تحاول القوى الامبريالية الصهيونية ومستوطناتها الوهابية وعملاؤها
التي خرجت من أوكارها الانقضاض على القوى المقاومة المناهضة للمصالح
الصهيونية الامبريالية في المنطقة وصولاً إلى ما يحلمون به من إحلال
الاستكانة والخنوع لتحقيق المشروع ''الشرق أوسطي'' الذي تعمل القوى
الرأسمالية العالمية التلمودية لفرضه على أبناء المنطقة بقيادة
الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في العالم. والذي يهدف بالدرجة
الأولى للتسليم بالوجود الصهيوني بالأراضي العربية المحتلة. ولا ننكر
أنهم استطاعوا اختراق الواقع العربي من خلال معظم الأنظمة العربية التي
فرضوها ودعموها، كما أنهم صنعوا أنظمة غير عربية أيضاً موالية لهم
ومستعدة لتنفيذ أجنداتهم، ونجحوا في زرع مستوطناتهم الفكرية
والاقتصادية والثقافية والسياسية في بنية المجتمع العربي التي أحدثت
خرقاً خطيراً في عقل الإنسان العربي من خلال تكريس العبثية والعدمية
والتطرف والتعصب ونشر الفكر التكفيري والانغلاق في المجتمع العربي.
فالقوى الوهابية المتآمرة المستسلمة تلعب دور التابع الذليل، دور
العبيد المأجورين، الذين يعملون على تدمير القيم العربية الأصيلة، من
خلال استخدامها للدين ولبس عباءته للدخول إلى عقول الناس وخداعهم بأنهم
يدافعون عن الدين، ما سمح بخلق بيئة لنمو الطحالب والدمامل في جسد
الوطن وانتشار مظاهر التخلف. هؤلاء العملاء الذين ارتضوا عبر التاريخ
أن يكونوا أدوات رخيصة للعب دور السمسار والخيانة والتبعية ضد أبناء
أمتنا العربية. وصولاً للتفريط بالحق العربي والتسليم بالوجود الصهيوني
الامبريالي في المنطقة.
في سياق إلقاء الضوء، وتعرية المعرى، وليس بعيداً عن الاصطفافات
القائمة، وبخاصة فوق مساحة معينة من هذه الأرض، ومن المهم تسليط الضوء
على حكام (الحجاز ونجد) بوصفهم قاطرة العمل التآمري على المشروع
المقاوم. ولكي لا تأخذنا التفصيلات، لابد من التركيز على بنية النظام
السعودي، فهو نظام ديني، رجعي، أعرابي، متخلف، ليس له شبيه في العالم،
فهو الأكثر رجعية، ولوذاً بالشوارع الخلفية فيما يتعلق بقضية فلسطين،
وقد استطاع أن يبعد واقع ما هو عليه عن تسليط الضوء بالمال لا بأي شيء
آخر، واشترى سكوت الذين يختلف معهم، عربياً، بالمواقف السياسية تارةً،
وبصرف الأنظار عنه تارة أخرى، وكأنه كتلة مستقلة، معزولة، لا علاقة لها
بما حولها، وهذا مخالف لسنن الحياة وتشابكاتها، وليس خافياً الدور الذي
قام ويقوم به النظام السعودي، فهو حريص على إبقاء الأمور كما هي في
مجتمعه، مظهر إسلامي، كابح، وسلطة ملكية وراثية، وضخ للبترول إلى حيث
الآلة الغربية، وإبقاء المجتمع على ركوده، وكأن ما هو عليه هو الحالة
الدينية والدنيوية المثلى، بل والتي لا يجب مسها، بسبب ما يخلع عليها
وعلى نفسه من قيم ذات مواصفات دينية.
