العراق... بين الدستور والفتنة الطائفية

 

شبكة النبأ: كعادتها لاتزال الساحة السياسة العراقية تعج بالكثير من الخلافات والمشاكل والمتغيرات التي تسعى بعض الأطراف السياسية الى إثارتها بين الحين والأخر بهدف خلق أزمة جديدة للحصول على بعض التنازلات والامتيازات والمكاسب الخاصة، ويرى بعض المراقبين ان التطورات الجديدة التي يشهدها العراق يمكن تصنيفها على أنها إحدى الحملات الانتخابية التي يقودها بعض الفرقاء في سبيل تحسين صورهم اما ناخبيهم خصوصا وان البلاد تقترب من موعد انتخابات مجالس المحافظات، فهم اليوم يسعون الى الاستفادة من الورقة الطائفية والتي قد تدخل البلاد في دوامة الحرب والاقتتال الداخلي وهو ما تسعى اليه بعض الدول الاقليمية والخليجية التي تعمل على تمزيق وحدة العراق خلال دعمها المتواصل لبعض الجهات والأحزاب السياسية المتنفذه، وفي ما يخص الأزمة السياسية الأخيرة والتي أتت على خلفية اعتقال مجموعة من حماية وزير المالية العراقي لاتهامهم بقضايا إرهابية والتي حولتها بعض الجهات السياسية من قضية قانونية بحته الى قضية سياسية وطائفية من خلال توظيف بعض وسائل الإعلام و تأجيج الشارع العراقي وإخراجه في مظاهرات واعتصامات جماهيرية ضد الحكومة التي هي جزء منها، وفي هذا الشأن فقد حمل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مجلس النواب مسوؤلية قوانين يطالب متظاهرون في عدة مدن سنية بإلغائها وابزرها قانونا اجتثاث البعث ومكافحة الارهاب، الى جانب مطالبتهم بعفو عام.

وقال المالكي في بيان ان "مجلس الوزراء فضلا عن رئيس الوزراء لا يملك الصلاحية الدستورية في الغاء القوانين التي يشرعها مجلس النواب وخصوصا قانون المساءلة و العدالة و قانون مكافحة الإرهاب". وأضاف ان "قانون العفو العام لم يتم التصديق عليه في مجلس النواب حتى الآن" ومطوي في ادراج مجلس النواب بسبب خلافات سياسية بين الكتل البرلمانية.

وتشهد مدن الرمادي وسامراء والموصل تظاهرات واعتصامات منذ عدة ايام بدأت بالمطالبة بالإفراج عن المعتقلين والمعتقلات خصوصا السنة وتوسعت للمطالبة بإلغاء المادة من مكافحة الارهاب والغاء قانون المسالة والعدالة الذي يحرم البعثيين الكبار من الوظائف الحكومية. وقال المالكي "على هذا الأساس فإن مجلس النواب يتحمل المسؤولية الكاملة في إلغاء قانوني المساءلة و العدالة و قانون مكافحة الإرهاب".

واضاف ان "بإمكان الكتل السياسية ومن ضمنها القائمة العراقية التي تطالب بإلغاء هذه القوانين أن تتقدم بمقترح قانون يطالب بإلغاء هذين القانونين ثم تتم عملية المناقشة في البرلمان وإقراره في حال تمت الموافقة عليه". وقال المالكي "نعتقد ان بعض المطالب مشروعة امتزجت بأخرى تتناقض جوهريا مع طبيعة النظام السياسي للبلاد الذي نحتكم فيه الى الدستور و القانون". بحسب فرنس برس.

ودعا الى عدم "توفير الفرصة لأعداء العملية السياسية من التنظيمات المسلحة والجماعات الارهابية وازلام النظام السابق من اختراق المظاهرات و محاولاتهم المكشوفة لركوب الموجة ما سيؤدي الى اشاعة الفوضى وتهديد الوحدة الوطنية والسلم الاهلي وجر العراق الى الاقتتال الطائفي". وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قرر في وقت سابق إصدار عفو خاص عن مئات النساء المدانات بقضايا جنائية. ولايزال آلاف المعتصمين في الرمادي يقطعون طريقا رئيسيا يربط بغداد وسوريا والاردن فيما تتواصل التظاهرات في مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين.

