استكشافات الفضاء... برامج حثيثة ومعطيات جديدة

 

شبكة النبأ: سباق استكشاف الفضاء أصبح من أولويات بعض الدول المتقدمة التي دخلت في تنافس علمي جديد لأجل السيطرة على الفضاء من خلال الرحلات المتواصلة التي تقوم بها بين الحين والأخر، في سبيل اكتشاف كل ما هو جديدة خصوصا مع توفر التقنيات والأجهزة الحديثة التي غيرت الكثير من النتائج، وفي هذا الشأن فقد أطلقت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، بالتعاون مع المركز الأميركي للجيوفيزياء، قمرا اصطناعيا لمواصلة مراقبة كوكب الأرض يتيح للعلماء الحصول على معلومات عن التغيرات التي تطرأ على سطح الكوكب. وجرت عملية الاطلاق بواسطة صاروخ "اطلس 5" من قاعدة فاندنبرغ العسكرية في كاليفورينا، في ظل احوال جوية جيدة. وقد وضع القمر الاصطناعي "لاندسات 8" في مداره على ارتفاع 705 كيلومترات عن سطح الارض.

وهذا القمر هو الثامن ضمن مجموعة "لاندسات" التي بدأ تشغيلها في العام 1972، وهو يقوم بدورة كاملة حول الارض في خلال 99 دقيقة، اي انه يدور حول الارض 14 مرة في يوم واحد.

ويمكن لهذا القمر ان يرسم خارطة لسطح الارض خلال 16 يوما، وان يجمع معلومات قيمة لاسيما عن الغابات ومجاري المياه والاراضي الزراعية. ويرتقب ان تتجاوز مدته التشغيلية خمس سنوات. بحسب فرنس برس.

ومن شأن هذا القمر ان يساعد العلماء على التعمق في فهم التغيرات الناجمة عن استغلال الموارد الطبيعية، او التغيرات المناخية، ويمكن على سبيل المثال ان يظهر بدقة سرعة ذوبان جبل من الجليد. وستحفظ المعلومات التي يجمعها "لاندسات 8" في ثلاثة مواقع، في الاسكا (شمال غرب الولايات المتحدة) وداكوتا (شمال الولايات المتحدة) والنروج. وستكون متاحة للعلماء بالمجان.

في السياق ذاته وبعد 55 يوما من التحليق في اجواء القارة المتجمدة الجنوبية، حقق منطاد تابع لوكالة الفضاء الاميركية (ناسا) رقما قياسيا في التحليق، الامر الذي اتاح تحليل عدد كبير من الاشعاعات الكونية، بحسب ما اعلنت الوكالة في بيان. واطلق على المنطاد اسم "سوبر تايغر"، وقد أمضى 55 يوما وساعة و34 دقيقة على ارتفاع 38710 امتار، اي متجاوزا الرقم القياسي السابق المحقق في العام 2009 بيوم واحد. بحسب فرنس برس.

ونقل البيان عن بوب بينس الباحث المشرف على هذا البرنامج في وكالة ناسا قوله ان "هذه المهمة قد حققت نجاحا كبيرا بفضل الوقت الطويل الذي اتاح لنا التعرف على عدد كبير من الاشعاعات الكونية". والهدف من مهمة هذا المنطاد جمع معلومات عن الاشعاعات الكونية ذات الطاقة العالية التي تضرب كوكب الارض، وذلك باستخدام جهاز جديد يقيس العناصر النادرة الاكثر ثقلا في هذه الاشعاعات، مثل الحديد. ويسعى العلماء الى فهم مصدر هذه الذرات ذات الطاقة العالية وكيف تشحن بالطاقة. وقال عالم الفيزياء الفضائية فيرنون جونز "ان المناطيد العلمية تتيح جمع معطيات علمية مهمة جدا على مدى وقت طويل بكلفة منخفضة نسبيا".

مهمة إلى المريخ

الى جانب ذلك قال منظمون إن مؤسسة غير هادفة للربح تبحث عن رجل وامرأة يفضل أن يكونا زوجين لإرسالهما في مهمة تستغرق 501 يوم إلى كوكب المريخ قد تبدأ في أقل من خمس سنوات. وسيجري تمويل المهمة التي من المتوقع أن تتكلف اكثر من مليار دولار بتبرعات أهلية ورعايات تجارية.

وقال مؤسس المشروع المليونير دينيس تيتو الذي دفع 20 مليون دولار في عام 2001 عن رحلة إلى المحطة الفضائية الدولية انه سيدفع تكاليف المرحلة الاولى والتي تستمر عامين لبدء تطوير نظم لدعم الحياة وتكنولوجيات حيوية أخرى. ولا توجد سفن فضاء أمريكية مأهولة قيد التشغيل لكن هناك بضع سفن قيد التطوير من المتوقع ان تبدأ في الانطلاق إلى الفضاء بحلول عام 2017.

