سلفيو مصر... انحدار بدء بليلى علوي ولم ينتهي بمحمد البرادعي!

 

شبكة النبأ: على الرغم من قصر الفترة الزمنية التي اتاحت لسلفيي مصر الصدارة في المشهد السياسي والاجتماعي الذي اعقب انهيار نظام حسني مبارك الديكتاتوري، الا ان الكثير من المعطيات عن سيرة وفكر تلك الجماعة تشير الى انها تنحدر بشكل مؤكد الى هاوية النهاية بسرعة لم تكن متوقعة.

اذ بدت تلك الجماعة الطارئة على الشعب المصري غير قادرة على فهم البيئة المحيطة بها او التفاعل الايجابي معها، خصوصا انها تصدت بشكل قوي للعمل السياسي الذي عادة ما يكون بحاجه الى براغماتية للوصول بنجاح الى السلطة.

ويتهم معظم المراقبين للشؤون المصرية تلك الحركة بمحاولة فرض اجنداتها بالقوة على التيارات المخالفة لتوجهاتها، اسلامية كانت ام علمانية، عبر التمسك بما بات يعرف الفتاوى الشرعية التي تستند عليها لمواجهة المخالفين.

حيث أثارت تصريحات أدلى بها الداعية السلفي، الشيخ محمود شعبان، لإحدى المحطات الفضائية المصرية، فهمت على أنها فتوى تفيد بالحكم على قادة جبهة الإنقاذ المعارضة حمدين صباحي ومحمد البرادعي، "التي تريد حرق مصر وتبحث قادتها عن كرسي الرئاسة في شريعة الله هو القتل،" أثارت العديد من النشطاء على مواقع الشبكات الاجتماعية الذين طالبوا مؤسسة الأزهر بالتحقيق مع هذا الشيخ.

إلا أن الداعية شعبان، وهو أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر، نفى أن يكون قد أصدر فتوى، وقال في تصريحات خاصة لموقع CNN بالعربية:" لم أصدر فتوى بقتل البرادعي وصباحي،" مشيرا إلى انه كان قد ذكر في المقابلة التي أجريت معه على فضائية الحافظ، حديث لصحيح مسلم لـ"النووي" مستنداً لقول رسول الله ''من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر."

وأضاف الداعية، الشهير بمقولة "هاتولي راجل"، انه كان يتحدث بشأن من يفرق أمر الأمة، وانه طلب رأي هيئة كبار العلماء في الأزهر فيمن يخرجون على الرئيس محمد مرسي طمعا في كرسي الحكم وإحراق البلاد.

كما أشار إلى من وصفهم بـ"أهل الإثارة ممن لا يخافون الله،" بأنهم يبحثون عن إنزال هذا الحديث على الواقع، والإشارة لبعض الأسماء بعينها، مشيرا إلى أنه بالفعل قد وصف جبهة الإنقاذ بأنها "جبهة خراب مصر."

من جانبه، حذر البرادعي في تغريدة له على موقع تويتر، من وجوب القتل باسم الدين قائلا: "عندما يفتي "شيوخ" بوجوب القتل باسم الدين دون أن يتم القبض عليهم، فقل على النظام ودولته السلام. كم من الجرائم ترتكب في حق الإسلام وباسمه!"

أما سمر فرج فوده، ابنة الكاتب والمفكر المصري، الذي تم اغتياله على يد جماعة "إرهابية" آنذاك عام 1992 في القاهرة، فقد خاطبت البرادعي وحمدين برسالة على تويتر جاء فيها: "أبي قتلوه بعد فتوى إهدار دمه، لا تستهينوا بما حدث وبما يقولون فهم مرضى.. عقلهم يصور لهم أنهم يحموا الإسلام وينصرونه."

أما عمرو عز، عضو المكتب التنفيذي للتيار الشعبي، فقال إن فتوى قتل البرادعي وحمدين أمر متوقع بعد أن أصبحت الجماعات المتشددة مطلقة اليد، وتتهاون معها الشرطة، حيث يحصلون على حماية مختلفة عن باقي المصريين.