في السياق ذاته قال الشيخ خالد الملا عضو لجنة الحكماء التي تشكلت لغرض مراجعة ملفات السجينات ان "رئيس الوزراء قرر اصدار عفو خاص على جميع السجينات اللواتي ادن بتهم جنائية". ولم يوضح عدد السجينات اللواتي سيشملهن القرار، لكنه قال ان "العدد الكلي للسجينات في المعتقلات يبلغ 920 بينهن 210 مدانات بقضايا إرهاب". وتابع ان "المدانات بتهم ارهاب لا يمكن لاحد الافراج عنهن"، مشيرا الى ان القرار يتضمن نقل السجينات اللواتي لم يشملهن العفو الى سجون في محافظاتهن لإكمال إحكامهن".

وقال المالكي في مقابلة مع قناة العراقية الحكومية ان "الاعتصامات التي تجري حاليا في الأنبار مخالفة للدستور العراقي وأنا أقول عنها بصراحة إن هناك عددا كبيرا من البسطاء من المشاركين فيها يريدون قضايا معينة منها التعيين". واضاف "لكن الآخرين لديهم أجندات ظهرت من خلال الأعلام والشعارات واللافتات. وأنا أقول لهؤلاء البسطاء لا تكونوا وقودا لأحد وعليكم الانسحاب وقدموا طلباتكم إلى الدولة". ويشير المالكي الى صور ولافتات للجيش السوري الحر ورئيس الوزراء التركي التي رفعها المتظاهرون. وأضاف "أقول لأصحاب الأجندات لا تتصوروا (أنه) صعب على الحكومة أن تتخذ إجراء ضدكم أو أن تفتح الطريق وتنهي القضية ولكن عليكم أن تعلموا أن الوقت ليس مفتوحا وعليكم التعجل في إنهاء هذا الموضوع وأحذركم من الاستمرار لأنه مخالف للدستور العراقي".

وتابع "لقد صبرنا عليكم كثيرا لكن لا تتوقعوا أن المسألة مفتوحة ولا تتوقعوا .. التمرد على الدولة". وقال الملا وهو رجل دين سني يراس جماعة علماء الدين "التقينا بعدة سجينات في سجن تابع لوزارة العدل وجميعهن قلن بصوت واحد لم نتعرض مطلقا للاغتصاب، وسلمننا شكاوى موقعة ومرفوعة على القنوات التي تروج لقضايا اغتصاب وتضلل الرأي العام".

من جهته قال الزعيم الشيعي مقتدى الصدر انه تراجع عن زيارة المتظاهرين في محافظة الانبار السنية لرفعهم صور صدام حسين، مؤكدا وقوفه الى جانبهم اذا كان هدفهم نبذ الطائفية. وقال الصدر في مؤتمر صحافي في منزله في النجف "كنت انوي الذهاب الى مظاهرات الانبار ولكن حينما رفعوا صورة الهدام عدلت عن ذلك". ويشير الصدر باسم "الهدام" الى الرئيس المخلوع صدام حسين، الذي اغتال نظامه والده المرجع محمد صادق الصدر. واضاف "انا مع المتظاهرين اذا كانت مطالبهم تهدف الى الوحدة الوطنية ونبذ الدكتاتورية والطائفية".

وزار رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر كنيسة سيدة النجاة في بغداد التي كانت مسرحا لهجوم دموي شنه مسلحون قبل سنتين راح ضحيته اكثر من خمسين شخصا. وقال الصدر إنه زار الكنيسة للتعبير عن اسفه للهجوم ولايصال رسالة سلام للطائفة المسيحية في العراق. وقام الصدر عقب ذلك بزيارة جامع الشيخ عبدالقادر الكيلاني، أحد اهم الجوامع السنية في بغداد. وفي كركوك قام المصلون باعتقال شخص كان يوزع منشورات بين المصلين تحمل شعارات طائفية وانتقادات للكرد رفضها المصلون الذين قاموا بتسليمه الى الشرطة.

