دوامة منطقة اليورو وحتمية الانهيار

 

شبكة النبأ: كانت دول منطقة اليورو تحلم ببيئة الاقتصادية قوية مستقرة من خلال توحيد العملة الاقتصادية اليورو، لكي تكون أحد أكثر العملات استقرارا في أنحاء العالم، لكن حدث العكس فأصبح أكثرها اضطرابا، بسبب تزاحم المشكلات كأزمة الديون والبطالة، لتدفع عدة اقتصاديات أوربية إلى حافة الانهيار مثل اليونان واسبانيا، مما يعني أن اقتصاد منطقة اليورو يتجه نحو حالة كساد جديدة، فقد أصبحت رحلة اليورو للبحث عن ملاذ امن واستقرار مستدام مليئة بالعقبات، كما يخيم عليها الاضطراب في المستقبل، بسبب مناورات الدول الكبرى اقتصاديا كالمانيا وفرنسا وانعدام الرؤية الاقتصادية الناجعة، فضلا عن انتظر كل طرف من الآخر اتخاذ الخطوة الأولى والقرار الحاسم لحل هذه الأزمة، حتى بات اليوم الخوف من انهيار اليورو الهاجس الأكبر بين جميع الدولة الأوربية، في حين يرى بعض الخبراء الاقتصاديين بان اوروبا ستشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد العالمي في 2013 بسبب التقلبات والتذبذبات الحادة والمتواصلة في الأسواق المالية والبنوك، ويرى المسؤولون في الاتحاد الأوربي بأن انتهاء ازمة منطقة اليورو مازال بعيدا، نتيجة ألازمة المالية الطاحنة التي تتخبط فيها أوروبا في الاعوام القليلة الماضية، وعليه فان المعطيا آنفة تطرح سؤالا موحدا كيف ستستطيع أوروبا تطبيق إجراءاتها المالية الجديدة للخروج من أزمتها المستدامة، وعليه فلم يعد بالإمكان الوثوق في أوروبا كاقتصاد رصين يساند القوى العالمية بل اصبح نقطة ضعف في الاقتصاد العالمي، لذا فمهما كان مصير اليورو فقد انهارت سمعة أوروبا بسببه.

خطرا حقيقي على الاقتصاد العالمي

فقد قال الخبير الاقتصادي الفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيغلتز ان مشاكل الديون في الولايات المتحدة واوروبا ستشكل اكبر مخاطر على الاقتصاد العالمي في العام 2013، وكتب ستيغلتز في صحيفة هاندلسبلات اليومية انه "في التوقعات لعام 2013 فان اكبر المخاطر على الاقتصاد العالمي هي في الولايات المتحدة واوروبا .. ولكن الخطر الحقيقي على الاقتصاد العالمي يكمن في اوروبا"، واضاف ان "اسبانيا واليونان تعانيان من ركود اقتصادي ولا امل لهما بالتعافي. و +الاتفاق المالي+ لمنطقة اليورو ليس هو الحل، وشراء البنك المركزي الاوروبي للسندات هو مهدئ موقت، على احسن تقدير"، واكد ان على البنك المركزي الاوروبي عدم فرض مزيد من الشروط على المساعدات المالية التي يقدمها للدول الاوروبية "والا فان هذا الدواء سيؤدي الى تدهور حالة المريض". بحسب فرانس برس.

انتهاء ازمة مازال بعيدا

من جهتها قالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ان انتهاء ازمة الديون السيادية التي تواجه منطقة اليورو مازال بعيدا حتى على الرغم من ان الاجراءات الاصلاحية التي تهدف الى معالجة جذور المشكلة بدأت تؤتي ثمارها، وفي مقابلة مسجلة بمناسبة السنة الجديدة تبث حثت ميركل الالمان ان يكون اكثر صبرا حتى على الرغم من استمرار ازمة الديون منذ ثلاث سنوات. وربطت ميركل ازدهار المانيا بازدهار الاتحاد الاوروبي.

