التلوث البيئي... ظاهرة تطارد الفقراء

 

شبكة النبأ: التلوث البيئي أصبح اليوم من أهم المشاكل التي تهدد الحياة والاستمرار على كوكب الأرض الذي تأثر كثيرا بتلك المتغيرات الخطيرة، التي استفحلت وزاد تأثيرها بسبب التقدم التكنولوجي والصناعي الذي اثر بشكل سلبي على البيئة بكل أشكالها فاختلفت المضار لتشمل تلوث الهواء والتربة والماء وغيرها من الأمور الأخرى بحسب بعض الخبراء والمتخصصين، وتشير الإحصائيات العالمية إلى ازدياد مطرد في نسبة الإمراض والوفيات السنوية التي يتعرض لها الناس في مختلف دول العالم بسبب التلوث الناتج من نفايات ومخلفات المصانع واستعمال المواد الكيميائية الخ من المسببات الأخرى، وفي هذا الشأن قالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن بكين ستكشف النقاب عن لوائح جديدة غير مسبوقة تلخص رد فعل العاصمة الصينية على المستوى الخطير الذي وصل اليه تلوث الجو فيما يهدد تدهور درجة جودة الهواء بان يصبح مسألة مرتبطة باستياء سياسي أوسع نطاقا. وتضفي هذه اللوائح صبغة رسمية على الاجراءات ذات الصلة ومنها اغلاق مصانع وخفض الاعتماد على احراق الفحم والغاء تسيير مركبات معينة على الطرق عندما تكون مستويات التلوث في أسوء حالاتها.

وتصل مستويات تلوث الجو في بكين في بعض الايام الى درجات تتجاوز جميع المعايير الصحية الدولية المتعارف عليها والخاصة بقدرة البشر على التنفس السليم مما يمثل مبعثا للقلق لدى قيادات البلاد لان هذه المسألة أضحت مرتبطة بالتذمر الشعبي من وجود امتيازات سياسية وتزايد الاحساس بعدم المساواة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وأفردت وسائل الاعلام المحلية تغطيات اخبارية تصف مدى الرفاهية المتاح للمسؤولين الحكوميين ممن ينعمون بمنقيات للهواء سواء في مكاتبهم او داخل منازلهم فضلا عن تقارير تفيد بتخصيص مزارع عضوية خاصة لهم حتى لا تقامر هذه الكوادر السياسية بان تتكبد مخاطر تجاوز مستويات سلامة الغذاء والفضائح المتكررة المرتبطة بها.

وتغطى غلالة كثيفة من الضباب الدخاني معظم احياء بكين ما دفع الحكومة الى التنبيه على المواطنين بمحاولة الحد بقدر الامكان من مزاولة أي أنشطة خارج بيوتهم. و تجاوز مؤشر يقيس درجة انتشار الجسيمات المجهرية التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر (الميكرومتر يعادل جزء من مليون جزء من المتر) في الجو - 400 درجة في بعض مناطق المدينة. ويدق المستوى الذي يزيد عن 300 درجة ناقوس الخطر فيما توصي منظمة الصحة العالمية بمستوى يومي لا يتجاوز بأي حال 20 درجة. ولا يزال هذه المستوى على ارتفاعه اذ وصل الى 755 درجة.

وارتفعت معدلات الاصابة بسرطان الرئة في العاصمة بواقع 60 في المئة خلال السنوات العشر الماضية وفقا لتقرير اوردته صحيفة تشاينا ديلي الحكومية عام 2011 حتى رغم تراجع معدلات التدخين. ويحول التلوث دون اقبال الاجانب على العيش والعمل في العاصمة. ويبدو ان الحكومة الصينية انتهجت الان سياسة أكثر شفافية لعلاج هذه المشكلة عما كان عليه الحال في السابق.

وحاول المسؤولون ذات مرة مداراة درجات تلوث الجو في بكين من خلال اغفال الاشارة الى مستويات انتشار الجسيمات الدقيقة في الهواء ضمن التقارير الخاصة بتوقعات الاحوال الجوية مع التهوين من مدى كثافة الضباب الدخاني. واتهم مسؤول صيني السفارة الامريكية في بكين بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد عندما حاولت السفارة رصد ونشر تقارير الكترونية تتضمن قراءاتها الخاصة بمستوى جودة الهواء.