منذ أن تم إعلان إجراء مباحثات سرية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي
''إيهود أولمرت'' والملك ''عبد الله بن عبد العزيز'' في 24/9/2006 في
صحافة العدو الإسرائيلي والذي يعد ليس فحسب فضيحة عالية الصوت والمغزى،
ولكنها أيضاً جاءت لتؤكد على خطورة قضية أخرى، هي قضية التصور
الإسرائيلي لموقع (السعودية) أو الجزيرة العربية بمعنى أدق، في إطار
المشهد السياسي في المنطقة، وكيف أنها تحتل منزلة كبيرة لدى الصهاينة،
ومن ثم يعد لقاء عبد الله/أولمرت (حتى لو أنكروه بعد ذلك) علامة مهمة
وخطيرة على مستقبل مظلم ينتظر المنطقة، لأن الدولتين لهما سياسة واحدة
خطيرة وهي خدمة الولايات المتحدة الأمريكية، كل هذا يفسر هذا الاستعمار
الجديد الذي يتحالف فيه دعاة القداسة الإسلامية بدعاة القداسة اليهودية
على أرضية العداء لأمة العرب.
على أية حال دعونا نتأمل خطورة هذه اللقاءات من خلال البحث في حقيقة
التصور الإسرائيلي للجزيرة العربية ولدورها ودور إسرائيل فيها.
تأتي أهمية (شبه جزيرة العرب) ـ إذن ـ ضمن المنظور الصهيوني المبكر
الذي اتسع لأفق استراتيجي بعيد المدى، في بؤرة العالمين العربي
والإسلامي، التي ينبغي إعادة تشكيل ملامحها، ضمن المخطط الرامي لإعادة
رسم خرائط المنطقة ككل، لحساب الكيان السياسي الصهيوني المتعاظم الشأن،
وهو ما عبرت عنه صراحة مذكرات مؤسس الحركة الصهيونية (تيودور هرتزل)،
حين حدد الأخير مساحة الدولة، التي طالب السلطان العثماني التصريح له
بها، من نهر النيل إلى نهر الفرات، والتي شملت شمالي (شبه الجزيرة
العربية)، وهو ما دعا (هرتزل)، في العام 1904، لوضع المنطقة الواقعة
غربي (السعودية) ضمن حدود الكيان الصهيوني، والتي بدت فيها خريطة
(إسرائيل الكبرى) وقد شملت نافذة على الخليج العربي، وكان (هرتزل) قد
عزا توجهه هذا إلى أهداف حددها، بقوله: ''ما يلزمنا ليس الجزيرة
العربية الموحدة، وإنما الجزيرة العربية الضعيفة المشتتة المقسمة إلى
عدد من الإمارات الصغيرة الواقعة تحت سيادتنا والمحرومة من إمكان
الاتحاد ضدنا''، بحيث تجيء '' الدولة اليهودية '' ـ كما تصورها (هرتزل)
ـ في سياق ارتباط مع (شبه الجزيرة العربية)، وذلك عبر علاقة هيمنة على
النمط الاستعماري التقليدي، الذي قوامه التفتيت والإخضاع.
وكانت خريطة أخرى قد وجدت في خزائن لأحد أقطاب عائلة (روتشيلد)
اليهودية، ذات النفوذ المالي الواسع، في مدينة (فرانكفورت) الألمانية،
ويرجع تاريخ إعدادها إلى أواخر القرن التاسع عشر، قد بينت أن ''الدولة
اليهودية'' المتصورة تشمل منطقة من (السعودية) تمتد بمحاذاة شاطئ البحر
الأحمر، ثم تتجه إلى جنوب (المدينة المنورة)، وإلى الشرق من (خيبر)، ثم
تعود إلى ما قبل الحدود الأردنية الجنوبية الشرقية، لتصل بعد ذلك بخط
مستقيم إلى حدود الكويت الشمالية، بحيث تتضمن قطاعاً من ساحل الخليج
العربي.
