المرجع الشيرازي: (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) هو محور الاتحاد والوحدة لا غيرهما

 

* إنّ تاريخ نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، الذي نقله أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، هو تاريخ فريد. وإنّ اسلوب النبيّ صلى الله عليه وآله، أي قوله وعمله، هو اسلوب فريد أيضاً. وإنّ نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، هو القمّة في كل الأبعاد وهو أنجح إنسان في التاريخ، بلا استثناء، ومن بعده مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو الأنجح في التاريخ أيضاً، وذلك لأنه اتّبع النبيّ صلى الله عليه وآله.

* لكن النبيّ صلى الله عليه وآله، مع غض النظر عن عصمته التي نعتقد نحن بواقعيتها، لن يمكن أن تنسب إليه صلى الله عليه وآله حتى حالة واحدة من الطغيان ولو قيد شعرة، وذلك لأنه كان كما وصفه القرآن الكريم: فبما رحمة من الله لنت لهم.

* إنّ لين النبيّ صلى الله عليه وآله في تعامله، سواء في أيام حكومته أو قبلها، هي من معاجزه الكبرى. والقرآن يقول: (لقد كان لكم في رسول الله اُسوة حسنة). وهذا خطاب موجّه للبشرية كافّة وليس للمسلمين فقط، وبالأخصّ للحكّام. وكذلك قال الإمام أمير المؤمنين: المتأسّي بنبيّه.

* تعامل النبيّ صلى الله عليه وآله يدلّ على العقل الكبير للنبيّ صلى الله عليه وآله. وهذه هي أخلاق النبيّ صلى الله عليه وآله، أي الأخلاق ثم الحكومة. وليس كما يقال: الحكومة ثم الأخلاق، أو الحكومة مطلقاً وبلا أخلاق. فنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله جعل الأخلاق هي قيد الحكومة.

* انظروا إلى التاريخ وإلى دنيا اليوم، هل تجدون، ولو حاكماً واحداً، يتعرّض لمحاولة سوء ويقوم بالعفو عن صاحب المحاولة؟ أو لم يودعه السجن؟

* إنّ هذا التعامل من النبيّ صلى الله عليه وآله ليس عيباً، بل بالقطع ان عدم العفو هو الأسوء والأعيب. وهذا غيض من فيض من تعامل نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله بلين.

* إنّ كل قول وتصرّف وعمل يخالف قول وعمل النبيّ صلى الله عليه وآله، فهو المدان.

* أنا شخصياً ومنذ قرابة خمسين سنة أسمع بالوحدة الإسلامية وإلى يومنا هذا. ولكن لماذا لم تتحقّق ولم تتقدّم حتى خطوة واحدة؟

* عدم الالتزام والتمسّك بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله وهو: القرآن الكريم وعترته الطاهرة هو السبب في عدم تتحقق الفائدة المرجوّة من المطالبة والمناداة بهذا الاتحاد وبهذه الوحدة. وانظروا إلى وضع المسلمين، وخصوصاً في العقدين الأخيرين، ترونه اسوأ مما مضى، بل هو إلى الوراء دوماً.

* إنّ سبب كل الكتابات والرسوم والإساءات التي صدرت في بلاد الغرب، تجاه مقام وشخصية رسول الله صلى الله عليه وآله، يعود إلى ما كتبه غير أهل البيت صلوات الله عليهم عن النبيّ صلى الله عليه وآله.

* مع توافر هذا الكمّ الهائل من وسائل الإعلام، لماذا يبقى العالم لا يعرف الصورة الحقيقة للنبيّ صلى الله عليه وآله؟ وإلى متى هكذا نبقى؟

 

