مصر... بين هيمنة الإسلاميين وتنمر المعارضين

 

شبكة النبأ: تعاني بلاد الفراعنة من انقسام واستقطاب حاد على المستوى السياسي والحقوقي بشكل غير مسبوق خلال الاونة الأخيرة، بسبب ديمومة التنافر السياسي الشرس، والصدامات السياسية المتتالية بين الحكومة الإسلامية والمعارضة اللبرالية، وقد تسبب بموجة من العنف والفوضى تجسدت بالاحتجاجات العنيفة من جانب المعارضين.

حيث تزايد الاستياء في مصر بسبب ما يقول معارضون إنها محاولات من حكومة مرسي لاحتكار السلطة إلى جانب شعور أوسع بضغوط سياسية واقتصادية.

فيما شكلت الانتهاكات الحقوقية أسوء مظاهر هذه الاضطراب السياسية العنيفة، بسبب تواصل مسلسل التعذيب والاغتصاب وتزاحم المشكلات في طريق تقدم الدولة العربية الربيعية، مما يعني أن حقوق الحريات تتجه نحو انتكاسة تحرج الدولة لتدفع الديمقراطية الوليدة إلى حافة الانهيار، في الوقت الذي تتصاعد فيه أزمة الحقوق في اغلب البلدان العربية كتونس وليبيا.

مما أثار استياء منظمات حقوقية محلية ودولية بشأن عدة قضايا حقوقية أهمها مشروع قانون تنظيم التظاهرات وما تعتبره منظمات الدفاع عن حقوق الانسان مسيئا الى حرية التعبير، وكذلك عمليات الاعتقال والملاحقة لبعض المعارضين لحكم الإخوان المسلمين وأبرزهم السياسي المصري الليبرالي محمد البرادعي، فضلا استفحال ظاهرة التعذيب في السجون ومراكز الشرطة بشكل كبير بعد عامين على الثورة، ناهيك عن تقييد الحكومة للحريات الإعلامية.

إذ يرى دعاة لحقوق الإنسان إن الأساليب الوحشية التي ساعدت في إشعال الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المستبد السابق حسني مبارك قبل عامين عادت تحت رعاية الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي وصل للحكم في انتخابات حرة.

فيما يقول نشطاء أن موجة الاضطرابات الاخيرة أججها الغضب مما يرونه محاولة من مرسي لاحتكار السلطة منذ انتخابه وأجواء التأزم الاجتماعي والاقتصادي التي تخيم على مصر منذ إسقاط مبارك.

بينما  يرى بعض المحللين بأن الصراع السياسي محموم بين الإسلاميين والليبراليين في مصر، قد يعلن عن تحدي وصراع جديد يضع جميع اللاعبين الرئيسيين تحت وطأة المؤامرات في السنوات المقبلة.

حيث وضعت تلك الامور آنفة الذكر اكبر دول عربية من حيث السكان على حافة مواجهة سياسية شرسة، خاصة مع استمرار المعارضة المصرية بتعهداتها بشأن استمرار الاحتجاجات وتنديداتها المناوئة لحكومة الإخوان، والذي تمثل بما شهدته من احتجاجات غير مسبوقة خلال الاشهر القليلة الماضية.

لذا يرى اغلب محللين أن العلاقة بين السلطة والمعارضة في مصر وصلت مرحلة حساسة مع تمسك كل جهة بموقفها والسير في طريق المواجهة حتى النهاية، مما يمهد لمعركة سياسية طويلة الامد ومكلفة الخسائر.

وعليه فان صراع الإرادات المصرية يضع الشعب المصري بكافة مكونته في مأزق الازمات المستدامة، مما سيؤدى بالتبعية إلى الحد غليان الازمات وتكاثرها، ليصبح عدم الاستقرار عنوان لمستقبل مجهول على الأصعدة كافة.

في سياق متصل وافقت الحكومة المصرية على مشروع قانون يرمي الى ضبط تنظيم التظاهرات ما تعتبره منظمات الدفاع عن حقوق الانسان مسيئا الى حرية التعبير، ومشروع القانون سيحال امام مجلس الشورى للتصويت عليه لانه يتمتع بالسلطة التشريعية حتى تنظيم الانتخابات التشريعية في الاشهر المقبلة. بحسب فرانس برس.

وقال وزير العدل احمد مكي في مؤتمر صحافي ان مشروع القانون يهدف الى ضمان الطبيعة السلمية للتظاهرات وحماية الحق في التظاهر، واوضح ان مشروع القانون يتضمن ايضا منع الخلط بين التظاهرات السلمية التي تامل الدولة في حمايتها وبين الهجمات التي تستهدف الافراد والممتلكات اضافة الى الاخلال بالنظام العام.

وينص المشروع على انه يتوجب على المنظمين ابلاغ السلطات مسبقا برغبتهم في التظاهر وان لوزارة الداخلية الحق برفض الحق بالتظاهر، وستكون التظاهرات محددة في كل محافظات البلاد في اماكن يختارها المحافظ، كما ذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط.

ويحظر مشروع القانون ايضا بناء المنصات للخطباء واستخدام الخيم طيلة فترات الاعتصام اضافة الى اللافتات او الشعارات التي تعتبر تشهيرية او مهينة للديانات او المؤسسات العامة، واعتبر احمد عزت رئيس القسم القانوني في مؤسسة حرية الفكر والتعبير ان هذا المشروع يفرض قيودا على حق التظاهر وينتهك كل مبادىء حرية التعبير.

