في عيدها العالمي: حقوق المرأة من منظور اسلامي

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: احتفل العالم قبل ايام قلائل بالمرأة واحتفى بها، كونها تمثل الرديف المجاور للرجل في صناعة الحياة، بأشكالها وصورها المتنوعة، ولا شك في أن هذا الكائن الحيوي يستحق الاحتفاء والتكريم، لأن المرأة تتقاسم مع الرجل كل المسؤوليات الصعبة التي تتخلل حياة البشرية جمعاء، وليس صحيحا أن يدّعي الرجل بأنه هو وحده صانع الحياة، وليس صحيحا أن يتم اقصاء المرأة والتجاوز على حقوقها بحجة أنها الحلقة الاضعف، أو أن دورها في الحياة البشرية هامشي ولا يساوي أهمية دور الرجل.

ومن المفارقات التي نعيشها في عالم اليوم، تلك الادّعاءات التي ترفع من شأن المرأة، في الوقت الذي تهد حقوقها، ويتم التجاوز على حقوقها، ويتم المتاجرة بها، ويتم اقصاؤها، لاسيما في بعض المجتمعات المتقدمة التي تعلن ليلا نهارا انها تصون حقوق المرأة، ولكن ثمة وقائع كثيرة تؤكد أن حقوق المرأة ليست مصانة ولا محفوظة، وأن الاسلام وتعاليمه أعطى للمرأة حقوقا كاملة تحفظ لها كرامتها، والدليل أن المرأة في عالم المجتمعات التي تدّعي العلم والتطور تتعرض للامتهان وسحق الكرامة وسلب الحقوق، والسبب أنهم غالبا ما يخطئون في المهام التي ينبغي أن تُسنَد للمرأة.

المرأة في عالم اليوم

ان المضامين الواردة بحق المرأة في تعاليم الاسلام، تضمن لها حقوقها الانسانية وتصون كرامتها، على العكس من المضامين الوضعية التي وضعتها بعض المجتمعات الغربية المتطورة في العلم، ولكنها لم تراعِ قدرات المرأة واوضاعها البدنية، او الفكرية او حتى العائلية، لقد أخطأ هؤلاء في المهام التي اسندوها للمرأة، فتولدت مشكلات كبيرة في حياتها، وجعلتها تعاني كثيرا من هذه الاخطاء وعدم التوازن.

يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، في كتاب (من عبق المرجعية)، في هذا المجال: (لقد صعدوا بالمرأة من جانب، ونزلوا بها من جانب آخر فتولدت المشاكل).

وقد ادى هذا التناقض بين طبيعة المرأة الجسمانية والتكوينية، وبين المهام التي تُسند إليها وتضطر أن تأخذ منها مهنة ومصدر رزق لها، الى تعرضها الى الفشل في الحفاظ على قيمتها الانسانية، فضلا عن دورها الكبير في صناعة مجتمع واعي متطور قادر على مواكبة مستجدات العصر، لذلك ادى التناقض المذكور الى اشكالات كثيرة منها زيادة نسبة الطلاق، والتفكك الاسري وغير ذلك مما يعرض حياة المرأة للخطر.

لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي، في الكتاب المذكور نفسه على أنّ: (العلم يتقدم بالبشر الى الفضاء، ولكن مشاكله تتقدم به الى الطلاق، وانهدام الاسرة، وتفكك العائلة، والمشاكل الزوجية، لماذا ؟ لأن كلا من الرجل والمرأة تخلى عن بعض واجباته وقام بواجبات الآخر، مع انه ليس كفئا لها، والحياة حياة الاكفاء).

