ثورات الربيع العربي ومنحدر العنف والفوضى

هيمنة الاسلاميين وتراجع طموح الديمقراطية هزيمة للحريات والحقوق

 

شبكة النبأ: بعد عامين على انطلاق الربيع العربي والآمال التي أثارها، اتسعت اليوم هوة الفوضى وزاد العنف وتراجع الاقتصاد وفقد الاستقرار السياسي والامان الفعلي، فضلا عن المعاناة المستمر بشأن العدالة الاجتماعية والحقوقية، جل هذه الامور كانت هي مطالب الشعوب التي فجرت ثورات الربيع العربي المزعوم، حتى أصبحت اليوم بلدان الربيع العربي أكثر البلدان العربية والعالمية اضطرابا وانتهاكا للحريات والحقوق،  حيث يرى بعض المراقبين ان هذه الاضطرابات بسبب تواصل مسلسل الفوضى والتطرف وتزاحم المشكلات في طريق تقدم الديمقراطية بالدولة العربية الربيعية، لتنتج أزمة الحقوق في اغلب البلدان العربية، مما أثار استياء منظمات حقوقية محلية ودولية بشأن عدة قضايا حقوقية، جسدت صعوبة فرض احترام حقوق الانسان في منطقة تشهد تغييرات جذرية.

 فيما يتوقع بعض المحللين ان تصبح دول الربيع العربي أكثر سخونة في الأشهر المقبلة، نظراً لاحتمال حدوث عواقب وخيمة بسبب الاضطرابات المستمرة من حيث الأمن وسبل العيش والحريات، وعلى الرغم من أن الثورات العربية مازالت تتفاعل، وأن الربيع العربي وثوراته لم تكتمل بعد، وان ما حدث مجرد بداية، يتبعها مشوار مازال طويلا حتى تصل المنطقة إلى الاستقرار وتحقق الثورات أهدافها، إلا أن هذه الثورات هي صناعة شعبية شاركت فيها كل شرائح المجتمع، بكونها خطوة كبيرة قطعت من أجل تغير المستقبل القريب على الأقل، وأيضا تحقيق خطوة أخرى في طريق المساواة والحرية الإنسانية.

لكن ازدياد الانقسامات السياسية وتتعثر الحلول الناجعة وتراجع الاقتصاد وازدياد العنف، جميع هذه الامور تقف امام الحصول على الاستقرار الدائم في المجلات كافة، وأهمها امتلاك الحقوق الإنسانية، من اجل مجتمع أفضل وحياة كريمة، فيما تشكل هيمنة الإسلاميين على الساحة السياسية في اغلب دول الربيع العربي، صراعات وتحديدات جديدة تلوح بأفاق خطيرة على الأصعدة كافة.

إذ لم يكن الإسلاميون هم من أطلق شرارة الانتفاضات العربية التي هزت تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، لكنهم ابرز من قطف ثمار التغيير في تلك الدولة، مما اثار قلق الكثير من الليبراليين الذين يعارضون التحول الاسلامي لدول ظلت علماني على مدى عقود طويلة.

فيما توقع محللون آخرون بامتداد الربيع إلى الممالك العربية في العام الحالي، ومن بينها الأردن والدول الخليجية كافة، التي تتعرض لضغوط ومطالب متزايدة من لدن الشعب، وهذا يبعث الاستياء داخل  ملكيات الخليجية التي تقف اليوم على محك التغيير.

بينما يرى مراقبون في حال استمرار الجمود السياسية والتراجع الحقوقي في دول الخليج، فان الاسر الحاكمة قد تواجه عن قريب انتفاضات لا يمكن تفاديها في السنوات المقبلة، وعليه فعادة أي تغيير للنظام يصاحبه مخلفات تقود الى مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية التي لا تختفي بمجرد محو ذاك العهد، لذا فأن التغيير أوضح ملامح جديد للبلدان الثورية، وأن ثورات الربيع العربي فرصة تاريخية للعودة الى بيئة أقل فوضوية وخطوة مثالية لبناء مجتمعات أكثر تطورا على المستويات كافة، لا لتكوين ثورة أخرى من الفوضى والعنف.