وأشار عز، في تصريح خاص لموقع CNN بالعربية، إلى استهداف المعارضين والناشطين السياسيين في مصر، مثل حادث مهند وكرستي ومحمد الجندي، ولكنها تتم بطريقة ليست بالصراحة والوضوح كتلك التي حدثت بحق المعارض التونسي شكري بلعيد.

وقال عز إن جماعة الإخوان التي أصبحت على رأس السلطة لديها إحراج شديد بتطبيق القانون تجاه المتشددين من الإسلاميين كونهم فصيل إسلامي، وفي نفس الوقت لا يمكن استبعاد خشيتهم من معاداة تلك الجماعات حتى لا يصبحون في موقف ضعيف في وقت حصلوا فيه على مساندة قوية منهم.

فيما أعلن الداعية السلفي الشيخ عبدالله بدر، الذي قضت محكمة مصرية بسجنه وتغريمه بعد إدانته بتهمة "سب وقذف" الممثلة إلهام شاهين، أنه لن يعاود الظهور على التلفزيون، مشيرا إلى امتعاض البعض في القناة الدينية التي يظهر فيها من أسلوبه، وأضاف أنه "عصبي" عند دفاعه عن دينه ويشعر بأنه "مفروم."

وقال بدر، خلال ظهوره على فضائية "الحافظ" الدينية: "أنا رجل الإسلام لحمي ودمي، ومن يقترب من ديني فأنا مستعد لأكله، ودخلت السجون وتحملت فيها ما لا يتحمله بشر لأنني كذلك، ولهذا ترون علي هذا الألم والغضب عندما يقترب أحدهم من ديني أو رموز ديني."

وأضاف: "هناك من يرى أن هذا الأمر غير صحيح، وأنه يجب التعامل برفق ولين، ولكنني لست كذلك، فمن يقوم بالاعتداء على ديني فلن يحتاج مني للرفق أو اللين.. وقد يكون هناك الكثير من الناس، وبينهم سياسة القناة، يرون أنني عصبي، ولذلك أعتذر عن الظهور في أي قناة، وأدعو الإعلام الفاسد ألا يخرج غدا ليقول أنني فسخت عقدي."

وأعرب بدر عن رغبته بالحصول على قسط من الراحة قائلاً: "سأرتاح.. لأنني أشعر بأنني أتفرمت وأعصابي بدأت تحترق، وأنا هكذا غيور على ديني بهذه الطريقة، ولدي لقاء مع القناة غدا (اليوم الخميس) وبعدها سأريح نفسي ولن أخرج (على التلفزيون) إلا بعد أن يذهب الباطل لوحده، فعندما يحصل ذلك سأعود، وسأترك المكان للناس الحلوة التي تعتقد بإمكانية أن يموت الباطل بمفرده."

وكانت محكمة مصرية قد أصدرت منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي حكما بالسجن على البدر لمدة سنة وتغريمه مبلغ 20 ألف جنيه، بعد إدانته بتهمة "سب وقذف" الممثلة إلهام شاهين، خلال برنامجه الذي يقدمه على إحدى القنوات الدينية، في قضية أثارت جدلاً واسعاً في الشارع المصري.

وردت شاهين بالقول إن الحكم يمثل "رسالة للكثيرين مثله، لأن يتقوا الله في دينهم ورسالتهم للمجتمع"، ولفتت إلى أن الحكم لا يرد فقط الاعتبار لها، ولكن أيضاً لزملائها، وأشارت في مقابلة سابقة من CNN بالعربية إلى وجود من يعتقد بأن بدر "مهووس" بها.

الأمر بالمعروف

على صعيد متصل نفت وزارة الداخلية المصرية أن تكون قد تلقت طلباً من شخص يدعي أنه مؤسس ما يسمى بـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، لاعتماد الهيئة كخطوة للتطبيق الفعلي للشريعة الإسلامية، في الوقت الذي أكد فيه الأزهر أن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في أي مجتمع، تقع فقط على الدولة.