شبكة النبأ: قال المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ذكرى مولد نبيّ الإسلام وذكرى مولد حفيده الإمام جعفر الصادق، إنّ نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، هو القمّة في كل الأبعاد وهو أنجح إنسان في التاريخ، بلا استثناء، ومن بعده مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو الأنجح في التاريخ أيضاً، وذلك لأنه اتّبع النبيّ صلى الله عليه وآله، ولن يمكن أن تنسب إليه صلى الله عليه وآله حتى حالة واحدة من الطغيان ولو قيد شعرة، وذلك لأنه كان كما وصفه القرآن الكريم: فبما رحمة من الله لنت لهم، فلين النبيّ صلى الله عليه وآله في تعامله، سواء في أيام حكومته أو قبلها، هي من معاجزه الكبرى. فاذا نظرتم الى التاريخ وإلى دنيا اليوم، هل تجدون، ولو حاكماً واحداً، يتعرّض لمحاولة سوء ويقوم بالعفو عن صاحب المحاولة؟ أو لم يودعه السجن؟ إنّ هذا التعامل من النبيّ صلى الله عليه وآله ليس عيباً، بل بالقطع ان عدم العفو هو الأسوء والأعيب. وهذا غيض من فيض من تعامل نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله بلين، فكل قول وتصرّف وعمل يخالف قول وعمل النبيّ صلى الله عليه وآله، فهو المدان. واضاف سماحته بانه شخصياً ومنذ قرابة خمسين سنة أسمع بالوحدة الإسلامية وإلى يومنا هذا. ولكن لماذا لم تتحقّق ولم تتقدّم حتى خطوة واحدة؟ والسبب هو عدم الالتزام والتمسّك بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله وهو: القرآن الكريم وعترته الطاهرة. ولهذا نرى أنه لم تتحقق الفائدة المرجوّة من المطالبة والمناداة بهذا الاتحاد وبهذه الوحدة. وانظروا إلى وضع المسلمين، وخصوصاً في العقدين الأخيرين، ترونه اسوأ مما مضى، بل هو إلى الوراء دوماً، كما إنّ سبب كل الكتابات والرسوم والإساءات التي صدرت في بلاد الغرب، تجاه مقام وشخصية رسول الله صلى الله عليه وآله، يعود إلى ما كتبه غير أهل البيت صلوات الله عليهم عن النبيّ صلى الله عليه وآله.

جاء ذلك في كلمة قيمة القاها سماحته (دام ظله) بمناسبة ذكرى مولد سيّد الكائنات مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وذكرى مولد حفيده ناشر علوم الإسلام مولانا الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه، خلال درسه خارج الفقه، في مسجد الإمام زين العابدين صلوات الله عليه، بمدينة قم المقدّسة، صباح اليوم الاثنين الموافق للسادس عشر من شهر ربيع الأول 1434 للهجرة، ومما جاء في هذه الكلمة القيمة بحسب نقل موقع مؤسسة الرسول الاكرم الثقافية:

هذه الليلة هي ليلة ذكرى مولد فخر التاريخ، وأشرف الأولين والآخرين، وسيّد الأنبياء والمرسلين، نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، وذكرى مولد حفيده أبي عبد الله مولانا الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه.

اُبارك هاتين المناسبتين العظيمتين إلى السادة العلماء، وأساتذة الحوزة، والوعّاظ، والمؤمنين الأعزّاء، وكذلك اُبارك لجميع المؤمنين والمؤمنات في أطراف الدنيا، وللمستضعفين، وللفقراء، والمظلومين في العالم. وأسأل الله تعالى بتعجيله في فرج مولانا بقيّة الله الإمام المهدي الموعود صلوات الله عليه وعجّل في فرجه الشريف، أن يرفع ويزيل قريباً، عن المؤمنين والمؤمنات كافّة، المشاكل المليئة بالمصائب، في الدنيا كلّها، بالأخصّ في الدول الإسلامية.

أنجح إنسان في التاريخ

وقال سماحته: إنّ تاريخ نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، الذي نقله أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، هو تاريخ فريد. وإنّ اسلوب النبيّ صلى الله عليه وآله، أي قوله وعمله، هو اسلوب فريد أيضاً. وإنّ نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، هو القمّة في كل الأبعاد. ويكفي دلالة على عظمة النبيّ صلى الله عليه وآله ما قاله مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (أنا عبد من عبيد محمد). مع ان القرآن الكريم قد وصف الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بأنه نفس رسول الله صلى الله عليه وآله، بقوله عزّ من قائل: (وأنفسنا وأنفسكم).

كما إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله، هو أنجح إنسان في التاريخ، بلا استثناء، ومن بعده مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو الأنجح في التاريخ أيضاً، وذلك لأنه اتّبع النبيّ صلى الله عليه وآله. وإنّ المئات والمئات من الكفّار والملحدين قد أقرّوا بعظمة النبيّ صلى الله عليه وآله، ولو أردنا جمع تلك الإقرارات لاستدعى ذلك موسوعات وموسوعات.

وبيّن سماحته: نعم إنّ التاريخ الذي نسبه جمع من المنافقين من الأصحاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، الذين وصفهم القرآن الكريم بالمنافقين وأنزل سورة كاملة في ذمّهم، هذا التاريخ ليس التاريخ الحقيقي عن النبيّ صلى الله عليه وآله، بل فيه الكذب، والتناقض مع ما وصفه القرآن الكريم لنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله.