احترام حقوق الانسان

فقد حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من ان الانظمة الجديدة التي انبثقت عنه غالبا ما تتجاهل حقوق الانسان مشددة على ان التحدي القائم الان يكمن في بناء ديمقراطيات تعتنق هذه المبادئ، وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية في لندن لدى عرضه التقرير العالمي 2013،" الذي تستعرض فيه المنظمة وضع حقوق الانسان في انحاء العالم "يتبين في نهاية الامر ان سقوط الانظمة الديكتاتورية لربما كان الجزء الاسهل" من الانتفاضات التي اسقطت انظمة متسلطة في عدد من دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، واضاف "ان الاصعب هو استبدال انظمة قمعية بديمقراطيات تحترم حقوق الانسان"، وجاء في التقرير ان "التوتر القائم فيما بين حكم الاغلبية واحترام الحقوق ربما كان أكبر تحد تواجهه الحكومات الجديدة" مضيفا "ربما كان قادة الشرق الأوسط بطبيعة الحال متلهفون لممارسة السلطة بموجب انتصاراتهم الانتخابية الجديدة، لكن عليهم أن يحكموا دون التضحية بالحريات الأساسية أو حقوق الأقليات والمرأة وغيرها من الجماعات المعرضة للخطر".

واشارت هيومن رايتس ووتش الى "الاختراق الذي حققته احزاب اسلامية تهدد باستخدام الديانة لالغاء حقوق المرأة والمنشقين والاقليات" باعتبار هذه الحقوق "مفروضة من الغرب" و"تتعارض مع الاسلام والثقافة العربية"، وتعتبر المنظمة مصر التي تشهد موجة جديدة من اعمال العنف تزامنت مع الذكرى الثانية للثورة التي اطاحت نظام حسني مبارك، المثال الذي يجسد صعوبة فرض احترام حقوق الانسان في منطقة تشهد تغييرات جذرية، ويتضمن الدستور المصري الجديد الذي اعدته لجنة هيمن عليها اسلاميون وشككت فيها المعارضة، "بنودا مبهمة" حول حرية التعبير والدين والاسرة "لها تداعيات خطيرة على حقوق المرأة وممارسة الحريات الاجتماعية التي يحميها القانون الدولي"، وفي ليبيا التي تعاني من هشاشة هيكيات الدولة الموروثة عن نظام معمر القذافي الذي قام على التفرد بالسلطة، تواجه السلطات الجديدة صعوبة في ضبط المجموعات المسلحة التي تشكلت خلال النزاع كما ترتكب الميليشيات التي تسيطر على عدة مناطق "انتهاكات جسيمة مع الافلات من العقاب"، وبعد عامين على اطاحة نظام معمر القذافي "لا يزال الاف الأشخاص وراء القضبان، بعضهم موقوفون لدى الحكومة واخرون لدى الميليشيات، دون امل بمحاكمتهم قريبا". بحسب فرانس برس.

كما اعربت المنظمة عن قلقها حول الوضع في سوريا التي تشهد اعمال عنف مستمرة منذ قرابة عامين. وترى المنظمة انه اذا "اصدر مجلس الامن قرارا باحالة الوضع في سوريا الى المحكمة الجنائية الدولية فهذا كفيل باحقاق العدالة لجميع الضحايا وهو الاجراء الكفيل بالمساعدة في ردع وقوع المزيد من اعمال القتل والانتقام الطائفي".

واعربت هيومن رايتس ووتش عن اسفها لعدم قيام العديد من الحكومات الغربية التي تدعم هذا الاجراء بفرض مزيد من الضغوط على روسيا والصين حليفتا سوريا لتتوقفا عن اعتراضه، وشددت على ان اقامة ديموقراطيات فعلية تحترم حقوق الانسان يمر ايضا بتشكيل مؤسسات حكومية فعالة ومحاكم مستقلة وشرطة مؤهلة، لكنها حذرت من ان صعوبة تحقيق ذلك لا يمكن ان تبرر "التطلع للعودة الى النظام السابق". وطالبت الدول الاخرى باستخدام نفوذها "وعدم التغاضي عن اعمال القمع"، ولو كان ذلك "مناسبا على الصعيد السياسي"، وذكرت المنظمة بان دعم الغرب لحقوق الانسان وللديموقراطية في الشرق الاوسط "تبين انه غير متساو عندما تدخل في الحساب المصالح النفطية والقواعد العسكرية او العلاقات مع اسرائيل".