أما المرأة في المنظور الاسلامي فإنها كائن حر له الحق في العلم والعمل، مع ضمان الحقوق كاملة، والحفاظ على الذات الانثوية من خطر التميّع والخلاعة والتبرّج، وهي مؤشرات خطيرة تنتهك كرامة المرأة، حيث تتحول الى سلعة كما هو الحال مع مافيات وعصابات الداعرة في الغرب وسواه، لذا فإن مطالبة التعاليم الاسلامية المرأة بصيانة جسدها يأتي لصالحها بالدرجة الاولى.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الجانب بالكتاب المذكور نفسه: (لم يحرم الاسلام على المرأة علما ولا عملا، بل فرض عليها احيانا العلم والعمل، وحبّذهما لها احيانا اخرى، وانما حرم عليها التبذّل والميوعة، والتبرج والخلاعة، كما حرم عليها ان تقوم بأعمال تنافي عفتها وشأنها).

الضمان الاجتماعي للمرأة

من الواضح أن الطبيعة التكوينية للمرأة تجعلها عاطفية اكثر من الرجل، فحينما تتحرك المرأة وتتخذ قراراتها، فإن العاطفة غالبا ما تكون حاضرة بل ومتحكمة في هذه القرارات ومضامينها، على العكس من الرجل الذي يعتمد عقله وتجاربه كمعيار لاتخاذ القرارات وتنفيذها، لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي في هذا الجانب على أن: (المرأة مثال العاطفة في الحياة، فالامور التي تحتاج الى العاطفة مخولة للمرأة، بينما الرجل مثال العقل ولذلك أوكلت إليه الامور التي تحتاج الى عزم وتصميم).

ولهذا حرص الاسلام على أن يكون قرار اتخاذ الطلاق بيد الرجل، والسبب هو الميول العاطفية للمرأة، حيث يؤثر ذلك في سرعة اتخاذ القرار، وفي سرعة تغييره ايضا، أما الرجل فإنه في الغالب لا يتعجّل في اتخاذ القرار كونه يعتمد على العقل اكثر من العاطفة، لذا نقرأ قول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الخصوص قائلا: ان المرأة عاطفية اكثر من الرجل، وهذا التكوين العاطفي للمرأة قد يدفعها لاتخاذ قرار مستعجل بالطلاق وسرعان ما تندم عليه بعد زوال اسباب الاثارة، على العكس من الرجل، فطبيعته في الغالب، لا تجعله يثور بسرعة، واذا ثار واتخذ قرارا فلا يتراجع عنه بسرعة).

ومن الجوانب الاساسية التي وفرها الاسلام للمرأة وفقا للتعاليم الواردة في هذا الجانب، الضمان الاجتماعي والتكفّل الاقتصادي، فقد وردت تشريعات واضحة في هذا الشأن، تحفظ للمرأة حقوقها بوضوح تام، يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد: لقد وفر الاسلام للمرأة (الضمان الاجتماعي والتكفل الاقتصادي وبهذا الشمول الذي فرضه الاسلام للمرأة يوفر لها اكبر قدر من الراحة والدعة، والشعور بالسعادة والكرامة، لا يكاد يوجد في أي قانون من قوانين الارض القديمة والحديثة).

وهكذا تشكل البنود التشريعية في الاسلام بشأن حقوق المرأة، قاعدة ضمان أكيدة لحياة سعيدة، تأخذ فيها المرأة دورها الكبير في صناعة الحياة الافضل والاجمل والاكثر استقرارا وتقدما، وهي بذلك تثبت بأنها العنصر المقابل للرجل والمتعاون معه في تربية النشء، وفي القيام بالمهام العلمية والعملية التي تحفظ الكيان الانثوي من الامتهان والمتاجرة والاذلال، فضلا عن كونها الام والمربية التي تسهم في اشاعة روح الاستقرار والسعادة في المجتمع.

وبهذا تكون حقوق المرأة في المنظور الاسلامي، هي الاكثر وضوحا وضمانا من بين كل المدّعين بحريتها وتحررها، لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا: (لم تُحترَم المرأة في شيء من القوانين الوضعية، الغابرة والمعاصرة في عالم اليوم كما احترمها الاسلام).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/آذار/2013 - 25/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م