من جانبه، قال صاحب فكرة تأسيس "ائتلاف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، الشيخ هشام العشري، إنه لا يسعى إلى تأسيس "هيئة"، وإنما يسعى إلى ما أسماه "مجرد ائتلاف"، لتصحيح "الفكرة السيئة" عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون هذا هو "دور الشرطة، تحت إشراف فني من الأزهر الشريف."

وذكر العشري أن هذا الائتلاف سيسعى إلى أن "تُحكم مصر بالشريعة الإسلامية، وأن يكون العقاب طبقاً للشريعة الإسلامية، وليس القوانين الوضعية، كما أكد أن الائتلاف سيؤكد على ضرورة ارتداء الزي الإسلامي للرجال والنساء، وتحريم الخمور، كما أنه سينهى الناس عن الشرك والكفر، حتى لا يموت الإنسان كافر غير موحد."

وطالب الشيخ العشري، في تصريحات تلفزيونية مساء الأربعاء، أوردها موقع "أخبار مصر"، الناس بعدم الخوف من فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشدداً على أن هدفه هو "تصحيح فكرة الناس"، وأن دوره سيكون "الإرشاد والتصحيح."

من جانبه، أكد مصدر في مشيخة الأزهر، رداً على ما تردد في إحدى الصحف المستقلة والقنوات الفضائية، على لسان شخص ليس من علماء الأزهر، بسعيه لتأسيس ما يسمى "ائتلاف" أو "هيئة" للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أن مسئولية ذلك تقع على الدولة، ولا دخل للشعب أو الأفراد بها.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المصدر قوله إن "علماء الأمة والمجامع الفقهية أكدوا أن هذا الأمر يعود للدولة لا الأفراد، وذلك منعاً لانتشار الفوضى، ولتحقيق الاستقرار بالمجتمع"، وفق ما أورد موقع التلفزيون المصري.

وشدد المصدر نفسه على "ضرورة الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة"، وأن يقوم بها العلماء وذوو العلم، وأهمية إرجاع الأحاديث النبوية لمصادرها الأصلية، منعاً لفوضى الفتاوى.

قتل اليهود

من جانب آخر هدد قيادي بارز بتنظيم الجهاد الإسلامي في مصر، بالعودة إلى العنف وتسليح أعضاء التنظيم لمقاتلة اليهود من أصحاب الأصول المصرية في حال عودتهم إلى مصر، وذلك في رده على دعوة عصام العريان، نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة،" الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين" بعودتهم إليها.

وقال رئيس حزب "السلام والتنمية"، محمد أبو سمرة، لـCNN بالعربية: "هؤلاء اليهود خرجوا من مصر بإرادتهم وعن طريق عدد من المنظمات اليهودية، حيث اشتركوا مع الجيش الإسرائيلي في كل الحروب التي خاضها ضد مصر."

وكان العريان قد دعا اليهود من أصل مصري بدولة إسرائيل، الذين تركوا البلاد بعهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى العودة لمصر، مؤكدا أن ذلك" سيعجل بعودة الفلسطينيين إلى أرضهم".

وأضاف أبو سمرة أنه "لا يعلم مغزى تصريحات العريان وتوقيتها، إذ لم يكن هذا الأمر ضمن حوار مجتمعي مثلا،" معتبرا أن تبريره لها بأنها تمهد لعودة الفلسطينيين "أمر غير مقبول،" مضيفا أن العريان "يعلم جيدا، وكذلك جماعة الإخوان، أنه لن تقوم الساعة قبل إقامة دولة فلسطينية ومقاتله اليهود، بحسب العقيدة الإسلامية."

كما رفض القيادي بالجهاد موقف رئاسة الجمهورية، محمد مرسي، من تصريحات العريان بأنها "تعبر عن رأي شخصي،" لاسيما وأنه "نائب رئيس الحزب الحاكم ويشغل منصب مستشار الرئيس."