ولا يترك هذا سوى القليل من الوقت للاستفادة من محاذاة كوكبية نادرة من شأنها أن تسمح لسفينة فضاء أن تحلق حول كوكب المريخ وأن تقترب لمسافة 150 ميلا (241 كيلومترا) من سطح الكوكب قبل أن تعود إلى الأرض. وستفتح نافذة اطلاق المهمة في 5 يناير كانون الثاني 2018. ولن تأتي الفرصة التالية قبل عام 2031. وقال تيتو "إذا لم نفعلها في 2018 فسنواجه بعض المنافسة في 2031." وقال تيتو الذي اسس مؤسسة (إلهام المريخ) غير الهادفة للربح لتنظيم المهمة "بحلول ذلك الوقت سيكون كثيرون قد وصلوا إلى هذه الثمرة السهلة القطف. انها حقا ثمرة سهلة."

وقال المدير الفني للمشروع تابر ماكالوم إن الصناعة الأمريكية على مستوى التحدي وانها قادرة على انجاز المهمة في 2018 . وسيكون حجم المركبة الفضائية صغيرا نوعا ما وسيتاح فيها مكان يبلغ حوالي 17 مترا مكعبا لمعيشة طاقم من شخصين. ويريد مخططو المهمة ارسال رجل وامرأة يفضل أن يكونا زوجين بما يتيح الانسجام أثناء فترة طويلة من العزلة.

وسيتم تجهيز الكبسولة بنظام لدعم الحياة مماثل لتلك الذي تستخدمه إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) في المحطة الفضائية والذي يقوم بإعادة تدوير الهواء والماء والبول والعرق. وقال ماكالوم "ستكون مهمة متقشفة جدا. ليس بالضرورة أن تتبع جميع ارشادات ناسا فيما يتعلق بنوعية الهواء ونوعية المياه. بحسب رويترز.

ستكون رحلة إلى المريخ على غرار رحلة لويس وكلارك الاستكشافية" مشيرا إلى المستكشفين اللذان قاما باستكشاف شمال غرب أمريكا المجهول في عام 1803. وإذا حدث الإطلاق في 5 يناير كانون الثاني 2018 فستصل الكبسولة إلى المريخ بعد 228 يوما وتحلق حوله ثم تنطلق للعودة إلى الأرض. وتستغرق رحلة العودة 273 يوما وتنتهي بدخول الغلاف الجوي بسرعة غير مسبوقة تبلغ 51119 كيلومترا في الساعة.

من جهة أخرى أكدت الهند عزمها ارسال مهمة فضائية غير مأهولة لاستكشاف كوكب المريخ بحلول شهر تشرين الاول/اكتوبر، قوامها مسبار مداري لدراسة المناخ والجيولوجيا على سطح الكوكب الاحمر. وتصل كلفة هذا المشروع الى سبعين مليون دولار. وقال الرئيس الهندي براناب مخرجي في افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان "هناك عدة رحلات فضائية مقررة للعام 2013، من بينها المهمة الاولى الى المريخ"، اضافة الى اطلاق اول قمر اصطناعي للملاحة.

ويشكل هذا المشروع خطوة في البرنامج الفضائي الطموح للهند التي سبق ان ارسلت مسبارا الى مدار القمر قبل ثلاث سنوات. وتعتزم الهند ارسال اول رحلة مأهولة الى الفضاء في العام 2016. ويعد برنامج الفضاء الهندي مصدر اعتزاز وطني، لكنه ايضا عرضة لانتقادات في بلد يعاني من نسبة فقر عالية. بحسب فرنس برس.

واطلقت الهند برنامجها الفضائي في العام 1963 بهدف تخفيف اعتمادها على الدول الاخرى في ارسال اقمارها الاصطناعية. ثم دخلت الهند على خط العالمي لارسال اقمار اصطناعية لدول اخرى الى الفضاء، فوضعت في العام 2007 قمرا ايطاليا في مداره، وفي العام 2008 وضعت قمرا اسرائيليا للتجسس في مداره ايضا. ورغم هذه النجاحات، الا ان البرنامج الفضائي الهندي اصيب بنكسة كبيرة في كانون الاول/ديسمبر من العام 2010 عندما انحرف صاروخ عن مساره بعيد اقلاعه وتحطم في خليج البنغال.

رحلات في الفضاء

على صعيد متصل وبعد الإعلان في فرنسا عن رحلات مخصصة للراغبين في اختبار انعدام الجاذبية على متن طائرة "أيه 300 زيرو-جي"، أكد جيل غومبيرتز وهو المدير العام لشركة "أفيكو" الصينية التي تتولى تسويق هذه الرحلات أن تذاكر الرحلتين الأوليين قد نفدت وأن لائحة الانتظار "تغطي العامين 2013 و2014 بالكامل". وأشار غومبيرتز إلى أن "الطلب أكبر بكثير من العرض" على الرغم من كلفة الرحلات المرتفعة التي تبلغ ستة آلاف يورو. وأوضح "اليوم، كتبنا على موقعنا الالكتروني أن مبيعات التذاكر مقفلة، لكننا ما زلنا نتلقى ما بين 5 و10 طلبات أسبوعيا".

وقد بيعت كل التذاكر الخاصة بالرحلتين الأوليين اللتين ستنطلقان في 15 آذار/مارس من قاعدة بوردو-ميرينياك وفي 23 حزيران/يونيو من بورجيه، أثناء تنظيم المعرض الدولي للطيران والفضاء.

