ان نظرة اولية الى توصيات المرجعية الدينية في الازمة الاخيرة نجد
ان النقط الخمس التي اعلنت في خطبة الجمعة الماضية في الصحن الحسيني
الشريف تشكل خارطة طريق حقيقية للخروج من مأزق؛ ليس الازمة الحالية
فحسب بل ترتيب الاوضاع السياسية والعلاقة والتعاون المرن بين السلطات
الثلاث بصورة تضمن انسيابية العمل والرقابة في النظام البرلماني، وتفي
بجزء كبير من مطالب مختلف اطراف الازمة.
ويمكننا ان نختصر رؤية المرجعية الدينية بالشكل التالي:
1. ان مسؤولية الازمة الحالية لا تقع على طرف دون الآخر بل تتحملها
مختلف الكتل السياسية وبالذات تلك الفائزة في الانتخابات الماضية لانها
من تشكل الحكومة والبرلمان اليوم.
2. ارساء دعائم الدولة المدنية التي تحترم فيها الحقوق والواجبات
ويستمع فيها الرئيس (المسؤول) ويتجاوب مع المرؤوس (المواطنين).
3. الركون الى تهدئة الشارع والابتعاد عن التصعيد والتأزيم الذي
عملت عليه الكتل السياسية في كل مناسبة بوجود ازمة او حتى بدونها.
4. تحييد المؤسسة العسكرية وابعادها عن التدخل في ازمة المتظاهرين
او في غيرها لانه اصلا خارج اختصاصها.
5. تسييس الكتل السياسية للملفات خطر ينبغي الابتعاد عنه، لانه سبب
الازمات والمسبب الرئيس للمزيد منها.
ان توصيات المرجعية الدينية كانت واضحة وصريحة ومحرك وداعم للكتل
السياسية التي غابت مبادرتها منذ فترة بعيدة، فالحكومة سارعت الى تشكيل
لجنة وزارية سباعية برئاسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة للنظر في
مطالب المتظاهرين وتنفيذ المشروع منها بل وارسال اللجنة الى المحافظات
للقاء المتظاهرين بشكل مباشر، والتحالف الوطني رعى اجتماعا لقادة الكتل
السياسية خرج منه بقرارات مهمة تمثلت في الاتفاق على مشاريع قوانين
العفو العام والمسائلة والعدالة تمهيدا لاقرار تعديلاتها في جلسات
البرلمان الاسبوع المقبل وحدد لها مهلة لا تتجاوز الـ72 ساعة، وهو ما
عجزت ذات الكتل في الاتفاق عليه.. منذ سنوات.
وفقا لهذه الرؤى والاجواء والمبادرات الايجابية فان فرص الانفراج
ونهاية الازمة بدأت تلوح في الافق؛ ان التزم السياسيين بعامل الوقت
والجدول الزمني الذي ينفذ ما اتفق عليه وان تحققت الارادة السياسية
الجادة والصادقة لدى مختلف الاطراف، والاهم من ذلك توفر عامل الثقة بين
السياسيين الذي يضمن تنفيذ ما اتفق عليه وعدم التراجع عنه تحت أي ظرف،
حتى تمر هذه الازمة ونخرج منها على خير.
|