أمريكا في عنق الزجاجة... اضطرابات اجتماعية وصراعات سياسة غير مسبوقة

 

شبكة النبأ: بالإضافة الى المشاكل والتحديات الخارجية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية فأنها تواجه أيضا العديد من الأزمات والمشاكل الداخلية التي أثرت وبشكل سلبي على حياة المواطن الأمريكي، الذي أصبح رهينة للخلافات السياسية المتواصلة التي أسهمت بعرقلة العديد الخطط والبرامج وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة وارتفاع نسب الجريمة بحسب بعض المراقبين الذين أكدوا على ضرورة وإيجاد بدائل وطنية لتلافي تلك المشاكل منوهين في الوقت ذاته على ضرورة اعتماد الخطاب الإعلامي الحقيقي والابتعاد عن أساليب الكذب والتضليل الذي يقوم به بعض المسؤولين، وفيما يخص أخر التطورات فقد اتسع نطاق الفضيحة المتعلقة بهجوم بنغازي مع استقالة مسؤول كبير في وزارة الخارجية وتعليق مهام ثلاثة اخرين بعد صدور تقرير لجنة التحقيق الذي اشار الى ثغرات أمنية كبرى وسوء إدارة. وجاء ذلك وسط دعوات متزايدة لكي تدلي وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بإفادتها امام الكونغرس بخصوص الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي بعدما اضطرت للانسحاب بسبب وضعها الصحي.

وقدم مساعد وزيرة الخارجية الاميركية اريك بوزويل رئيس مكتب امن البعثات الدبلوماسية، استقالته من منصبه بعد صدور التقرير حول الهجوم الذي وقع في 11 ايلول/سبتمبر ضد القنصلية الاميركية في بنغازي وادى الى مقتل اربعة اميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في بيان ان تقرير لجنة المحاسبة أشار الى أربعة أشخاص بسبب "أدائهم". واضافت ان كلينتون "قبلت استقالة اريك بوزويل من منصبه كمساعد لوزيرة الخارجية لشؤون امن الدبلوماسيين، بمفعول فوري". وتابعت ان "الاشخاص الثلاثة الاخرين علقت مهامهم الحالية، ووضع الاربعة ضمن اجراء تعليق المهام الاداري في انتظار إجراءات أخرى".

ولم تعلن اسماء المسؤولين الثلاثة الاخرين في وزارة الخارجية بسبب "سياسات تتعلق بالموظفين" لكن شبكات التلفزة الاميركية ذكرت سابقا ان بينهم شارلين لامب نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للبرامج الدولية. وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية بيل بيرنز "لقد تعلمنا بعض الدروس الصعبة والمؤلمة من بنغازي" مضيفا انه سيمثل مع مساعد وزيرة الخارجية توم نيدز في جلسة استماع عامة للكونغر.

وقتل الاميركيون الاربعة حين هاجم عشرات من المسلحين المرتبطين بشبكة القاعدة القنصلية ومبنى ملحقا بها لقرابة ثماني ساعات. وجاء في التقرير ان "اخفاقات ممنهجة وثغرات في القيادة والادارة على مستويات عليا في مكتبين تابعين لوزارة الخارجية ادت الى وضع امني في بعثة خاصة (في بنغازي) غير ملائم اطلاقا لمواجهة الهجوم الذي وقع". وكشف التقرير ان الموظفين في واشنطن رفضوا طلبات متكررة لتعزيز الاجراءات الامنية واصيبوا بصدمة حين حصل الهجوم.

وقال رئيس لجنة التحقيق الدبلوماسي المخضرم توماس بيكرينغ "لقد بذلوا اقصى جهودهم نظرا لما كان لديهم، لكن ما كان بحوزتهم لم يكن كافيا" مشيدا بفريق الامن الاميركي في بنغازي الذي "بذل جهودا بطولية" تلك الليلة. وقال بيرنز ان وزارة الخارجية قبلت كل التوصيات ال29 في التقرير الواقع في 39 صفحة واقر بان التحقيق "القى الضوء على مشاكل خطيرة ومنهجية غير مقبولة".

لكن رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجمهورية ايلينا روس-ليتينن قالت ان اللجنة اكدت ان عدم وجود قيادة وادارة ملائمة "هو السبب في سلسلة الاخطاء التي ادت الى فقدان ارواح بشرية". وأضافت "لكن لا يزال يجب ان نحاسب الادارة" مشددة على ان هيلاري كلينتون يجب ان "تعطي أجوبة عن هذا التقصير".