علاقة غامضة بين ارهاب الاسلاميين وداعمي الربيع العربي

فيما أثارت الصحف الجزائرية الصادرة العديد من الاسئلة عن العلاقة بين القوى الاسلامية والجهادية التي تنامى حضورها في العامين الماضيين في العالم العربي والانظمة الغربية والعربية التي دعمت موجات الربيع العربي وذلك تزامنا مع الحرب في مالي والاعتداء الاخير في الجزائر وحلول الذكرى الثانية لثورتي تونس ومصر.

وتحت عنوان "ساحلستان والربيع العربي" كتب جمال لعلامي في صحيفة الشروق (مستقلة) "نفس الاطراف التي صنعت او على الاقل ركبت رياح الربيع العربي تستغل اليوم الربيع الافريقي الذي يراد له ان يهب على منطقة الساحل والصحراء الكبرى من خلال نافذة مالي فالحرب التي اندلعت منذ ايام مازالت تثير الغموض والابهام"، واضاف "المطالبة برحيل النظام لم تتوقف في مصر وتونس رغم الاطاحة بالانظمة السابقة (..) كما ان الثورة لم تسترح في ليبيا رغم تصفية +الزعيم+ السابق" و"في خضم نقل الثورة الى الفوضى يستمر قتل الابرياء والعزل في سوريا الجريحة ولم تتوقف مؤامرة تفتيت الامة العربية والاسلامية عند هذا الحد بل تم نقل الترسانة العسكرية باتجاه الصحراء الكبرى حيث تنام الثورات وأبار النفط واليورانيوم والذهب والالماس وكذلك معابر على بابا واللصوص الاربعين"، وتساءل صاحب المقال عن تناقض الحلف الاطلسي الذي "سمح لفصائل من الاسلاميين بمحاربة القذافي وقواته وساعدهم في ذلك (..) وفي سوريا الناتو لا يتدخل رغم وجود اسلاميين مسلحين منهم من اعلن التحضير لقيام دولة اسلامية، لكن في مالي القوات الفرنسية تتدخل (..) لمحاربة الاسلاميين"، ونشرت صحيفة الوطن (مستقلة صادرة بالفرنسية) في صدر صفحتها الاولى صورة لامير قطر الشيخ حمد بن خليفة أل ثاني مع عنوان بالخط العريض "لعبة قطر المثيرة للاضطراب" مع عنوان فرعي يشير الى "تزايد الاصوات التي تندد بامارة قطر الغنية التي يشتبه في +تمويلها+ مجموعات جهادية في شمال مالي وغيرها" خصوصا في فرنسا. بحسب فرانس برس.

وكتبت الصحيفة "ان امارة قطر التي انخرطت بالكامل في الاطاحة بالقذافي من خلال التحالف مع الناتو، برزت في خضم الربيع العربي، لاعبا +دبلوماسيا+ اساسيا في المشهد الاقليمي الجديد. وجعل الدور المتعاظم لهذه الامارة النفطية مخاطبا مفضلا وخصوصا حليفا غنيا للغرب"، واضافت "لكن في الحرب على المجموعات الارهابية في مالي، وبعكس ما كان متوقعا، فان الدوحة اخذت مسافة تجاه حليفتها باريس وتنتقد تدخلها العسكري (..) وهو موقف لم يكن منتظرا، على الاقل في باريس، ما اثار شكوكا في الاوساط السياسية والاعلامية (الفرنسية) وانطلقت الاسئلة من كل حدب بشان دور +مبهم+ لقطر (..) وروابط +مثيرة للشك+ مع منظمات متطرفة"، وتحت عنوان "الجهاديون هم ابناء المستبدين وليس الثورات" كتبت صحيفة +لوكوتديان دوران+ من جانبها "هل ان الجهاديين هم نتاج الربيع العربي؟ لا لقد اتاحت ثورتا تونس ومصر وخصوصا في ليبيا، للاسلاميين ان يتولوا السلطة وللجهاديين بان يستولوا على اسلحة جديدة، لكن الاسلاميين والجهاديين لم يولدوا مع الثورات، لقد ولدوا قبل ذلك كنتاج للانظمة والمستبدين وفشل الايديولوجيات القومية والظلم"، واكدت الصحيفة "ان الاسلاميين هم اولا الابن غير الشرعي والابن الاكبر للانظمة التي سقطت وللوهابية الدولية عبر الكتاب والاقمار الصناعية".