ومع السعي الصهيوني الحثيث لوضع هذه الأهداف موضع التنفيذ، وجدت
الحركة الصهيونية في أحداث الحرب العالمية الأولى، بخاصة وما تمخض عنها
من انتصار ''للحلفاء''، ما يشجعها على مخاطبتهم بشأن تحقيق هذه الأهداف
ضمن الإستراتيجية التي قرر ''الحلفاء'' الأخذ بها، ما بعد الحرب، فبعث
طبيب صهيوني روسي ـ كان يقيم في (باريس)، ويدعى (م.ل.روتشتين) ـ برسالة
إلى الحكومة البريطانية، عبر سفيرها في (باريس)، ويدعى (ف.بارتي)،
يقترح فيها على الحكومة البريطانية أن تتعاون مع حليفتيها (فرنسا)
و(روسيا) لتدريب وتسليح ''جيش صهيوني''، تتشكل عناصره من الشباب في
(أوروبا الشرقية)، ليصل قوامه إلى مائة وعشرين ألفاً، يوضع تحت قيادة
(روتشتين)، ويتخذ من (البحرين) قاعدة له، تمهيداً لاحتلال (الإحساء)
التي تكون جزءاً من ''دولة يهودية''، تمتد على الجزء الشمالي من منطقة
الخليج العربي، وأنه فور إعلان تلك ''الدولة'' تعترف بها (بريطانيا)
وحليفاتها، وستبادر حينها ـ أي هذه الدولة ـ بعقد معاهدة صداقة مع
الحلفاء، تتضمن قيام جيشها بحماية منطقة الخليج العربي وثرواتها من أي
خطر يتهددها، سواء جاء ذلك عبر حملات عسكرية تشنها الدولة العثمانية أو
(ألمانية)، أو عبر اضطرابات وقلاقل داخلية يثيرها سكانها من العرب.
والملاحظ أن تشكيل الجيش الصهيوني المزمع قد وجد طريقه إلى الوجود
الفعلي، حيث حاربت عناصره ـ بشغف تحسد عليه ـ مع قوات ''الحلفاء'' ضد
قوات ''المحور''، خلال الحرب العالمية الثانية، وهو الجيش الذي قوبلت
فكرته، من قِبل ''بريطانيا'' في نهاية الحرب العالمية بتعبيد الطرق
أمام إنشاء (إسرائيل) على الأراضي الفلسطينية، وإعلان الاعتراف بها،
الذي اكتسب مشروعية دولية غير مسبوقة لدولة مصطنعة، من جانب أول هيئة
دولية، جرى إنشاؤها بعد الحرب، هي ''الأمم المتحدة '' .
وقد لاحظ الدارسون للأحداث الواقعة بين الحربين تعمد الحركة
الصهيونية الترويج لخريطة تبين حدود الدولة، التي كانت هذه الحركة
تتطلع إلى إقامتها، فنشرت مجلة ''التبشير اليهودي''، في العام 1923
أصول هذه الخريطة، والتي جاءت بعد خمس سنوات فقط من صدور ''وعد بلفور''
ومع بدايات الانتداب البريطاني على (فلسطين)، وهي الخريطة التي أعادت
نشرها صحيفة ''اللواء'' اللبنانية، بعد نحو خمسين سنة، وتحديداً في 8
نيسان 1973، وتبين أراضي (شبه الجزيرة العربية) وقد علتها أسماء
''أسباط بني إسرائيل الاثني عشر'' إلى جانب رموز يهودية شهيرة مثل
''القربان المقدس'' و''تقديم الذبيحة''، وتحتها ''علامة يهوذا'' ، وجمل
توراتية حتى الخريطة، مثل: ''وعينت مكاناً لشعبي إسرائيل وغرسته في
مكانه ولا يضطرب بعده ولا يعود بنو الإثم يذلونه كما في الأول''
(صموئيل) 7 :10 ، وتحتها مباشرة جاءت عبارة بين خطين تقول: ''بلادك يا
عمانوئيل'' (أشعيا 8 )، وقد علق المحرر المسؤول عن المجلة على فحوى هذه
الخريطة، بالقول: ''إن بعض اليهود يعتقدون أن إسرائيل يجب أن ترث شبه
الجزيرة العربية''، وذلك بعد أن وصلت أطماع الصهيونية إلى (تبوك)
و(المدينة المنورة)، بدعوى أن قسماً من هذه المناطق كانت من الأملاك
اليهودية القديمة، مما يستدعى ـ بنظرها ـ مد النفوذ الصهيوني ليشمل
دول الخليج العربية ككل، وذلك في الوقت الذي كان يتحدث فيه عدد من
الكُتاب الصهاينة إلى صحيفة (دافار) الإسرائيلية حول الطاقات العالمية
اليهودية، فيما لو تيسر لها الانطلاق، عبر البحر الأحمر، صوب الكنوز
الدفينة في (شبه جزيرة العرب)، وما وراءها من عوالم الشرق الواسع، وهي
أحاديث سادت، قبل نحو عشر سنوات فقط من قيام (الكيان الصهيوني).