وقال بيكرينغ للصحافيين بعد اطلاع اعضاء في الكونغرس على قسم مصنف سريا من التقرير "بصراحة ان وزارة الخارجية لم تعط قنصلية بنغازي الموارد الامنية، المادية وكذلك العناصر الكافية، التي كانت تحتاجها". وردا على سؤال حول عدم الاستفادة من العبر التي استخلصت من جراء تفجير السفارتين الاميركيتين في افريقيا في 1998، قال نائب رئيس اللجنة الادميرال مايك مولن ان "العالم تغير جذريا في هذا العقد". واضاف "اعتقد انها في وضع اصعب بكثير في ما يتعلق بتلبية الاحتياجات اللازمة والقيام بذلك بشكل يجعل موظفينا في امان". بحسب فرنس برس.

وشدد مولن على ان كلينتون، التي تحملت المسؤولية بصفتها وزيرة للخارجية لها اكثر من 60 الف موظف في كافة انحاء العالم، لم تكن مطلعة على الاحتياجات الأمنية المحددة في بنغازي. وشدد السناتور الجمهوري ماركو روبيو عضو لجنة الاستخبارات على ان افادة كلينتون "حتمية بالنسبة لاي جهد من اجل معالجة هذا الفشل ووضع آلية لضمان عدم تكراره".

الى جانب ذلك لن تتمكن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الاميركية التي قامت باكبر عدد من الرحلات في العالم، من الصعود في طائرة قبل منتصف كانون الثاني/يناير بسبب وضعها الصحي، وفق ما اعلن متحدث باسمها. وقال فيليب راينس احد اقرب مساعديها في رسالة الكترونية موجهة الى الصحافيين الذين كانوا يرافقون كلينتون عادة في رحلاتها "نظرا الى وضع وزيرة الخارجية الصحي، نصحها الاطباء بعدم السفر في رحلات طويلة ".

وكان راينس كشف ان كلينتون التي تعاني من فيروس معوي تعرضت ل"ارتجاج دماغي" بعد ان اغمي عليها بسبب "اجتفاف حاد". وكانت وزارة الخارجية اعلنت قبل ذلك ان كلينتون تعاني من "فيروس معوي شديد" اصيبت به لدى عودتها من جولة في اوروبا في 7 كانون الاول/ديسمبر. ولم تقم منذ ذلك الحين باي نشاط عام وتعمل من منزلها بحسب التصريحات الرسمية. ووضعها الصحي لن يسمح لها بالإدلاء بإفادتها كما كان متوقعا امام الكونغرس في قضية الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي بليبيا في 11 ايلول/سبمتبر.

رايس تتخلى

في السياق ذاته عدلت سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة سوزان رايس عن ترشيحها لخلافة هيلاري كلينتون على راس وزارة الخارجية، بحسب ما اعلن البيت الابيض ، ازاء رفض الجمهوريين لها وتركيز انتقاداتهم عليها في قضية الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي. واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما القريب من رايس انه اخذ علما بهذا القرار لكنه ندد بالهجمات "الظالمة" عليها مؤكدا انها ستبقى على راس البعثة الاميركية في الامم المتحدة، المنصب الذي تشغله منذ 2009.

واوضح اوباما في بيان انه تحدث مع رايس وانه "قبل قرارها بعدم الترشح لمنصب وزيرة الخارجية". واشاد بأدائها مؤكدا انها "على قدر استثنائي من الكفاءة والوطنية والشغف بعملها". وتعرضت رايس لانتقادات لاذعة من اعضاء جمهوريين في الكونغرس سيكون تصويتهم اساسيا لتثبيت تعيينها في مجلس الشيوخ، بسبب مواقفها وتصريحاتها للإعلام بعد الهجوم الدامي على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 ايلول/سبتمبر الماضي.

ويشتبه هؤلاء البرلمانيون الجمهوريون بان رايس والبيت الابيض تعمدا خداع الاميركيين بشان طبيعة الهجوم الارهابية حتى لا ينعكس سلبا على حظوظ اوباما قبل اسابيع من الانتخابات الرئاسية في 6 تشرين الثاني/نوفمبر. واعرب اوباما عن "اسفه الشديد للهجمات الظالمة والمضللة على سوزان رايس خلال الاسابيع الاخيرة". وبررت رايس قرارها موضحة ان تثبيت تعيينها كان تطلب عملية "طويلة، مثيرة للاضطرابات ومكلفة ... بالنسبة لاولوياتنا الوطنية والدولية الاكثر الحاحا". وعلقت هيلاري كلينتون على المسالة فقالت ان "السفيرة سوزان رايس كانت شريكا لا غنى عنه خلال السنوات الاربع الاخيرة، عملنا معا بشكل وثيق". واضافت ان "سوزان عملت بلا هوادة من اجل مجلس الامن القومي ووزارة الخارجية والامم المتحدة، سعيا لنشر قيمنا وترقية مصالح امتنا. لدي الثقة بانها ستواصل تمثيل الولايات المتحدة بقوة ومهارة".