وحول عظمة النبيّ صلى الله عليه وآله، قال سماحته: أنقل لكم عبارة من القرآن وعبارة عن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بخصوص عظمة رسول الله صلى الله عليه وآله. فقد قال القرآن الكريم: (فبما رحمة من الله لنت لهم). وقال الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (أحبّ العباد إلى الله المتأسّي بنبيّه). هذا جانب.

لين رسول الله من معاجزه

الجانب الآخر: إنّ من أهم المسائل في الدنيا هي الحكومة. وقد حكم النبيّ صلى الله عليه وآله في وضع كان صعباً وعسيراً جدّاً، ولكن لم تؤخذ عليه صلى الله عليه وآله، حتى نقطة ضعف واحدة من قبل الأعداء. وأما ما ذكروه في كتبهم فهو الكذب، بل إنهم كذبوا حتى على الله سبحانه، ككذبهم بأن الله له جسم، ويجلس على كرسي من خشب، ويهتز الكرسي، وغيرها. والنبيّ صلى الله عليه وآله أكّد ذلك، حيث قال: (كثرت عليّ الكذّابة، وستكثر من بعدي).

وأضاف سماحته: فكل حكومة عادة لها مشكلتين: إحداها: الطغيان. بأن يصير حاكمها طاغية، كما خاطبت السيّدة زينب الكبرى سلام الله عليها يزيد بالطاغية. فالحاكم عندما يصير طاغية يصبح عنيفاً وحادّاً وقسي القلب. ولكن النبيّ صلى الله عليه وآله، مع غض النظر عن عصمته التي نعتقد نحن بواقعيتها، لن يمكن أن تنسب إليه صلى الله عليه وآله حتى حالة واحدة من الطغيان ولو قيد شعرة، وذلك لأنه كان كما وصفه القرآن الكريم: فبما رحمة من الله لنت لهم.

إنّ لين النبيّ صلى الله عليه وآله في تعامله، سواء في أيام حكومته أو قبلها، هي من معاجزه الكبرى. والقرآن يقول: (لقد كان لكم في رسول الله اُسوة حسنة). وهذا خطاب موجّه للبشرية كافّة وليس للمسلمين فقط، وبالأخصّ للحكّام. وكذلك قال الإمام أمير المؤمنين: المتأسّي بنبيّه.

وأشار سماحته إلى نماذج من الاسلوب العظيم والفريد للنبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله، وقال: لقد حفظ التاريخ عن النبيّ صلى الله عليه وآله، قصص مختلفة، أنقل لكم بعضها، وحاولوا أن تقارنوها مع الواقع اليوم، ومع ما سمعتموه وشاهدتموه في دنيا اليوم عن الحكّام، سواء في الحكومات الإسلامية وغير الإسلامية، ولكي تعرفوا أنه لماذا بقيت حكومة نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، مشرقة وخالدة، مع كل ما رافقته من الأحداث والمنعطفات، ولماذا زالت وتزول باقي الحكومات في دنيا اليوم، زوالاً مليئاً بتاريخ مليء بالفظاعة والمظالم الكثيرة، كما حدث لحكومة بني امية وبني مروان وبني العباس وغيرهم ممن حكموا باسم الإسلام، وغيرهم من الحكومات بالدنيا. فسبب زوال كل تلك الحكومات هو الطغيان.

نقل التاريخ ان النبيّ صلى الله عليه وآله كان راجعاً من الحجّ، وكان عليه أن المرور في طريق ضيق حيث كان في أحد أطراف هذا الطريق الجبال وبطرفه الآخر واد عميق. ووصل النبيّ هذا الطريق مساء، وكان الجو مظلماً، وكان مع النبيّ صلى الله عليه وآله حذيفة وسلمان وعمّار رضوان الله عليهم، فقال لهم أن يطلبوا من الناس الذين رافقوا النبيّ، بأن يتوقفوا، وأن يأذنوا لهم بالعبور بعد عبور ومرور النبيّ صلى الله عليه وآله من هذا الطريق الخطر. فتآمر جمع من المنافقين من الأصحاب بأن يكمنوا في أعلى الجبال، ويقوموا بحرجة دباب عند وصول النبيّ صلى الله عليه وآله في هذا الطريق، كي ينفر الجمل الذي يحمل النبيّ، ويؤدّي إلى سقوط النبيّ صلى الله عليه وآله في الوادي، وبالتالي يؤدّي إلى موت النبيّ صلى الله عليه وآله! وهذا ما نقرأه في دعاء صنمي قريش: (ودباب دحرجوها). ولكن الله تعالى كان للمنافقين بالمرصاد، وأفشل محاولتهم اغتيال النبيّ صلى الله عليه وآله، وأنجى نبيّه صلى الله عليه وآله. وقد عرف كل من حذيفة وسلمان وعمّار من قام بهذه المؤامرة حيث شاهدوهم عن قرب وعرفوهم من وجوههم.