لقد أدى قيام كيان سياسي، ذي صفة دولية، باسم (إسرائيل) على الجانب
الأكبر من أراضي (فلسطين)، في العام 1948، إلى وضع المطامح الصهيونية
في (شبه جزيرة العرب) قيد التحقق، حيث صارت ''الدولة الصهيونية'' تقف
على مرمى حجر منها، ومن رموزها الإسلامية المقدسة في (مكة) و(المدينة)،
ناهيك عن (القدس)، وهو وضع ارتأت الحركة الصهيونية أن يكون موقعها فيه
مسايراً للإستراتيجية البريطانية في منطقة (الجزيرة العربية)، بعد أن
وجدت هذه الحركة أن حلفها مع الإنجليز قد اتسع ليشمل سلطة (عبد العزيز
آل سعود) في منطقة (نجد) وملحقاتها ضد الخليفة العثماني، قبل وأثناء
وبعد الحرب العالمية الأولى، وذلك عبر معاهدة (دارين) الموقعة بين (ابن
سعود) والحكومة البريطانية، في العام 1915، فمعاهدة (جدة)، في العام
1927، إذ رضي (ابن سعود)، بموجب المعاهدة الأولى، أن تصير مملكته
''محمية بريطانية''، ولمدى زماني غير محدد، بينما عززت المعاهدة
الثانية من سلطة (ابن سعود) على منطقة (الحجاز) وملحقاتها، ولأبنائه من
بعده، وذلك في ضوء أطماع (بريطانية) في إرث الخلافة العثمانية، وأهم ما
فيه قلبه العالم العربي الإسلامي من وادي الفرات إلى وادي النيل،
محفوفاً بالشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وهو ذات العنوان الجغرافي
الشهير، كما ورد في الخرائط الصهيونية المتعددة حول ''الدولة
اليهودية'' المبتغاة.
وبذلك جاءت تلك المنطقة لتحتل بؤرة الاهتمام البريطاني ـ الصهيوني،
وهو ما يفسر حرص الحركة الصهيونية على التنسيق، بل التحالف، مع
(بريطانيا) في هذا الصدد، ودخول (ابن سعود) وبقية مشايخ الإمارات
الخليجية طرفاً في هذا الحلف، خصوصاً بعد ظهور مواقع خصبة بالثروة
النفطية في (شبه جزيرة العرب)، وهي مصدر الوقود الذي كان الأسطول
البريطاني قد تحول إلى استخدامه، بديلاً للفحم، منذ العام 1912، وهو
الأمر الذي كان رأس المال اليهودي قد انتبه إلى أهميته، مبكراً، حين
عمل المليونير اليهودي (روتشيلد) على تحويل حماية الامتيازات النفطية
لشركة (شل) الهولندية في (إندونيسيا) من الحماية الهولندية إلى الحماية
البريطانية، وهو ما أعطى لـ ( بريطانيا ) ـ عبر الدور اليهودي ـ نوعاً
من المشاركة في البترول الإندونيسي، ليوجه الأنظار البريطانية إلى
ضرورة أن يكون لهم بترولهم الخاص، الذي يملكونه دون شريك. وهو ما يفسر
أسباب تأخر (بريطانيا) في إبرام أول معاهدة حماية مع (ابن سعود) حتى
العام 1915، رغم إلحاح (ابن سعود) على إبرام تلك المعاهدة ما بين عامي
1902 و 1906، وبعد أن تبين لـ (بريطانيا) مدى الولاء الذي يكنه (ابن
سعود) وذلك بحسب ما عبر عنه المعتمد البريطاني (فيلبي)، في أحد
تقاريره، إلى وزارة خارجية بلاده، بالقول: ''إن ابن السعود نصير
لبريطانيا في تنفيذ سياستها وحماية مصالحها في الوطن العربي لأنه رجل
المستقبل القادر على التنفيذ''.