وتسمح هذه الخطوة لاوباما باغلاق جبهة مع خصومه الجمهوريين في وقت يترتب عليه التفاوض مع رئيس الجمهوريين في مجلس النواب جون باينر على تسوية تجنب البلاد "الهاوية المالية" التي تنتظرها في الاول من كانون الثاني/يناير. وكانت رايس اعلنت في 16 ايلول/سبتمبر للشبكات التلفزيونية الاميركية ان الهجوم على قنصلية بنغازي الذي اوقع اربعة قتلى بينهم السفير كريستوفر ستيفنز لم يكن "بالضرورة اعتداء ارهابيا" بل "تظاهرة عفوية انحرفت عن مسارها". بحسب فرنس برس.

ووجه مئة نائب جمهوري رسالة الى اوباما يطلبون منه عدم تعيين رايس معتبرين انها "في قضية بنغازي .. ضللت الاميركيين سواء عمدا او بسبب عدم الكفاءة". وابلغ عدد من ابرز الوزراء في ادارة اوباما رغبتهم في مغادرة مناصبهم في الولاية الرئاسية الثانية ومن بينهم وزير الخزانة تيموثي غايتنر ووزير الدفاع ليون بانيتا، فضلا عن كلينتون. وانسحاب رايس يفتح المجال لتعيين المرشح السابق للانتخابات الرئاسية جون كيري الذي يرئس حاليا لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ. ويحظى كيري بموافقة العديد من الجمهوريين الذين يعتبرونها المرشح المثالي لهذا المنصب وهو ما يرددونه منذ اسابيع.

كيري وهاغل

على صعيد متصل اختار الرئيس الاميركي باراك اوباما السناتور جون كيري لتولي وزارة الخارجية خلفا لهيلاري كلينتون، كما ذكرت شبكتان اميركيتان للتلفزيون. وقالت الشبكة الاخبارية "سي ان ان" ان مصدر معلوماتها هو مسؤول "ديموقراطي تحدث مع كيري"، بينما اكدت "ايه بي سي" ان معلوماتها مستقاة من "مصادر" لم تحددها.ورفض البيت الابيض تأكيد هذه المعلومة.

وكيري الذي خاض السباق الرئاسي في 2004 مرشحا عن الحزب الديموقراطي وهزم امام جورج بوش، من ابطال حرب فيتنام قبل ان يتحول الى ناشط ضد الحرب. وهو يمثل ماساتشوسيتس (شمال شرق) في مجلس الشيوخ منذ 1985. وقد بلغ التاسعة والستين من العمر.

ويرأس كيري منذ اربع سنوات لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، التي تتمتع بنفوذ كبير، خلفا لنائب الرئيس الحالي جو بايدن. وهو يتمتع بتأييد العديد من الجمهوريين الذين يعتبرونه المرشح المثالي لهذا المنصب وهو ما يرددونه منذ اسابيع. واصبح كيري المرشح الابرز لتولي وزارة الخارجية اثر اعلان السفيرة الاميركية في الامم المتحدة سوزان رايس سحب ترشيحها لهذا المنصب بسبب الحملات الشعواء التي شنها ضدها الجمهوريون على خلفية تصريحات ادلت بها بشأن الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 ايلول/سبتمبر الماضي. ويتهم البرلمانيون رايس والبيت الابيض بانهما سعيا عمدا الى خداع الاميركيين حول الطابع الارهابي للهجوم حتى لا يضر بحصيلة اداء اوباما قبل اسابيع من الانتخابات الرئاسية التي جرت في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر وفاز فيها.

وبين هؤلاء المسؤولين عضوا مجلس الشيوخ جون ماكين وليندسي غراهام اللذان يتمتعان بنفوذ كبير وقادران على عرقلة تعيين رايس. وتخضع التعيينات في المناصب الحكومية الاميركية لموافقة مجلس الشيوخ حيث يتمتع حلفاء اوباما بأغلبية بسيطة لكن ليس بالأغلبية الموصوفة اللازمة لعرقلة اي قرار للمعارضة. لذلك يعتبر كيري بخبرته الطويلة في الكونغرس، مرشحا يحقق توافقا اكبر من رايس، لتولي حقيبة الخارجية خلفا لكلينتون.