واعتبر مراقبون ان التظاهرات مسيسة وذات بعد اقليمي طائفي. واضاف مقتدى الصدر "سأسعى الى زيارة الشيخ عبد الملك السعدي وكلفت بعض الاخوة لإجراء اللقاء معه واذا اراد ان يأتي لزيارتي فأهلا وسهلا". ووصل السعدي وهو مرجع سني الى الانبار قادما من الاردن والقى كلمة دعا فيها المتظاهرين الى نبذ الطائفية والثبات على المطالب. وتوقع الصدر ان "التظاهرات ستستمر ما دامت السياسات غير مرضية للشعب انما مرضية للساسة أنفسهم دون شعبهم". وقال ان "الشعب مهما طال به الامر فانه سينفجر، وانا حذرت كثيرا، واقول ان الربيع العراقي آت اذا ما استمرت الامور على ما هي عليه".

ضبط النفس

الى جانب ذلك دعا رئيس الحكومة نوري المالكي القوات المسلحة لضبط النفس وعدم الانجرار إلى مواجهات مع المتظاهرين، وفيما طالب المواطنين إلى ممارسة حق التظاهر وعدم الانسياق وراء دعوات المتطرفين بتحويلها إلى عصيان مدني، حذر من المطالب التي تعبر عن توجهات تهدف إلى "نسف العملية السياسية". وقال المالكي في بيان إن "العملية السياسية تواجه تحديات كبيرة تستوجب من جميع الكتل السياسية الانتباه والحذر الشديد من الأجندات الخارجية التي تحاول دفع البلاد لاقتتال طائفي"، مبينا أن "المصلحة الوطنية تحتم علينا جميعا التعاون وتفويت الفرصة على المتربصين بالوحدة التي بدونها ستكون سيادة واستقلال العراق في خطر حقيقي".

ودعا المالكي "القوات المسلحة من الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتفويت الفرصة على المنظمات الإرهابية التي تعمل على جرها لمواجهة مسلحة أو ضرب المتظاهرين السلميين"، مشددا على ضرورة "منع تلك المنظمات من اختراق التظاهرات وحرف مسارها السلمي وتشويه المطالب المشروعة للمواطنين".

وأشاد المالكي "بمواقف علماء الدين وفي مقدمتهم سماحة الشيخ العلامة عبد الملك السعدي الذي كانت لتوجيهاته ودعواته الوسطية الأثر البالغ في سحب البساط من تحت أقدام المتطرفين والمتربصين بالشر للعراق وشعبه"، مثمنا "مواقف العشائر الأصيلة التي تصدت لمحاولات الإساءة إلى الدولة ورموزها ومؤسساتها وتلاحمهم مع أبناء الشعب في مواقع المسؤولية السياسية والأمنية".

وأعرب المالكي عن أمله أن "تستمر عشائرنا كما عودتنا، في مواقفها الوطنية في حماية الأمن والاستقرار"، داعيا "المواطنين الراغبين بالتظاهر الذي كفله الدستور إلى ممارسة حقهم بما يستوجب الالتزام بالقانون الذي يفرض الحصول على إجازة مسبقة للتظاهر من الجهات المعنية والتعهد بمسار المظاهرات ومواعيد بداياتها ونهايتها، وان يسلم المتظاهرون طلباتهم إلى الحكومات المحلية".