وذكر أبو سمرة بأن تنظيم الجهاد الإسلامي نبذ العنف منذ عام 1995، ولن يعود إليه إلا في حالة الانقلاب على الشرعية، للتحول لنظام ديكتاتوري "مثلما كان في العهد السابق" على حد قوله، حتى وان لم يكن الحاكم منتميا لتيار إسلامي.

وكان ياسر علي، المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، قد أكد بوقت سابق، أن الرئاسة غير مسؤولة عن التصريحات التي أدلى بها العريان حول اليهود، موضحا أنها أن آراء شخصية خاصة به. كما انتقد رئيس مجلس الشورى، أحمد فهمي دعوة العريان، وقال إنها لا تمثل مجلس الشورى، أو وجهة نظر حزبه.

ازمة انشقاقات

الى ذلك اختار حزب النور السلفي الذي كان ثاني اكبر الاحزاب الممثلة برلمانيا في مجلس الشعب المصري المنحل، يونس مخيون رئيسا جديدا له بالتزكية بعد اسبوع من تاسيس رئيسه السابق لحزب سلفي جديد باسم "الوطن" والذي شق الصف السلفي لفريقين. واختارت الجمعية العمومية لحزب النور في اجتماع يونس مخيون رئيسا جديدا للحزب كما انتخبت هيئة عليا جديدة ونائب رئيس وامين عام جديدين.

ومخيون من قيادات "الدعوة السلفية" وهي اكبر حركة للسلفيين في مصر ويعد حزب النور الذراع السياسية لها. وكان الرئيس السابق لحزب النور عماد عبد الغفور، الذي يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية للتواصل المجتمعي، استقال من رئاسة الحزب ومعه 150 اخرين من قيادات الحزب.

واسس عبد الغفور حزبا سلفيا جديدا تحت اسم "الوطن" كما دشن تحالفا انتخابيا تحت اسم "ائتلاف الوطن الحر" مع قيادي سلفي اخر هو حازم صلاح ابو اسماعيل واحزاب سلفية واسلامية صغيرة.

وبحسب تقارير صحفية، فان الخلافات التي نشبت داخل حزب النور في ايلول/سبتمبر الماضي ترجع الى صراع داخلي بين مجموعتين الاولى يمثلها قادة الدعوة السلفية في الاسكندرية الذين سيطروا على عملية اتخاذ القرار ومجموعة يقودها عبد الغفور رفضت هذه السيطرة.

ومن شان الحزب الجديد لعبد الغفور ان يقسم الحصة التصويتية للسلفيين في الانتخابات التشريعية الجديدة.

ومن غير المتوقع ان يخوض الحزبان السلفيين "النور" و"الوطن" الانتخابات في قائمة واحدة، حسبما قال شعبان عبد العليم عضو الهيئة العليا لحزب النور لوكالة فرانس برس.

وقال يونس مخيون في كلمة له بعيد انتخابه "نسعى الي تطبيق الشريعة الاسلامية من اجل مصر وسنعمل على تنقية كل القوانين مما يخالف الشريعة الاسلامية" واضاف " البلد بلدنا جميعا ولا نريد الانفراد بالسلطة على الاطلاق".

وردد حضور المؤتمر هتافات "اسلامية اسلامية" اثناء القاء مخيون لكلمته. ويواجه السلفيون انتقادات واسعة من الاحزاب الليبرالية واليسارية التي تتهمهم بتبني تفسير متشدد للاسلام من شانه المساس بحقوق المرأة والاقباط.

وخلال كلمته حاول مخيون بعث رسائل طمأنة للاقباط بقوله "انتم في امن وامان وسلامة كاملة ولن تروا منا الا القسط والبر"، كما خاطب المرأة قائلا "لا يوجد شريعة على وجه الارض اعطت المراة حقها كما اعطت الشريعة الاسلامية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/شباط/2013 - 3/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م