الا انه يبدو هذه المرة ان أجهزة الاعلام سمح لها بان تتحدث عن التلوث بوصفه مشكلة رئيسية.

وقال لي كه تشيانغ نائب رئيس الوزراء الصيني السابق الذي يتوقع أن يتولى رئاسة الوزراء في مؤتمر وطني في مارس آذار المقبل هذا الاسبوع ان علاج مشكلة التلوث عملية طويلة الأمد.

في السياق ذاته بدأ مليونير صيني من هواة الشهرة حملة ساخرة لبيع الهواء النقي معلبا بعدما شهدت الصين أسوأ اسبوعين لتلوث الهواء. ووزع تشين جوانغ بياو -الذي كون ثروته من العمل في تدوير المخلفات ومعروف بإعماله الخيرية معلبات تحتوي على هواء جلبه من مناطق نائية في الصين لم يصل إليها التلوث. وقال تشين "أود ان اقول لرؤساء البلديات والمقاطعات والشركات الكبيرة: لا تسعوا لإنماء الناتج المحلي الاجمالي وتحقيق أعلى الارباح على حساب أطفالنا وأحفادنا والتضحية ببيئتنا." بحسب رويترز.

وقال تشين (44 عاما) "اذهب إلى خارج المنزل وأسير لحوالي 20 دقيقة فتتألم حنجرتي واشعر اني مصاب بالدوار." ووزع تشين معلبات خضراء وبرتقالية اللون من "الهواء النقي" مع رسوم كاريكاتورية تحمل صورته ومكتوب عليها "تشين جوانغ بياو.. رجل طيب." ووفقا لقائمة مؤسسة هورون للأثرياء في الصين العام الماضي فإن ثروة تشين بلغت 740 مليون دولار.

التسمم بالرصاص

الى جانب ذلك قال عضو بمجلس الشيوخ في نيجيريا ان بلاده ستفرج عن اموال للتصدي لاسوأ كارثة تسمم بالرصاص في العالم أسفرت عن وفاة ما لا يقل عن 400 طفل منهية شهورا من عدم التحرك الرسمي وهي فترة تعرض خلالها 1500 طفل آخرين للخطر. وتعهدت الحكومة في مايو ايار من العام الماضي بتقديم 850 مليون نايرا (5.4 مليون دولار) للمساعدة في تطهير الرصاص وعلاج الالاف الذين اصبيوا بالتسمم جراء التلوث من منجم للذهب في منطقة باجيجا في شمال زامفارا لكن منظمة اطباء بلا حدود الخيرية قالت ان الأموال لم تقدم مطلقا.

واضاف المنظمة ان أيا من وزراء المناجم والبيئة والصحة ممن كانوا من المقرر ان يحضروا مؤتمرا بشأن التسمم العام الماضي شارك في المؤتمر وبعد ذلك خرجت شكاوى متكررة من ان الاموال التي جرى التعهد بها لعملية التطهير لم تقدم. وقال بوكولا ساراكي رئيس لجنة البيئة بمجلس الشيوخ "سيفرج عن الاموال." واضاف ساراكي الذي زار مناطق زامفارا المتضررة "للأسف لم يول اهتمام كاف لهذا. احيانا يجري نسيان الاشخاص الاكثر ضعفا."

وتقول اطباء بلا حدود ان الوقت ينفد امام عملية المعالجة وتطهير الرصاص قبل بدء موسم الامطار في ابريل نيسان. وستجعل الطرق الوعرة حيئنذ من الصعب جدا على فريق التطهير بدء العمل حتى ينتهي موسم الامطار بحلول اكتوبر تشرين الاول. وإلى ان يطهر الفريق الرصاص فلا يمكنه ان يعالج بفاعلية 1500 طفل تحت سن الخامسة ممن تعرضوا للتلوث.

