هارلم شيك... رقصة تعكس جنون العالم

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: انتشرت وبشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة رقصة الهارلم شيك بين أوساط الشباب تحديدا، حتى باتت هوساً يزداد الإقبال عليه في اغلب المجتمعات العالمية وبلدان الربيع العربي خاصةً.

فقد اكتسبت بعدا سياسيا واضحا في عدد من البلدان العربية، خصوصا تلك التي شهدت الربيع العربي كمصر وتونس، وبهذا تحولت رقصة "هارليم شيك" الشهيرة إلى شكل من اشكال التظاهر العمومي في عدد من البلدان العالمية قد تكون بديلة لظاهرة الانتحار حرقا.

إذ أصبحت هذه الظاهرة ثقافة شائعة في اغلب المجتمعات العالمية كما حصل في استراليا عندما قام مجموعة من عمال المناجم بأداء هذه الرقصة الجنونية.

ولا تزال ظاهرة الهارلم شيك في تصاعد مستمر حول العالم، على الرغم من قصر مدة انتشارها وطريقة أداها الغريبة والساخرة، مما يكشف عن  ضعف هائل في الرصيد الثقافي والفكري الى جانب الانحلال الأخلاقي لدى العديد من المجتمعات الفقيرة ثقافيا وفكريا.

فكما يبدو ان هذه الثقافة الاجتماعية الجديدة، التي لعب الانترنت دورا بارزا بنشرها في جميع انحاء العالم، هي احدى افرازات ثقافة العولمة، والحقيقة هناك اثار ناجمة نتيجة استخدام الانترنت بهذه الطريقة تضر أخلاقيات الشعوب والأمم وخاصة ثقافتها الاجتماعية والفكرية.

في سياق متصل من تونس ومصر ولبنان وسوريا والأردن والمغرب... انتشرت رقصة "هارليم شيك" في مختلف دول العالم العربي. بيد أن الرقصة الشهيرة التي باتت تؤدى في الفضاءات العامة، بعد أن كانت بداياتها داخل غرفة مغلقة.

ففي تونس تداعى المشاركون في الرقصات العمومية على طريقة "هارليم شيك" للرقص عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فظهرت صفحات "من أجل هارليم شيك مليوني أمام مقر وزارة التربية الوطنية" في تونس، وصفحة "هارليم شيك" تونس يظهر فيها أعضاء الحكومة المستقيلة وقيادات حزب النهضة في أشكال وصور مختلفة ساخرة.

فأول الردود السياسية على رقصة "هارليم شيك" في تونس هو قرار وزارة التربية الوطنية التي فتحت تحقيقا في شريط الرقصة الذي ظهر على يوتيوب لشباب يؤدون "هارليم شيك" في إحدى المدارس الثانوية.

وقبل الرد السياسي الرسمي كان هناك هجوم شنه سلفيون على معهد بورقيبة للغات الحية في العاصمة التونسية واشتبكوا مع الطلاب لمنعهم من أداء الرقصة.

أما في مصر اختار المشاركون في رقصة "هارليم شيك" تأديتها أمام مقر حزب الحرية والعدالة، تحديا لتيار الإخوان المسلمين الذي يحكم البلاد بعد الثورة.

وفي غياب أي رد فعلي رسمي في مصر على تظاهرات "هارليم شيك" حتى اليوم تخشى السلطات سواء في مصر أو تونس أو في غيرها من بلدان الوطن العربي أن تتحول رقصات "هارليم شيك" العمومية إلى شكل بديل للمظاهرات السياسية التي قد تواجهها السلطة بمظاهرات مضادة أو بالقمع.

بيد أن"هارليم شيك" التي تؤدى وفيها الكثير من الإيحاءات الجنسية قد تجمع ضدها معارضون على خلفية أخلاقية ترفض شكل الرقصة وتؤيد قمعها من قبل السلطات.

على صعيد آخر انتقلت عدوى "هارلم شيك" إلى الأجواء، حيث قام مسافرون بإداء الرقصة على ارتفاع 30 ألف قدم خلال إحدى الرحلات الجوية، ما أثار حفيظة إدارة الطيران الفيدرالي التي فتحت تحقيقاً بالواقعة.

وتنظر الإدارة في فيديو مدته 31 ثانية نشر لطلاب كلية أمريكية وهم يؤدون "هارلم شيك" أثناء رحلة لـ"خطوط فرانتير" في 15 فبراير/ شباط الفائت، في حين اكتفت شركة الطيران بالإشارة إلى أن كافة تعليمات السلامة قد اتبعت، ورفضت الإدلاء بالمزيد من التفاصيل بدعوى أن هناك تحقيق حول الواقعة. بحسب السي ان ان.

