الجنيه المصري يترنح وسط مزايدات الدول الاقليمية

تدخل خليجي واغراء ايراني وتحذير أمريكي

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تدرك جيدا الدول الاقليمية والدولية ان لسياسة المصرية بصورة عامة رهن بالجنيه المصري ومدى قوته محليا وخارجيا، وهو ما يعادل الخاصرة الضعيفة في الدولة المصرية كونها كانت ولا تزال تعاني مشكلة في مستويات الدخل القومي بشكل عام.

فيما كان للإحداث التي اعقبت انهيار النظام الديكتاتوري السابق دورا كبيرا في زعزعة الاستقرار النسبي للعملة المصرية واقتصاد الدول بشكل ملحوظ، مما اتاح للدول الاقليمية موطئ قدم مؤثر في مجرى الاحداث الداخلية من جهة، ومكانة لفرض الاملاءات على السلطة في بعض القرارات السيادية من جهة أخرى.

حيث يؤكد معظم المراقبين على انتهاز بعض الدول الاوضاع الاستثنائية التي تعاني منها القاهرة لضرب الاقتصاد المصري وتكبيل الحكومة بالقروض التي تمنحها لها، في محصلة واحدة هي تجيير مصر الى جانب احد المحاور المتصارعة، نظرا للثقل السياسي الذي تتمتع به هذه الدولة.

فقد شهد الجنيه المصري اسوء اوقاته خلال الفترة القليلة الماضية، على الرغم من التدابير الحكومية لوقف تذبذب مستواه، ولوحظ مؤخرا عمليات استدراج وسحب كبيرة للعملات الاجنبية من الاسواق والمضاربة بها بشكل غير شرعي، الامر الذي انعكس سلبا على قيمة الجنيه وقوته الشرائية.

وأدى التهافت على تحويل حيازات الجنيه المصري إلى نقص في امدادات العملة الصعبة ودفع بعض المتعاملين إلى الشارع بحثا عمن يريدون بيع الدولار الأمريكي ما أدى لظهور سوق سوداء جديدة.

وبدأ الجنيه المصري في التراجع بفعل انتفاضة سياسية أطاحت بحسني مبارك من السلطة في 2011 وفقدت العملة المصرية الآن ثمانية بالمئة من قيمتها منذ 30 ديسمبر كانون الأول الماضي.

وسعر الجنيه أقل في السوق السوداء وهي علامة على أنه بالرغم من أن البنك المركزي تمكن من وقف تراجع العملة في السوق الرسمية فإن المصريين يخشون الاحتفاظ بحيازاتهم بالجنيه.

ويتجول بعض المتعاملين بحذر خارج مكاتب الصرافة المعتمدة والبنوك في القاهرة ويعرضون سعرا أفضل لمن يريدون بيع العملة الصعبة وهي طريقة غير قانونية.

وقال أحد المتعاملين "لا توجد دولارات. كل من يأتي يطلب دولارات لكن الامدادات شحيحة."

وأخذ البنك المركزي خطوات لادارة سعر الصرف من بينها تقليص نطاق تداول الجنيه.

وانعكس تراجع الجنيه في انخفاض الاحتياطيات الأجنبية المصرية التي هبطت إلى 13.6 مليار دولار في نهاية يناير كانون الثاني لتنزل عن مستوى 15 مليار دولار اللازم لتغطية واردات ثلاثة أشهر. وعشية الانتفاضة على مبارك كان مستوى الاحتياطيات 36 مليار دولار.

ويقول بعض المستوردين إنهم يضطرون لتدبير احتياجاتهم من العملة الأجنبية مما يسمونها السوق الموازية أو المفتوحة مما يؤدي لتعقيد مناخ الأعمال المتضرر بالفعل بسبب الاضطرابات السياسية.

وكان من المتوقع ابرام اتفاق مع صندوق النقد بشأن قرض قيمته 4.8 مليار دولار لكن المحادثات تأجلت بسبب عدم الاستقرار السياسي في مصر. وهذا ما افضى ايضا الى المساهمة في هبوط الجنيه المصري لمستويات قياسية.

ويقول محللون إن امدادات العملة الصعبة لم تنفد تماما من السوق بالرغم من خطوات السلطات للحد من انخفاض الاحتياطي الأجنبي مثل حظر السفر من وإلى البلاد بأكثر من عشرة آلاف دولار من العملة الأجنبية.

وقال وليام جاكسون اقتصادي الأسواق الناشئة في كابيتال ايكونوميكس ومقرها لندن "أحد الأمور الأساسية هو الدعم الذي تقدمه قطر" مشيرا إلى مساعدات بنحو خمسة مليارات دولار قدمتها قطر لمصر منذ تنحي مبارك. وقدمت السعودية أربعة مليارات أخرى.

ووصف جاكسون المساعدات الأجنبية التي جاءت في صورة منح وقروض وودائع بانها "سلاح ذو حدين" حيث أنها تمنح الحكومة وقتا لادارة خفض سلس في قيمة العملة لكنها قد تضر تعافي الاقتصاد مستقبلا إذا أغرت حكومة الرئيس محمد مرسي على عدم خفض الدعم واجراء الاصلاحات الاقتصادية الأخرى اللازمة للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد.

وأضاف مكررا وجهة نظر اقتصاديين آخرين أن قرض صندوق النقد مهم ليس لأنه سينعش الاحتياطيات فحسب ولكن لأنه سيكون من وجهة نظر المستثمرين ختم الموافقة على السياسات الاقتصادية المصرية.

فيما حثت الولايات المتحدة مصر على التحرك بسرعة لإبرام اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي وإصلاح قطاع الطاقة وحماية المستثمرين من "الأعمال التعسفية" لتفادي مزيد من التراجع الاقتصادي.

وفي تصريحات حادة على غير العادة قالت السفيرة الأمريكية آن باترسون إنه يتعين على الحكومة والمعارضة في مصر الكف عن تجاهل المشكلات الاقتصادية والعمل معا على حلها.

وأشارت باترسون إلى تناقص احتياطيات النقد الأجنبي في مصر وتزايد الاعتماد على واردات الغذاء والطاقة وقالت إنهما من العوامل الرئيسية المؤثرة على الاستقرار الاجتماعي.

وقالت "الأرقام في مصر ترسم صورة قاتمة: احتياطي النقد في مستوى حرج ما يقرب من 14 مليار دولار أو قيمة ثلاثة أشهر من الواردات." وأضافت أن الاحتياطيات ظلت صامدة بفضل ضخ سيولة متكرر من قطر وتركيا مشيرة إلى أن سوقا سوداء للدولار آخذة في النمو وأن سعر الصرف "يحتاج إلى احترام القوانين الأساسية للاقتصاد."

والى جانب تركيا وقطر والسعودية اصطفت الجمهورية الاسلامية في جبهة الصراع على الاقتصاد المصري، اذ عرضت ايران بدورها تقديم قرضا لمصر على لسان رئيسها محمود احمدي نجاد، حيث نقل عنه قوله إن إيران عرضت قرضا على مصر.

وكان محمد مرسي أول رئيس إسلامي لمصر استقبل أحمدي نجادي استقبالا رسميا وهو أول زعيم إيراني يزور مصر منذ ما يزيد عن 34 عاما. وصرح نجاد في مقابلة نشرتها صحيفة الاهرام المصرية "قد اعلنت من قبل ان يمكننا ان نقدم خط ائتماني كبير للأخوة المصريين وكذلك خدمات عديدة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/شباط/2013 - 4/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م