليفها الأول والمهم الولايات المتحدة الأمريكية، ومستغلة قرار القضاء القبرصي الذي أدان احد أعضاء جماعة حزب الله بالتآمر على مصالح إسرائيل. ويرى بعض المراقبين ان إسرائيل التي تعيش اليوم صراع داخلي وفشل سياسي افقدها الكثير من الحلفاء تسعى الى إبراز نفسها في موضع المظلوم من خلال فبركة الكثير من الحقائق الواقعية في سبيل استعطاف الرأي العالم العالمي وهذا الملف سيكون نقطة مهمة في سبيل إقصاء أهم واخطر خصم في المنطقة، وستعتمد إسرائيل الى فتح حرب جديدة ضد حزب الله مستغلة بذلك جملة الإحداث والمتغيرات السياسية المهمة، ومنها ملف سوريا وإيران والأوضاع الحالية في لبنان وربما مؤكدين في الوقت ذاته الى أنها ستسعى الى تأجيج الصراع الداخلي في لبنان من خلال تجديد النزاع الطائفي خصوصا وان الأجواء الحالية والتوتر الموجود قد يساعدها في ذلك.

وفي هذا الشأن دعا الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الاتحاد الأوروبي مرة أخرى الى إدراج حزب الله اللبناني على لائحته "للمنظمات الإرهابية" متهما إياه بالضلوع في أنشطة مماثلة في بلغاريا وقبرص ونيجيريا. وقال بيريز في تصريحات أوردها مكتبه "تم إثبات ان حزب الله نفذ الهجوم الإرهابي في بلغاريا على ارض أوروبية وقتل مدنيين أبرياء. وأكمل "اليوم هنالك المزيد من الأدلة على أنشطة هذه المنظمة ورؤسائها الإيرانيين، في العالم ومنها قبرص ونيجيريا.

من جانب أخر قال وزير الدفاع المدني الإسرائيلي أفي ديختر إنه إذا اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بإدراج حزب الله في القائمة السوداء فسيعرقل ذلك تمويل الجماعة اللبنانية لأن جانبا كبيرا من الأموال التي تستخدمها في عملياتها يأتيها من العواصم الأوروبية. ويقاوم الاتحاد الأوروبي ضغوطا من الولايات المتحدة وإسرائيل لإدراج حزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية قائلا ان ذلك قد يزعزع الحكومة الائتلافية الهشة في لبنان ويساهم في إشاعة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

لكن ديختر الذي قال انه ينبغي للاتحاد الأوروبي ان يدرج الجماعة في القائمة السوداء لأنها تحصل على جانب كبير من أموالها من العواصم الأوروبية ثم تقوم بغسل الأموال بعد ذلك. وقال "أوروبا هي القاعدة الحقيقية لحزب الله. إن لم يتمكنوا من جمع المال او حشد التمويل في أوروبا فسيقعوا في مشكلة، مضيفا ان التمويل يأتي من شبكة من الأنشطة الخيرية والشركات الواجهة.

ويقول دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي إن موقفهم من مسألة إدراج حزب الله في القائمة السوداء سيتوقف على الأدلة التي تقدمها بلغاريا بشأن حادثة تفجير الحافلة. وفي فرنسا قال مسؤولون أيضا انهم يخشون أن يؤدي إدراج حزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية إلى زعزعة استقرار لبنان الذي يرابط فيه نحو 1200 جندي فرنسي لحفظ السلام في أعقاب تخفيض عددهم العام الماضي.

وقال ديختر وهو مدير سابق لجهاز الأمن الداخلي في إسرائيل (شين بيت) "أود ان يتحلوا بقدر كاف من الذكاء والشجاعة ليتخذوا خطوة دون التفكير في كيف ستؤثر على استقرار لبنان من عدمه." واضاف قوله "لبنان لديه الكثير من المشكلات حتى أن توصيفهم (حزب الله) بأنهم منظمة إرهابية أم لا ليس بالمسألة المهمة."

واعيد فتح النقاش حول ادراج حزب الله على لائحة الاتحاد الأوروبي السوداء "للمنظمات الإرهابية" بعد اتهام بلغاريا الحزب بالمسؤولية عن الهجوم الانتحاري في مطار بورغاس في 18 تموز/يوليو الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص هم خمسة سياح إسرائيليين وسائق حافلة. في إعقاب هذا الاتهام حثت الولايات المتحدة التي تعتبر حزب الله "منظمة إرهابية" الاتحاد الأوروبي على التحرك ضده وإدراجه على لائحته السوداء.

لكن الأوروبيين منقسمون حول المسألة التي تتطلب إجماع الأعضاء ال27 في الاتحاد. وبدت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين اشتون حذرة مؤكدة "انه خيار من بين عدة"، فيما باريس وروما أكثر ترددا ولا سيما بسبب مشاركة جنودهما في قوة الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان. كما ان حزب الله وحلفاءه يشكلون أكثرية في الحكومة اللبنانية.