وقالت ميركل "من اجل رخائنا وتضامننا علينا ان نحقق التوازن السليم، "ازمة الديون السيادية الاوروبية تثبت لنا مدى اهمية هذا التوازن، "الاصلاحات التي نطبقها بدأت في احداث تأثير، "رغم ذلك فاننا نحتاج الى نتحلى بمزيد من الصبر"، وناقضت ميركل بشكل غير مباشر بهذه التصريحات وزير المالية الالماني فولفجانج شيوبله. وقال شيوبله في صحيفة بيلد يوم الجمعة ان اسوأ مراحل الازمة انتهت، واشارت ميركل بتفاخر الى تراجع معدل البطالة في المانيا الى ادنى مستوى لها منذ توحيد شطري المانيا في 1990 في الوقت الذي ارتفع فيه ايضا عدد الاشخاص الذين التحقوا بوظائف الى مستويات قياسية. وتسعى ميركل الى الفوز بفترة ثالثة خلال الانتخابات التي تجري في سبتمبر ايلول.

وقالت ميركل ان"هذا يعني ان مئات الالاف من العائلات اصبح لديها مستقبل امن"، ولكن في مواجهة بطء النمو الاقتصادي حذرت ميركل ايضا من ان الاوضاع قد تكون اكثر صعوبة في 2013 بالمقارنة بعام 2012، وقالت "اعرف ان كثيرين قلقون بشكل طبيعي مع بداية العام الجديد، "والبيئة الاقتصادية لن تكون اسهل في حقيقة الامر ولكن اكثر صعوبة الى حد ما العام المقبل. ولكن يجب الا يحبطنا ذلك ولكن على العكس يجب ان يحفزنا."

سياسة التقشف

على الصعيد نفسه شن الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس هجوما لاذعا على اجراءات التقشف القاسية التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على اعضائه الذين يعانون من ازمة مالية خانقة ومن بينهم قبرص التي تواجه عاما كئيبا، وقال الرئيس الشيوعي الذي سعى للحصول على قرض من روسيا، في محاولة لتجنب الشروط العقابية التي لا مفر منها لصفقة انقاذ اوروبية ان السياسات التي يفرضها الاعضاء الاكثر ثراء في الكتلة الاوروبية كانت لها نتائج عكسية، واضاف خريستوفياس في كلمة تلفزيونية بمناسبة العام الجديد "لا بد من الاقرار بان السياسات التي وضعت على المستوى الاوروبي لم تنجح في ايجاد حل للمشاكل الاقتصادية الناجمة عن الازمة"، واضاف "بل بالعكسس، فهي فاقمت الازمتين الاقتصادية والاجتماعية"، والجزيرة السياحية اعتمدت اجراءات تقشفية تلبية لشروط الدائنين من منطقة اليورو لاكثر من مليار يورو بشكل اقتطاعات. والبرنامج الذي يمتد 4 سنوات يمثل 7,25 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي، وكان البرلمان وافق على اقتطاعات لرواتب الموظفين الحكوميين وتجميد زيادات الاجور المرتبطة بمؤشرات حتى 2016 و -- القطاعين الخاص والعام وزيادة الضرائب على السجائر والكحول والبنزين.

