الثقافة العربية... أبداعات مستمرة وتحديات متجددة

 

شبكة النبأ: تعتبر ثقافة العربية إحدى أهم وأغنى وأقدم الثقافات في العالم، وللعرب ارث ثقافي خاص ومميز في هذا المجال أسهم في بناء المجتمع العربي عبر جميع العصور، ومنها عصرنا الحالي الذي يزخر بالعديد من الأسماء المبدعة التي سعت الى إثبات وجودها على الرغم من الصعوبات والتحديات الكبيرة التي أسهمت بعرقلة العديد من المشاريع الثقافية، يضاف الى ذلك الإهمال المتعمد من قبل بعض الحكومات والأنظمة العربية لدور الثقافة وفرض سلطة الرقيب وتهميش المثقف العربي الذي إصر على إبراز قدراته وإكمال رسالته، وفي هذا الشأن اختير ستة روائيين ضمن القائمة القصيرة لجائزة بوكر العالمية للرواية العربية لعام 2013 بعد تفوق أعمالهم على اعمال روائيين مرموقين كانوا قد أدرجوا على القائمة الطويلة للجائزة التي تكافئ النثر الروائي المكتوب بالعربية. وتضم القائمة القصيرة رواية " يا مريم " للعراقي سنان أنطون، و"أنا، هي والأخريات" للبنانية جنى فواز الحسن، و"ساق البامبو" للكويتي سعود السنعوسي، و"القندس" للسعودي محمد حسن علوان، و"مولانا" للمصري إبراهيم عيسى، و"سعادته السيد الوزير" للتونسي حسين الواد.

وكشف عن أسماء الكتاب الستة في مؤتمر صحافي في العاصمة التونسية في حضور هيئة التحكيم التي ترأسها الكاتب والأكاديمي المصري جلال أمين والتي بقيت عضويتها طي الكتمان حتى الان. وخرجت من اطار المنافسة أسماء بارزة في عالم الرواية العربية مثل واسينى الأعرج وإبراهيم نصر الله وهدي بركات والياس خوري وربيع جابر. والروايات المختارة رشحت من بين 133 رواية أتت من 15 بلدا، وجميعها تم نشرها في الاثني عشر شهرا الماضية.

وجاء في بيان صادر عن الجائزة ان القائمة القصيرة لهذا العام تكشف عن الاهتمامات الروائية المتنوعة التي تعد في صلب الواقع العربي اليوم، منها التطرف الديني وغياب التسامح ورفض الآخر وانفصال الفكر عن السلوك عند الإنسان العربي المعاصر واحباط المرأة وعجزها عن اختراق الجدار الاجتماعي الذي يحاصرها، وتعرية الواقع الفاسد والنفاق على المستويات الاجتماعية والدينية والسياسية والجنسية.

وكشف عن أسماء هيئة التحكيم، التي ضمت الى جانب رئيسها، صبحي البستاني الناقد والأكاديمي اللبناني، وعلي فرزات، رئيس اتحاد رسامي الكاريكاتوير العرب ورئيس تحرير الجريدة السورية اليومية المستقلة "الدومري" وباربرا ميخالك-بيكولسكا، الأكاديمية والباحثة البولندية وأستاذة الأدب العربي في كلية الآداب في جامعة ياغيلونسكي في كراكوف، وزاهية إسماعيل الصالحي الأستاذة في جامعة مانشستر والمختصة بالأدب العربي ودراسات النوع.

وقال جلال أمين، رئيس لجنة التحكيم "استطاع اعضاء هيئة التحكيم من أن يختاروا قائمة ممتازة من الأعمال الروائية العربية الجديدة، تعبر عن تألق موهبة الروائيين والروائيات العرب وتكشف مواهب جديدة في مختلف أنحاء الوطن العربي. وتشعر اللجنة بالارتياح لكون الإبداع المتميز لم يكن حكرا على بلد دون آخر، أو جيل دون آخر". بحسب فرنس برس.

