الأحزاب العربية تهدم الديمقراطية!

حسن الأنصاري

الاعتقاد السائد أن العمل السياسي في الكويت سوف يتطور إلى الأفضل في ظل تنظيم الكيانات والهيئات السياسية من خلال القانون، يحتاج إلى الكثير من النقاش الموضوعي العلمي وليس فقط قياسا للأنظمة الديمقراطية في الغرب!.

هذا الاعتقاد أساسه أن الأحزاب السياسية من مكونات النظام الديمقراطي وتطويره يتم من خلال تنظيم الأحزاب. في الغرب واقع هذا المفهوم، جاء نتيجة لمبدأ "ميثاق" التعايش بين الأفراد وبما يضمن تنظيمهم في جماعات مدنية إجتماعية بهدف تحقيق المطالب السياسية من الحكومة وأساسه بناء الدستور حيث أن الدساتير الغربية لا تقر بالأديان السماوية فتجد إن ممارسة العبادة مجرد شكل من أشكال الحريات العامة ولذا لا توجد في الحكومات الغربية وزارة للأوقاف كما إن جميع المؤسسات الدينية فيها تعامل طبقا للقوانين المدنية!.

 إذن الأسباب والأهداف الحقيقية التي أدت إلى تطوير النظام الديمقراطي في الغرب ليس بسبب وجود الأحزاب السياسية بل بسبب حظر تداول الدين في العمل السياسي حظرا دستوريا وهذا يختلف إختلافا كليا وكما يذهب البعض بتشريع قانون يمنع ذلك!. الدستور هو"الميثاق" الأساس بين الأفراد ليصبح شعبا مؤسسا لكيان الدولة قبل كيفية التعايش ضم حدودها الجغرافي وهذا الميثاق ساري المفعول على الجميع!. أما القانون قد لا يطبق على جميع من يعيش في حدود الدولة حتى وإن كان مواطنا والقانون أيضا يحتمل تغيره!.

الأمر الآخر، أن الأحزاب السياسية في الغرب تربطها علاقات دبلوماسية تعاونية مشتركة والمعارضة السياسية فيما بينها حقيقية تدفع باتجاه المصلحة الوطنية بهدف معالجة القضايا العامة من خلال ممارسة الضغط السلمي الجماعي على الحكومة بشرط وجود مشروع بديل معارض للمشروع الحكومي. وحين يسقط المشروع المعارض لأي سبب كان فذلك لا يعني أن المعارضة خسرت وعليها نتيجة لذلك أن تلجأ للصراع وتحويل كيان الدولة إلى حالة الفوضى والعبث في المؤسسات المدنية !.

 بينما في الدول العربية نجد أن الاختلاف في المعارضة السياسية بين الأحزاب سرعان ما تتحول إلى حالات العداء والصراع والتقاذف بل واللجوء إلى تشكيل جناح سري وآخر عسكري ضمن الأحزاب السياسية والصراعت لا تتوقف حتى بوجود القوانين المنظمة لها!.

السبب واضح أن الأهداف الحقيقية وراء التنظيمات الحزبية في الدول العربية هي الاستيلاء والسيطرة على الحكم وبدون وجود مشروع معارض، ومن يربح في المعركة يعمل على إقصاء الآخرين ولربما تصفيتهم!. بل وفي حالات كثيرة نجد أن الحزب الواحد ينشطر إلى أحزاب أخرى وإن مثل هذه التجارب المحيطة بنا سواء محليا أوفي الدول العربية لا تشجع على تنظيم الأحزاب السياسية وفي ظل الدساتير التي تم بنائها على أساس عقائدي!.

ولهذا السبب أعتقد أن أزمة الدستور المصري لن تنتهي لوأن حقيقة الثورة المصرية ثورة شعبية. حيث التناقض واضح ما بين أول جملة من ديباجته والمواد (1-2-3-4-5-6) منه وكذلك المفروض بداية حل تنظيم "إخوان المسلمين" واعادة تشكيله بنظام ديمقراطي (كما يدعي الدستور) بعد أن كان تنظيما سريا وله جناح عسكري متورط في إغتيالات شخصيات سياسية. وإلا فإن سيطرته على الحكم سوف يستمر إلى سنوات طويلة مع تغيير طفيف في شكل رئيس الجمهورية فقط!.

أما التجربة التونسية سوف لن تكون الأفضل حيث أنها ما زالت تعاني على الرغم من الاستعانة بالمؤسسات الدولية لغرض بناء الدستور وأعتقد سوف لن يفي بمطالب الشعب التونسي وكما يريد بل ولربما يزيده فقرا في ظل الأحزاب السياسية المتخلفة.

نعم، الأحزاب السياسية في الغرب تطور النظام الديمقراطي لأن الأحزاب هناك أنشئت على أسس ديمقراطية، أما الأحزاب السياسية في الدول العربية تهدم النظام الديمقراطي لأن أساس نشأتها مجهول وغالبا يجتمع أفرادها في السراديب والمقابر والكهوف ولا تعمل إلا في الظلام ولا تجد في أدبياتها إلا الشتيمة والاتهام والسب والقذف ولا تملك مشاريع بناء دولة بجميع مكوناتها وتعمل على الإقصاء وما همها إلا الاستقواء بعد السيطرة على الحكم!. ومن يجهل كيف يعمل النظام الديمقراطي لا أعتقد أن القانون سوف ينظم عمله السياسي الحزبي!.

http://www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/كانون الثاني/2013 - 5/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م