وأدانت محكمة قبرصية عضوا بجماعة حزب الله بالتآمر على مصالح اسرائيلية بالجزيرة والقي القبض على حسام طالب يعقوب في مدينة ليماسول القبرصية العام الماضي قبل اسبوعين من هجوم انتحاري اسفر عن مقتل خمسة سائحين اسرائيليين في بلغاريا في يوليو تموز. وحملت صوفيا حزب الله مسؤولية الهجوم لكن الحزب نفى ذلك.

وادين يعقوب في خمس من ثماني تهم احداها المشاركة في منظمة اجرامية واثنان بالموافقة على ارتكاب جريمة وغسل أموال من حصيلة أنشطة منظمة إجرامية. واتهم الادعاء يعقوب الذي كان عمره وقت القبض عليه 24 عاما بتعقب تحركات سائحين اسرائيليين في قبرص التي تعد مقصدا مفضلا لقضاء العطلات.

ورسميا لا تعتبر قبرص العضو في الاتحاد الاروبي الجماعة الاسلامية الشيعية جماعة ارهابية. وفي شهادته التي تم تلاوتها امام المحكمة نفى ان يكون خطط لشن هجمات لكنه اقر بانه عضو في حزب الله منذ اربع سنوات، مشددا على انه كان يعمل فقط لجناحه السياسي بحسب صحيفة "سايبرس مايل". ويحمل يعقوب ايضا الجنسية السويدية.

في السياق ذاته تستعد إسرائيل لمحاربة حزب الله التي تشتبه في حصولها على أسلحة متطورة من دمشق وذلك خشية امتداد الصراع في سوريا إلى خارجها. وتعتقد إسرائيل أن الجماعة اللبنانية الشيعية مستعدة هي الأخرى للرد في حال نفذت إسرائيل تهديداتها بمهاجمة المواقع النووية في إيران التي ترعى حزب الله.

وخاض حزب الله حربا استمرت 34 يوما ضد إسرائيل في عام 2006 . وقتلت إسرائيل أثناء هذه الحرب 1200 شخص في لبنان معظمهم من المدنيين وفقا للأمم المتحدة بينما قتل حزب الله 160 إسرائيليا معظمهم من الجنود داخل الأراضي اللبنانية. ويقول الجانبان إن أي صراع بينهما في المستقبل سيكون أكثر ضراوة. وحارب حزب الله القوات الإسرائيلية الأكثر تقدما بكثير حتى أجبرها على التوقف في المواجهة التي اندلعت بينهما عام 2006 والتي أطلقت فيها الجماعة أكثر من أربعة آلاف صاروخ على شمال إسرائيل.

وتم إعلان وقف إطلاق النار بعد ذلك تحت مراقبة الأمم المتحدة. غير أن ضابطا إسرائيليا كبيرا في الجبهة اللبنانية قال إن التوتر في سوريا "يمكن أن يمتد ويشعل فتيل المواجهة" مع حزب الله.

وأبلغ الضابط الذي طلب عدم ذكر اسمه أثناء إشرافه على محاكاة لمعركة قوية مع حزب الله في قاعدة تابعة للجيش في الصحراء "نريد الحفاظ على الهدوء ونريد أن يعلم الجانب الآخر أنهم إذا اتخذوا خطوة تستلزم دفع الثمن فسيدفعونه غاليا." وباتت إسرائيل على وشك الانجرار إلى الصراع المستمر في سوريا.

واحتجز مقاتلون على صلة بالجماعات المسلحة السورية التي يهيمن عليها السنة نحو 20 جنديا من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في سوريا قرب هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.. وبعث السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة رون بروسور رسالة إلى مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة عضوا يشكو فيها من سقوط قذائف من سوريا على إسرائيل محذرا من أنه "لا يمكن أن ينتظر من إسرائيل أن تقف مكتوفة الأيدي وأرواح مواطنيها تتعرض للخطر."

وقد تكون الطموحات النووية الإيرانية أيضا عاملا في إثارة المواجهة. فقد هددت إسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في الشرق الأوسط باستخدام القوة لمنع عدوتها اللدودة من امتلاك الوسائل اللازمة لتصنيع قنبلة نووية في حال فشلت البدائل الدبلوماسية الدولية. وتنفي طهران سعيها وراء تصنيع أسلحة نووية وهددت برد واسع إذا تعرضت للهجوم.

وتظهر المناورة الصحراوية التدريب المكثف للقوات الإسرائيلية الذي يعكس بجانب استعراض كبار القادة للقوة محاولة لردع حزب الله بالتحذير من أن الصراع التالي يمكن أن يسبب معاناة أكبر للبنان. وقال المسؤول الإسرائيلي البارز "إن الطريقة التي يتبعونها سيكون لها تداعيات على سكان شمال لبنان وبنيته التحتية" في إشارة إلى معقل حزب الله حيث تعتقد إسرائيل أن الجماعة تنشر قاذفات صواريخ ومواقع حصينة للمسلحين في القرى الشيعية.