تقسيم سوريا وربيع الممالك العربية

على صعيد ذو صلة توقع تقرير إسرائيلي أن يشهد العام 2013 سقوط النظام السوري، وتقسيم الدولة العربية إلى عدة دويلات على أسس طائفية، واستمرار الاضطرابات في الشارع المصري، في ظل غياب أي بوادر لتحسن اقتصادي، مما قد يدفع الرئيس محمد مرسي، إلى "الارتماء" في حضن الغرب، لمواجهة ثورة ثانية قد تطيح بحكم الإخوان المسلمين، وتوقع التقرير، الذي نشر على موقع الإذاعة الإسرائيلية السبت، بعنوان "نظرة تحليلية إلى الشرق الأوسط والربيع العربي في 2013"، أن تمتد ثورات الربيع العربي إلى عدد من الممالك العربية، وفي مقدمتها الأردن وبعض الدول الخليجية، التي ستكون قدرتها على الصمود "على المحك"، كما اعتبر أن العام المقبل سيكون "حاسماً" بالنسبة للملف النووي الإيراني، وبالنسبة للملف السوري، ذكر التقرير أن مدير مركز ديان للدراسات الشرق أوسطية في تل أبيب، عوزي رابي، لا يستبعد بعد سقوط نظام الأسد، تفكك سوريا طائفياً إلى ثلاث دويلات كردية وسنية وعلوية، مشيراً إلى ما وصفه بـ"الجيب الكردي" في شمال شرقي سوريا، وإلى تدفق العلويين إلى المناطق الساحلية، مثل طرطوس واللاذقية.

وبينما ذكر البروفسور الإسرائيلي أن السُنة قد يتمسكون بالعاصمة دمشق ومدينة حلب، فقد استبعد سيناريو مجيء معارضة تحمل طرحاً جدياً لاستقرار سوريا ما بعد الأسد، معرباً عن توقعه المزيد من سفك الدماء، وحالة من عدم الاستقرار في سوريا، والتي ستنعكس سلباً على الدول المجاورة، وربما على الشرق الأوسط برمته، أما فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، فقد اعتبر التقرير أن مصير رئيس السلطة الوطنية، محمود عباس، يعتمد على تقدم المسيرة السلمية، وأشار إلى أن زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، خالد مشعل، قد يعود زعيماً للساحة الفلسطينية برمتها، وذكر التقرير، نقلاً عن خبير شؤون الشرق الأوسط الإسرائيلي، أن العام 2013 قد يشهد مبادرات فلسطينية برعاية مصرية، للمصالحة بين حركتي حماس وفتح، لكنها ستكون "مصالحة تكتيكية" ليس أكثر، لأنه لا يمكن جسر الفجوات بين الحركتين، بحسب التقرير، وبالنسبة لرئيس السلطة الفلسطينية، ذكر رابي أنه بدون أي انفراج دبلوماسي في ملف السلام، قد يجد عباس نفسه فاقداً لسيطرته على الضفة الغربية، التي شهدت بنهاية 2012 نوعاً من الاحتجاجات الشعبية، من شأنها أن تتحول في العام 2013 إلى نوع من الانتفاضة.

إلا أن التقرير لفت إلى أن "ما يتطلب نظرة استثنائية، هو اللاعب الجديد القديم على الساحة الفلسطينية - خالد مشعل - الذي يحاول، عن طريق استفادته من نتائج الحرب الأخيرة في غزة، إظهار نفسه زعيماً للساحة الفلسطينية برمتها وعلى جناحيها، علماً بان مسقط رأس مشعل قرية سلواد، قضاء رام الله في الضفة الغربية، وعلماً بأن خلايا نائمة تابعة لحركة حماس تعمل في الضفة الغربية"، ورأى رابي أن التطورات على الساحة الفلسطينية تجبر إسرائيل على تبني خيار استراتجي، ما بين طرح مبادرة سياسية تعيد عباس إلى صدارة الساحة الفلسطينية، ولكن بشكل يضطر فيه إلى التفاوض جدياً، من جهة، أو من جهة إذا لم تتخذ إسرائيل مثل هذا القرار، قد يصبح مصير عباس محتوماً، وبالتالي قد تواجه إسرائيل واقعاً فلسطينياً أكثر خطورة بالنسبة إليها."

