بنديكتوس السادس عشر... بابوية بين فشل وفضائح

 

شبكة النبأ: استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر والتي أعلنت بشكل المفاجئ تركت الكثير من علامات التعجب خصوصا وانها حدث غريب ومهم هز أركان الكنيسة الكاثوليكية من جديد أعاد الى الأذهان ما حدث منذ أكثر من 700 سنة عندما تخلى سلستين الخامس عن منصبه قبل تنصيبه حبرا اعظم في 1294، وعلى الرغم مما قيل عن وضعه الصحي وغيرها من التصريحات الأخرى التي صرح بها البابا وأكد ان استقالته كانت بسبب تقدمه في السن الذي يعد يسمح له بتولي مهمة رئاسة الكنيسة الكاثوليكية. فان هناك من يؤكد ان الاستقالة كانت لأسباب أخرى أهمها ضعف البابا في إدارة شؤون الكنيسة التي تحولت في عهده الى ثكنة خاصة بالفضائح والممارسات الغير أخلاقية المتكررة التي قام بها العديد رجال الدين او أتباع الكنيسة. وهو ما تسببت بإحراج الكرسي البابوي الذي أصبح ضعيفا ومهزوز أمام تلك التجاوزات المستمرة يضاف الى ذلك الخلافات المستمرة والغير معلنة التي تدور في أروقة الكنيسة، هذا ولا يستبعد ان يكون البابا قد تعجل في الاستقالة خوفا من ظهور فضيحة خاصة به خصوصا بعد سرقة العديد من الوثائق السرية المهمة.

وخلال ولايته البابوية التي استمرت ثماني سنوات, واجه البابا الكثير من الفضائح والأزمات التي أثرت علية وعلى أتباعه، حيث تسببت زيارته الى ألمانيا لألمانيا أول أزمة كبيرة في بابويته عندما اقتبس خلال محاضرة ألقاها بجامعة ريجنسبرج عن امبراطور بيزنطي في القرن الرابع العشر قوله إن الإسلام لم يجلب على العالم إلا الشرور وإنه انتشر بحد السيف. وبعد احتجاجات تخللتها هجمات على كنائس في الشرق الأوسط ومقتل راهبة في الصومال قال البابا فيما بعد إنه يأسف لأي سوء فهم نتج عن خطبته.

وفي خطوة اعتبرت على نطاق واسع تصالحيه قام البابا بزيارة تاريخية لتركيا في أواخر 2006 وصلى في الجامع الأزرق باسطنبول مع مفتي تركيا. لكن بعد ذلك بشهور التقى البابا مع الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي الذي قال إن الجروح بين المسيحيين والمسلمين لا تزال "غائرة" بسبب خطاب ريجنسبرج. وواجه البابا ايضا اخطر فضيحة تحرش جنسي بالأطفال التي سببت أزمة في الكنيسة المعاصرة.

والعام الماضي واجه بنديكتوس السادس عشر داخل جدران الفاتيكان، فضيحة تسريب وثائق سرية أدت الى إدانة كبير خدمه باولو غابرييلي. وكان لخيانة احد المقربين منه تأثير كبير. وفي العام الماضي ايضا جمع مؤتمر كبير نحو 200 شخص من بينهم أساقفة وزعماء دينيون وضحايا اعتداءات وعلماء نفس. وقال مسؤولون ان نحو 600 قضية إساءة يتم الإبلاغ عنها سنويا.

وقال البابا انه في الأشهر الأخيرة شعر بتعب كبير لدرجة انه "بات علي الاقرار بعجزي عن القيام بالمهام الموكلة الي بشكل جيد". وفي كتاب بعنوان "أضواء العالم" نشر في 2010، أشار البابا الى امكانية استقالته في حال شعر انه لم يعد قادرا على الاستمرار في منصبه. وردا على سؤال للصحافي الالماني بيتر سيفالد، قال البابا انه "يحق له، ووفقا للظروف، من واجبه ان ينسحب" اذا شعر ان قواه "الجسدية والعقلية والنفسية" تخونه.

واعلن الناطق باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي ان البابا سيودع المؤمنين خلال لقاء عام في ساحة القديس بطرس في 27 شباط/فبراير. وعندها تبدأ مرحلة "الكرسي الشاغر". وسيجتمع الكرادلة لانتخاب خلف للبابا اذا امكن قبل عيد الفصح في 31 اذار/مارس. وخلال هذه الفترة الانتقالية، سيصبح وزير دولة الفاتيكان تارتشيتسيو بيرتوني المسؤول عن الفاتيكان. ويتم التداول حاليا بعدة اسماء لخلافة البابا مثل اسقف ميلانو انجيلو سكولا او مانيلا لويس انطونيو تاغل او ساو باولو كلاوديو اومس او نيويورك تيموثي دولان او الكندي المونسينيور مارك ويليه.

