(فوبيا الشيعة) ظاهرة تثير التساؤل

 

شبكة النبأ: هناك خوف متصاعد من الشيعة، وهذه الظاهرة يمكن ان نطلق عليها بـ (فوبيا الشيعة)، أو الخوف من الشيعة، وهي تتنامى في اماكن كثيرة من دول العالم الاسلامية وسواها، وسبب تصاعد هذا الخوف أن الصوت المعارض غالبا ما يشكل معضلة للسلطة بكل انواعها واشكالها، أما إذا كان هذا الصوت المعارض معتدلا عقلانيا مبدئيا متسامحا، مثل المنهج الشيعي، فإنه سرعان ما ينتشر في العقول التي تزن الامور، وتفهم ما هي قيمة الفكر والمبادئ المتوازنة المعتدلة، وهذه هي ميزة الفكر الشيعي الذي يذهب الى التسامح والسلم والاعتدال، اكثر من غيرها، مع الالتزام بمقارعة الظلم ورفضه وفضحه وتصحيحه، بالسبل والوسائل المتاحة، وهذا هو جوهر المبادئ الاسلامية التي تذهب الى التصحيح، وصناعة المجتمع المستقر السعيد.

لذلك فإن الفكر الشيعي بهذه المبادئ، يشكل خطرا واضحا على اصحاب السلطة الظالمين، لاسيما تلك الانظمة السياسية التي تتمسك بالسلطة وامتيازاتها، وتحمي عرشها بالحديد والنار والظلم، كما يحدث في كثير من الدول الاسلامية والعربية، وهو أمر يعارضه الشيعة معارضة قاطعة، وهكذا أينما تجد خوفا من الشيعة، ستجد الظلم والطغيان السياسي، والانحراف عن مبادئ التسامح والاعتدال والتوازن.

في مصر الآن تتصاعد الهجمة على الشيعة كمثال، والسبب أن هذه الاقلية بمبادئها الواضحة التي تنطوي على انسانية راسخة، عندما تتحرك بحرية فإنها تنمو وتتصاعد، وتنتشر بين الناس بسرعة هائلة، لأنها تنطوي فكر يتسق مع سجية الانسان وفطرته وعفويته، وبهذا الانسجام يتحقق انتشار الفكر الشيعي، ولكن هذا الانتشار لا يروق لأرباب السلطة في مصر سواها، وهم يرون في هذا التوسع خطرا داهما عليهم، لكنهم مخطئون بطبيعة الحال، لأن التسامح واعتماد السلم والاعتدال منهجا للحياة، لا يشكل ضررا أو خطرا على احد، إلا اذا كان منحرفا أو متجاوزا، كما هو حال السلطة التي تتجاوز على حقوق الناس.

وهكذا تكمن وراء الخوف من الشيعة، اسباب كثيرة وذات وجوه متعددة، سواء في مصر او سواها، ومن هذه الاسباب خوف السلفيين في مصر من الوجود الشيعي المتنامي، وهو أمر يرهقهم بطبيعة الحال، ولا يروق لهم، لذلك هم يتصدون لمثل هذا الامر بكل ما يُتاح لهم من اجراءات معلنة ومضمرة، يستخدمها هؤلاء السلفيون للقضاء على التأثير الشيعي المتزايد، في حين أن الحريات الدينية والثقافية وسواها، يجب أن تراعى في ظل النظام المتحرر، الذي يدّعيه النظام السياسي الراهن في مصر، لكن ما يحدث من خوف من المد الشيعي ومن محاربة واضحة للاقليات، يؤكد أن اعلان المبادئ شيء والعمل بها شيء آخر، وهو امر ملموس من لدن الجميع، حيث الفوبيا المعلنة من الشيعة، تأخذ طابعا معلنا لا يقبل التستر او الغموض.

وقد يكون أحد الاسباب التي تقف وراء الخوف من الشيعة، هو طبيعة الصراعات الدائرة بين الاقطاب السياسية المتصارعة على السلطة، فمن يطمح بالسلطة لتحقيق غايات منفعية، لا يرغب بمن ينغّص عليه اهدافه ويمنعه عن تحقيق مآربه، وطالما ان المنهج الشيعي يرفض الظلم السياسي والتجاوز على حقوق الفقراء، فإن هذا سيمنع المتصارعين على السلطة، من تحقيق اهدافهم التي تتمثل بالوصول الى العرش او كرسي الحكم، ومن ثم استثماره للمصلحة الخاصة، بعيدا عن تحقيق المنفعة الجماعية لعموم ابناء الشعب.

ومن الاسباب التي تقف ايضا وراء فوبيات الشيعة، أن هناك اطرافا وجهات تبغي اشعال الفتنة بين مكونات المجتمع بأية طريقة كانت، لأن اشعال الفتنة يسهل الطريق عليهم لتحقيق اهدافهم، من خلال اشغال الناس البسطاء بالعدو المبتكَر، وهذا ما يدفع بأصحاب السلطة الى خلق الفتن واذكاء حالة التخوّف من الشيعة، من اجل زيادة الفوضى واجواء الفتنة بين مكونات المجتمع، لتسهيل تحقيق المآرب المبتغاة من لدن الباحثين عن السلطة، والمال والنفوذ على حساب فقراء الشعب.

وفي كل الحالات من الواضح ان فوبيا الشيعة، هي واقع مختلَق، لا اساس له من الصحة، بل يغذيه المستفيدون من اصحاب السلطة، لتحقيق ما يربون إليه، بعيدا عن الصوت الرافض او المعارض لهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/آذار/2013 - 11/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م