على الصعيد نفسه قال محامون حقوقيون في مصر إن شابا مريضا بالسكري محتجزا بعد اشتباكات بين الشرطة ومحتجين بمدينة الإسكندرية توفي بعد رفض إدارة السجن إدخال أدوية إليه، وقال مصدر أمني طلب ألا ينشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام إن شعبان "مات في مستشفى السجن." وأضاف "هي حالة مرضية عادية."

إلا أن المحامي الحقوقي محمد حافظ قال إن والدة شعبان قالت إنها حاولت إدخال الدواء لابنها لكن مسؤولي السجن رفضوا بحجة عدم وجود مبرد لحفظ الإنسولين.

وفي أواخر يناير كانون الثاني توفي نشط يدعى محمد الجندي (28 عاما) قال نشطاء إنه ألقي القبض عليه في الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك ونقل إلى مركز احتجاز بضواحي العاصمة وعذب ثم ألقي به في حالة غيبوبة قرب مستشفى عولج به لقترة وجيزة ثم توفي. بحسب رويترز.

من جهته قال نشط مصري معارض إن رجالا خطفوه وهددوه بسبب نشاطه المناويء للإسلاميين وقيدوا يديه وأحرقوا ظهره بالماء المغلي قبل أن يلقوا به في مكان بعيد عن القاهرة، ويعمل إبراهيم حنفي مع الجبهة الحرة للتغيير السلمي التي يقول إنها تجمع أدلة على "مخالفات" ارتكبها سياسيون في جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي.

وقال متحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين إن الجماعة لا صلة لها بهذا العمل أو أي حالات أخرى، وأكد مصدر أمني أن حنفي عثر عليه مقيدا بعد تعرضه للضرب، ويقول نشطون معارضون إن عددا من زملائهم هوجموا في الشهور الماضية بعد انتقادات للحكومة التي تقودها جماعة الإخوان التي وصلت للسلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. بحسب رويترز.

من جانب آخر أدان السياسي المصري الليبرالي محمد البرادعي النظام الحاكم في بلاده الذي يقوده اسلاميون لعدم اعتقاله داعية سلفيا قال إنه يجب أن يحكم على البرادعي بالاعدام، وأظهر مقطع فيديو لقناة الحافظ الدينية المصرية نشر على الانترنت الداعية السلفي محمود شعبان يقول "ما لا يعلمه كثيرون أن جبهة الإنقاذ بقيادتها التي تبحث عن الكرسي بوضوح الآن حكمها في شريعة الله القتل". بحسب رويترز.

الى ذلك قالت مصادر قضائية ومحام إن النيابة العامة المصرية أخلت سبيل أستاذ للبلاغة بجامعة الأزهر كان قد أفتى بأن حكم قادة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة الساعين للحكم هو القتل وذلك بعد دفع كفالة خمسة آلاف جنيه (740 دولارا)، واتخذت هذه القضية بُعدا خاصا إذ تزامنت مع مقتل المعارض العلماني التونسي البارز شكري بلعيد على يد مُسلح مجهول في أول اغتيال سياسي تشهده تونس منذ عقود في واقعة أحدثت هزة في بلد لا يزال يسعى إلى الاستقرار بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير كانون الثاني عام 2011.

من جهتها عبرت الولايات المتحدة عن قلقها من تزايد الاستقطاب السياسي في مصر و"مناخ الحصانة" من العقوبة فيما يتعلق بانتهاكات الشرطة وقوات الأمن.

وفي مؤتمر صحفي تجنب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لحقوق الانسان والديمقراطية والعمل مايكل بوزنر توجيه أي انتقاد مباشر لحكومة الرئيس محمد مرسي التي يقودها الاخوان المسلمون.

لكنه دعا إلى معالجة بواعث قلق الشباب الاقتصادية والسياسية والتي قادت إلى احتجاجات عنيفة في الآونة الأخيرة وطالب الحكومة بأن "تتواصل بشكل كبير" مع القوى السياسية والاجتماعية الأخرى وأن تعقد مشاورات لبحث المخاوف من الدستور ذي الصبغة الاسلامية الذي مررته في ديسمبر كانون الأول.

وقال بوزنر "هذا يساهم في ظهور مناخ حصانة وعدم وجود محاسبة جادة على هذه الافعال" مضيفا أن السلطات لم تتمكن ايضا من تحديد هوية ومعاقبة المسؤولين عن "عدد مثير للقلق من حالات الاغتصاب واعمال عنف أخرى ضد المرأة."

الى ذلك قالت السلطات المصرية إنها طعنت على حكم بحظر موقع يوتيوب لتبادل ملفات الفيديو في البلاد لمدة شهر لوجود مقاطع عليه من الفيلم المسيء للنبي محمد وقالت إن من غير الممكن تنفيذ الحكم، وقال بيان نشر على موقع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إن قيادات الوزارة وقيادات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات اجتمعت مع خبراء الاتصالات والقانون والاقتصاد والإدارة لبحث آليات تنفيذ الحكم وإن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أقام "إشكالا لوقف تنفيذ الحكم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/شباط/2013 - 9/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م