ويرى الكاهن الايطالي اندريا غالو ان البابا بنديكتوس السادس عشر باستقالته وجه رسالة أخرى "انه نظرا الى الفضائح والانقسام غير الجلي (مع الاصوليين) والتراجع الكبير في الدعوة وشغور الاديرة للرجال والنساء والعدد الكبير من الكاثوليك الذين يتخلون عن الكنيسة في اوروبا والعالم، ادرك انه يجب معالجة هذه المشاكل بعقد مجمع مصغر هو مجمع الفاتيكان 3". وقال غالو الذي يعتبر من الكهنة الأكثر تحررا في ايطاليا ان من "المواضيع الأساسية" الواجب التطرق اليها "المجمعية وأخلاقيات علم الأحياء والجنس الذي يجب ان يعتبر هبة من الله والعزوبية وسيامة النساء".

الى جانب ذلك قال لومباردي إن البابا لا يعاني من مرض معين وإن قراره بالتنحي اتخذ دون التعرض لضغط خارجي. والبابا بنديكت هو أول بابا ألماني منذ نحو 1000 عام وثاني بابا غير إيطالي على التوالي. ودأب على السفر حيث كان يقوم بنحو اربع رحلات خارجية سنويا لكنه لم ينجح ابدا في حشد نفس شعبية سلفه.

على صعيد متصل وفيما يخص فضائح الكنيسة قضت محكمة أمريكية بسجن قس كاثوليكي في ولاية بنسلفانيا ثمانية أعوام بعد أن اعترف باتهامات تتعلق بحيازة مواد تصور أطفالا في أوضاع مخلة بالآداب. وكان بارتلي سورنسن (63 عاما) الراعي السابق لكنيسة سان جون فيشر الواقعة على مشارف بيتسبرج قد أقر في مايو أيار بتلقي وحيازة آلاف الصور الإباحية لأطفال.

وألقي القبض على سورنسن بعدما رآه موظف بالأبرشية كان قد تدرب على كشف مستغلي الأطفال جنسيا وهو يشاهد مواد إباحية على جهاز الكمبيوتر الخاص به ومن ثم أبلغ السلطات. وعندما فتش المحققون مكتب سورنسن في الكنيسة عثروا على خمسة آلاف صورة على ثلاث اسطوانات مضغوطة إلى جانب صور فوتوغرافية وتسجيلات مصورة. وأصدر القاضي آلان بلوش حكما على سورنسن بالسجن 97 شهرا في سجن اتحادي ثم الخضوع للمراقبة لمدة خمسة أعوام. كما ألزم القاضي القس الموقوف عن العمل بدفع غرامة قدرها 25 ألف دولار.

من جانب اخر استغل رئيس كنيسة الروم الكاثوليك في أستراليا الأسقف جورج بيل احدى العظات ليعتذر لجميع من عانوا "تجني" القساوسة والمعلمين المسيحيين. وعبر بيل أيضا عن شعوره بالصدمة والخجل للكشف عن الأخطاء والجرائم التي ارتكبها هؤلاء. وجاء اعتذار رئيس الكنيسة، وأسقف مدينة سيدني في رسالة بالفيديو بثها التليفزيون الأسترالي.

وقال بيل إن "قلبي يتفطر لهؤلاء الذين لا يشعرون بالسلام في هذا الوقت، خاصة أولئك الذي عانوا تجني إخوانهم من المسيحيين، والمسؤولين والقساوسة ومعلمي الدين المسيحيين". "نحتاج إلى أن يكون إيماننا بالرب والحب والصلاح وسيلة تساعدنا على مواجهة هذه الكوارث، ومساعدة من أوذوا"

واعتذر بيل عن حدوث هذا، معبرا عن الشعور بالصدمة والخجل من جميع أبناء الطائفة بسبب التقارير عن الجرائم والأخطاء. ولم يشر بيل إلى الإساءة الجنسية للأطفال، وقال إن الأذى الذي وقع كان أمرا مخالفا تماما للتعاليم المسيحية. وأضاف بيل "نحتاج إلى أن يكون إيماننا بالرب والحب والصلاح وسيلة تساعدنا على مواجهة هذه الكوارث، ومساعدة من أوذوا".

وكانت رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا غيلارد قد أمرت بتشكيل لجنة ملكية للتحقيق في سلسلة من التقارير عن الإساءات الجنسية للأطفال في أستراليا، التي كانت كنيسة الروم الكاثوليك ضالعة في كثير منها. وطلبت غيلارد أن يشمل التحقيق جميع المنظمات الدينية، والمدارس، ودور الرعاية التي تشرف عليها الدولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/شباط/2013 - 7/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م