المرأة والربيع العربي.. أحلام لا تزال بعيدة التحقق

 

شبكة النبأ: أصبحت المرأة العربية اليوم أقل ثقة بالمستقبل بعد الثورات الربيع العربي، فبعدما كان للنساء حضور بارز في هذه الثورات، من تونس الى مصر الى البحرين وغيرها من البلدان الأخرى، لكن حين وصلت بعض الثورات مرحلة قطف الثمار وجدت المرأة  نفسها مغيبة ومجحفة.

ففي الدول التي تشهد توترات وتحولات سياسية تواجه المرأة تحديات غياب رؤية واضحة من القيادات الجديدة التي حلت محل الأنظمة القديمة، وسط تحولات جذرية وبروز التيارات الأصولية كقوى سياسية يعتد بها، فإن عددا من الناشطات المحليات عبرن عن مخاوفهن من خسارة المكاسب التي حققتها المرأة منذ عقود، وأصبح شغلهن الشاغل هو كيفية المحافظة على المكاسب التي تحققت من قبل بدلا من المطالبة بحقوق جديدة.

فقد واجهت النساء العربيات أنواعا عديدة من العنف مثل عمليات الاغتصاب في مصر والاعتقال والقمع كما في السعودية والبحرين، فضلا عن تغييب حقوق كثيرة أساسية كحرية التعبير وحق المشاركة في العمل السياسي كما في تونس وليبيا.

فيما يعد التحرش اليومي الذي تتعرض له النساء في الشارع أو وسائل النقل مشكلة مزمنة في مصر تندد المدافعات عن حقوق المرأة بصمت السلطات العامة حيالها.

ويرى الكثير من المحللين الحقوقيين بأن الوضع الحقوقي للمرأة بقى على ما هو عليه اذا لم يصبح أسوء مما كان متوقعا، وذلك لأن الثورات الربيع العربي أفرزت مشاكل للمرأة العربية لم تعهدها من قبل، مثل ظاهرة الاغتصاب التي شائع خلال هذه الفترة بصورة غير مسبوقة في العديد من البلدان كتونس ومصر وليبيا، وبالتالي فان دفة التغيير الحالي تتجه نحو مستقبل اسلبي، فبدلا من تضيف ثورات الحرية مزيدا من المكاسب الحقوقي للمرأة، اضافت لها الكثير من الخسائر النفسية والمادية.

لكن لا يزال انتهاك حقوق المرأة المشكلة الحقيقة والمقلقة جدا، التي تقف أمام تقدم عجلة الحقوق في العالم العربي عامة وبلدان الربيع العربي خاصة.

ففي تونس، التي تعتبر رائدة في العالم العربي في حقوق المرأة، لم تترجم تلك الحقوق على ارض الواقع. فقد تظاهر المئات في العاصمة تونس للمطالبة بتضمين حقوق المرأة في الدستور الجديد الذي يعكف المجلس التأسيسي البرلمان على صياغته.

أما في ليبيا كان من أول التغييرات التي حصلت بعد الثورة أن تعهد رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل باعلان إلغاء حظر تعدد الزوجات .

وفي مصر لم تحظ النساء بحضور سياسي في الحكم يوازي حضورها في الشارع أثناء الثورة. لم تحصل المرأة المصرية إلا على 8 مقاعد فى مجلس الشعب المنتخب من أصل 498 مقعدا أى نسبة لا تصل إلى 2%.

يقول الكثير من الباحثين في هذا الشأن هناك ضعف واضح للمشاركة السياسية للمرأة العربية حيث لا تؤدي دورا ذا أهمية كبيرة في الحياة السياسية ومواقع صنع القرار بالمقارنة مع تواجدها في قطاعات أخرى كالتعليم والصحة.

كما اظهرت دراسات اقتصادية سعودية ان اكثر من 78 في المئة من اجمالي العاطلات السعوديات هن من حملة الشهادات الجامعية، ويعكس هذا الضغوط التي تواجهها الحكومة لتوفير المزيد من فرص العمل لهذه الشريحة من المجتمع.

وتواجه عشرات الآلاف من السعوديات تحدي الحصول على فرص عمل في مجتمع محافظ ينفق مليارات الدولارات على التربية والتعليم للإناث، في حين يبقى سوق العمل بعيدا عن متناولهن، وتقدر البيانات الرسمية نسبة البطالة لدى النساء بـ 35 في المئة من الراغبات في العمل، مقارنة بنحو 7 في المئة وسط الرجال.

العنف يلاحق المرأة العربية في زمن الربيع العربي

على الصعيد نفسه ففي الوقت الذي تأتي فيه احتفالات اليوم العالمي للمرأة هذا العام بكثير من الشجون للمرأة العربية، حيث تواجه المرأة في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها بلدان الربيع العربي واقعا مختلفا فرض عليهن الترهيب والانتهاك الجسدي.

وكانت هذه الانتهاكات فيما مضي تحاط بالسرية والكتمان لما يمكن أن تجلبه علي الضحية من نفي وتهميش في المجتمع الذي تعيش فيه.

لكن هذه المواقف تغيرت كثيرا، وبدأت المرأة في كسر حاجز الصمت لتؤكد على حقها في التعبير عن الرأي، وأن العار يجب أن يلحق بمرتكبه لا بالضحية.

