العراق بإنتظار 300 عاصفة الترابية

زاهر الزبيدي

في بيان أصدرته بعثة الأمم المتحدة، يونامي، حذر فيه من أن العراق سيشهد 300 عاصفة ترابية سنوياً في غضون السنوات العشر المقبلة، في حين أنه كان قد شهد هبوب 122 عاصفة ترابية خلال العام 2008 وعزى البيان تلك الظاهرة البيئية العابرة للحدود الى ازدياد التصحر وإنحسار الغطاء النباتي، كما شدد البيان على الآثار السلبية الهائلة على التنمية البشرية والإجتماعية والإقتصادية على الصعيدين الوطني والإقليمي.

وفي ظل إنتظارنا لهبوب تلك العواصف الترابية التي يشعر الكثيرون من أبناء شعبنا بمدى تأثيراتها الصحية والنفسية عليهم.. ماهي الإجراءات الحكومية، عبر مؤسساتها المختصة، في التقليل من تلك التأثيرات؟ من خلال إعتراض مسارات تلك العواصف والعمل بجد كبير في إنشاء الأحزم الخضراء حول المدن والمساحات الخضراء داخل المدن كإجراءات مهمة على طريق التقليل من مخاطر تلك العواصف التي يذهب ضحيتها الكثير من المصابين بأمراض الجهاز التنفسي الذين تعج به المستشفيات المحلية خلال فترات هبوبها، فالمئات من المصابين بحالات الإختناق دخلوا المستشفيات العراقية.

في نهاية العام الماضي عقدت كلية العلوم في جامعة بغداد، المؤتمر العلمي الأول، للبحث في أسباب وتأثيرات العواصف الترابية على البيئة العراقية، وخرج المؤتمر بتوجيهات كثيرة لا نعلم إن كانت قد وصل أصدائها للوزارات ذات الشأن ومدى متابعة وزارة البيئة لتلك المؤتمرات ومدى استعدادها لحث المؤسسات العلمية على بذل كل طاقاتها في إجراء تلك المؤتمرات.. فالمؤسسات العلمية البحثية لها دوراً كبيراً، علمياً، في البحث والتحليل لمعطيات الواقع العراقي وما نتج من نتائج سلبية على واقع البيئة العراقية، كما أن لها المقدرة العلمية الواسعة على وضع الحلول المناسبة للتنفيذ.

نحن اليوم أمام خطر قد يعتبره البعض أكبر من الأمراض الصحية ذاتها حيث يتمثل ذلك بتوسع ظاهرة التصحر.. ففي إحدى الدراسات التي أجراها مجموعة من علماء البيئة في جامعة ليج في بلجيكا أفادت أن الصحراء تلقي بأتربتها في الغلاف الجوي بنحو مليار طن سنوياً مسببة بانتقال الكثبان الرملية وبسبب تلك الظاهرة فأن العالم يفقد كل عام ما مساحته 691 كليومتر مربع من أراضيه الزراعية بسبب عملية التصحر ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة فأن الأرض فقدت 30% من مواردها الطبيعية خلال 15 سنة.

وفي دراسة أخرى أعدتها ثلاثة مراكز بحوث احدها تابع لوكالة ناسا الفضائية ان الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأميركية رصدت تعرض حوضي دجلة والفرات إلى فقدان كميات كبيرة من المياه العذبة “تنذر بالخطر”، مبينة أن ما فقدته المنطقة منذ 2003 وحتى الآن يوازي حجم البحر الميت تقريباً ! لقد إستندت تلك الدراسة الى معلومات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة ناسا التي جمعت على مدى سبعة أعوام من خلال تتابع التغيرات الحاصلة في الاحتياطيات المائية على النطاق العالمي”، وقال الباحث جي فمكليتي، الذي ترأس فريق إعداد الدراسة، بحسب ما ذكرت وكالة “تايمز اوف أومان”، إن “الكمية المفقودة في حوضي دجلة والفرات الذي يروي أجزاء من العراق وتركيا وسوريا، تكفي لتأمين احتياجات أكثر من مئة مليون إنسان في المنطقة كاستهلاك سنوي، استناداً إلى معدلات استخدام المياه ووفرتها”.

ومع التقارير العالمية تلك، والتي يجب أن لا نغفل عنها مطلقاً، نكون أمام مسؤولية كبيرة في دعم زراعتنا ومحاربة التصحر والوقوف، بعلمية وتخطيط بالغين، أمام ظاهر العواصف الترابية والتصحر بإجراءات محكمة، فمع آخر إحصائية أصدرتها وزارة التخطيط فقد بلغ تعدادنا 35 مليون نسمة بزيادة سنوية قدرها 3% مما يزيد من معدل الإستهلاك السنوي للأغذية ويستوجب ذلك زيادة مساحة الغلة المزروعة، نحن بحاجة الى إتباع سياسة بيئة خاصة تتناسب والظروف الجوية للوطن حيث تشير التقارير الى أن 90% من مساحة العراق تقع ضمن منطقة المناخ الجاف وشبه الجاف حيث يقل معامل الجفاف عن المعامل الثابت بحوالي 20 درجة مع إرتفاع درجات الحرارة في الصيف الى حدود 52 درجة مئوية والتي تزيد من تبخر المياه.

قد يعتبر إنشاء المركز الوطني لعلوم الفضاء والفلك في النجف خطوة رائدة في الكشف المبكر عن التصحر والتلوث البيئي ومشاكل المسطحات المائية في العراق إلا إن علينا أن لا نتأخر مطلقاً في إكمال هذا المركز وتجهيزه بأحدث الأجهزة ونشد على يد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الجهة المنفذة للمشروع، لما له من أهمية بالغة الكشف المبكر عن التصحر.

كذلك فأن علينا أن نهيئ مركز الرصد للتنبؤ بدقة عن أوقات هبوب العواصف الترابية كإجراءات إحتياطية الهدف منها التهيؤ الكامل لإستقبالها وإبلاغ المواطنين بها لإتخاذ الاحتياطات المهمة للكثير من المرضى.. حفظ الله العراق.

zzubaidi@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/شباط/2013 - 16/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م