غير انه من غير المتوقع ان يتخذ وزراء مالية منطقة اليورو قبل 21 كانون الثاني/يناير قرارا نهائيا حول مسودة اتفاق مع المقرضين الدوليين لصفقة انقاذ تقول التقارير انها بقيمة 17,5 مليار يورو (23.1 مليار دولار)، وقال خريستوفياس ان الصورة التي ترسمها العديد من الدول الاوروبية التي تعاني من مشكلات "لا تشرف" الاتحاد الاوروبي. واضاف ان "مستقبل اوروبا موحدة لا يمكن ان يكون الفقر والحرمان والبطالة والتشرد"، وتابع الرئيس القبرصي ان المقاربة "الاحادية الجانب" للاتحاد الاوروبي قد فشلت في تحقيق النمو في الدول التي تعاني من الانكماش وسعى الاتحاد الاوروبي لمساعدتها، واكد انه "لا بد من معالجة مختلفة تركز على التنمية والترابط الاجتماعي والتضامن الفعلي داخل الاتحاد. يؤسفنا اننا نرى غيابا لمثل هذه السياسات"، وكانت نيقوسيا طلبت صفقة انقاذ في حزيران/يونيو الماضي عندما تقدم اكبر مصرفين لديها منكشفين على اليونان بطلب للمساعدة بعد عدم تمكنهما من تلبية معايير الاتحاد الاوروبي المتعلقة الحد الادنى لرأس المال، وتتفاوض قبرص حول تلك الشروط مع ترويكا الدائنين اي الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي، وتقول التقارير ان اجمالي المبلغ الذي تحتاجه قبرص هو 17,5 مليار يورو (23,1 مليار دولار) -- منها 10 مليارات يورو للمصارف وستة مليارات لدين الدولة المستحق و1,5 مليار يورو للمالية العامة، وفي 2011 بلغ اجمالي الناتج المحلي لقبرص 17,97 مليار يورو. وتشير توقعات موازنة 2013الى تراجع الرقم بنسبة 2,4 بالمئة هذا العام. بحسب فرانس برس.

واقر خريستوفياس بانه كان يأمل في الحصول على قرض من جهات اخرى بدل الدخول في آلية الدعم الاوروبية لانها تتضمن "تضحيات مؤلمة"، وقال "حتى قبل الاتفاقية الاولية مع الترويكا بذلنا جهودا كبيرة للحصول على التمويل من مصادر اخرى، تحديدا لاننا على الاقل، لم يكن لدينا اي وهم بشأن المشكلات التي سنواجهها"، وكانت قبرص تأمل في الحصول على قرض بقيمة خمسة مليارات يورو من روسيا اضافة الى مبلغ 2,5 مليار يورو اقترضته في 2011 لكن الاتفاقية لم تتم، وكان خريستوفياس يوجه آخر خطاب له للامة اذ انه لم يترشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة في شباط/فبراير المقبل. وهو اول رئيس قبرصي يمتنع عن الترشح مجددا، وقد اكد مرارا انه سيتنحى اذا ما فشل في تحقيق تقدم نحو توحيد الجزيرة المجزأة منذ نحو اربعة عقود، وفي خطابه قال ان محادثات التوحيد المدعومة من الامم المتحدة تقوضها تركيا التي تحتل الثلث الشمالي للجزيرة منذ 1974 بعد انقلاب من قبل قبارصة يونانيين يريدون الوحدة مع اليونان، وقال خريستوفياس ان اطلاق عملية التنقيب عن الغاز والنفط في البحر، رغم احتجاجات تركيا، كان اهم انجازاته خلال ولايته، واوضح ان "العثور على الغاز الطبيعي اهم حدث اقتصادي وسياسي واجتماعي منذ استقلال قبرص" في 1960، واضاف "ليس لدي شك في ان ولاية الخمس سنوات هذه ستبقى في التاريخ بوصفها الفترة التي اصبح فيها التنقيب عن الغاز الطبيعي واقعا ملموسا وخلقت الامل لنا ولاولادنا واحفادنا".

