مختار بلمختار القائد الأعور... جوكر القاعدة في عملية الرهائن

 

شبكة النبأ: مختار بلمختار اسم من أسماء قادة تنظيم القاعدة عاد الى الظهور بقوة بعد عملية الخطف الأخيرة في موقع إنتاج الغاز في الجزائر والتي بعد قتال مسلح أسفر عن مقتل الخاطفين وعدد من الرهائن الأجانب، و بعد ان تبنى القائد الأعور وهو احد ألقاب بلمختار المتعددة عملية اختطاف الرهائن ومهاجمة الموقع المذكور أصبح اليوم من اخطر رجال القاعدة وأبرز المطلوبين بالعالم، ولهذا الرجل سجل إجرامي متنوع ما بين القتال والتهريب والاختطاف وغيرها من الجرائم الأخرى بحسب بعض المراقبين، الذين أكدوا على ان بلمختار قائد كتيبة الملثمون سيواصل اعمالى الانتقامية في الجزائر وغيرها من البلدان الاخرى وسيسعى الى عقد صفقات جديدة مع مجاميع التنظيم وسيواصل أيضا دعم باقي الحركات في سبيل تحقيق المزيد من المكتسبات والنتائج. ويذكر ان مختار بلمختار فقد عينا أثناء قتاله في افغانستان وحلف يمين الولاء لتنظيم القاعدة وسمى ابنه على اسم اسامة بن لادن. وبتدبيره المفترض لاحتجاز رهائن في منشأة غاز بالصحراء الكبرى اعاد بلمختار الجزائر مرة اخرى إلى خريطة الأعمال الجهادية العالمية بعد 20 عاما من انتهاء حرب أهلية جعلتها مسرحا لصراع دام على السلطة. كما أكد قدراته الجهادية بإظهاره ان تنظيم القاعدة مازال يشكل تهديدا محتملا للمصالح الغربية على الرغم من مقتل زعيمه في باكستان في عام 2011.

وأثبت ان العملية العسكرية الفرنسية ضد اقرانه الإسلاميين في مالي المجاورة لن يتم احتواؤها داخل دولة واحدة. قال أرون زيلين الخبير في شؤون تنظيم القاعدة في معهد سياسات الشرق الأدنى في واشنطن "إنه مؤمن حقيقي بقضيته." وأعلنت جماعة الملثمين التي ينتمي لها بلمختار في بيان مسؤوليتها عن احتجاز رهائن. وأشارت الجماعة كذلك إلى المعركة التي يشنها مقاتلون على صلة بالقاعدة ضد الرئيس السوري بشار الاسد وأدانت الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ملقية الضوء على الجبهات العديدة التي تقاتل عليها القاعدة حاليا على الرغم من تآكل قيادتها المركزية في افغانستان وباكستان.

وقاتل بلمختار المولود في وسط الجزائر في افغانستان قبل أن يعود إلى دياره ليشارك في الحرب الأهلية التي اندلعت بعد أن ألغت السلطات انتخابات جرت عام 1992 وكان الإسلاميون على وشك الفوز فيها. وشارك بدرجة كبيرة في عمليات خطف وتهريب ما اكسبه لقب "رجل المارلبورو" ودفع ذلك البعض للاعتقاد بأنه يبتعد عن الالتزام بالجهاد ويتجه صوب جمع المال من خلال الجريمة.

ولكن مع لجوء العديد من الجماعات الناشطة على مستوى العالم ومنها على سبيل المثال حركة طالبان الافغانية وشبكة حقاني إلى الجريمة لجمع المال لتمويل انشطتها يقول المحللون إن وصفه بالمجرم ربما يعد مبالغة. وقال اندرو ليبوفيتش المحلل المقيم في دكار الذي يرصد عن قرب التطورات في مالي "لم يكن هناك قط ما يدعم هذه الخصال التي تجعل منه مجرد مجرم."

واضاف "فهو على صلة وثيقة منذ أمد بعيد بالجهادية."

وفي حديث نادر مع وكالة انباء موريتانية في عام 2011 ابدى بلمختار احترامه وتقديره لابن لادن وخليفته ايمن الظواهري. واشار كذلك إلى انشغال القاعدة التقليدي بقضايا عالمية مثل العراق وافغانستان والقضية الفلسطينية وأكد على الحاجة إلى مهاجمة مصالح اقتصادية وعسكرية غربية ويهودية. ويقول مركز دراسات جيمستاون فاونديشن إن بلمختار تأثر بالعالم الأردني الفلسطيني الراحل عبد الله عزام الذي كان مرشدا لابن لادن وهو رجل مازالت أفكاره تحكم الحركات الجهادية.