وأبدى طيارون وطواقم الضيافة بشركات الطيران الأمريكية كذلك استياءهم من الرقص أثناء التحليق بالجو، قائلين إنها تمثل تهديداً خطيراً على أمن وسلامة الطائرة والركاب.

وقال جيم تيلمون، طيار متقاعد: إنه أمر سخيف.. طائرات المسافرين ليست بقاعات للرقص أو مسرح للترفيه أو أي شيء آخر من هذا القبيل"، واستطرد: "إذا  كانوا على متن طائرة تحت قيادتي كان أمامهم خياران: إما الجلوس وربط الأحزمة.. وإما الاستعانة برجال شرطة لمساعدتهم في القيام بذلك."

وأضاف آخر يدعى ستيف والاس، الذي شغل منصب مدير مكتب التحقيقات بدائرة الطيران الفيدرالي: "أكره أن أكون بيروقراطياً مناهض للفرح.. لكننا نتعامل مع قضية سلامة هنا، فالإصابات جراء المطبات الهوائية هي الأكثر شيوعاً بين إصابات المسافرين.. ويمكن تفاديها بربط المسافرين لأحزمتهم."

من جهة أخرى عمل مناجم عملهم لانهم رقصوا في قعر منجم ذهب استرالي على انغام "هارلم شايك" مع بث الشريط على الانترنت على ما ذكرت صحيفة محلية.

وصرف نحو 15 عامل منجم يعملون لشركة بارمينكو في منجم انيو للذهب في غرب استراليا واعتبروا اشخاصا غير مرغوب فيهم في كل مشاريع الشركة في العالم على ما افادت صحيفة "ذي ويست استراليان"، واوضح احد الرجال للصحيفة انهم "ارادوا الاستمتاع بوقتهم بعض الشيء" لكن الشركة اعتبرت انهم خالفوا "القيم الاساسية للسلامة والنزاهة والتميز"، لكن الشريط الذي عرض على يوتيوب يظهر ان العمال يعتمرون خوذة. بحسب فرانس برس.

واثارت اغنية "هارلم شيك" ظاهرة عبر الانترنت اذ ان عشرات الاف من رواد الانترنت بثوا اشرطة فيديو عبر يوتيوب تظهر اشخاصا متنكرين او شبه عراة وهم يرقصون بطريقة حماسية جدا.

ومطلع الشهر الحالي قام مراهقون استراليون بتنزيل فيديو لرقصة هارلم شيك على اليوتيوب، ما اكسب الرقصة شهرة عالمية.

إذ أزاحت رقصة ما بات يعرف بـ "هارليم شيك" رقصة الكوري الجنوبي "غنغام ستايل" أو "رقصة الحصان" من على صدارة الفيديوهات التي تحظى بإعجاب واسع لدى رواد الإنترنت.

وبداية رقصة "هارليم شيك" كانت في 2 فبراير/شباط المنصرم حين ظهرت أولى الفيديوهات على موقع يوتيوب لشبان من أستراليا يرقصون رقصا عجيبا وغير معتاد وسجل ما يقارب 12 مليون زائر، لتنتشر الرقصة بعد ذلك مع تسجيلات جديدة تظهر كل يوم على يوتيوب.

وتحمل رقصة "هارليم شيك" طابعا فريدا وجنونيا، مدتها 31 ثانية تنطلق في البداية بأداء فردي يقوم به أحد أفراد المجموعة، وهو في الغالب ما يحمل خوذة لدراجة نارية، وحين تصل موسيقى الرقصة إلى وتيرة قصوى في الحركة يلتحق به الآخرون في إيقاعات غريبة ومختلفة.

ورقصة "هارليم شيك" رغم أنها ترافقها أغنية "هارليم شيك" لمغني الراب الأمريكي "دي أب" عام 1981 أطلقها في حي هارليم، لا يحكمها أي تناسق موسقي في أداء المشاركين فيها، وما ساهم في الانتشار الكبير للرقصة أن أداءها لا يتطلب رشاقة أو براعة محددة، ولغتها موسيقى صاخبة ومدتها قصيرة يسهل أدواؤها وتسجيلها وتوزيعها على الإنترنت.

ويزخر موقع يوتيوب بمئات الآلاف من فيديوهات الرقصة، حيث يكفي نقر اسمها على يوتيوب لتظهر تسجيلاتها من مختلف دول وبلدان العالم، والرقم يتضاعف بزيادة عدد الزيارات التي يحققها كل فيديو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/آذار/2013 - 28/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م