معدل قياسي للبطالة

من جهة اخرى افادت ارقام نشرها المكتب الاوروبي للاحصاء (يوروستات) ان معدل البطالة في منطقة اليورو بلغ 11,8 بالمئة من السكان العاملين في تشرين الثاني/نوفمبر مقابل 11,7 بالمئة في الشهر الذي سبقه، وفي منطقة اليورو، بلغ عدد العاطلين عن العمل 18,82 مليون شخص في تشرين الثاني/نوفمبر، بزيادة 113 الفا عن تشرين الاول/اكتوبر و2,015 (اكرر: 2,15) مليون شخص عن تشرين الثاني/نوفمبر 2011، واستمر معدل البطالة بالارتفاع الى مستويات استثنائية في اسبانيا حيث بلغ 26,6 بالمئة من اصل اليد العاملة الفعلية، وفي اليونان حيث بلغ 26 بالمئة في ايلول/سبتمبر، وهو الشهر الاخير الذي توافرت فيه معطيات حول البطالة، وفي اليونان، انتقل معدل البطالة من 18,9 بالمئة الى 26 بالمئة بين ايلول/سبتمبر 2011 وايلول/سبتمبر 2012، وارتفع بشكل كبير ايضا في قبرص من 9,5 بالمئة الى 14 بالمئة بين تشرين الثاني/نوفمبر 2011 وتشرين الثاني/نوفمبر 2012. وفي الفترة نفسها، ارتفع من 23 بالمئة الى 26,6 بالمئة في اسبانيا، وفي تشرين الثاني/نوفمبر، سجلت ادنى مستويات البطالة في النمسا (4,5 بالمئة) ولوكسمبورغ (5,1 بالمئة) والمانيا (5,4 بالمئة) وهولندا (5,6 بالمئة)، وفي كل دول الاتحاد الاوروبي، بقيت البطالة مستقرة في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة بتشرين الاول/اكتوبر عند 10,7 بالمئة، وفي الاجمال، فان 26,061 مليون شخص كانوا عاطلين عن العمل في الاتحاد الاوروبي في تشرين الثاني/نوفمبر، اي 154 الفا اكثر من تشرين الاول/اكتوبر و2,012 مليون شخص اكثر مما كان عليه العدد قبل سنة، وعلى سبيل المقارنة، فان معدل البطالة في الولايات المتحدة بلغ 7,8 بالمئة في كانون الاول/ديسمبر. وفي اليابان بلغ 4,1 بالمئة في تشرين الثاني/نوفمبر. بحسب فرانس برس.

في المقابل، تحسن مؤشر الثقة لدى رؤساء الشركات والمستهلكين مجددا في كانون الاول/ديسمبر للشهر الثاني على التوالي بعد ثمانية اشهر متتالية من الانخفاض، بحسب معطيات نشرتها المفوضية الاوروبية، وتقدم المؤشر الى 87,0، اي 1,3 نقطة عما كان عليه في تشرين الثاني/نوفمبر. وتحسن مستوى الثقة في كل دول الاتحاد الاوروبي الى 88,4، اي بواقع 0,3 نقطة، وفي منطقة اليورو، تحسن المؤشر في كل القطاعات باستثناء مبيعات التجزئة حيث تراجع نقطة واحدة تقريبا، وتحسن مجددا في الصناعة (+1,4) بفضل توقعات اكثر تفاؤلا في ما يتعلق بالانتاج، وبقدر اقل في ما يتعلق بالوضع الحالي للطلبيات المسجلة، وبين دول منطقة اليورو، تحسنت الثقة بشكل كبير في ايطاليا (+2) والمانيا (+1). وتحسنت كذلك في فرنسا (+0,4) وفي اسبانيا (+0,2) وهولندا (+0,2).

قروض المصارف

في سياق متصل قال محللون ان المصارف في منطقة اليورو ستسدد اكثر من ربع اول قرض طويل الامد كان البنك المركزي الاوروبي وافق على منحه العام الماضي، مما يمثل اجراء عاجلا او مؤشرا لعودة الثقة، وفي الاجمال، ستسدد 278 مؤسسة مصرفية للبنك المركزي الاوروبي 137,16 مليار يورو من اصل 468 مليارا اقترضتها لمدة ثلاثة اعوام في كانون الاول/ديسمبر 2011، وهذا المبلغ يفوق ما كان يتوقعه المحللون الذين كانوا يراهنون على تسديد ما معدله 100 مليون يورو، وكان البنك المركزي الاوروبي قرر تنفيذ عملية كانون الاول/ديسمبر 2011 التي تلتها عملية ثانية في شباط/فبراير -- 800 مؤسسة اقترضت 529 مليار يورو -- في محاولة لمعالجة ازمة الثقة التي كانت تهدد بالقضاء على بعض المصارف في منطقة اليورو، التي كانت عاجزة عن ايجاد سيولة في السوق الداخلية المصرفية، وباقراضها المصارف لهذه الفترة غير المسبوقة -- لم يقدم البنك المركزي الاوروبي حتى ذلك التاريخ اي قروض لفترة تفوق 13 شهرا -- كانت المؤسسة النقدية الاوروبية تامل في عودة هذه المصارف بدورها الى تعزيز وضعها في البورصات واقراض المزيد من الشركات والاسر لدعم حركة النمو، الا ان هذه الخطوة لم تؤت ثمارها بحسب ما اقر رئيس البنك المركزي الاوروبي بالذات ماريو دراغي، وبفضل التحسن الملموس في السوق المصرفية، اعربت بنوك عدة في الاسابيع الاخيرة عن نيتها تسديد هذه الاموال بشكل مسبق لتثبت انها في وضع جيد.