أما فيما يتعلق بالشأن المصري، فقد أشار التقرير الإسرائيلي إلى أن الأزمة التي أثارها إعلان مرسي الدستوري، أظهرت أن الطريق إلى الديمقراطية ما زالت طويلة ومعقدة، وأضاف أن الإخوان المسلمون انتصروا، في هذه المرحلة على الأقل، في الصراع السياسي، لكنهم اختاروا تهميش الديمقراطية لصالح فرض أجندتهم على الساحة المصرية، الأمر الذي يرفضه المثقفون والإعلام وجهاز القضاء المصري.

وتوقع البروفسور رابي استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي في مصر في العام 2013، وأنه في "غياب بشرى اقتصادية.. لا أستبعد خروج الجماهير المصرية ثانية إلى الشوارع"، مما يضطر الرئيس مرسي إلى خلق توازنات وحلول وسط، بين المعسكرين الإسلامي والليبرالي.. وتابع أن "مرسي في حاجة اليوم إلى خلق القنوات إلى قلوب الغرب، بالهدف الحصول على المساعدات الاقتصادية، التي يحتاج إليها لإنجاح سياسته". بحسب السي ان ان.

كما تطرق التقرير إلى امتداد الاحتجاجات إلى ممالك عربية في 2013، وقال إن الأنظمة الملكية العربية، ومن بينها الأردن والدول الخليجية، شهدت حالة من الاستقرار خلال العامين الأولين للربيع العربي، ولكن اليوم تتعرض هذه الأنظمة لضغوط ومطالب متزايدة من قبل الجماهير، التي قد تركز مطالبها على تغيير الدستور، وتعزيز صلاحيات البرلمان على حساب الملوك.

ولفت إلى أن الأردن والمغرب شهدت مثل هذه التوجهات، ولم يستبعد، على المدى البعيد، عدم نجاح الملوك في التعامل مع الضغوط الشعبية المتزايدة، ويتوقع تحديات كبيرة للأنظمة الملكية في العام 2013.

أما بالنسبة للملف الإيراني، فقد أشار التقرير إلى أن العام 2013 قد يكون عام الحسم بالنسبة لإيران، وذكر أن الربيع العربي انعكس سلباً على طهران، الأمر الذي لقي تعبيراً له بتعاظم قوة السنة في المنطقة على حساب الشيعة من جهة، وبإضعاف حليفي طهران، الأسد ونصر الله، من جهة أخرى، ولفت التقرير إلى أن إيران تشهد، على الصعيد الداخلي، أخطر أزمة اقتصادية منذ الثورة الإسلامية عام 1979، كما أن عام 2013 سيشهد نهاية عهد أحمدي نجاد رئيساً للجمهورية الإسلامية، مما سيضع القيادة الإيرانية أمام خيارات صعبة بشأن التعامل مع الغرب فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

تراجع الديمقراطية

من جهة أخرى ذكرت منظمة "فريدوم هاوس" الحقوقية الأميركية في تقرير نشرته إن الديمقراطية تراجعت في العالم للسنة السابعة على التوالي، مشيرة بشكل خاص إلى أن الحكام الديكتاتوريين بعد الربيع العربي أصبحوا يلجأون أكثر إلى القمع المكثّف للحركات الشعبية.

وإذ أشار تقرير المنظمة إلى إضافة ثلاث دول في العام الماضي إلى الـ90 دولة المصنفة "حرة"، إلاّ أن 27 دولة شهدت تراجعاً كبيراً بينما شهدت 16 دولة تقدماً ملحوظاً. وهذه السنة السابعة على التوالي التي ترصد فيها "فريدوم هاوس" تراجعاً أكثر من التقدم في مجال الحرية، وأظهر التقرير تشديد حملة القمع من قبل الحكام الديكتاتوريين وبشكل خاص إزاء منظمات المجتمع المدني والإعلام المستقل، وقال نائب رئيس قسم الأبحاث في "فريدوم هاوس"، آرتش بودينغتون إن "النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى التمرّس المتزايد لدى الحكام الديكتاتوريين الحديثين. حيث يلجأون إلى تشويه واستغلال الإطار القانوني وهم خبراء بتقنيات البروباغندا الحديثة"، وأضاف "ولكن بعد الربيع العربي خصوصاً، هم متوترون وهو ما يفسّر لجوءهم إلى القمع المكثّف لحركات التغيير الشعبية".