ثم إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله غضّ الطرف عن أصحاب هذه المؤامرة ولم يوجّه إليهم أصابع الاتهام ولم يفضحهم ويعلن عنهم، أي انه صلى الله عليه وآله استعمل اللين مع الأعداء بالداخل، الأعداء الذين تظاهروا بالإسلام وأبطنوا النفاق. وهذا التعامل من النبيّ صلى الله عليه وآله يدلّ على العقل الكبير للنبيّ صلى الله عليه وآله. وهذه هي أخلاق النبيّ صلى الله عليه وآله، أي الأخلاق ثم الحكومة. وليس كما يقال: الحكومة ثم الأخلاق، أو الحكومة مطلقاً وبلا أخلاق. فنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله جعل الأخلاق هي قيد الحكومة.

وعقّب سماحته متسائلاً: انظروا إلى التاريخ وإلى دنيا اليوم، هل تجدون، ولو حاكماً واحداً، يتعرّض لمحاولة سوء ويقوم بالعفو عن صاحب المحاولة؟ أو لم يودعه السجن؟

وأشار سماحته إلى نموذج آخر من عفو النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله عن أعدائه، فقال: إنّ أعظم مصيبة أصابت النبيّ صلى الله عليه وآله، وكانت الأثقل عليه، هي مصيبة استشهاد عمّه حمزة صلى الله عليه. فقد قتل حمزة سلام الله عليه قتلاً فظيعاً، كما في الرواية الشريفة عن الإمام زين العابدين صلوات الله عليه، حيث قال: (ما من يوم أشدّ على رسول الله صلى الله عليه وآله من يوم اُحد، قُتل فيه عمّه حمزة بن عبد المطلب أسد الله واسد رسوله صلى الله عليه وآله). وكان قاتله وحشي بأمر من هند آكلة الأكباد. فأعلن النبيّ صلى الله عليه وآله بهدر دم قاتل حمزة سلام الله عليه. فقرّر وحشي أن يسلم بالظاهر فقط، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وترجّى العفو. فعفى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله.

وتساءل سماحته: لماذا عفا النبيّ صلى الله عليه وآله عن وحشي مع أنه كان قد أمر بقتله؟

أقول في الجواب: إنّ السبب هو لين النبيّ صلى الله عليه وآله. فلم يستعمل النبيّ صلى الله عليه وآله القطع فيما قاله وفيما أمر به من قتل وحشي، مع انه صلى الله عليه وآله لم يأمر بقتل وحشي اعتباطاً.

إنّ هذا التعامل من النبيّ صلى الله عليه وآله ليس عيباً، بل بالقطع ان عدم العفو هو الأسوء والأعيب. وهذا غيض من فيض من تعامل نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله بلين.

وأقول: إنّ كل قول وتصرّف وعمل يخالف قول وعمل النبيّ صلى الله عليه وآله، فهو المدان.

لماذا فشلت الوحدة الاسلامية؟

وشدّد سماحته بقوله: من هذا المنطلق وبهذه المناسبة العظمى، ذكرى مولد نبيّ الإسلام والإمام الصادق صلوات الله عليهما وآلهما، اُوجّه خطاباً للأمة الإسلامية، سواء للحكومات ولغيرهم، ولغير المسلمين أيضاً. فأقول للمسلمين: خذوا الإسلام من رسول الله صلى الله عليه، وخذوا منه صلى الله عليه وآله كل ما تريدونه في مجال الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعائلة والفرد والأخلاق، وغير ذلك.

بل حتى الاتحاد والوحدة فخذوهما من رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: (كتاب الله وعترتي أهل بيتي). وهذا هو محور الاتحاد والوحدة لا غيرهما.

وعقّب سماحته بقوله: أنا شخصياً ومنذ قرابة خمسين سنة أسمع بالوحدة الإسلامية وإلى يومنا هذا. ولكن لماذا لم تتحقّق ولم تتقدّم حتى خطوة واحدة؟

أتعرفون ما السبب؟

السبب هو عدم الالتزام والتمسّك بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله وهو: القرآن الكريم وعترته الطاهرة. ولهذا نرى أنه لم تتحقق الفائدة المرجوّة من المطالبة والمناداة بهذا الاتحاد وبهذه الوحدة. وانظروا إلى وضع المسلمين، وخصوصاً في العقدين الأخيرين، ترونه اسوأ مما مضى، بل هو إلى الوراء دوماً.