وقال مصدر مصرفي ان "بعض البنوك تريد استخدام هذه الدفعات لتظهر قدراتها"، الا ان مؤسسات مصرفية اخرى لا تعرف ماذا تفعل بهذه الزيادة في السيولة بسبب غياب النهوض الاقتصادي في المنطقة، وكانت هذه الاموال مجمدة بالتالي على حساب البنك المركزي الاوروبي على شكل ودائع بفائد من يوم ليوم الى حد ان المؤسسة النقدية الاوروبية ومقرها في فرانكفورت، لم تعد تعوض عنها منذ تموز/يوليو 2012، ذلك ان سعر الفائدة لهذه الخدمة سقط الى 0 بالمئة، ويرفض البنك المركزي الاوروبي نشر اسماء البنوك والمبالغ التي اقترضها كل منها ويعتزم تسديدها، لكن تقديرات الاقتصاديين تشير الى ان المصارف الاسبانية والايطالية والفرنسية هي التي لجأت اكثر من غيرها الى وسيلة الاقتراض هذه، تليها المانيا وايرلندا، واعتبر بنجامين شرودر وبيغي ياغر الخبيران الاقتصاديان في كومرزبنك ان "مصارف الدول القوية خصوصا لها مصلحة في التسديد سريعا لان فوائض الاحتياطات تكلفها كل يوم"، ورات جينفير ماكيون من مؤسسة كابيتال ايكونوميكس ان هذا التسديد المبكر قد يشوه سمعة المؤسسات المصرفية في الجنوب والتي تبقى دولها غارقة في الازمة، في حال لم تتمكن من المشاركة في عملية التسديد، من جهة اخرى، فان ذلك "سيدل على ضعف الطلب في المنطقة وسيؤجج مخاوف بنك مركزي اوروبي يسير على منوال" المصارف المركزية الاخرى، كما قالت، ويفضل كريستيان شولتز من بنك برنبرغ، ان يرى في ذلك "تصويتا قويا على الثقة". بحسب فرانس برس.

وكتب يقول ان "قسطا كبيرا من هذه الاموال اعيد لان المصارف لم تعد بحاجة اليه" وخصوصا بفضل اعلان البنك المركزي الاوروبي في ايلول/سبتمبر عن برنامج جديد لشراء الديون العامة ما اسهم في طمأنة المستثمرين وسمح لمنطقة اليورو بتنفس الصعداء منذ ذلك الوقت، من جهة اخرى، لفت احد رجال المصارف المركزية انه ما زال لدى المصارف امكانية استخدام عروض اخرى لقروض من البنك المركزي الاوروبي اثناء عملياتها لاسبوع وشهر وثلاثة اشهر، واعتبر شولتز ايضا انه مع عودة الثقة الى منطقة اليورو ولا سيما في المانيا، ومع نظام مالي في طور التحسن، فان "قدرة (المنطقة) على الصمود" مقابل صدمات مستقبلية محتملة تتحسن، وشدد ماريو دراغي ايضا في المنتدى الاقتصادي العالمي ال43 في دافوس على القول "في شكل عام، الوضع افضل بكثير مما كان عليه العام الماضي".

