ماذا حقق العراقيون بعد عشر سنوات؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: ها هي عشر سنوات تلتحق بالتأريخ من عمر المرحلة الجديدة للعراق، عشر سنوات بدأت في آذار 2003، ليبدأ العراقيون مرحلة الدخول في عصر الديمقراطية، تُرى هل دخلوا فعلا؟؟ وما هي المؤشرات والأسانيد على ذلك؟ وهل تذوّق العراقيون طعم الحرية، وهل تنعَّموا بخيرات بلدهم الوفيرة وثرواتهم الهائلة، هل تعلموا لغة الحوار التي تقود الشعوب الى الاستقرار والحيوية والتطور، هل بات العدل والمساواة وتكافؤ الفرص معايير تفصل بين طاقات المواطنين ومواهبهم ومهاراتهم؟، أسئلة كثيرة ينبغي البحث عن أجوبة شافية وصحيحة لها، بعيدا عن المزايدات والتسقيط والحس العدواني المسبق.

بدءاً لا يوجد شخص او جهة او منظمة يمكنها الاجابة عن الاسئلة المطروحة بحرص ودقة غير العراقيين أنفسهم، لذا عليهم أن يدرسوا تجربتهم هذه بأنفسهم بالدقة التي تستحقها، وعليهم وضع الاجابات الخالصة التي تهدف الى الدقة والامانة التامة، من اجل الاستفادة القصوى من معطيات السنوات العشر التي مضت، ومن اجل وضع سبل التصحيح موضع التنفيذ تماشيا مع الاسلوب الذي تعاملت به الدول المتطورة مع تجاربها كافة.

ان البحث في التجربة ووضع الاجابات مقابل التساؤلات ربما تعبر عن وجهة نظر معينة، ولكن هناك توافقات عامة لا يختلف عليها اثنان في هذا الصدد، منها على سبيل المثال أننا لمسنا في غضون السنوات العشر نسبة من التحرر في مجالات الاعلام والرأي والتجاذب السياسي وما شابه، بمعنى أوضح ثمة حرية عاشها العراقيون خلال السنوات العشر الماضية، وهو امر لا يمكن انكاره لأن الوقائع تدل عليه، ولكن في المقابل لقد فشلنا في تحقيق الديمقراطية الحقيقية، وكلنا نعرف أن الحرية بغياب الديمقراطية ستكون غير مكتملة، او هي حرية عرجاء تمشي على قدم واحدة وترى الاشياء بعين واحدة، لأنها حرية ناقصة بسبب غياب الديمقراطية السليمة القائمة على اسس راكزة وراسخة وسليمة.

في جانب آخر تدل المؤشرات الاقتصادية على أننا حققنا الثروة، وبات العراق يقترب من احتلال المرتبة الاولى بين الدول المصدرة للنفط وهو يحتل الآن المرتبة الثانية كما تؤكد نسب الانتاج، لاسيما بعد اقبال الشركات النفطية العالمية الكبيرة للاستثمار فيه، مع تحديث البنية النفطية عموما، ولعل الميزانية الاخيرة التي بلغت (119) مليار دولار امريكي خير دليل على تحقيق ثروة طائلة للعراقيين، ولكن مع تحقيق الثروة الطائلة هناك اقتصاد مترهل يقوم بالدرجة الاساس على مورد واحد هو البترول، وهذا المنحى الاقتصادي ينطوي على خطورة كبيرة لان النفط ثروة قابلة للنضوب، وان الاعتماد عليها كمورد وحيد يشكل كارثة حقيقية، علما أن المعنيين في الاقتصاد والدولة والحكومة لا يعيرون اهمية لهذا الخطر كما يجب، بل وكأنهم يعيشون في وادٍ آخر، بسبب انشغالهم بالصراعات السياسية والمناصب، ولهذا هناك تناقض بين تحقيق الثروة وضعف الاقتصاد، علما ان الشعب العراقي تحول الى كائن مستهلك لا ينتج إلاّ القليل، وهذا ما جعله يصطف الى جانب الشعوب الفقيرة في المعايير الاقتصادية ومعايير التخلف التي تقوم بها منظمات عالمية مستقلة.

هذا الاستنتاج الواقعي الصحيح يؤكد رداءة الاقتصاد العراقي، ويكذّب التصريحات التي تقول بتقدم الاقتصاد العراقي، إنه تقدم قائم على تصدير النفط و وفرة الثروة مع الفشل بالتخطيط لاقتصاد متطور، يقوم على تعدد الموارد ولا يعتمد النفط فحسب، كذلك لابد من تفعيل الصناعة والزراعة ومساعدة الشعب العراقي على التحول من الاستهلاك الى الانتاج، والابتعاد عن العشوائية في ادارة الاقتصاد.

كذلك لابد من تناول الانتخابات وكتابة الدستور والاستفتاء عليه، فهذه الخطوات مهمة ودليل تقدم للشعب والبلد، ولكن هناك ما يثبت عدم الاستفادة الجادة من هذه الخطوات المهمة، لأننا لم نحقق التوازن الاجتماعي من هذه الخطوات فضلا عن فقدان البناء السياسي المطلوب، وعدم بناء الاحزاب السياسية الصحيحة التي تتصدى للعمل السياسي المتوازن.

وأخيرا لابد من توجيه الدعوة للخبراء والباحثين المختصين، من اجل الشروع بمراجعة تجربتنا خلال السنوات العشر الماضية، بكل ما تنطوي عليه من اخطاء او مسارات سليمة، من اجل تعضيدها و وضع البدائل العلمية المدروسة للتصحيح، ولابد فعلا من المبادرة في تمحيص تجربة السنوات العشر ودراستها بصورة دقيقة ومتأنية، لأن الاخطاء قادرة على منحنا فرصة للنجاح شرط توافر الارادة الحقيقية أولا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/آذار/2013 - 28/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م