وأكد المالكي أن "مطالب المتظاهرين يجب أن تصنف وفق الجهات المسؤولة والمعنية"، مشيرا إلى أن "البعض منها يتعلق بالحكومات المحلية والحكومة المركزية والوزارات والأخرى يرتبط بمجلس النواب والسلطة القضائية". وطالب المالكي "المواطنين بممارسة حق التظاهر في كل مدينة وعدم الانجرار إلى دعوات المتطرفين بتحويلها إلى عصيان مدني وإخراج التظاهرات عن سياقها الدستوري وبما يخدم الأجندة الخارجية"، محذرا "من المطالب التي تعبر عن توجهات تهدف إلى نسف العملية السياسية كإلغاء القوانين وعودة حزب البعث المقبور وإطلاق سراح الإرهابيين المدانين بقتل الأبرياء وممارسة العنف والاختطاف".

وناشد المالكي "جميع المتظاهرين بضبط النفس والتصرف بمسؤولية لحماية الوحدة الوطنية ومنع الطائفيين والإرهابيين من اختراق صفوفهم وإطلاق شعارات تستفز مشاعر المكونات الأخرى للشعب العراقي وتدق اسفين الفتنة الطائفية التي لو عادت فأنها سوف تحرق الجميع ولن يستفيد منها سوى أمراء الحرب والإرهاب وزعماء المليشيات". ولفت المالكي إلى "أننا اليوم على أبواب إجراء انتخابات مجالس المحافظات والتي تعد الأولى التي سنخوضها ولأول مرة في عراق خال من وجود القوات الأجنبية"، مشددا على ضرورة "انتباه أبناء الشعب إلى محاولات بعض الجهات التي تسعى لاستغلال التظاهرات في سباقها الانتخابي على حساب الوطن والمواطن ورمي المسؤولية على الآخرين دون وازع ديني أو وطني".

في السياق ذاته اتهم رئيس البرلمان أسامة النجيفي الحكومة بالتجاوز على الدستور واستقلالية القضاء وسلب حق التعبير عن المواطنين والنواب، وفيما أعتبر أن "زعم" رئيس الحكومة بسقوط شرعية رئاسته للبرلمان "تجاوز غير مسبوق"، دعا إلى الحوار مع الشعب وتلبية مطالب المتظاهرين المشروعة بدل "التلويح بالتهديدات". وأكدت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، عدم إصدارها توجيها بمنع التظاهر "الذي يُعد حقاً دستورياً"، مشيرة إلى أن توجيهاتها وقراراتها تستند بتفويض وتكليف من مجلس الوزراء ومهامها حث الجهاز الحكومي على الالتزام بالقوانين.

محاولة اغتيال

من جانب اخر أعلن مكتب نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الخدمات صالح المطلك عن تعرض المطلك وهو قيادي سني بارز، لمحاولة اغتيال أثناء حضوره الاعتصامات القائمة في محافظة الأنبار. وأسفرت هذه المحاولة عن جرح عدد من أفراد الحماية وتضرر المركبات الخاصة للموكب الرسمي نتيجة لأصابتها بوابل من الرصاص. وذكر بيان لمكتب المطلك أن المتظاهرين استقبلوا نائب رئيس الوزراء حال وصوله موقع التظاهر بحفاوة بالغة وهتفوا باسم العراق وشعبه الواحد، إلا أن بعض العناصر المندسة قاموا بمحاولة جبانة لاغتيال المطلك. وأضاف البيان أن ، نائب رئيس الوزراء جدد خلال لقائه جموع المتظاهرين ، وقوفه مع جميع مطالبهم المشروعة والتي من ضمنها حق التظاهر السلمي والاعتصام ، مطالبا القوات الأمنية والعسكرية بعدم التدخل والعمل على حماية المتظاهرين.

ودعا المطلك ،بحسب البيان ،المتظاهرين من أبناء الأنبار والمحافظات العراقية إلى الالتزام بالقانون والاعتراض السلمي من أجل إيصال أصواتهم وتحقيق مطالبهم المشروعة دون نقص او تسويف . وكالة أنباء الشرق الأوسط.

يذكر أن عددا من الأشخاص كانوا قد أصيبوا جراء إطلاق حماية نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الخدمات صالح المطلك النار لتفريق المتظاهرين الذين هاجموا المطلك بالحجارة فور وصوله إلى ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي غرب العاصمة العراقية بغداد.

