الرهائن... بين اجندات القاعدة وملف الصراعات الدولية

 

شبكة النبأ: في الاونة الأخيرة استخدمت التنظيمات الإرهابية المسلحة وأبرزها تنظيم القاعدة إستراتجية قتال من نوع جديد بديلة عن المواجهات العسكرية تسمى بحرب الرهائن.

حيث أصبحت أعمال الخطف المسلحة الوسيلة الانسب -من عدة أوجه- لهذه الجماعات المسلحة من اجل تحقيق اهداف وأجندات معنية كالانتقام من بعض الدول العدو لها كفرنسا وامريكا او ضد ما يسمى بالحرب على الارهاب.

فنتيجة لتزايد العداوات السياسية في منطقة شمال افريقيا خلال المدة الأخيرة، وسط خلافات كثيرة بين القوى السياسية الإقليمية والدولية، تشير هذه الامور الى أن تكون هناك صفقات سياسية بين الدول المتصارعة والمهتمة بالهيمنة على بلدان القارة السمراء، بهدف إعادة ترتيب الأوضاع بالمجال السياسي والاقتصادي في بلدان تلك القارة.

 لكن الصدامات والصراعات السياسية النشطة بين الخصوم السياسيين الإقليميين والدوليين، اخذت تلقي بظلالها على التوازن الامني الهش في المنطقة، كما تبين ذلك من خلال الأحداث والتطورات الامنية والسياسية الاخيرة، والممتثلة بعلميات خطف الرهائن كما حدث بامنياس في الجزائر وبعض الدول الإفريقية الأخرى مثل موريتانيا والكاميرون والنيجر.

حيث يرى بعض المحللين ان الدربكة الامنية والسياسية التي حدث في هذه البلدان آنفة الذكر، هي رسائل انتقامية توجه الى بعض الاطراف الدولية المختلفة في مواقفها السياسية ولتحسين صورتها المشوهة بابراز قوتها العسكرية من خلال علميات خطف الرهائن.

مما دفع بعض دول القوى العالمية ولاسيما فرنسا انتهاج سياسية جديدة تتوافق مع التطورات الجديدة على الأصعدة كافة، وذلك باعتماد إستراتيجية جديدة لضمان تحقيق مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية والسياسية في البلدان الأخرى وأهمها المستعمرة كدولة مالي الغنية بالموارد الطبيعية التي تعتمدها فرنسا كمصدر لتوفير الطاقة.

فيما يرى محللون آخرون ان مسلسل الجدلية والازدواجية بين أجندة دول القوى المتخاصمة بشأن الملف الرهائن، اصبح محرك رئيسي لتصاعد التوترات والاتهامات بين بعض القوى الدولية الصاعدة وحلفاؤها، فلا يزال هذا الملف مصدر أساسي لهواجس القلق في نفوس الدولة الغربية من جهة، وفرنسا من جهة اخرى.

ويعتقد محللون سياسيون ان التدخل العسكري الفرنسي الاخير  في مالي  له أجندة ودوافع عديدة تتمثل بالمصالح الاقتصادية الفرنسية في مالي، وكذلك من اجل المصالح الإستراتيجية والتي تتمثل بالوصول إلى الموارد الطبيعية الإستراتيجية، وهناك أيضاً مصالح سياسية والمتمثلة في الحفاظ على استقرار النظام المالي، بعد حرب شرسة مع المجاميع المتمردة في شمال هذه الدولة، وعليه مهما تتعدد واختلفت الأجندة لتلك الدول، لا يبدو انها ستحصل على مرادها بسهلة، نظرا لفعالية ملف الرهائن وغيره من إستراتجيات الحربية التي يعتمدها تنظيم القاعدة المدعوم من بعض الدول الغنية ذات اجندة استعمارية.

في حين اعتبر بعض الخبراء العسكريين المتخصصين في هذا الشأن  بأن ملف الرهائن فتح  بابا جديدا لتهديدات إرهابية جديدة، حيث ان هذه العلميات فتحت مساحة جديدة لتنظيم القاعدة كي يحاول اعادة بناء نفسه من جديد، ويرى هؤلاء الخبراء انه على الرغم من  تحسين التعاون في مكافحة الإرهاب القاعدي وانحدار مستوى هجماته، الا ان تنظيم القاعدة يبقى قادرا على التكيف مع مثل هكذا ظروف وانه مازال يمثل تهديدا مستمرا وخطيرا على العالم أجمع.

في سياق متصل اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان عنصر المال ليس مطروحا في ملف الرهائن الفرنسيين السبعة المحتجزين في منطقة الساحل في الوقت الراهن، وقد سئل هولاند في ختام المجلس الاوروبي عن تصريحات سفيرة اميركية سابقة في مالي تحدثت عن شائعة تفيد ان فرنسا، على غرار بلدان اوروبية، دفعت ملايين الدولارات لتحرير رهائن في الساحل، واكدت السفيرة الاميركية السابقة فيكي هادلستون ان فرنسا دفعت 17 مليون دولار لتأمين الافراج عن رهائن فرنسيين اختطفوا من منجم يورانيوم في مستعمرتها السابقة النيجر في 2010، وقالت هادلستون التي شغلت منصب السفيرة الاميركية لدى مالي بين 2002 و2005 ان المانيا ودولا اخرى -باستثناء بريطانيا- وكندا، دفعت ايضا اموال فدية صبت في مصلحة تمويل الجماعات الاسلامية المسلحة التي سيطرت على شمال مالي العام الماضي.

ورجحت ان يكون المبلغ الاجمالي الذي دفع كفدية 89 مليون دولار بين عامي 2004 و2011. ولكنه دفع عبر وسطاء من بينهم الجيش المالي، ولذلك لا يمكن معرفة المبالغ التي وصلت لتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي وحلفائه.