إنها ليست قصة خيالية، أو سيناريو فيلم رعب، إنما هو حقيقة، حقيقة ترويها اثنتان من الضحايا اختارتا كسر حاجز الصمت، وقالت الضحية الأولى اسمي "هانيا مهيب"، صحفية حرة ومدربة إعلام، وواحدة من السيدات اللائي تعرضن لاعتداء وحشي في يوم الاحتفال بالذكري الثانية للثورة في الخامس والعشرين من يناير، أول مرة نزلت فيها ميدان التحرير كانت يوم جمعة الغضب في 28 يناير/كانون الثاني، ولكن شاركت قبل الثورة في وقفات احتجاجية ضد نظام مبارك وتعرضت للضرب يوم 25 أبريل/نيسان عام 2005.

أنا معتادة علي الذهاب الي التحرير، ولكن نظرا لظروف كثيرة لا استطيع أن اشارك في كل حدث، لكنني غالبا ما استجيب لدعوات النزول الي التحرير اذا كنت مقتنعة بجدوي ذلك واذا كانت القضية تمسني أنا وتهمني شخصيا مثل قضايا المرأة والدستور، أنا مع القصاص للشهداء واطلاق سراح المعتقلين لكن لا استطيع المشاركة في كل هذه المناسبات.

أنا معتادة علي الذهاب الي التحرير بمفردي ولم اشعر يوما بالخوف من النزول الي ميدان التحرير خاصة وان الحديث عن التحرش الجماعي لم يكن معروفا وافضل عدم الارتباط بمجموعة لان الاتصال في هذه الاوقات يكون صعبا نظرا لكثافة العدد.

شعرت فورا بشيء غريب وغير طبيعي، مجموعات تتصدع والتدافع بشكل مريب. قلت لنفسي سوف أحاول أن التقي سريعا بصديقة كنت قد عرفت أنها ستذهب هذا اليوم الي الميدان وأترك خلال فترة قصيرة لأنني شعرت بالطمأنينة.

حاولت عبور الميدان وحدث تدافع وبدأت ارفع صوتي بغرض التعريف بوجودي وإشارة على أنني أتعرض لمضايقات، فوجئت برجلين يحاولان دفع الشباب بعيدا غير أن أحدهما رمقني بنظرة قاسية جدا ووقحة. وفجأة وجدت مجموعة من الفتيات تحيط بي كما لو كن استشعرن بخطر لم أدركه بعد ثوان فوجئت بمجموعة من الشباب يشدونني بعنف من وسط دائرة البنات اللواتي حاولن حمايتي فلم يفلحن.

في يوم الحادث ادركت أن الاعتداء الذي تعرضت له هو من قبل عصابات مأجورة. وبعد أن انتهت هذه التجربة البشعة وبدأت استعيد تفاصيل ما حدث واستمع الي شهادات النساء الاخريات اللائي تعرضن لنفس الاعتداء الوحشي تأكدت أن العملية ممنهجة ومنظمة بدرجة كبيرة وأكاد أجزم أن الامر "جرب من قبل" تجيب بثبات هناك ثلاث مجموعات متورطة: مجموعة تقوم بخلق نوع من التزاحم والتدافع فيحدث هرج ومرج فتصاب المرأة او الفتاة بالخوف والرعب، ثم تأتي مجموعة ثانية تدعي أنها تساعد الفتاة أو السيدة علي تخطي هذا الزحام وتقوم بانتزاع البنت المصابة بالرعب وتنتزع البنت من المجموعة الاولي وتقوم بعمل دائرة ضيقة جدا لتبدأ عملية الانتهاك البشع لجسدها.

في كثير من الاحيان شوهدت مجموعة ثالثة في دائرة اكبر تحيط بهذه الدائرة الضيقة تكون مسلحة بأسلحة بيضاء تقوم بمنع أي شخص يحاول الاقتراب من الفتاة ومساعدتها.

من الضروري أن اقول أنه طوال خمس وأربعين دقيقة كنت اتعرض فيها للانتهاك البشع لم اسمع أي لفظ خارج أو جارح ممن كانوا يقومون بانتهاكي. كل ما كانوا يقولونه "حذار حرام عليكم هذا إنها كأختكم"، كلها اشارات توحي بأنهم يقومون بمساعدتي وليس بانتهاكي.

وتقول كل ما كنت افكر فيه كيف سأخرج من هذه الورطة كيف سأهرب. ومع ذلك لم يكن لي لا حول ولا قوة طوال عملية الانتهاك وحتي لحظة دخول الي عربة الاسعاف.

هذا عمل سياسي ممهنج ومدبر. ما هي المتعة التي يمكن أن يشعر بها شخص يفعل ذلك في ميدان عام ويضطر أن يصارع ويخطف واحدة وحتي لا يمكن له أن يعبر عن أي شعور بالنشوة أو اللذة الحسية هذه عملية سياسية وممنهجة ومقصود بها الحاق العار بالمتظاهرات وكسرهن وإلحاق العار بأسرهن وتخويف النساء والفتيات من فكرة التظاهر والمشاركة السياسية وبالتالي تنحية عدد كبير من المتظاهرين من التحرير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/آذار/2013 - 13/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م