وذهب بلمختار إلى افغانستان على الأرجح بعد وفاة عزام في باكستان عام 1989 وفاتته فرصة الانضمام للجهاد ضد الروس الذين انسحبوا في ذلك العام ولكنه حارب مع المجاهدين ضد حكومة كابول. وفور عودته إلى الجزائر انضم إلى جماعة شاركت في الصراع ضد السلطات المدعومة بالجيش في العاصمة وشن هجمات كبرى على مصالح فرنسية في تسعينات القرن الماضي.

ومرت الجماعة بعدة تحولات إلى أن أصبحت الآن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومن اغنى فروع تنظيم القاعدة على الأرجح بعد ان جنت الملايين من عمليات احتجاز رهائن سابقة دفعت فيها الفدية في هدوء. وهذه الجماعة والجماعات المتحالفة معها هي ما تستهدفه العملية العسكرية الفرنسية في مالي. وكان بلمختار محور تكهنات مستمرة بأن يكون قد انفصل عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بسبب التناحر مع قادة آخرين للتنظيم وبخاصة عبد الحميد أبو زيد.

لكن ما من سبيل للتيقن من شيء نظرا للسرية التي تحيط بالتنظيم وضآلة المعلومات المتوفرة عنه وحجم المعلومات الخاطئة التي يعتقد أنها تسربت عن طريق العديد من اجهزة المخابرات التي تسعى للقضاء على الجماعة. لكن ليبوفيتش قال إن الحديث عن تناحر خطير بين الرجلين يبدو مبالغا فيه. واضاف "نعرف انهما متنافسان... لكن قراءتي هي انهما أو رجالهما يتعاونون أو على الأقل يتبادلون الموارد والأماكن بأسرع مما هو متصور."

وقال زيلين الذي يتابع عن كثب المنتديات على الانترنت إن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قام فيما يبدو "بتقسيم محكوم" لتقوية نفسه في مواجهة الانقسامات العرقية وذلك بافساح المجال أمام القادة المختلفين للصعود إلى صدارة جماعات مختلفة. وأيا كانت الصلات العملية التي تربط بلمختار بأولئك الذين يقاتلون الفرنسيين في مالي فمن الواضح ان الهجوم على منشأة الغاز التي يرجح انها كانت محاطة بإجراءات أمنية قوية قد خطط له بشكل جيد وبالتأكيد من قبل وصول القوات الفرنسية إلى مالي.

وقال هنري ويلكينسون من مجموعة ريسك أدفيزوري الاستشارية "نحن نعرف أن هجمات مثل هذه تحتاج لاستطلاع واختيار للهدف وتدريب وقوة بشرية. وتكون عالية المخاطر جدا." وقال إن الهجوم سيدفع المختصين بمكافحة الإرهاب إلى التعامل مع جماعة بلمختار بجدية اكبر باعتبارها تنظيما مرتبطا بالقاعدة وليس مجموعة إجرامية. وتابع "يشير ذلك إلى أن أمرا أكثر عمقا بكثير وطويل المدى يجري الآن." وقال انيس رحماني رئيس تحرير صحيفة النهار الجزائرية إن بلمختار رأى في جنوب الجزائر حيث ترتفع معدلات البطالة بين الشبان ارضا خصبة لتجنيد النشطاء. واضاف أن عمل بلمختار يهدف كذلك إلى جذب وتجنيد المزيد من الشبان الجزائريين.

من جانب اخر نقل موقع صحراء ميديا عن بلمختار قوله إن العملية "قادها أربعون مجاهدا مهاجرين وأنصار من بلاد إسلامية شتى بل وحتى من بلاد الغرب باسم الموقعون بالدماء." وأبدت بعض الحكومات الغربية إحباطها من عدم إبلاغها بخطط السلطات الجزائرية لاقتحام المنشأة. ورغم ذلك دافعت بريطانيا وفرنسا علنا عن الخطة الجزائرية. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "من السهل القول إنه كان يجب القيام بهذا أو ذاك. السلطات الجزائرية اتخذت قرارا وعدد القتلى مرتفع جدا لكني أشعر بقدر من الضيق... حين يكون الانطباع هو أنه يجب مساءلة الجزائريين. كان عليهم أن يتعاملوا مع إرهابيين." وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في بيان بثه التلفزيون "سيطرح الناس الآن بالطبع أسئلة عن رد الجزائر على هذه الأحداث لكنني سأقول إن مسؤولية سقوط القتلى تقع مباشرة على الإرهابيين الذين شنوا هذا الهجوم الدنيء والخسيس." وأضاف "يجب علينا أن نقر بكل ما بذله الجزائريون للتعاون معنا ومساعدتنا والتنسيق معنا. أود أن أشكرهم على ذلك. كما يجب أن نقر بأن الجزائريين أيضا تكبدوا خسائر بين جنودهم."

