شيعة العراق...سلطة...بلا سيطرة!

مهند حبيب السماوي

ليس من الغرابة ان تجد فكرة لمقالة او بحث تدور في مخيلتك منذ فترة زمنية معينة تشكل محور موضوع لأحد الكتاب الغربيين ينشرها، وباللغة الانكليزية، في الصحف الشهيرة التي يقرائها ملايين الناس على مختلف مشاربهم، وهذه الفكرة، التي أجد نفسي مؤمن بها بشدة، تجد لها فحوى في صحيفة الاندبندنت البريطانية الصادرة في يوم الاربعاء الماضي 6-3-2013 في مقالة بعنوان" بعد عشر سنوات.. شيعة العراق في السلطة...ولكن بلا سيطرة " للصحفي الايرلني باتريك اوليفر كركبيرن المتخصص بالشأن العراقي ولديه اكثر من كتاب عنه.

شيعة العراق يستلمون، لأول مرة في التاريخ، الحكم فيه من خلال ممارسة ديمقراطية، شهد العالم بنزاهتها وموضوعيتها ومطابقتها للمعايير الدولية، وأمسى العراق" اول بلد عربي يحكمه الشيعة منذ ان اسقط صلاح الدين الدولة الفاطمية عام 1171 ميلادية" على حد تعبير الصحفي الايرلندي باتريك اوليفر كركبيرن الذي أشار الى ان هذا الحكم" الشيعي" في العراق مليء بالمشكلات والمصاعب.

ويتحدث باتريك اوليفر كركبيرن في المقالة، كما يوحي بذلك عنوانها، عن الحكم الشيعي في العراق ويؤكد على حقيقة ان شيعة العراق وعلى الرغم من انهم الان على رأس السلطة الا انهم، كما تشير الوقائع والممارسات، لايمتلكون السيطرة على مايجري من احداث في العراق ولذا، وهي النتيجة المنطقية التي استخلصها، فهم لايتحملون كل مايجري فيه من اخطاء واخفاقات.

لايتحمل الشيعة وقياداتها السياسية مسؤولية مجمل الاحداث في العراق، اذ من الخطأ، كما يقول باتريك كركبيرن، ان نحمل بالكامل الشيعة مسؤولية كل مايجري من سلبيات في العملية السياسية، وذلك لان التوافقات التي بُنيت على اساسها الحكومة العراقية كانت عائق كبير امام العديد من النجاحات التي كان ينبغي ان تتحقق بل ان هذه التوافقات " شلّت عمل الحكومة" على حد تعبير السيد باتريك كركبيرن.

ربما تكون لهذه التوافقات السياسية اهمية لايستهان بها في مرحلة تاريخية معينة من حياة العراق بعد سقوط النظام عام 2003، اذ تبدو " فكرة مشاركة كل الاطراف في الحكومة جيدة من حيث تقاسم تلك الاطراف مغانم السلطة.... لكن، كما يستدرك باتريك كركبيرن بعد ذلك " هذا يعني ان القيادة ستكون مقسمة جدا بحيث لايمكن لقرار ان يتخذ ".

وهذا فعلا مايجري في العراق، اذ ان العديد من المحللين والكتّاب والمثقفين بالاضافة الى الكتل السياسية تُحمّل الشيعة مسؤولية مايجري في العراق من اخطاء وكوارث، في حين انهم في السلطة فقط ولايسيطرون على كل مفاصل الدولة العراقية، بالمعنى الديمقراطي للكلمة ومضمونها وليس بالمعنى الشمولي الديكتاتوري، حتى يمكن تحميلهم مسؤولية مايجري فيه لان النتائج، ايجابية كانت ام سلبية، تتعلق بالمسؤول عن الفعل الذي ادى اليه بصورة كاملة وليس عن فاعل وهمي كانت معه عشرات الايادي التي ساهمت بانتاج الفعل والتي تتنصل الآن عن نتائجه الوخيمة.

نعم على الانسان ان يتحمل نتائج اخطائه ويتعلم منها كما يقول المفكر لاوسن بوردي، لكن كيف يمكن للشيعة، وهو سؤال مقالنا الحالي، ان يتحملوا لوحدهم مسؤولية الاخطاء التي صاحبت بناء الدولة العراقية بعد عام 2003 من غير بقية الاطراف السياسية التي شاركتهم في الحكم وشكّلت معهم الحكومة العراقية ولم تقبل ان تبقى في المعارضة البرلمانية شأنها شأن العرف السائد في الدولة الديمقراطية؟.

ان رمي كرة الاخطاء في ملعب الشيعة وتحميلهم مسؤولية مايجري من فساد مالي واداري في العراق لهو حماقة كبرى وخطأ تحليلي فادح، والاولى بمن يعتقد ذلك ان ينظر الى حقيقة الحكم في العراق وبناءه الذي ارتكز عليه والذي ينبغي ان يتفكك ويتحول نحو حكم الاغلبية السياسية التي تنسجم في الرؤى والبرامج السياسية وكيفية ادارة البلاد وهو الامر الذي ينطبق على التحالف الوطني والتحالف الكردستاني والجهات السنية المنسجمة مع توجهاتهم السياسية ومناهجم المتعلقة في اسلوب بناء الدولة العراقية الحديثة التي ظهرت ملامحها للوجود بعد سقوط نظام صدام عام 2003.

[email protected]

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/آذار/2013 - 2/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م