نشر صواريخ الباتريوت... هل سيكون تمهيدا لحرب عالمية؟

 

شبكة النبأ: شهدت المنطقة الشرق الأوسط أحداثا صاخبة، نامت بقوة بعد التغييرات السياسية في الفترة الأخيرة، فيبدو أن النوايا المبيتة والرهانات شبة الحتمية لإثبات الوجود بمنطقة الشرق الاوسط  تقرع طبول الحرب، بعد أن زادت حدة التوتر كثيراً بالمنطقة خاصةَ في الآونة الأخيرة، نتيجة التحشيد العسكري متعددة الغايات تضفي بواعث خطر الانزلاق الى حرب كارثية، ولعل إجراءات الأخيرة في تركيا لنشر صواريخ باتريوت بمساعدة حلف الشمال الاطلسي، اثارت موجة كبيرة من الانتقادات والتهديدات المتبادلة بين تركيا وحلفائها من جهة وسوريا وحلفائها من جهة اخرى وخصوصا ايران، فيما تفاوتت آراء المحللين حول الأهداف والغايات نشر صواريخ باتريوت في اسخن منطقة في العالم، فمنهم من يرى بأن الدفاع الصاروخي يسعى لتحقيق أجندة إقليمية بحجة أن هذه الصواريخ ستحمي تركيا من هجوم قد يشنه الجيش السوري ولكن قد يأتي في سياق الاستعدادات لشن عملية عسكرية ضد إيران لحماية اسرائيل، في حين يرى آخرون أن التحرك الأخير الذي قامت به تركيا لزيادة إمكانية نشر صواريخ باتريوت التابعة لحلف الناتو على طول الحدود مع سوريا يهدف إلى تعزيز قدرات الردع لدى الحلف وتعزيز دوره في حل الأزمة السورية، وعليه فان الاستعدادات والسجالات بين الاطراف المتخاصمة توحي لحرب وشيكة، فان ما حدث في قضية باتريوت والتوترات بين ايران وتركيا قد تتسبب في مواجهة أوسع  من منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تؤدي الى فوضى عارمة وحالة كبيرة من عدم اليقين، فكل هذا المعطيات تطرح عدة تساؤلات مثل هل من حرب عالمية قادمة؟، ومن سيشعل فتيلها؟.

صواريخ امريكية الى تركيا

فقد قال الجيش الامريكي ان الجنود الامريكيين الذين سيتولون تشغيل بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ لحماية تركيا من امتداد الحرب الاهلية السورية بدأوا في الوصول الى البلاد ولكن الصواريخ نفسها ستصل في وقت لاحق، وطلبت تركيا رسميا من حلف شمال الاطلسي هذه الصواريخ في نوفمبر تشرين الثاني لتعزيز الامن على امتداد الحدود التي يبلغ طولها 900 كيلومتر مع سوريا والتي تشهد صراع سياسي منذ 21 شهرا، وقالت القيادة الامريكية باوروبا على موقعها على الانترنت ان نحو 400 امريكي وعتاد من الكتيبة الثالثة في الفرقة الثانية من مدفعية الدفاع الجوي المتمركزة في فورت سيل بولاية اوكلاهوما سيصلون الى تركيا خلال الايام القليلة المقبلة من خلال جسر جوي عسكري امريكي، ولكن مصدرا عسكريا قال انه لم تصل اي صواريخ باتريوت امريكية وان الصواريخ التي قدمتها المانيا وهولندا لن تصل تركيا قبل عدة اسابيع، وسيشغل الجنود الامريكيون الذين بدأوا يصلون الى قاعدة انجيرليك الجوية في تركيا بطاريتي صواريخ باتريوت امريكيتين من بين اجمالي ست بطاريات وعد حلفاء حلف شمال الاطلسي بتوفيرها، وفي واشنطن قالت متحدثة باسم وزارة الدفاع الامريكية ان اول عسكريين امريكيين تابعين لوحدة باتريوت بدأوا في الوصول الى تركيا وسيصل المزيد خلال الايام المقبلة، واضافت ان المعدات ستبدأ في الوصول بعد ذلك ببضعة ايام بهدف ان يكون قد تم نشر بطاريات باتريوت الامريكية بحلول منتصف يناير كانون الثاني، وستقدم المانيا وهولندا ايضا بطاريتي باتريوت وما يصل الى 400 جندي لكل منهما، ومن المتوقع ان يتم شحن الصواريخ الالمانية والهولندية في سفن في موانيء اوروبية ولكن وصولها الى تركيا سيستغرق عدة اسابيع، وسيتوجه ايضا فريق صغير من طلائع الجنود الالمان والهولنديين الى تركيا للتحضير لنشر صواريخ باتريوت على ان يصل الجزء الاكبر من الجنود في وقت لاحق. بحسب رويترز.

