استراليا بلاد تلتهمها النيران

 

شبكة النبأ: تعرضت استراليا الى موجة جديدة من الحرائق والتي أسهمت بتدمير مساحات كبيرة من الأراضي والممتلكات في مشهد قد يعيد الى الاذهان ما حدث في عام 2009 عندما اسفرت حرائق الغابات عن مقتل 173 شخصا وتسببت في خسائر قيمتها 4.4 مليار دولار وتدمير 750 منزلا وإتلاف 340 فدانا من الأراضي الزراعية وتشريد السكان فيما بات يعرف بيوم "السبت الأسود". ويرى بعض العلماء إن موجة الحر، هي السبب الرئيسي لمثل هكذا كوارث وهو مزداد مؤخرا بسبب ظاهرة التغير المناخي. وتشكل الكوارث الطبيعية مثل الحرائق والفيضانات والجفاف جزءا من السمات الطبيعية التي تميز أستراليا، ويعتبر جنوب شرق أستراليا من أكثر المناطق عرضة للحرائق، حيث تزيد معدلات الحرارة والجفاف المرتفعة من احتمالات اندلاع الحرائق، وفي الشمال الأسترالي تندلع حرائق الغابات عادة خلال الشتاء (موسم الجفاف)، وفي هذا الجزء من أستراليا فإن أسباب الحرائق من الصعب تقييمها، حيث يتسبب في معظمها الإنسان وأيضا البرق. وفي هذا الشأن تصدى رجال الإطفاء لمئات الحرائق التي اندلعت في غابات استراليا في وقت ارتفعت فيه درجات الحرارة لتقترب من مستويات قياسية صاحبها هبوب رياح ساخنة لكن تمكنت البلاد من تفادي يوم كارثي دون وقوع خسائر في الارواح او أضرار كبيرة.

واضطر مئات السكان الى ترك منازلهم مع اندلاع الحرائق في جنوب شرق استراليا بينما لم يكن امام كثيرين خيار سوى الاحتماء بمنازلهم مع اقتراب النيران. وارتفعت درجات الحرارة الى أكثر من 45 درجة مئوية. ويأمل رجال الاطفاء في ان الطقس الألطف الذي ساد الساحل الشرقي لاستراليا حيث انخفضت درجات الحرارة 20 درجة خلال ساعات في بعض البلدات الساحلية قد يخفف من الاحوال الصعبة. وحذر شين فيتزسيمونز مفوض ادارة الحرائق في ولاية نيو ساوث ويلز من ان هذا التراجع لن يدوم سوى بضعة أيام قبل ان ترتفع الحرارة من جديد مع هبوب رياح ساخنة.

وبعد موجة حارة استمرت اسبوعا اشتعلت حرائق الغابات في خمس من ولايات استراليا الست. واندلع اكثر من 137 حريقا في ولاية نيو ساوث ويلز الأكبر من حيث عدد السكان وفي غابات حول العاصمة كانبيرا.

ودمرت حرائق الغابات نحو 100 منزل اغلبها في ولاية تسمانيا خلال الايام القليلة الماضية لكن لم ترد تقارير حتى الان عن وقوع وفيات وان كان العديد من الأشخاص ما زالوا مفقودين في المناطق المنكوبة. وخرج اكثر من 40 حريقا عن نطاق السيطرة في الوقت الذي شارك فيه الاف من رجال الاطفاء وأكثر من 60 طائرة تحمل صهاريج مياه في مقاومة الحرائق التي يعتقد ان بعضها أشعلها مخربون عمدا.

واندلعت حرائق جديدة حول كانبيرا وجنوب ولاية نيو ساوث ويلز وتسمانيا في وقت ارتفعت فيه درجات الحرارة بنسبة كبيرة. وبلغت درجة الحرارة في سيدني اكبر مدن استراليا 40 درجة مئوية بحلول الساعات الأولى من بعد الظهيرة بالتوقيت المحلي رغم انها مدينة ساحلية. وأعلن مسؤولو مكافحة الحرائق خمس مناطق في ولاية نيو ساوث ويلز الجنوبية مناطق كوارث. بحسب رويترز.

وحذرت رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا جيلارد الأمة للاستعداد لما قد يصبح أسوأ يوم تشهده استراليا فيما يتعلق بحرائق الغابات. وقالت جيلارد للتلفزيون الأسترالي في وقت ارتفعت فيه درجات الحرارة في مناطق بالساحل الجنوبي الشرقي المكتظ بالسكان بمقدار 15 درجة مئوية في الصباح وهو ما قد يهيء الظروف لاندلاع حرائق كارثية "هذا يوم خطير جدا." واضافت "نحن بالطبع قلقون جدا بشأن هذه الظروف الجوية الصعبة في (ولاية) نيو ساوث ويلز. الوصف بكلمة كارثي يستخدم لأسباب وجيهة جدا.. لذا من الضرووي للغاية أن يحرص الناس على تأمين أنفسهم."

