انهم يحرقون المصاحف!

مهند حبيب السماوي

يبدو ان العقلية التي تتحكم في الارهابيين واحدة...والنتائج التي تقود اليها هذه العقلية" المريضة والمضللة" واحدة ايضا، وهي التي تتجسد في سلوكهم وتصرفاتهم التي يكون لها اثارا مدمرة على المجتمع الذي تتواجد فيه خلاياهم ويكون لها فيه سطوة وقوة، وقد بات هذا واضحا كالشمس في رابعة النهار فيما يقومون به من تفجيرات وحرائق وتدمير اينما تمكنوا ووجدوا الى ذلك سبيلا.

نطرح هذا المقدمة التي لاتحتاج للكثير من الـتأمل ونحن نسمع وسائل الاعلام تُخبرنا بأن المتطرفين الاسلاميين في مالي قد قاموا، بكل وقاحة، وبعد أن شعروا بخسارة سيطرتهم على المدينة التراثية المدرجة على لائحة التراث العالمي عام 1988 " تمبكتو" مع اقتراب القوات الفرنسية والمالية اليها، بإحراق معهد «أحمد بابا» الذي يضم مكتبة " تحتوي على أكثر من 20 ألف مخطوطة تاريخية لاتقدر بثمن والتي يعود تاريخ بعض منها إلى القرن الثالث عشر.

المشكلة من وجهة نظري ليست في حرق مكتبة ما من قبل هؤلاء الطغمة المعروفة بعدائها للثقافة والعلم والمعرفة والحضارة، لكن مايمكن ان يعد مشكلة كبرى هنا وتستحق الوقوف عندها والتي لايمكن لهم ان يجدوا لها تبريرا، هو انهم يحرقون المصاحف الاسلامية مع احراقهم هذا المكتبة، فهؤلاء الذي يدعون التدين وتطبيق الدين وشعائره يقومون بحرق أهم مصدر أساسي للدين وهو كتاب الله العزيز القران الكريم، اذ احترقت النسخ الموجودة منه مع حرق هذه المكتبة، بالإضافة الى الآيات القرآنية الموجودة في الكتب التاريخية!.

مافعله الارهابيون من عملية دنيئة ليس أمرا جديدا على امثالهم، ونحن هنا لانناقش عدائهم الهستيري للثقافة والعلم فهذا أمر مفروغ منه وليس جديدا عليهم، بل نناقش قيامهم بإحراق نسخ من القران في تفجيراتهم الدموية.

 ففي العراق يقوم الانتحاري بتفجير نفسه في الحسينيات لتكون النتيجة قتل عشرات المسلمين وهم يؤدون صلاتهم مع تدمير المسجد واحراق كتاب الله القران الكريم في نفس المكان، وبذلك يقوم هؤلاء المتشددون، بأنفسهم وبأيديهم الاثمة ومع سبق الاصرار، بإحراق القرآن الذين يدعون، زورا وبهتانا، انهم يسيرون على منهجه الذي رسمه للإنسان في حياته.

حرق القران الذي ينتج عن عمل ارهابي لايشمل حسينيات الشيعة فحسب ! بل يمتد ذلك الى جوامع اهل السنة ايضا، وماشهدناه في السنوات الماضية من تفجيرات انتحارية في بعض مساجد اهل السنة يؤكد صحة هذا الامر، بل انهم قاموا بتفجير انتحاري داخل جامع ام القرى الذي يمثل رمز معنوي لأهل السنة في العراق باعتباره المقر العام لهيئة علماء الدين السنة سابقا ومقر الوقف السني حاليا، اذ لم تمنعهم هذه الرمزية ولا المصاحف الموجودة في المسجد من القيام بتفجير المسجد واحراق من فيه من المسلمين والكتب المقدسة !

سؤال اخير نطرحه على هؤلاء المتشددين وعلى كل من يؤيدهم قولا وفعلا :

ماذا يكون رد فعلهم اذا ما قام اي مسلم او غير مسلم بفعل يؤدي الى حرق القران؟ وما المصير الذي ينتظر هذا الشخص؟

الجواب: قتله من غير اي تردد...لكنهم لايفعلون ذلك حينما يحرقون القران في تفجيراتهم البشعة في مختلف ارجاء الارض، ولا حتى يحاسبون انفسهم على هذا الفعل او يعتذروا عليه !

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/شباط/2013 - 22/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م