وأشار التقرير إلى أن ليبيا من بين المناطق التي شهدت زيادة في الحرية ليبيا التي تقدمت من "غير حرة" إلى "حرة جزئياً" وسجّلت خلال عام تقدماً في عدة مجالات لأول مرة منذ 40 عاماً.

أما الدول التي شهدت تراجعاً كبيراً فهي كازاخستان وكينيا ومالي ونيجيريا وروسيا وتركيا وأوكرانيا، وأظهر الشرق الأوسط نتائج ملتبسة هذا العام، فبالإضافة إلى المكاسب الكبيرة في ليبيا وحفاظ تونس على التحسّن الكبير الذي حققته في العام 2011، شهدت مصر تقدماً متواضعاً.

وأضاف التقرير أن المكاسب المحققة في دول الربيع العربي أثارت ردة فعل أحياناً عنيفة من قبل الحكام المستبدين في مناطق أخرى في الشرق الأوسط والتي قادت إلى تراجع في الحرية بالعراق والأردن والكويت ولبنان وعمان وسورية والإمارات. بحسب يونايتد برس.

وأظهر التقرير نتائج قاتمة في أوروبا وآسيا حيث إنعطفت روسيا نحو الأسوأ مع تسلّم فلاديمير بوتين الرئاسة، مشيراً إلى أن الأخير بعد أن همّش المعارضة السياسية الرسمية سن عدداً من القوانين التي تهدف إلى إسكات المعارضة الشعبية، وقال ديفيد كرامر، رئيس "فريدوم هاوس" "في الوقت الراهن هناك مجتمعات حيث الحرية موجودة إلاّ أن الديمقراطيات تراجعت"، مضيفاً أن "ما تعلمناه على مر السنين هو أن المكاسب في ما يتعلق بالحرية عادة ما تحصل مع مشاركة نشطة لديمقراطيات مثل الولايات المتحدة وفي أوروبا. وحين تكون خارج الصراع، تكون النتيجة عادة هزيمة للحرية".

إعلانات الربيع العربي

الى ذلك دخل مصرف كبير في جنوب أفريقيا في خلاف مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم بسبب حملة إعلانية يعبر فيها شبان عن مخاوفهم من التقدم المتعثر لما يعرف بالدولة متعددة الألوان التي دعا إليها نلسون مانديلا، ووصفت حملة "يمكنك المساعدة" التي أعلنها فيرست ناشونال بنك ذراع مجموعة فيرست راند المالية بأنها محاولة لتنشيط السعي لبناء نظام ديمقراطي غير عنصري على أنقاض نظام الفصل العنصري، لكن الحملة أثارت ردودا غاضبة من حزب المؤتمر الوطني مما يكشف حساسية الحزب الموجود في السلطة منذ 19 عاما والمحصن فعليا بأغلبية الثلثين في البرلمان، واتهم الجناح الشبابي في الحزب البنك بالخيانة و"بمحاولة عرجاء لبعث شكل ما من أشكال الربيع العربي في جنوب أفريقيا" بينما وصفت رابطة المرأة بالحزب الحملة الإعلانية التلفزيونية التي لم تذكر حزب المؤتمر الوطني بالاسم بأنها "مسيئة ومتحيزة سياسيا"، ورفض كبير المتحدثين باسم الحزب في بيان الإعلان ووصفه بأنه "لا يحترم كبار السن". بحسب رويترز.

وقال وليام جوميد وهو محلل سياسي في جامعة ويتس بجوهانسبرج "من الواضح أن حزب المؤتمر الوطني حساس للغاية لاحتمال أن يفقد أصواتا بسبب الإدارة غير الكفؤة للبلاد في بعض الأماكن ولأنه لا يفي بوعوده بالوظائف والنمو"، وأضاف "بالرغم من أن الحزب موجود في السلطة منذ فترة طويلة إلا أنه لا يزال يعاني من عقد نقص"، وقال فيرست ناشونال بنك إنه لن يذعن للضغوط كي يسحب الإعلان الذي اعتمد على مقابلات مع 1360 شابا من جنوب أفريقيا يتحدثون دون نص مكتوب و"من القلب"، وينفي البنك وجود أي دافع سياسي وراء إصداره ملخصا منفصلا للمقابلات التي أجراها والتي ضمت بالفعل انتقادات الشبان التي ادانت في الغالب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وقياداته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/شباط/2013 - 25/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م