وينال كل من الروائيين الذين يصلون إلى القائمة القصيرة مبلغ عشرة آلاف دولار، بينما يتلقى الفائز النهائي خمسين ألف دولار إضافية. وتهدف الجائزة الى "مكافأة الامتياز في الكتابة العربية الإبداعية المعاصرة، إلى جانب توفير أكبر عدد ممكن من القراء العالميين للأدب العربي الجيد" على ما يؤكد المنظمون. ودشنت الجائزة في أبوظبي في العام 2007، وهي تحظي بالدعم الإداري من قِبل "مؤسسة جائزة بوكر" في لندن، إلى جانب الدعم المالي من قِبل "هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة"في بالإمارات العربية المتحدة. ويعلن عن اسم الفائز بالجائزة في احتفال يقام في أبوظبي في 23 نيسان/ابريل 2013 عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب. وتتعهد "الجائزة العالمية للرواية العربية" بنشر الرواية الفائزة في ترجمة إنكليزية. وكان الكاتب اللبناني ربيع جابر فاز بالجائزة العام الماضي عن روايته "دروز بلغراد".

منع 300 كتاب

في السياق ذاته اعلنت وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي ان ادارة المعرض الدولي للكتاب الذي افتتحه الرئيس بوتفليقة منعت 300 عنوان من الدخول الى الجزائر لانها تشيد "بالارهاب او العنصرية او الاستعمار". وقالت الوزيرة في تصريح للاذاعة الجزائرية "هناك قانون داخلي للمعرض الدولي للكتاب ينص على منع الكتب التي تشيد بالارهاب او العنصرية اوالاستعمار". واضافت "نحن طبقنا القانون على 300 عنوان، اغلبها تشيد بالايديولوجية التي تشكل قاعدة للارهاب". بحسب فرنس برس.

وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة افتتح المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 750 دار نشر من 40 دولة 14 منها عربية، على ان يفتتح المعرض امام الجمهور الخميس. واختار المنظمون الجزائر كضيف شرف الطبعة ال17 من المعرض لتزامنه مع الاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال هذا البلد من الاستعمار الفرنسي. ويزور المعرض كل سنة اكثر من مليون زائر (1,2 مليون في 2011) ما يجعله "من اكبر التظاهرات الثقافية في العالم"، بحسب المنظمين.

وقال محافظ المعرض الدولي للكتاب حميدو مسعودي في مؤتمر صحافي "تم تخصيص موقع ضيف الشرف للجزائر بالذات". وتابع "ليس في هكذا اختيار اي نوع من انواع الانانية والتبجح وانما هي ارادة في دعوة ذاكرة بلدنا وتاريخه لاعتلاء منصة هذا الصالون (المعرض)". واوضح مسعودي ان الجزائر تتقاسم ذاكرتها مع الكثير من البلدان "التي ساندتها في كفاحها من اجل الاستقلال". وكان لبنان ضيف شرف الطبعة السابقة وافتتحه وزير الثقافة اللبناني غابي ليون.

الى جانب ذلك اختتمت فعاليات معرض فلسطين الدولي الثامن للكتاب، في دورته "فلسطين الدولة 194 وعاصمتها القدس"، والمقام في أرض المعارض بمدينة البيرة بعد غياب استمر أربعة أعوام. واشتمل حفل الختام على توزيع دروع للمشاركين في المعرض، من بينهم جناح وزارة الثقافة الأردنية التي تشارك لأول مرة استلمه حسام علاونة وغسان حسين عن أعضاء لجنة اتحاد الناشرين الأردنيين ومحمد عبداللطيف رئيس اتحاد الناشرين العرب.

مدير المعرض محمد الأسمر، أكد أن وزارة الثقافة قدمت للمشاركين خصما يصل إلى 50 % مع شراء بقيمة 50% من الناشرين على أن تدفع الوزارة لهم لاحقا ثمن تلك المشتريات. وأشار الأسمر إلى أن الوزارة شكلت لجنة لاختيار الكتب من الناشرين بقيمة تصل إلى 50 % المتبقية على الناشرين من إيجار الأجنحة، وبذلك ينتهي الخلاف الذي نشب بين الناشرين وإدارة المعرض بسبب ضعف الإقبال.

كتاب شاركوا في النشاطات الثقافية التي أقيمت على هامش المعرض، اعتبروا أن الحضور إلى فلسطين "مطلب للجميع كونها حلما يراود كل إنسان عربي". مسؤول جناح وزارة الثقافة الاردنية حسام علاونة الذي يزور فلسطين لأول مرة، قال:"تأتي مشاركة وزارة الثقافة في معرض فلسطين ضمن التبادل الثقافي بين البلدين، ومشاركتنا من خلال مجموعة من منشورات الوزارة، حيث تم إهداء هذه المجموعة لوزارة الثقافة الفلسطينية". وأضاف علاونة أن "زيارة فلسطين لها مكانة وتترك أثرا في النفس، فهي مطلب لمعظم الناس في التعرف على هذه الأرض، وعلى مدنها وقراها".