وكان وزراء خارجية حلف شمال الاطلسي قد وافقوا على طلب تركيا نشر صواريخ باتريوت في بداية ديسمبر كانون الاول. وقال الحلف ان هذه الخطوة تهدف الى الدفاع عن تركيا وانه ليس لديه نية التدخل في الحرب الاهلية السورية ولكن سوريا وايران وروسيا انتقدت هذا القرار، ويقول مسؤولو حلف شمال الاطلسي ان الجيش السوري اطلق صواريخ من طراز سكود في الاسابيع الاخيرة وابدوا قلقهم ازاء الاسلحة الكيماوية التي يعتقد ان سوريا تمتلكها.

وسيتم نشر صواريخ باتريوت قرب ثلاث مدن تقع في جنوب شرق تركيا، وستنشر هولندا بطارياتها قرب اضنة رابع اكبر مدن تركيا والتي تقع على بعد نحو 100 كيلومتر من الحدود السورية. وتقع قاعدة انجيرليك التركية الامريكية المشتركة خارج المدينة مباشرة، وستنشر الولايات المتحدة بطارياتها قرب مدينة جازيانتيب التي تقع الى الشرق على بعد نحو 60 كيلومترا من الحدود السورية، وسترسل المانيا بطارياتها الى مدينة كهرمان مراش التي تقع على بعد نحو 150 كيلومترا من سوريا.

إيران

من جانب آخر نقل عن وزير الدفاع الإيراني قوله إن نصب بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ التي ارسلتها دول اعضاء في حلف شمال الاطلسي لتعزيز دفاعات تركيا ضد اي هجوم محتمل من سوريا لن يضر إلا بامن تركيا، وأقر حلف الاطلسي طلب تركيا تزويدها بانظمة دفاع جوي في وقت سابق في خطوة تهدف لتهدئة مخاوف انقرة من ان تصيبها صواريخ سورية، وتدعم إيران حليفها الرئيس السوري بشار الاسد ضد الجماعات المتمردة منذ 21 شهرا. وتعارض إيران نشر صواريخ الحلف بوصفه تدخلا في المنطقة وتحذر من ان من شأنه أن قد يؤدي الى اندلاع "حرب عالمية".

ووكالة انباء الطلبة الايرانية عن وزير الدفاع الإيراني احمد وحيدي قوله "لن يفيد نصب صواريخ باتريوت في تركيا في تعزيز امنها بل انه سيضر بها، "دائما ما يسعي الغرب لتحقيق وجهات نظره ومصالحه ونحن نرفض انخراط دول غربية في احداث اقليمية"، ونفي وحيدي أن إيران تدرب قوات سورية للتصدي للجماعات المسلحة في سوريا وقال وحيدي للوكالة "لا تحتاج سوريا للجمهوية الإسلامية لتدريب قواتها لان سوريا لديها جيش قوي اعد نفسه للتصدي للنظام الصهيوني (إسرائيل)."

