متى يتحقق أمن المجتمع العراقي؟

زاهر الزبيدي

توالت العمليات الإرهابية خلال الأيام القليلة الماضية وأشدها قسوة كان تفجير الملعب المحلي في مدينة الشعلة، في نهائي دورة لكرة القدم لفرق شعبية، فجرّ لعين نفسه وسط المتفرجين وانتظر آخر أن يتجمع الناجون من الإنفجار الأول ليفجر السيارة التي أخذت مع رمادها أجساد شبابنا.. لا أدري إن كان موعداً مع الكأس أم موعداً مع الموت !.

أسئلة مؤلمة كثيرة تخطر في مخيلة الكثيرين.. متى "يرتاح" العراقيون من التفجيرات الإرهابية وكل تلك العمليات التي تهدد حياتهم وممتلكاتهم ومستقبل وطنهم بالخطر الكبير؟ قد يظن البعض أن الأمر كله مرهون بمدى ما تقدمه الحكومة، ممثلة بمؤسساتها الأمنية، للشعب من خطط ومبادرات وفعاليات أمنية تكفل الانقضاض على كل أوكار الإرهاب وعصابات الجريمة التي تكاثرت لأسباب عدة كُتِبَ عنها الكثير ولا مجال لسردها هنا، ما يعنينا هنا هو فقط الإجابة على تساؤلنا عن الحلقة الناقصة في مسلسلة أمن المجتمع.

نكاد نجزم بأن لأبناء الشعب العراقي الدور الكبير في بناء أمن مجتمعه من خلال إستيعابه الحقيقي لكل ما يجري من محن ومآس، ومجتمعنا مجبول على حب وطنه بشكل كبير ومعروف بغيرته على أرضه وعرضه، لذلك فإن الحلقة المفقودة في العمل الأمني هو المجتمع ذاته فمتى ما تمكنا من أن نصل بالحس الأمني للمواطن العراقي الى درجة عالية من اليقظة والتحسس لمكامن الخطر، التي هي بالتالي تهدد حياته وعائلته أولاً وأخير، نكون قد اكمالنا حلقات هذه السلسلة وصولاً الى إستقرار أمني كبير.

ولكن كيف ندفع بالمواطن الى أن يعمل عمل رجل الأمن دفاعاً عن بيته وممتلكاته؟ نقول كل ذلك يأتي بتدبير كبير لتحفيز غيرته على بلده وبالتالي الوصول الى وسائل الإتصال السهلة مع القوات الأمنية من خلال حسن التعامل معه فنحن من مسؤوليتنا أن نوصل له رسالة إيجابية عن دور القوات الأمنية في الحفاظ على أمنه من خلال ما نفرضه، من خلال التعليمات الإنضباطية، لقواتنا الأمنية بأن يكونوا على مستوى المسؤولية مع ابناء شعبهم وأن لا تدفعهم الضربات الإرهابية الى فقدان السيطرة على مشاعرهم تجاه الشعب لأن ذلك هو من أضعف تلك الثقة، كذلك، على سبيل المثال، فإن هناك تصرفات لبعض عناصر الأمن لا تدل على حسن اهتمامهم واكتراثهم بأمن المواطن ومثال على ذلك أن طريقاً طويلاً يمتد لمسافة كيلومترين يتضمن جسراً طويلاً مكتظاً بالعجلات يوحي بأن أمراً جللاً قد حدث، ولكن عندما يصل المواطن الى نقطة السيطرة يرى أن شرطياً بكامل أناقته مرتدياً نظارة شمسية على غرار نظارة جميس بوند واقف يؤشر للسيارات بأن تتحرك وباليد الأخرى يأكل، لب زهرة العباد، لترى الأرض التي يقف عليها وقد أصبحت عبارة عن مزبلة، لا نريد أن نتدخل بعمل القوات الأمنية وأعتقد أن لدى قياداتها من الخبرة التي تمكنها من التوجيه، ولكن ما الإنطباع الذي سيتركه "جيمس بوند" هذا في ذاكرة المئات من ابناء شعبه مِن مَن مروا عليه ذلك اليوم، ومايزيد الألم في نفس المواطن أن تحدث في ذلك اليوم سلسلة إنفجارات تودي بحياة بعضاً من ابناء جلدته.

علينا أن نبذل قصارى جهودنا في منح الشعب وطناً يليق به، وطناً على الشعب أن يعتبره ملاذه الآمن ولا غيره ملاذاً يليق به، وطن من أمل كبير، وأن ننجز له ما وعدنا به منذ عشر سنوات، فلكل عراقي حلم بل أحلام كثيرة كرّس عدم تحققها فقدانه لعلاقته بوطنه وعدم إكتراثه بما يجري وقد يسهم هذا الشعب، يوماً، في إسقاط كل شيء.

نحن اليوم بحاجة أولاً الى أن نرسل رسالة إطمئنان لشعبنا من قواته الأمنية و أعتقد أن الصورة التي أوردنا ذكرها سابقاً تمثل عكس تلك ذلك، وثانياً أن نؤسس لمجتمع الأمن يكون فيه المواطن عاملاً مساعداً مهماً من خلال زرع الثقة بنفسه بأن القوات الأمنية هي ظهيره القوي، بعد الله، وتلك الثقة بالنفس ستساعد كثيراً على تجاوزه لعقدة الخوف بداخله من المجاميع الإرهابية والعصابات، فالتفجيرات الأخيرة التي حدثت ما كانت أن تحدث لو ساعد المواطنون في مساءلة أصحاب السيارات التي تركت في تلك المناطق التي حدث فيها الإنفجار وإخبار القوات الأمنية بذلك من خلال هاتف سريع الإتصال قد نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً في التواصل مع ابناء شعبنا وأسسنا لمجتمع الأمن.. حفظ الله أمن العراق.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/آذار/2013 - 27/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م