الكاتبة المسرحية المصرية رشا عبد المنعم فلسطين، قالت:"تشكلت صورة فلسطين في خيالي عن عنها من خلال كتابات مريد البرغوثي وغسان كنفاني ومحمود درويش وطالما جعلتني أتشوق لأن أشم عبق هذه الأرض، وأتشوق على وجه التحديد لأن التقي الأم الفلسطينية، فهي الأصل والجذر". وأضافت: "حين أتيت إلى هنا تبيَّن لي أن الواقع أجمل بكثير مما توقعت، تألمت كثيرا لمحاصرة الاحتلال ومحاولاته لطمس تلك الحضارة وخسته وهو يتعامل مع الأرض الفلسطينية كرقعة شطرنج يستولي على قطعة وراء القطعة".

أما الشاعر عمر شبانة فرأى أن زيارة فسطين لها أكثر من بعد ومستوى، "ففي البعد الروحاني والشعوري فتجربة الزيارة يضع اللبنة الأولى للعلاقة الواقعية مع أرض الحلم ما أثار مشاعر وانفعالات هي الأول في حياتي، وربما تؤسس إلى علاقة جديدة مع هذه الأرض لما فيها من شجر وحجر وبشر". وأشار إلى أنها تجسد "صدمة بالمعنى الإيجابي فهذه العلاقة التي بقيت مقتصرة على الحلم، الآن تدخل مرحلة جديدة ستنتج تفاصيل جديدة وعناصر وتفاعلات داخلية"، مشيرا إلى أنه كان يحب أن تبدأ علاقته مع هذه الأرض بمشهد مختلف هو العودة إليها،

مجلة الآداب

على صعيد متصل أعلنت مجلة الآداب اللبنانية العريقة توقفها عن الصدور "موقتا" الى حين توافر "صيغة جديدة قادرة على الاستمرار سنوات طويلة" مؤكدة ان قرار الاقفال ليس على خلفية مالية، بحسب ما جاء في مقال افتتاحي لناشرها في عددها الاخير. وقال الناشر والكاتب اللبناني سماح ادريس في مقال افتتاحي في عدد خريف 2012 ان مجلة الآداب قررت "ان تحتجب عن قرائها موقتا وهي التي لم تحتجب من قبل على امتداد ستين عاما". واضاف سماح ادريس الذي يتولى ادارة تحرير المجلة منذ العام 1991 خلفا لوالده سهيل ادريس "المال ليس وراء قرارنا الجديد، المجلة كانت خاسرة على نحو شبه متواصل، وهي قلما ربحت او غطت كلفة انتاجها طوال اكثر من ثلاثة ارباع عمرها".

وتساءل الناشر "ما معنى إصدار مجلة حين يتراجع عدد القراء؟ وهل الإصرار على اصدارها بطولة واجبة أم إضاعة لجهد كان يمكن ان يصرف في مواضيع اخرى قد لا تقل اهمية ومردودا ثقافيا ونهضويا وانتشاريا؟". وتابع الناشر الذي اصطدمت مجلته باستمرار بالرقابة في العديد من الدول العربية وصودرت اعداد منها "ما معنى ان تواجه مجلة ورقية حكم الاستبداد والقمع والتخلف حين لا يستطيع المواطنون الخاضعون له الحصول عليها". بحسب فرنس برس.

واوضح ادريس ان قرار الاحتجاب يأتي فيما "عدد قراء باقي المجلات الثقافية الورقية المستقلة، يسير في منحى تراجعي منذ سنوات، مع بعض الاستثناءات في هذا البلد أو ذاك". ويأتي احتجاب مجلة الآداب متزامنا مع الذكرى الستين لتأسيسها في العام 1953. المجلة التي ترصد الحركة الادبية والثقافية في العالم العربي، تصدر عن دار الاداب اللبنانية دوريا وتنشر ملفات عن الرواية والشعر والمسرح والسينما والثقافة العامة والفكر السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/كانون الثاني/2013 - 14/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م