ومثل الهجوم الذي شنه الإسلاميون اختبارا لعلاقة الجزائر مع العالم الخارجي وكشف مدى تعرض عمليات النفط المتعددة الجنسيات للخطر في منطقة الصحراء الكبرى وسلط الأضواء على التشدد الإسلامي في شمال إفريقيا. وشددت الجزائر على أنه لن يكون هناك تفاوض في مواجهة الإرهاب حيث لم يلتئم جرحها الناجم عن الحرب الأهلية مع المتمردين الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي والتي أودت بحياة 200 ألف شخص.

وتحتاج فرنسا بصورة خاصة إلى التعاون الوثيق من الجزائر كي يتسنى لها سحق المتمردين الإسلاميين في شمال مالي. وتعهدت الجزائر بإغلاق حدودها المشتركة مع مالي والتي يبلغ طولها ألف كيلومتر لمنع المتمردين المرتبطين بالقاعدة بالاختباء في صحرائها الواسعة الخاوية وجبالها الوعرة. وسمحت الجزائر لفرنسا باستخدام مجالها الجوي وهو ما أكده فابيوس مما ساهم بشكل كبير في تسهيل إقامة خطوط إمداد مباشرة للقوات الفرنسية التي تسعى لمنع المتمردين الإسلاميين من السيطرة على مالي بأكملها.

وقالت وكالات أنباء موريتانية إن القائد الميداني للمجموعة التي هاجمت المنشأة من النيجر وهو مقاتل من القبائل العربية في النيجر انضم إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال وهي جماعة جزائرية في أوائل عام 2005. واندمجت تلك الجماعة مع تنظيم القاعدة ليصبح اسمها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والجماعات المتحالفة هي أهداف للعملية العسكرية الفرنسية في مالي. بحسب رويترز.

وأثارت السهولة الواضحة التي دخل بها المقاتلون إلى منشأة الغاز علامات استفهام بشأن الإجراءات الأمنية التي تتخذها الجزائر والتي تبدو في ظاهرها صارمة. وتنتج المنشأة نحو عشرة بالمئة من الغاز الطبيعي الذي تعتمد عليه الجزائر في دخلها من التصدير. وقال مسؤولون جزائريون إن المهاجمين ربما حصلوا على مساعدة من الداخل من بين مئات الجزائريين الذين يعملون في الموقع.

حكم غيابي

على صعيد متصل حكمت المحكمة الجنائية بالجزائر على قائد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي عبد المالك دروكدال وعشرة مسلحين اسلاميين، بينهم ستة بحالة فرار، متهمين بالضلوع في اعتداء انتحاري في كانون الاول/ديسمبر 2007 بالعاصمة الجزائرية، بالاعدام، بحسب ما افادت وكالة الانباء الجزائرية. وحكم على دروكدال الملقب ب"ابو مصعب عبد الودود"، وستة آخرين جميعهم بحالة فرار، بالاعدام غيابيا. كما نال المتهمون الحاضرون الاربعة احكاما بالاعدام.

وكان الاعتداء الانتحاري المزدوج في 11 كانون الاول/ديسمبر 2007 الذي استهدف مقر المجلس الدستوري في العاصمة الجزائرية والمفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، اوقع 26 قتيلا و177 جريحا. وكان حكم على دروكدال غيابيا بالاعدام ثلاث مرات في 2009 و2012 لتورطه في اعتداءات وقعت خصوصا في العاصمة. والجزائر لا تطبق حكم الاعدام بموجب مذكرة تم تبنيها في 1993.

ودروكدال هو مهندس مولود في 1971 ببلدة مفتاح بالجزائر وكان قاتل في افغانستان. وتولى في نهاية 2004 قيادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تحولت في 2006 الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بعد انضمامها للقاعدة. والقاعدة في المغرب الاسلامي مستمرة في اعتداءاتها في الجزائر حيث تستهدف عادة قوى الامن وخصوصا في منطقة القبائل (110 كلم شرق العاصمة) ومنطقة بومرداس المجاورة (50 كلم شرق العاصمة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/كانون الثاني/2013 - 12/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م