الإخوان... بين إدّعاء العدالة وحقائق الإقصاء

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: على نحو واضح وسريع، تفضح الوقائع الحاصلة على ارض مصر، حقيقة الاخوان المسلمين الاقصائية التسلطية المتزمتة، ليس هذا اتهام لهم من منافس يتصارع معهم على الحكم والسلطة، إننا بعيدون عنهم وخارج المنافسة على السلطة وامتيازاتها، إننا نراقب عن بعد ونلاحظ بوضوح ما يحدث في مصر من قوة تسلطية اقصائية قاتلة، يلجأ أليها الاسلاميون بقيادة الاخوان المسلمين لسرقة الثورة المصرية، وزرع بذور بديلة لا تختلف عن دكتاتورية الانظمة العسكرية، إنها دكتاتورية المؤسسة الدينية التي تتمثل هذا اليوم بنزعة الاخوان المسلمين القمعية في مصر، لأنها نزعة قهر الآخرين وإرضاء الذات، وإقصاء الآخرين والفوز بكل شيء.

إنها نزعة الدكتاتور الذي لم يكتف من التجاوز على حقوق الاخرين واقصائهم طيلة العقود التي أمضاها في الحكم/ وها هم الاخوان المسلمون ومن ينضوي تحت معطفهم، يسرعون كثيرا في طريق الانحدار نحو هاوية التسلط، حيث أخذوا بزمام تكريس السلطة بأيديهم (هم وحدهم) عبر خطوات عديدة متتالية، فضحت نواياهم بما لا يقبل الشك قط، فقد تشكلت حكومة الاخوان من رئيس وزراء ينتمي لهم ووزراء جلهم اسلاميون اخوانيون، بغض النظر عن الكفاءة والتجربة، وهه هي خطوة تكريس السلطة الاولي بايدي الاخوان، مع اجراءات فعلية لابعاد الكفاءات الاخرى، الامر الذي أعاد حالات احتجاج مجددا، وارتفعا الاصوات التي ترفض سرقة ثورة المصرين وتضحياتهم في التخلص من الحكم السلطوي.

وهناك اجراءات اخرى قام بها الاسلاميون بقيادة الاخوان، مثل سن الدستور كما يرغب الاخوان بغض النظر عن قناعات الآخرين، وعزل من لا يجاريهم او يتفق معهم، كذلك إقامة مجلس شورى (اخواني) يلبي طموحات الاسلاميين المصريين في تكريس السلطة بأيديهم وانشاء مؤسسة سلطوية مستبدة تحت غطاء الدين والاسلام الذي يرفض الاستبداد وقمع الاخرين رفضا باتا، ويوغل الاخوان اكثر في استفزاز الشعب المصري عبر اجراءات اقصائية واضحة للاخرين، متناسين أنهم كانوا معزولين ومقصيين جميعا حينما زجّ بهم الرئيس المصري السابق في السجون، وقلص حضورهم وحدد تأثيرهم في مسارات الانتخابات النيابية وسواها.

لكنهم الآن يتناسون هذا كله، وهم يسعون فعليا لبناء مؤسسات دولة تقوم على آراء الاخوان وقناعاتهم فقط، أما الاخرون فليذهبوا الى الجحيم، وقد جرب الاسلاميون الاخوانيون هذا الجحيم نفسه في حكم مبارك العسكري، إنه جحيم السلطة الغاشمة، الذي لا يمكنه كمّ الافواه وكتم الاصوات الى الابد، وقد جرب الاخوان الاسلاميون أنفسهم هذا الجحيم، وعرفوا قيمته الحقيقية حينما دفعهم للثورة على القمع والتسلط والاقصاء، لكنهم اليوم ينسون كل ذلك، ويتناسون ان جحيم الاقصاء هو الطريق الاسرع لاسقاطهم وطردهم من سدة الحكم، وهذا ما سيفعله المصريون فيما لو اصر الاخوان على سياسة (الأنا) الاقصائية المقيتة.

ولعل المشكلة التي بدأت تظهر نتائجها منذ الآن، أن هؤلاء محسوبين على الاسلاميين، لهذا فإن أخطاءهم الكارثة ستعود على الاسلام وإن كان براءا منهم ومما يفعلون ويتسلطون ويقصون، وكان الامل كل الامل أن يعي الاخوان الاسلاميون امتيازات ومزالق السلطة ويتعاملوا معها وكأنها مكان لخدمة الشعب وليس للتسلط عليه من خلال فرض رأي الاخوان وفكرهم وما يعتقدون به على الجميع قسرا، لأن الاسلام يقول بلسان صريح (لا إكراه في الدين)، فيما يكرس الاخوان المسلمون في مصر سلطاتهم عبر مؤسسات خاصة بهم (مجلس الشورى، الحكومة، الدستور)، تبيح لهم ان يفعلوا ما يشاؤوا، فيما يتم قمع الآخرين ويتم اقصاءهم دونما عودة الى الماضي، والاستفادة من تجربة الاخوان انفسهم مع التكميم والاقصاء.

فضلا عن الخسارة الفادحة التي تتمثل بفشل الاسلاميين المصريين بقيادة الاخوان، في تقديم نموذج راقي للحكم يتسم بالعدل والمساواة وفتح فضاء الحرية للرأي وحماية الحقوق المدنية، لكن شيئا من هذا لم يحدث ولن يحدث طالما تواجدت العقلية الاخوانية التسلطية، مثلما هي الآن، تتحكم بالمصرين وفق رؤاها واهواها وعقائدها، أما افكار وآراء وعقائد الآخرين، فلتذهب كلها الى جحيم الاقصاء في ظل نظام اخواني اسلامي بانتْ منذ الآن بوادر سقوطه السريع.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/شباط/2013 - 21/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م