نشاهد المخرجات الانتاجية في المجتمعات العربية تلبي رغبات خاصة
وفئات معينة بحيث تكون مثالية وخيالية كون الرقيب متواجد خلال المراحل
الانتاجية الاولية لتلك المخرجان كون الايمان الحقيقي لدى المنفذين هو
الارضاء الذاتي والقناعة المطلقة للفئات او الجهات العليا بغض النظر
اذا حصل تجاوزات على المصلحة العامة، ام لم يحصل، ونحن نقول في الغالب
هناك تجاوزات على المصلحة العامة، لكسب رضا المسؤول او المدير او
القائد.
هذا يحدث لان ترسيخ مزايا وصفات الانسان الناجح في البلد لاتوجد
بالمعنى الحقيقي. كذلك، عدم وجود مفاهيم المواطنة وحب الوطن، بالمعنى
الحقيقي داخل الانسان العربي، وان الاعمال الفردية او الجماعية تصب في
المصلحة الاخيرة في خدمة مقدم الخدمة الاول لان المستهلك او طالب تلك
الخدمة هم افرادا" او جماعات داخل مجتمعه؛ وربما نذهب ابعد من ذلك
فنقول ان المستفيد خارجيا" كدولة او بلد مجاور كما يحدث في الدول
المنتجة لبضائع ذات جودة وكفاءة عالية.
فنحن نبالغ بإعداد وتأليف وكتابة البحوث والدراسات والكتب والمقالات
العلمية والانسانية، ونحاول توعية المواطن عن مفاهيم واهمية الجودة
التي تصب في مصلحته دون غيره اولا"، لكننا ننسى شيئا" مهما": تغير
وتحسين سلوك الفرد لكي تكون مشاريعنا وبرامجنا صادقة ومثمرة وليس حبرا"
على ورق كما يقال في العادة. يقول سقراط: "ليس من الضروري ان يكون
كلامي وعملي مقبولا"، لكن من الضروري ان يكون صادقا" ومخلصا"."
ونعني بضمان الجودة هنا عدم جلب قوالب جاهزة من الدول والبلدان
المتطورة والمتقدمة، التي يصعب في الغالب فهمها وليس تطبيقها من قبل
دول العالم الثالث، لكن ان نتبع الجودة من خلال الاداء، الممارسة،
العمل، السلوك، وان مسألة الفهم والادراك والوعي دون ان يكون تطبيقا"
واقعيا" على ارض الواقع لا فائدة منه للمجتمع والفرد. يتم تفعيل الضمان
اذا كان لدينا مجتمعا" واعيا"، فكريا" ومعرفيا"، وناضجا"، بدنيا"
ونفسيا"، ومستعدا" للتواصل وتطبيق الجودة.
ان الضمان الحقيقي لتوفير الجودة، نموذجية ام معيارية او مثالية،
يتطلب تضافر الجهود للمواطنين كافة مع الدولة ومطالبة الجهات المشرفة
على الجودة بتعزيزها عبر نوافذ متعددة دون ان يكون هناك رقيبا" دائما"
كون الجودة تعني توفير المنتج المثالي لاستمرار الحياة الفاضلة،
والجودة تعني ضمان الحقوق والنوعية؛ وكذلك تجنب الفرد او المواطن مشاكل
الامراض، اذا كنا نتحدث عن انتاج بضاعة او منتوج، ومشاكل هدر المال
والجهد والوقت، اذا كنا نتحدث عن متابعة عمل او قضية او مراجعة الى
دائرة او مؤسسة، فكل ذلك يصب في مصلحة البيئة الداخلية للبلد او
الدولة.
فالعالم اليوم ينجز اكبر واضخم الصفقات المالية او التجارية او
السياسية او العلمية بنقرة على زر (send) وتعني ارسال في البريد
الالكتروني، ونحن نقضي شهورا" في دولنا العربية لأخذ رأي حضرة المسؤول
او المدير او القائد الذي هو في الغالب يكون متعلما" وليس مثقفا"
فيستخدم اساليب المواربة، التنظير، السرد، المحاباة، الوطنية
المفرطة،...الخ. فلهذا يكون ضمان الجودة في العمل او الانتاج مبنيا"
على تحسين سلوك الفرد وبناءه بناءا" جيدا" وهو ليس الزاميا" اذا فرض
بالقوة والشدة والعقوبة لأن ذلك الداني سيجد منفذا" لتمرير عمله او
انتاجه بصورة غير معيارية او نموذجية. فنحتاج الى بناء الانسان وتوفير
الظروف الملائمة له ليكون مبدعا" في عمله واداءه وانتاجه الذي سيصب في
خدمة البلد قبل خدمة الفرد دون رقيب بشري مزاجي! |