100 مفقود

الى جانب ذلك تقوم قوات الشرطة بتمشيط المدن في جزيرة تاسمانيا الأسترالية بحثا عن 100 شخص في عداد المفقودين بسبب الحرائق التي اندلعت في جنوب الجزيرة. وأكد رئيس الشرطة في تاسمانيا أن هناك مخاوف من اكتشاف أشخاص فقدوا حياتهم في الحرائق التي اشتعلت.

كان قرابة ثلاثة آلاف شخص اضطروا لمغادرة منازلهم، وبقي كثيرون في مساكن للطوارئ بعد أن تقطعت بهم السبل. وبلغت درجات الحرارة ذروتها يوم عندما وصلت معدلاتها إلى 41.8 درجة مئوية، بينما حذر مكتب الارصاد الجوية من ارتفاع متزايد لدرجات الحرارة في أنحاء البلاد.

وخلال البحث عن المئة مفقود، أكد سكوت تيلارد القائم بأعمال رئيس الشرطة في تاسمانيا "ليس بالضرورة أن يكون المفقودون قد لحق بهم أي ضرر، لكن لا يمكننا إغفال هذا الاحتمال حتى نستطيع التواصل مع هؤلاء الأفراد". وأشار إلى أنه تم الاستعانة بالعديد من فرق الإنقاذ التي قدمت من فيكتوريا وجنوب أستراليا للمشاركة في جهود البحث، ويتوقع أن يتم العثور على شخص أو أكثر خلال عملية البحث.

وانطلقت صافرات الانذار لتحذير السكان في منطقة "تارانا" التي تبعد عن عاصمة الولاية هوبارت مسافة 47 كيلومترا بسبب اشتعال النيران التي استمرت ثلاثة أيام. وتعاني مساحات كبيرة من جنوب شرق استراليا من أسوا موجة من الحرائق لم تشهدها البلاد منذ أكثر من أربع سنوات، ويشير إلى أنه كان هناك مزيج من موجات الحرارة التي فاقت المعدلات القياسية، إضافة إلى موجات رياح عالية وجفاف، وكانت تاسمانيا الأكثر تضررا.

انخفاض الحرارة

في السياق ذاته ساعد انخفاض درجات الحرارة رجال الإطفاء في إخماد الحرائق التي اندلعت في انحاء استراليا وفيما سجلت الحرارة في سيدني 42 درجة مئوية ، لم تتجاوز الاربعاء 25 درجة. وانخفضت الحرارة في ملبورن عاصمة ولاية فكتوريا الى 20 درجة رغم توقعات الارصاد بارتفاعها مجددا في عطلة نهاية الاسبوع. وتم تخفيض مستوى الكثير من حرائق الاحراج ولم يعد اي منها عند مستوى "الكارثي" الذي يعني ان الحرائق ستكون خارج السيطرة ولا يمكن التنبؤ بمسارها وسريعة الامتداد وان اجلاء الاهالي هو الخيار الامن الوحيد.

غير ان شين فيتزسيمنز مسؤول فرق الاطفاء في المناطق الريفية في نيو ساوث ويلز حذر من التهاون حيث تندلع حرائق جديدة رغم انخفاض درجات الحرارة واستمرار الحظر التام على اشعال نيران. وقال للصحافيين في بوكام، القرية الصغيرة في ياس شير غرب كانبرا حيث اتى حريق لغاية الان على 16 الف هكتار من الاراضي "الخطر لم ينته عندما يتعلق بتهديد نيو ساوث ويلز". وقال "بفضل رجال الاطفاء في كافة المقاطعة لم نخسر اي منزل". واضاف "لكننا شاهدنا خسائر زراعية هائلة، الاف الهكتارات من المراعي والمحاصيل والماشية التي نفقت بالالاف". وقال رئيس وزراء نيو ساوث ويلز باري اوفاريل ان ما يقدر ب10 الاف رأس من الاغنام نفقت في منطقة ياس وحدها. بحسب فرنس برس.

وغالبية الحرائق تنشب لاسباب طبيعية لكن في غرب سيدني تم توجيه الاتهام لثلاثة مراهقين باضرام النار عمدا. وتشهد مقاطعة فكتوريا ظروفا جوية قاسية حيث دمرت اربعة منازل وعولج ستة اشخاص من حروق طفيفة او تنشق الغاز بعد حريق في منطقة كارنغام الزراعية التي تم اخلاؤها. وقالت السلطات انه تمت السيطرة على الحريق لكنه تسبب بخسائر كبيرة لبعض الاسر مثل راي ستون وزوجته غيل. وقال ستون للصحافيين "اننا محطمون لم يبق لنا شيء، لا شيء" وقال المفوض بالانابة في شرطة تسمانيا "نعرف انه لم تسجل اصابات بالغة وهذا مدهش، نتشجع لعدم العثور على اي رفات بشرية في هذه المرحلة". وتم انقاذ نحو 30 من هواة السير في الغابات، جوا من غابة جبلية في المقاطعة فيما اجبرت الحرائق على اغلاق ممرات السير في منطقة "تسمانيا ويلدرنس" (برية تسمانيا) المصنفة على لائحة التراث العالمي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/كانون الثاني/2013 - 30/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م