وأكّد سماحته، موجّهاً خطابه للمسلمين كافّة: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً). فلا يصلح حال المسلمين إلاّ بهذين الشرطين. وسيكون وضعهم أسوأ ويبقون على هذه الحالة حتى إلى مائة سنة اخرى، ما لم يتمسّكوا بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله.

اعلموا إنّ الملاك والمعيار هو نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، وما عمل به الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وهو عين ما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله. فإن عملتم بذلك فستوفّقون.

سبب الكتابات والرسوم والإساءات

وعن خطابه لغير المسلمين، قال سماحته: أما خطابي لغير المسلمين، فأقول: إن كنتم حقّاً تريدون معرفة الحقيقة، ولم تكونوا أعداء، وأردتم أن تقرأوا شيئاً عن نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، أو تكتبوا عنه، وإن أردتم أن تعرفوا صلاة النبي وصومه وسياسته واقتصاده وأخلاقه، فخذوا ذلك من أهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم، من الإمام أمير المؤمنين والسيّدة الزهراء ومن الحسن والحسين ومن باقي الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم، لا من غيرهم، مهما كانوا. فأهل البيت أدرى بما في البيت.

وعقّب سماحته، بقوله: إنّ سبب كل الكتابات والرسوم والإساءات التي صدرت في بلاد الغرب، تجاه مقام وشخصية رسول الله صلى الله عليه وآله، سببها وجذورها يعودان إلى ما كتبه غير أهل البيت صلوات الله عليهم عن النبيّ صلى الله عليه وآله.

ثم وجّه سماحة المرجع الشيرازي دام ظله خطابه إلى مراجع التقليد والفقهاء الأعلام، أدام الله ظلهم، وقال: تواضعاً وخضوعاً، أطلب طلب واحد من المقام الشامخ لمراجع التقليد الجامعين للشرائط، وهو: إذا أراد أهل الغرب وغيرهم أن يعرفوا شيئاً عن نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، فمن أين يمكنهم ذلك؟ فالكتب ووسائل الإعلام الموجودة اليوم معظمها تنقل عن النبيّ صلى الله عليه وآله من غير أهل البيت صلوات الله عليهم. فقد سمعت ان حكومة إحدى الدول الإسلامية قامت بصرف الكثير من الأموال في ترجمة كتاب تاريخ الطبري إلى الإنجليزية وطبعه بلا أي تعليق عليه. أي طبعوه بما فيه. مع إنّ تاريخ الطبري مليء بالباطل تجاه أهل البيت صلوات الله عليهم. فالطبري هو أوّل من كتب بأن الآية الكريمة: (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)، بأنها قد نزلت بحقّ عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، والعياذ بالله!!! ومنه أخذ صاحب الدر المنثور وغيره. ولا شكّ أن الطبري كتب الكذب والموضوعات. فكيف ستكون إذاً نظرة ورؤية الغربيين للإمام عليّ صلوات الله عليه وهو من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله، عندما يقرأون مثل هذه الأكاذيب والموضوعات؟

فمن عليه أن يقوم بملء هذا الفراغ؟

وأكّد سماحته: إنّ مراجع التقليد هم الأليق والأنسب والأفضل في هذا المجال، بالأخصّ المراجع الذين لهم الكثير من المقلّدين في العالم. فيجدر الاستفادة من وسائل الإعلام، بالأخصّ القنوات الفضائية، وهو لا شكّ واجب كفائي، وهو واجب على الجميع أيضاً، ولكن مراجع التقليد هم الأولى بهذا، لأنهم أكثر اتّباعاً للنبيّ ولأهل البيت صلوات الله عليهم. حتى تعرف البشرية الصورة المشرقة والحقيقة لرسول الله صلى الله عليه وآله التي بيّنها العترة الطاهرة صلوات الله عليهم.

وعقّب سماحته: فمع توافر هذا الكمّ الهائل من وسائل الإعلام، لماذا يبقى العالم لا يعرف الصورة الحقيقة للنبيّ صلى الله عليه وآله؟ وإلى متى هكذا نبقى؟

وختم سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، كلمته القيّمة، بقوله: أسأل الله تبارك وتعالى أن يعجّل في فرج مولانا بقيّة الله الإمام المهدي الموعود صلوات الله عليه وعجّل في فرجه الشريف، وأن يرفع ويزيل كل المشاكل، قريباً وكاملاً. وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/كانون الثاني/2013 - 18/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م