وتقول الجماعة الشيعية إن ترسانته لم تتأثر بالأزمة السورية وإنها الآن قادرة على شل حركة إسرائيل بهجمات صاروخية طويلة المدى في حال اندلاع حرب. ولدى سؤاله عما إذا كانت هذه الحرب ستختلف عن تلك التي دارت رحاها في عام 2006 قال الضابط الإسرائيلي البارز "نعم. لا أتوقع بأي حال من الأحوال أن تتطابق نسب الخسائر. أريد أن تسوء الأمور إلى أقصى درجة ممكنة عند الطرف الآخر وتكون عندنا على خير ما يرام قدر الإمكان." وأضاف أن إسرائيل ستحاول منح المدنيين اللبنانيين فرصة كافية لمغادرة أماكنهم "حيث آمل أن تقل نسبة غير المقاتلين بشكل كبير عن 40 بالمئة من حجم الخسائر البشرية.

من جانبه أدان حزب الله الشيعي اللبناني دعوة أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإدراج اسمه على القوائم السوداء للمنظمات الإرهابية. وقال أوباما إن مقتل خمسة سائحين إسرائيليين في يوليو تموز في هجوم ألقت الحكومة البلغارية باللوم فيه على حزب الله وتخزين الجماعة للسلاح ودعمها للرئيس السوري بشار الأسد كلها مسوغات لاتخاذ موقف ضدها.

وأضاف في القدس "يجب أن تسمي كل دولة تثمن العدالة حزب الله باسمه الحقيقي.. منظمة إرهابية." وفرضت واشنطن عقوبات على حزب الله بسبب مزاعم إرهابية. وتأسس حزب الله أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وألقي باللوم عليه في تفجيرات انتحارية مدمرة استهدفت السفارة الامريكية وقاعدة لقوات مشاة البحرية في بيروت عام 1983 .

ويقول حزب الله إن الاتهامات ضده جزء من حملة إسرائيلية لتشويه السمعة وقال حزب الله إن تصريحات أوباما التي أدلى بها خلال زيارته لإسرائيل أظهرت اهتمام الولايات المتحدة فقط بإرضاء إسرائيل وأكدت الجماعة التزامها بالكفاح المسلح. وقال حزب الله في بيان إنه "لا يمكنه إلا أن يعبر عن إدانته الشديدة لهذه المواقف الأمريكية المتبنية للمشاريع الصهيونية ما يضع واشنطن في موقع الشريك الكامل للعدو (إسرائيل) في كل جرائمه." وكانت المفوضية الاوروبية قالت قبل عامين إنها لا تملك دليلا كافيا لاتخاذ قرار بشأن حزب الله الذي يمثل قوة سياسية في لبنان ويهيمن حلفاؤه على حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي.

واتهمت الجماعة اللبنانية أوباما بالانحياز لاسرائيل بدعوة العالم العربي إلى قبول إسرائيل كدولة يهودية واقرار السلام بدون المطالب العربية مثل حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين ووقف البناء الاستيطاني الاسرائيلي. وأضاف حزب الله أن تصريحات أوباما جعلته يظهر "كأن الذي يتحدث هو موظف في الكيان الصهيوني وليس أرفع مسؤول في إدارة دولة مستقلة هي الولايات المتحدة الأمريكية."

وأضاف أن تصريحات أوباما تؤكد قناعة حزب الله بأن المفاوضات الرامية لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي غير مجدية "لترسخ بالتالي صوابية خيار المقاومة والالتفاف الجماهيري حولها كسبيل وحيد لاسترجاع الحقوق وحفظ الكرامة والحرية والاستقلال."

على صعيد متصل قال رئيس وزراء بلغاريا المؤقت الجديد انه لن يبادر بأي خطوة لفرض عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي على حزب الله على الرغم من اتهام بلاده لهذه الجماعة الإسلامية الشيعية بشن هجوم تفجيري في منتجع على البحر الأسود. وتولى رايكوف الدبلوماسي السابق قيادة حكومة خبراء بعد احتجاجات ضخمة تعبيرا عن الاستياء من الفقر والفساد قادتها جماعات معارضة ونشطاء وادت إلى اسقاط حكومة يمين الوسط. وعين رئيس الدولة رايكوف للحفاظ على ثقة السوق ولتهدئة المحتجين قبل الانتخابات التي تجرى في 12 من مايو أيار.

واستخدم زعماء المعارضة الاحتجاجات ايضا في استنكار ما اعتبروه اتهامات متسرعة من جانب الحكومة بأن حزب الله هو الذي نفذ تفجيرات العام الماضي. وقال رايكوف لمحطة اذاعة بي.ان.ار البلغارية الرسمية "بلغاريا لن تبادر إلى اجراء بإدراج حزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية. كل ما سنفعله هو تقديم الحقائق الموضوعية والملابسات وندع القرار لشركائنا الأوروبيين."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/آذار/2013 - 15/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م