وستنطلق رحلة ثالثة في موعد غير محدد من العام 2013، ثم ثلاث رحلات أخرى في العام 2014، علما أن كل رحلة ستضم 40 راكبا، من بينهم 12 شخصا مدعوين من وكالة الفضاء الفرنسية التي كانت تستخدم الطائرة لغايات علمية ليس إلا. وقال مدير عام "أفيكو" إن "الزبائن الفرنسيين كانوا الأسرع في حجز التذاكر، لكن الطلبات الآتية من البلدان الأوروبية الأخرى ترتفع أكثر فأكثر".

وتابع "وجدنا صعوبة في تقدير الأعداد، لكننا احتسبنا آلاف الأشخاص في فرنسا وحدها، فيما كنا نعتقد أن العدد سيقتصر على المئات". وأوضح "تقضي الفكرة، فلسفيا، بجعل حلم استكشاف الفضاء ملموسا، كي تكون الرحلات شبيهة نوعا ما بمحطة الفضاء الدولية مع مزيج من الأشخاص المتحمسين الآتين على الأقل من كل أنحاء أوروبا".

وأشار جيل غومبيرتز إلى "ثلاث فئات من الزبائن"، أولا "محبو الفضاء الذين يحلمون باستكشافه منذ سنوات ولكنهم يعتبرون أن اختبار انعدام الجاذبية يكفي، والذين سارعوا إلى حجز مكان لهم"، وثانيا "الأشخاص الراغبون في تقديم هدية رائعة إلى أحد المقربين والمنخرطون عادة في مجال الفضاء أو الطيران". أما الفئة الثالثة فتضم الأشخاص الراغبين في القيام بهذه الرحلة، لكنهم لا يملكون الوسائل المادية. وفي هذا الاطار، أوضح غومبيرتز أن وكالة الفضاء الفرنسية أطلقت مسابقة تسمح للمشاركين بالفوز بتسعة مقاعد على متن كل رحلة من الرحلات الثلاث المتوقعة في العام 2013. وأضاف أن "عدد الرجال أكبر من عدد النساء، لكن الرحلات ليس حصرية". بحسب فرنس برس.

وأشار إلى أن "أفيكو" "لم تجر أي إحصاءات حول العمر، لكن السعر هو بلا شك حاجز كبير أمام الشبان، والأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 هم الأكثر عددا". وردا على سؤال حول وجود شخصيات بارزة على متن الرحلات الأولى، أجاب غومبيتر بالنفي. وقال "اتصل بنا عدد كبير من الاشخاص الذين أرادوا أن نضع أسماءهم على لوائح الانتظار، وإن اضطروا إلى دفع مبلغ أكبر. لكننا قررنا عدم الدخول في هذه المعضلة". يذكر أن الرحلات ستنظم على مدى يوم كامل وأن كل رحلة ستدوم ساعتين ونصف الساعة تقريبا وستشمل 15 صعودا وهبوطا في الجو، اي خمس دقائق متراكمة من انعدام الجاذبية.

الصين أيضا

من جانب اخر قالت وسائل إعلام حكومية صينية إن مهمة الفضاء المأهولة التالية التي تطلقها الصين ستكون في فترة ما بين يونيو حزيران وأغسطس آب وستحمل ثلاثة رواد فضاء إلى كبسولة فضاء تجريبية في أحدث مرحلة من خطة طموحة لبناء محطة فضاء. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن مركبة الفضاء شينتشو 10 وطاقمها ستنطلق من موقع ناء في صحراء جوبي ثم تلتحم بالكبسولة تيان قونغ 1 (القصر السماوي).

وقام رواد فضاء صينيون بعملية التحام مع الكبسولة للمرة الأولى في يونيو حزيران الماضي. وتمثل تدريبات الالتقاء والالتحام بين المركبة الفضائية والكبسولة عقبة كبيرة أمام المساعي الصينية للحصول على المهارات التكنولوجية واللوجستية لإدارة مختبر فضائي كامل يمكنه أن يستوعب رواد فضاء لفترات طويلة.

وما زال الطريق طويلا أمام الصين قبل أن تتمكن من اللحاق بالولايات المتحدة وروسيا الرائدتين في مجال الفضاء. والكبسولة تيان قونغ 1 كبسولة تجريبية ولا تمثل ركيزة اساسية في محطة الفضاء. لكن مهمة الصيف ستكون أحدث خطوة من الصين تستعرض بها قوتها المتزايدة في الفضاء. وتأتي في الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة قيودا على الميزانية إلى جانب تغير الاولويات مما حال دون إطلاقها رحلات مأهولة للفضاء. بحسب رويترز.

وستكون هذه خامس مهمة فضاء صينية مأهولة منذ عام 2003 عندما أصبح يانغ ليوي أول رائد فضاء صيني. كما تعتزم الصين ارسال مركبة فضاء غير مأهولة الى القمر وانزال مسبار على القمر. وتحدث علماء عن احتمال إرسال رائد فضاء إلى القمر لكن ليس قبل عام 2020.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/آذار/2013 - 22/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م