ولا يزال من الممكن زيادة نطاق تفشي الاصابة لاستمرار عمليات التنقيب عن الذهب دون هوادة في زامفارا حيث يقول الناس انه يمكنهم كسب اربعة دولارات في اليوم اكثر من الوظائف المتاحة الأخرى. وقال ساكاري "ليسوا بصدد التوقف. رأيت امرأة فقدت ثمانية اطفال لكنها لا تزال تنقب. "السبيل الوحيد للخروج من ذلك هو الاستثمار في الحصول على طرق افضل للتعدين وتوفير معدات حديثة والحصول على صناعة تقوم على اسس هيكلية افضل لكي يعمل بها هؤلاء الاشخاص." بحسب رويترز.

ونيجيريا لديها واحد من اسوأ سجلات العالم في حماية البيئة حيث تحدث تسربات نفطية ضخمة بشكل متكرر في منطقة دلتا النيجر بجنوب شرق البلاد. ولم تف الحكومة الى حد بعيد بتعهداتها تخصيص اموال لوقف التسرب هناك ومنع حرائق الغاز.

السيارات الصديقة

على صعيد متصل قالت دارسة بريطانية إن الاتحاد الاوروبي بحاجة إلى قفزة في عدد السيارات الكهربائية والهجين على الطرق على مدى السنوات العشر القادمة حتى يحقق نجاحا ملحوظا في خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن عادم السيارات بحلول 2020. وستلهب الدراسة التي اعدتها شركة ريكاردو ايه.إي.ايه للاستشارات جدلا محتدما بالفعل حول كيفية تنفيذ المستوى المستهدف لانبعاثات عادم المركبات وهو 95 جراما من ثاني اكسيد الكربون لكل كيلومتر بحلول 2020. وقالت المفوضية الاوروبية إنها ستنشر وثيقة في وقت لاحق من هذا العام حول معايير منخفضة لانبعاثات الكربون من السيارات فيما بعد 2020.

وتطرقت شركة الاستشارات التي تقدم استشاراتها للحكومات والشركات إلى مجموعة من السيناريوهات لعام 2025 في الدراسة التي اجريت بتكليف من جماعتي جرينبيس (السلام الاخضر) وترانسبورت آند إينفايرومنت. ووجدت الدراسة ان متوسطا قدره 70 جراما لكل كيلومتر يمكن تحقيقه في ارجاء الاتحاد الاوروبي بحلول 2025 إذا توزعت مبيعات السيارات الجديدة بالتساوي بين السيارات الصديقة للبيئة والسيارات العادية. واشارت الدراسة إلى تكاليف التصنيع الاضافية وهي حوالي 1615 يورو لكل سيارة هجين يمكن استراددها في أقل من ثلاث سنوات من خلال خفض في استخدام الوقود.

وقالت الدراسة إن نفس الهدف يمكن الوصول إليه إذا شملت مبيعات السيارات الجديدة 7 بالمئة من السيارات الكهربائية ثم 22 بالمئة فقط من السيارات الهجين. ويريد المدافعون عن البيئة موافقة على هدف طموح هو 60 جراما لكل كيلومتر بحلول 2025 الي جانب النقاش بشان تنفيذ الهدف الخاص بعام 2020. بحسب رويترز.

وقالت الدراسة إنه يمكن تحقيق ذلك الهدف إذا وصلت نسبة السيارات الكهربائية إلى 24 بالمئة من مبيعات السيارات الجديدة. وبحسب احصاءات المجلس الدولي للنقل النظيف فقد شكلت السيارات الهجين -التي تعمل جزئيا بالكهرباء مع وقود احفوري- حوالي 1 بالمئة من اجمالي السيارات في الاتحاد الاوروبي في 2010 بينما لم تتجاوز نسبة السيارات الكهربائية 0.1 بالمئة تقربيا.

140 دولة

من جانب اخر وبعد أسبوع شاق من المفاوضات، اعتمدت 140 دولة اتفاقية بشأن الزئبق، بحسب ما أفاد وزير الخارجية السويسري. ومن شأن هذا الاتفاق أن يسمح بتخفيض المستوى العالمي لانبعاثات الزئبق التي تلحق أضرارا جسيمة بصحة الافراد والبيئة. ويعد الزئبق مادة ثقيلة سامة جدا بالنسبة الى الكائنات الحية. ويضر التعرض الكثيف للزئبق بالجهاز المناعي وقد يؤدي إلى مشاكل أخرى، من قبيل اضطرابات نفسية أو مشاكل في الجهاز الهضمي والتنفسي والقلب والأوعية الدموية، فضلا عن خسارة الأسنان. بحسب فرنس برس.