على الصعيد نفسه قال سكان بمدينة تمبكتو ان قائدا معروفا بجناح القاعدة في شمال افريقيا احتفظ بعدد من الرهائن الاجانب في منزل بمدينة تمبكتو حتى قبل قليل من سيطرة القوات الفرنسية والمالية على المدينة الصحراوية.

ويحتفظ المتمردون الاسلاميون في شمال مالي -ومن بينهم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي- بسبعة رهائن فرنسيين على الاقل وسويدي وهولندي وجنوب افريقي خطفوا خلال السنوات القليلة في مناطق بالصحراء، وتتناقض هذه الشهادات مع ما كان يعتقد بشكل واسع بين المراقبين بأن الرهائن محتجزون في الجبال النائية في شمال مالي بالقرب من الحدود الجزائرية حيث تطارد القوات الفرنسية والتشادية المتمردين الان.

في الشأن ذاته قالت شركة ملاحية مقرها بريطانيا إن قراصنة هاجموا سفينة شحن تابعة لها في خليج غينيا بغرب أفريقيا واحتجزوا أفراد طاقمها الثلاثة رهائن، وقالت شركة كاريسبروك للشحن البحري ومقرها آيسل وايت في بيان إن قراصنة اعتلوا السفينة إستير سي التي ترفع العلم البريطاني واستولوا على بعض المتعلقات واقتادوا البحارة وغادروا، وقالت وزارة الخارجية الروسية إن روسيين كانا من بين الرهائن الذين خطفوا بين ميناءي دوالا بالكاميرون ومالابو في غينيا الاستوائية.

كما طالب متمردون صوماليون مرتبطون بتنظيم القاعدة كينيا ان تطلق سراح كل المسلمين المحتجزين لديها بتهم الإرهاب خلال ثلاثة أسابيع وإلا فإنهم سيقتلون رهائنهم من الكينيين، وقالت حركة الشباب انها قتلت الرهينة الفرنسي دنيس أليكس انتقاما مما سمته الاضطهاد المتزايد في فرنسا للمسلمين وعملياتها العسكرية المناهضة للإسلاميين ومن ذلك ما حدث في مالي.

من جهتها اكدت فرنسا  انها "تبذل كل جهودها" للعثور على العائلة المؤلفة من سبعة فرنسيين ومن بينهم اربعة اطفال التي خطفت في اقصى شمال الكاميرون ويشتبه في نقلها الى نيجيريا المجاورة في عملية نسبت الى جماعة بوكو حرام الاسلامية ولم يتبنها احد، وافاد دبلوماسي غربي في المنطقة ان اعمار الاطفال المخطوفين تتراوح بين 5 و12 عاما، وصرحت الوزيرة المكلفة شؤون الفرنسيين في الخارج ايلين كونواي-موريه لقناة بي اف ام تي في "لم يصدر اي تبن (للعملية). نجهل هوية الخاطفين ومكان وجودهم اليوم. علينا انتظار جهود السلطات الكاميرونية والنيجيرية لتحديد موقعهم".

ويقيم نحو 6200 فرنسي في الكاميرون التي تعد فرنسا من اكبر المستثمرين الاجانب فيها مع نحو مائة فرع لشركة ونحو 200 مؤسسة يملكها فرنسيون في مجالات متعددة مثل استخراج النفط واستغلال الغابات وانتاج السكر والمطاعم ومصانع الاسمنت وخدمات الهاتف المحمول والتكنولوجيا، وهذا الحادث يرفع الى 15 عدد الرهائن الفرنسيين في الخارج وكلهم في افريقيا الغربية. وبين هؤلاء ستة على الاقل في ايدي القاعدة في بلاد المغرب والساحل.

واستنادا الى مركز ابحاث انتل سنتر ميديا ليست الاميركي المتخصص في القضايا الامنية فان الرهائن الفرنسيين في الخارج هم الاكثر عددا حاليا حول العالم ويفوق عددهم الرهائن الاميركيين وهم تسعة.

الى ذلك تم التعرف على 34 اجنبيا من تسع جنسيات من ضحايا اعتداء المجموعة الاسلامية المسلحة على مجمع تيقنتورين لانتاج الغاز قرب ان اميناس بين 16 و19 كانون الثاني/يناير الحالي، وكان رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال اعلن في حصيلة رسمية غير نهائية عن مقتل جزائري واحد و37 رهينة اجنبيا اضافة الى خمسة اجانب مفقودين، كما قتل في العملية التي انهاها الجيش الجزائري، 29 ارهابيا وتم توقيف ثلاثة آخرين، وكان يعمل في الموقع لدى الهجوم عليه 790 جزائريا و134 اجنبيا من 26 جنسية. بحسب رويترز.

وفي ما يأتي جنسيات الرهائن الاجانب القتلى بحسب معلومات من مصادر رسمية من العواصم المعنية:

- اليابان: مقتل عشرة يابانيين ونجاة سبعة اخرين.

- الفيليبين: ثمانية قتلى ومفقود واحد و12 ناجيا.

- بريطانيا: ثلاثة قتلى وثلاثة مرجح مقتلهم ونجاة 22.

- الولايات المتحدة: ثلاثة قتلى وسبعة ناجين.

- النروج: اربعة قتلى من شركة ستات اويل ومفقود واحد.

- رومانيا: قتيلان وثلاثة ناجين.

- ماليزيا: قتيلان وثلاثة ناجين.

- فرنسا: قتيل واحد وثلاثة ناجين.

- كولومبيا: قتيل واحد يعمل لشركة بي بي البريطانية ويقيم في لندن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/شباط/2013 - 16/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م