دعوا تقسيم العراق

في السياق ذاته رفض تجمع سياسي في محافظة نينوى، الدعوة التي أطلقها بعض مسؤولي صلاح الدين لتحويل المحافظة إلى إقليم مستقل، وفيما بين أن هذه الدعوة ستلحق عدد من أقضية المحافظة إلى بغداد، دعا إلى إصدار قانون يلزم الحكومة باستعادة أي جزء يحاول الانفصال. وقال رئيس جبهة إنقاذ نينوى نور الدين الحيالي في بيان إن "الجبهة تؤيد مطالب معتصمي محافظة نينوى المشروعة"، رافضاً "دعوة بعض مسؤولي صلاح الدين إلى تحويل المحافظة إلى إقليم مستقل". وأضاف الحيالي أن "هذه الدعوة ستجعل من قضاء طوز خورماتو محافظة منفصلة عن صلاح الدين، وستلتحق أقضية سامراء والطارمية والدجيل وبلد والتاجي إلى العاصمة بغداد"، معتبراً أن "إنشاء إقليم صلاح الدين يمثل نموذجا لتقسيم العراق وتفكيكه".

ودعا رئيس جبهة إنقاذ نينوى إلى "إصدار قانون يحمي وحدة العراق وإلزام الحكومة باستعادة أي جزء يحاول الانفصال". وكان عضو مجلس محافظة صلاح الدين علي العجيلي جدد، الدعوة لتحويل المحافظة إلى إقليما مستقلا، داعيا الحكومة إلى تحويل جميع المحافظات لأقاليم للخروج من الأزمة الحالية، فيما اعتبر أن التصريحات التي تطلق بان الأقاليم ستقسم العراق "خاطئة".

ولاقت دعوة تشكيل أقاليم في العراق ردود فعل متباينة، في الوقت الذي يعتبرها المؤيدون ردة فعل على سياسة الحكومة في بغداد وفشلها في التسريع بإقامة مشاريع خدمية، يرى المعارضون أنها تصب في إطار طائفي. وتنص المادة 119 من الدستور العراقي على أنه يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم إما بطلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، أو بطلب من عُشر الناخبين في المحافظة.

من جهة اخرى اعلن مكتب رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري، عن تأجيل اجتماع رؤساء الكتل السياسية المقرر عقده اليوم إلى موعد أخر، عازيا السبب للالتزامات الطارئة لبعض السياسيين. وقال المكتب في بيان إن "اجتماع رؤساء الكتل السياسية الذي دعا إليه رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري لحل الأزمة التي تشهدها البلاد، تقرر تأجيله إلى موعد أخر". وعزا المكتب سبب ذلك إلى "الالتزامات الطارئة لبعض السياسيين التي تمنعهم من الحضور". وكان رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري أعلن في وقت سابق عن عقد اجتماع سياسي يوم الجمعة لبحث التطورات في البلاد.

ضحايا الخلافات

الى جانب ذلك قال نشطاء إن 4471 مدنيا على وجه الإجمال لاقوا حتفهم في عام 2012 في الحرب المستمرة "المنخفضة الشدة" مع المتشددين المسلحين في العراق في أول ارتفاع سنوي في أعداد القتلى منذ ثلاث سنوات. وقالت مجموعة حصر القتلى في العراق في تقريرها السنوي إن عدد القتلى هذا العام ارتفع من 4059 قتيلا في عام 2011 ويظهر أن المتشددين المسلحين لا يزالون عازمين على تنفيذ تفجيرات كبيرة.

وتصاعد التوتر بين الشيعة والأكراد والسُنة في حكومة تقاسم السلطة بالعراق هذا العام وساعدت الحرب الأهلية في سوريا في تأجيج التوتر الطائفي في شتى أنحاء المنطقة. ولا يزال المسلحون يشكلون تهديدا كبيرا رغم انحسار العنف بدرجة كبيرة منذ ذروة القتال الطائفي في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين.