في الوقت ذاته وصف وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي نشر صواريخ باتريوت الاميركية المتوقع في تركيا بانه "عمل استفزازي" يمكن ان يؤدي الى نتائج "غير محسوبة"، ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عنه قوله ان "نشر صواريخ باتريوت ليس سوى خطوة استفزازية والدفع نحو اجراء غير محسوب، لا قدر الله"، واضاف ان "نشر تلك الصواريخ سيكون استفزازيا اكثر منه رادعا"، محذرا من ان صواريخ باتريوت "لن تساعد الامن الاقليمي". بحسب فرانس برس.

وتاتي تصريحاته غداة تحذير رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الايرانية الجنرال حسن فيروز ابادي لانقرة بشان نشر الصواريخ. وقال انها جزء من مخطط غربي "لخلق حرب عالمية"، وقال المسؤول العسكري الكبير بحسب ما نقلت وكالة الانباء الطلابية الايرانية، ان نشر تلك الصواريخ "امر خطير جدا على الانسانية وحتى على مستقبل اوروبا".

الى ذلك ذكرت وكالة انباء الاناضول التركية شبه الرسمية ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الغى زيارة لتركيا بعد يوم من تحذير قائد الجيش الايراني من ان نشر صواريخ لحلف شمال الاطلسي على حدود تركيا مع سوريا قد يؤدي الى نشوب "حرب عالمية"، وكان احمدي نجاد قد تلقى دعوة من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لزيارة مدينة قونيا الواقعة في وسط تركيا لحضور احتفال سنوي في ذكرى وفاة الفقيه الصوفي جلال الدين الرومي الذي عاش في القرن الثالث عشر، وكان من المتوقع ان يناقش الزعيمان قضايا من بينها الصراع في سوريا بالاضافة الى تأثير العقوبات الامريكية على واردات تركيا من النفط والغاز من ايران. وفرضت هذه العقوبات بسبب البرنامج النووي الايراني المتنازع عليه، ونقلت الاناضول عن مصادر دبلوماسية قولها ان احمدي نجاد الغى زيارته بسبب تعارض في جدول مواعيده.

فايران حليف قوي للرئيس السوري بشار الاسد، في حين تعد تركيا احد اشد منتقديه وتدعم المعارضة وتأوي منشقين عسكريين، وقال قائد القوات المسلحة الايرانية الجنرال حسن فيروز ابادي ان اعتزام حلف شمال الأطلسي نشر بطاريات صواريخ باتريوت على الحدود السورية التركية يمكن ان يؤدي الى "حرب عالمية" تشمل أوروبا.

الحلف الاطلسي

على الصعيد ذاته رفض الامين العام لحلف شمال الاطلسي اتهامات قائد القوات المسلحة الايرانية بأن التحالف الغربي يخاطر باندلاع حرب عالمية بخططه وضع انظمة باتريوت المضادة للصواريخ قرب الحدود التركية مع سوريا قائلا ان هذه الخطوة دفاعية محضة، وقال الامين العام لحلف الاطلسي اندرس فو راسموسن في مؤتمر صحفي بعد محادثات مع رئيس الوزراء البلجيكي اليو دي روبو "استنكر تماما المزاعم (الايرانية). اوضحنا تماما من البداية ان نشر صواريخ باتريوت هو اجراء دفاعي محض. نحن هناك للدفاع عن حليفتنا تركيا وحمايتها. ليست لدينا اي نوايا هجومية على الاطلاق"، وقال راسموسن انه يعتقد ان الوحيدين الذين ربما يساورهم القلق من نشر صواريخ باتريوت "هم الاطراف التي ربما تكون لديها افكار سخيفة لاستخدام قدراتها الصاروخية لاغراض هجومية، "لكني آمل ان تكون حقيقة اننا ننشر صواريخ باتريوت في تركيا رادعا فعالا لكي لا يفكر احد مجرد تفكير في مهاجمة تركيا."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الثاني/2013 - 29/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م