وبذلك صارت (شبه جزيرة العرب) جزءاً من حلف بريطاني صهيوني، يتم من
خلاله تداول مقدرات هذه المنطقة، ومصائرها، ومن بينها النفط، الذي حظي
بنصيب وافر من الأهمية لدى الدولة الصهيونية منذ سنوات ميلادها الأولى،
بحسب ما جاء في الخطة الإستراتيجية للجيش الإسرائيلي لعام 1956ـ1957،
تحت عنوان: ''أهمية أراضي العدو التي ستغتصب'' ومنه''"الأهمية
الإستراتيجية لمنطقة شُهَّر ستمكن إسرائيل من اغتصاب حقول النفط
العربية السعودية، وتنقل الحدود إلى مسافة أبعد من مناطق إسرائيل
الجنوبية''، في حين ورد ضمن فقرة ''الحد الأدنى لمطامعنا الإقليمية''
أن ''اغتصاب المنطقة التي تحدها قناة السويس ونهر الليطاني والخليج...
ذو أهمية بالغة لإسرائيل'' ذلك هو التاريخ لمن أراد أن يقرأ واقعة لقاء
أولمرت بالملك عبد الله في سياقها التاريخي الصحيح والمؤلم .
ويخطر لنا أن نقول أخيراً ''حتى لا ننزلق أو ننحاز إلى نمط أحادي من
التحليل '' أن ما يجري في وطننا العربي في المرحلة الراهنة هو مخاض،
ومحطة، وسياق تاريخي قد يستمر طويلا ويحمل معه الكثير من المشاكل
والإشكاليات، ولكنه سياق قد بدأ شئنا ذلك أم لم نشأ، وهي خطى كتبت على
هذه الأمة، ومن كتبت عليه مثل هذه الخطى مشاها إلى منتهاها !
ولأننا ممن يؤمنون إيماناً تاريخياً عميقاً بهذه الأمة وقدراتها على
التجاوز، بعيداً عن التمنيات والرغبات والحتميات، ونؤمن بالجماهير
العربية وعمق انتمائها وقدرتها على التغيير وصناعة التاريخ وتصحيح
المسارات، فإننا لانطلق (بحديثنا عن الاستراتيجيات الاستعمارية ودورها
الاعتراضي) نفير اليأس والتشاؤم، وإنما نجدد قناعتنا بأن مرحلة
الانحطاط الطويلة التي شهدها الوطن العربي في العقود الأربعة الأخيرة،
وعملت قوى خارجية وداخلية على تعميقها وإدامتها، قد خلقت تشوهاً في
طريقة القراءة والتعامل مع المعطيات والمستجدات والمتغيرات، وأنتجت
وقائع عربية نكوصية في الممارسة السياسية، وفراغات في العقل الجمعي،
وهي التي أصبحت تقودنا الآن نحو هذا النمط من الاختلاط والالتباس
والانسداد، ولكننا وكما ذكرت نواجه عاصفة هوجاء متعددة المخاطر
والاحتمالات، وموجة لاعقلانية في طريقة التفكير، والتدبير، وأساليب
التغيير، وهي كما نأمل اختلاطات في طريقها إلى الانكشاف والاتضاح
والتبلور، وتوليد وقائع ومشاهد جديدة، وأسئلة استفهامية ملحة حول كيفية
ابتداء خط النهضة والتغيير، وصياغة نقاط بداية جديدة لهذا التغيير،
وتجاوز هذا الالتباس والاختلاط والتداخل ''الذي نراه برؤية تاريخية''
عابراً أو سياقاً صعباً من سياقات التحول! |