ووقع تفجير كبير واحد على الأقل كل شهر في 2012 وكانت تلك الهجمات تستهدف عادة قوات الأمن والمكاتب الحكومية والشيعة. وكان أعنفها في التاسع من سبتمبر أيلول الذي قتل فيه ما يزيد على 100 شخص في سلسلة تفجيرات. وقالت مجموعة حصر القتلى في بيان "يتسم عام 2012 بأنه أول عام منذ عام 2009 يزيد فيه عدد القتلى السنوي." وأضافت "في المجمل يشير الدليل الأخير إلى أن البلاد ما زالت في حالة حرب منخفضة الشدة فلم يتغير شيء يذكر منذ أوائل عام 2009 مع وجود مستوى ثابت من العنف المسلح يمثل خلفية للحياة اليومية تتخلله من حين لآخر هجمات أكبر كثيرا تستهدف قتل أكبر عدد من الناس دفعة واحدة."

ويهدد التوتر الطائفي والتنازع على الأرض والنفط بين العرب والأكراد بتجدد الاضطرابات وإعاقة الجهود الرامية إلى إصلاح أضرار العنف واستغلال موارد الطاقة الغنية في البلاد. وأظهرت الأرقام التي أصدرتها الحكومة في ديسمبر كانون الأول مقتل 208 عراقيين من بينهم 55 شرطيا و28 جنديا. وقالت مجموعة حصر القتلى في العراق إنها سجلت إلى الآن ما بين 110937 و121227 مدنيا قتلوا في حوادث عنيفة منذ الغزو في عام 2003.

وانخفض عدد ضحايا الهجمات في كانون الاول/ديسمبر في العراق الى ادنى مستوياته في 2012،وذلك على الرغم من سلسلة الاعتداءات التي وقعت في اخر ايام العام واسفرت عن مقتل 28 شخصا. وبحسب الاحصائيات فان 144 شخصا قتلوا في هجمات متفرقة في البلاد، بينهم 40 شرطيا و 14 جنديا فيما اصيب 347 اخرون بجروح. وتشير هذه المحصلة الى ان ارقام كانون الاول/ديسمبر هي الادنى على مدار السنة.

ووقعت سلسلة من الهجمات بعبوات وسيارات وهجمات مسلحة في الشمال ووسط وجنوب البلاد، مما يؤشر ان المتمردين لايزالون قادرين على شن هجمات دموية. ولم تتبن اي جهة مسؤوليتها عن الهجمات، لكن تنظيم القاعدة يعلن عادة مسؤوليته عن هجمات تستهدف مسؤولين وقوات الامن والهجمات على الزوار الشيعة، من اجل زعزعة الحكومة. وتصاعد العنف بعد تظاهرات واعتصامات مناهضة للحكومة. واستهدفت معظم تفجيرات الزوار الشيعة المتوجهين سيرا على الاقدام الى مدينة كربلاء لإحياء ذكرى أربعين الأمام الحسين، وتعد مدينة كربلاء حيث مرقد الامام الحسين، ثالث الائمة المعصومين لدى الشيعة واخيه العباس، مركز احياء ذكرى واقعة الطف حيث قتل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية الامام الحسين مع عدد من افراد عائلته العام 680 ميلادية. بحسب فرانس برس.

ووقع الهجوم الاكثر دموية في قضاء المسيب التابع لمحافظة بابل (70 كلم جنوب بغداد)، حيث قتل سبعة اشخاص واصيب اربعة اخرون في تفجير ثلاثة منازل، بحسب مصادر امنية. لكن سلسلة تفجيرات بسيارتين مفخختين وست عبوات ناسفة واربعة صواريخ وهجوم مسلح، وقعت في وقت متاخر من مساء الاثنين في مدينة كركوك، اسفرت عن مقتل خمسة اشخاص بينهم قائد صحوة ناحية ياينجة وامرأة واصابة 13 اخرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/كانون الثاني/2013 - 23/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م