لعبة القط والفأر بين إيران والغرب

لا نهاية في الأفق

كلايد راسل

يبدو أن إيران حققت نصرا جديدا في لعبة القط والفأر مع الغرب حيث ارتفعت صادراتها من النفط في ديسمبر كانون الأول لأعلى مستوى منذ بدء سريان عقوبات أوروبية.

ورغم مساعي الغرب الجادة لتقليص تجارة النفط الإيرانية فإن حرب الإجراءات والإجراءات المضادة تجعل المواجهة أشبه بأفلام الرسوم المتحركة للقط توم والفأر جيري إذ يحقق كل طرف نصرا صغيرا دون أن يحسم المعركة لصالحه.

وبحسب مصدرين في قطاع النفط وبيانات جمركية وملاحية جمعتها رويترز بلغت صادرات إيران 1.4 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي وهو أعلى مستوى منذ يوليو تموز حين بدأ سريان العقوبات الأوروبية.

ومازالت الصادرات أقل من مستواها في 2011 حين بلغت 2.2 مليون برميل يوميا لكنها أعلى من مستواها في سبتمبر أيلول حين نزلت إلى 900ألف برميل يوميا.

ومن المرجح أن تعزز زيادة الصادرات اعتقاد إيران بقدرتها على تخطي العقوبات الأمريكية والاوروبية الرامية لحملها على فتح برنامجها النووي أمام المفتشين الدوليين.

لكن في أغلب الأحيان تكتشف إيران أن مكاسبها قصيرة الأمد كما هو الحال في المعارك بين توم وجيري.

وترجع معظم نجاحات إيران لقدرتها على الحفاظ على الامدادات لأكبر زبائنها في آسيا الصين والهند.

وارتفعت واردات الهند من إيران 29 بالمئة إلى 276 ألف برميل يوميا في ديسمبر كانون الأول مقارنة بنوفمبر تشرين الثاني واشترت الدولة الآسيوية 315 ألف برميل يوميا في المتوسط في 2012 بانخفاض 1.7 بالمئة فقط عن متوسط عام 2011 البالغ 320 ألف برميل يوميا.

وتبدو هذه الجهود غير مقنعة من جانب حليف رئيسي للولايات المتحدة وأوروبا كي يخفض مشتريات النفط من إيران رغم أن الهند قلصت الواردات بنسبة 19 بالمئة في أول تسعة أشهر من السنة المالية وسنة التعاقد التي بدأت في ابريل نيسان.

واشترت مؤسسة النفط الهندية الخاضعة لسيطرة الدولة كميات أكبر من النفط الإيراني في ديسمبر وفاء بعقدها السنوى.

غير أن الواردات ربما تنخفض بين عشرة و15 بالمئة في عقد العام المقبل حسب تقول مصادر وذلك في إطار سعي الهند للحفاظ على الاستثناء الممنوح لوارداتها من النفط الإيراني.

وارتفعت واردات الصين من إيران إلى 593 ألفا و400 برميل يوميا في ديسمبر وهو ثاني أعلى مستوى للواردات في 2012 بعد يونيو حزيران نتيجة تراجع حدة التأخير في توريد شحنات بعد إضافة إيران سفنا مستعملة لأسطولها.

وفي عام 2012 نزلت واردات الصين من إيران بنسبة 21 بالمئة إلى 438ألفا و448 برميلا في اليوم لكنها تظل أكبر مشتر للنفط الإيراني.

وتقول مصادر في الصناعة إن الصين ربما تخفض مشترياتها أكثر في 2013 وبما يصل إلى 40 ألف برميل يوميا.

ولكن على أحسن تقدير تبدو الصين والهند غير متحمستين للعقوبات الغربية ومازالت تحدوهما الرغبة في شراء النفط الايراني والمساهمة في التغلب على مشاكل من بينها الحظر الأوروبي على قيام شركات إعادة التأمين - التي تهيمن على السوق العالمية - بتغطية السفن التي تنقل شحنات إيرانية.

وربما تكون استجابتهما لأحدث العقوبات الأمريكية ذات دلالة.

فبداية من السادس من فبراير شباط يقضي قانون أمريكي بالاحتفاظ بالأموال التي تسدد مقابل شراء نفط إيراني في حساب مصرفي بالدولة المشترية ويستغل فقط لحساب التجارة الثنائية مع إيران لشراء سلع لا يشملها الحظر.

ويواجه أي بنك ينتهك هذه الإجراءات خطر الاستبعاد من النظام المالي الأمريكية وهو أمر لا يمكن أن يسمح به أي بنك كبير.

ومن الناحية النظرية فإن القانون يجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن تحصل إيران على أموال النفط.

لكنه أيضا لا يمنع إيران من شحن النفط لذا من المرجح بدرجة كبيرة أن يواصل الإيرانيون إمداد العملاء في آسيا بالنفط وفي نفس الوقت يحاولون البحث عن سبل للالتفاف حول الخطوات الجديدة ولديهم سجل ممتاز في هذا الصدد.

واشترت إيران مزيدا من الناقلات لتفادي العقوبات الخاصة بالتأمين وربما استغلت الغموض الذي يكتنف سوق النفط الحاضرة في آسيا لنقل شحنات.

وتكلف العقوبات الغربية إيران نحو 3.4 مليار دولار شهريا على أساس خسارتها صادرات تصل لنحو مليون برميل يوميا في وقت يصل فيه سعر مزيج برنت لنحو 115 دولارا للبرميل وهو أمر يبدو كافيا لإلحاق أضرار اقتصادية بإيران. إلا انه غير كاف لحملها على اعادة النظر في اسراتيجيتها النووية.

وتتكيف أسواق النفط مع غياب نصف صادرات إيران المحتملة بفضل الطلب الضعيف في أوروبا إلى جانب زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

والأمر الوحيد الجلي أن اللعبة أبعد ما تكون عن نهايتها.

* مقال نشر في وكالة رويترز

http://ara.reuters.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/شباط/2013 - 2/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م