وتهدف الاتفاقية الجديدة إلى تخفيض انتاج الزئبق واستخدامه، ولا سيما في العمليات الصناعية وصناعة المنتجات. وهي تبت ايضا مسألة تخزين النفايات ومعالجتها. وقال فرانز بيريز رئيس الوفد السويسري في جنيف أن هذه الاتفاقية "تعكس حيوية السياسة البيئية الدولية وعزم الدول على إيجاد حلول لمشاكل عالمية"، علما أن سويسرا كانت قد أطلقت هذه المفاوضات مع النروج منذ 10 سنوات. وخلال السنوات المئة الأخيرة، تضاعفت نسب الزئبق في المحيطات، بسبب الانبعاثات الناجمة عن النشاطات الصناعية. ومن شأن هذا الارتفاع أن يؤثر على الاسماك القابلة للاستهلاك.

خط انابيب كيستون

في السياق ذاته تجمع الاف المحتجين في واشنطن مطالبين الرئيس باراك اوباما برفض مشروع خط انابيب كيستون اكس المثير للجدل واحترام تعهده عند انتخابه بالعمل بشأن التغير المناخي. وقدر منظمون التجمع ان 35 ألف شخص من 30 ولاية حضروا ما وصفوه بأكبر تجمع بشأن المناخ في تاريخ الولايات المتحدة. ولم تتأكد الشرطة من حجم الحشد. وسار المحتجون أيضا حول المنطقة القريبة من البيت الأبيض مرددين "أغلقوا خط أنابيب كيستون."

وجاء هذا الحشد بعد ايام من توجيه مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي احدث نداء لاوباما كي يوافق على خط الأنابيب الذي تبلغ تكلفته 5.3 مليار دولار والذي يعتبره كثيرون انه محرك لنمو الوظائف وخطوة أخرى للامام نحو استقلال الطاقة. واظهر استطلاع أجرته مؤسسة هاريس انتراكتف ان 69 في المئة ممن شملهم الاستطلاع قالوا أنهم يؤيدون بناء خط الانابيب في حين ابدى 17 في المئة فقط اعتراضهم على ذلك .

وقال احد المنظمين الرئيسين لتجمع وهو الناشط في مجال المناخ بيل مكبين ان الموافقة على خط الأنابيب الذي سينقل النفط الخام من الرمال النفطية بشمال البرتا الى المصافي والموانئ في تكساس ستكون بمثابة إشعار "قنبلة كربون" يمكن ان تسبب أضرارا لا يمكن إصلاحها بالمناخ. وهذا المشروع المقترح لشركة ترانس كندا معلق منذ أربعة أعوام ونصف. ووافقت حكومة ولاية نبراسكا على خط معدل يمر عبر الولاية ويتفادي عبور مناطق بيئية حساسة وطبقات المياه الجوفية.

ويقول مؤيدو المشروع الذي سينقل 830 الف برميل من النفط يوميا انه سيوفر الافا من فرص العمل في الولايات المتحدة وسيزيد امن الطاقة في أمريكا الشمالية. ويعارض أنصار البيئة خط الانابيب لان عملية استخراج النفط من الرمال النفطية تستهلك كميات كبيرة من الكربون ويقولون ان النفط المستخرج سيكون اكثر تلوثا من النفط الخام التقليدي. بحسب رويترز.

وقال فان جونز مستشار اوباما السابق بشأن الوظائف الخضراء اي التي تعمل على تعزيز الحفاظ على البيئة انه اذا وافق الرئيس على خط الأنابيب بعد أسابيع فقط من تعهده بالعمل بشأن التغير المناخي فان ذلك سيلقي بظلاله على الأعمال الأخرى التي سيتخذها اوباما للحد من التلوث.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/شباط/2013 - 11/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م