اليونان تبحث عن الاخبار السارة

الى ذلك وبعد سنوات خمس من تداعيات الازمة الاقتصادية في اليونان، باتت وسائل الاعلام في هذا البلد تتسابق لاصطياد "الاخبار السارة" ونقلها للمواطنين، بغية مكافحة الاكتئاب الناجم عن سيل الاخبار اليومية السيئة، ففي بلد تحتل فيه الأخبار السيئة الصفحات الاولى منذرة بما هو أسوأ من حيث تخفيض الاجور والغاء الاعانات الاجتماعية او رفع الضرائب، يبحث اليونانيون عبثا عن خبر سار يهتمون به، وقد ظهرت هذه الرغبة بداية على مواقع الانترنت قبل حوالى عام، قبل أن تبدأ وسائل الاعلام الكبرى بسلك الاتجاه عينه.

فمحطة سكاي، احدى اكبر الشبكات التلفزيونية، التي تنتمي الى المجموعة الاعلامية نفسها المالكة لصحيفة "كاثيميريني" الواسعة الانتشار، باتت تختتم نشرة اخبارها المسائية كل يوم بخبر سار، سواء كان اكتشافا علميا او خبرا غريبا من فئة "المتفرقات"، وفي السياق نفسه، اطلقت هيئة الاذاعة والتلفزيون الرسمية "اي آر تي" برنامجا اسبوعيا على الراديو هو عبارة عن ساعتين من الاخبار التي تهملها الصحافة المحلية عادة، ويقول مقدم هذا البرنامج يانيس داراس "كنت دائما افكر بالاخبار السارة، باعتبارها مواضيع مهمة".

ويضيف هذا المقدم البالغ من العمر 28 عاما "هذه المهمة ليست سهلة، لان وسائل الاعلام الكبرى في اليونان لا تهتم سوى بالاخبار السياسية والاقتصادية" في بلد مهدد بالافلاس بين عشية وضحاها منذ ثلاث سنوات، وهو يتابع "الناس متعبون ومحبطون، ولا يعرفون ماذا يخبئ لهم الغد... وبالرغم كل هذا الاحباط والقلق، ما زالت هناك بوارق للأمل"، ويوضح قائلا "هناك عقول وشباب مميزون وعلماء يعملون على تعززي التعاون والتعاضد ورسم ملامح" مجتمع جديد، وبحسب هذا الاعلامي فان برنامجه الذي يحمل اسم "خزان" أريد منه أن يكون خزانا يصب فيه الناس "مشاعرهم ومبادراتهم وحسهم الابتكاري"، بدل من ان يكونوا فرائس سهلة للاحباط، ويؤكد مواطنون يونانيون استطلعت آراءهم انتشار هذا التوجه، وتقول ماريس فيزرياناكي، وهي محاسبة في السادسة والاربعين من عمرها انه "امر جيد ان تسمع اخبارا سارة وليس فقط الاخبار السيئة"، وتقول ادي كيفيان وهي طالبة في السابعة عشرة من عمرها "لقد اصبحنا حزينين جدا بسبب استماعنا المتواصل للانباء المتمحورة على مشاكلنا". بحسب فرانس برس.

وتشهد اليونان للعام الخامس على التوالي ازمة اقتصادية أسفرت عن اقفال الاف المؤسسات التجارية في بلد وصلت فيه البطالة إلى 25% من اليد العاملة. ولم تكن المؤسسات الاعلامية بمنأى عن تداعيات هذه الازمة، وهي قد عمدت الى تخفيض رواتب موظفيها.

تعمل تاليا سبيليوبولو في مؤسسة "كيرياكيديس" الإعلامية المتضررة من الازمة، وهي تشرف على موقع الكتروني يحمل اسم "اولاكالا" (كل شيء على ما يرام) يستقطب اكثر من سبعة الاف متتبع شهريا، وتقول "نحن نبحث عن مواضيع تدفع إلى التفاؤل" على غرار المواضيع الأخيرة عن الفراشات ذات الاجنحة الشفافة، او "القصص التي تبعث قراءتها على الامل".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/كانون الثاني/2013 - 18/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م