وكانت كلينتون التي تولت حقيبة الخارجية لاربع سنوات، صرحت انها لا تريد البقاء في هذا المنصب وان كانت التكهنات في واشنطن ترجح ترشحها للانتخابات الرئاسية في 2016. والى جانب كلينتون، عبر عدد من اعضاء ادارة اوباما عن رغبتهم في عدم البقاء في مناصبهم في الولاية الرئاسية الثانية لاوباما التي ستبدأ في 20 كانون الثاني/يناير. وبين هؤلاء وزير الخزانة تيموثي غايتنر ووزير الدفاع ليون بانيتا.

الى جانب ذلك افاد مصدر في الادارة الاميركية ان السناتور الجمهوري السابق تشاك هاغل هو احد المرشحين لخلافة ليون بانيتا على رأس وزارة الدفاع (البنتاغون). واوضح المصدر طالبا عدم ذكر اسمه ان الرئيس باراك اوباما، الذي تربطه صداقة بهاغل تعود الى حين كان يجلس الى جانبه في مجلس الشيوخ، لم يتخذ قرارا نهائيا بشأن اسم وزير الدفاع المقبل.

من جهتها اعتبرت وكالة بلومبرغ ان تعيين هاغل وزيرا للدفاع امر "محتمل". وهاغل (66 عاما) يشغل حاليا منصب رئيس مجلس الاستخبارات التابع للبيت الابيض، وذلك بعدما كان سناتورا عن ولاية نبراسكا (وسط) من 1997 ولغاية 2009. وهو ايضا من قدامى المحاربين في فيتنام ويحمل اوسمة عسكرية رفيعة عدة. بحسب فرنس برس.

وقد يكون انتماء هاغل الى الحزب الجمهوري عاملا مساعدا في ان يوافق مجلس الشيوخ على تعيينه في هذا المنصب اذا ما استقر رأي اوباما عليه، وذلك على الرغم من ان السناتور الجمهوري الذي يعتبر معتدلا لم يتفق دوما مع طروحات حزبه ولا سيما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وقد انتقد خصوصا استراتيجية الرئيس السابق جورج بوش في العراق.

خطاب وداعي

من جهة اخرى حث السناتور الاميركي المتقاعد جو ليبرلمان الذي اثار غضب الديموقراطيين حين اعلن انه مستقل ودعم الجمهوري جون ماكين للرئاسة، زملاءه على تجاوز الخلافات الحزبية والتوصل الى تسوية بخصوص الوضع الضريبي. وفي خطابه الوداعي امام مجلس الشيوخ الاميركي الذي كان عضوا فيه على مدى 24 عاما، قال ليبرمان مرشح آل غور سابقا لمنصب نائب الرئيس في العام 2000، انه رغم "التحديات الراهنة الكبرى"، هو متفائل بمستقبل اميركا بعدما عمل خلال فترات صعبة في التاريخ الاميركي. لكنه حذر من ازمة طويلة محتملة اذا لم يلين الطرفان مواقفهما.

وقال ليبرمان (70 عاما) امام مجلس الشيوخ "آسف لارى مع مغادرتي مجلس الشيوخ ان العقبة الاكبر التي تقف بينيا وبين مستقبل افضل لاميركا نريده جميعا، قائمة هنا في واشنطن". واضاف ان "التموضع الحزبي في سياستنا هو الذي يمنعنا من التوصل الى تسويات يعتمد عليها التقدم في الديموقراطية" في اشارة الى المعركة حول كيفية تجنب رفع الضرائب واقتطاعات كبرى في الانفاق التي ستنطلق في 1 كانون الثاني/يناير اذا لم يقم الكونغرس بتفعيل قانون جديد حول خفض العجز في الميزانية. ويدرك كل من الجمهوريين والديموقراطيين ان البلاد بحاجة لتنظيم امورها المالية لضبط الدين الهائل والذي يزداد كل يوم والحد من العجز في النفقات.

وفي حال عدم التوصل الى اي اتفاق بحلول نهاية العام، فان اجراء اليا سيدخل حيز التنفيذ وسيشمل زيادة في الضرائب واقتطاعات هائلة في النفقات من بينها اقتطاعات في الجيش مع ما يمكن ان يترتب على ذلك من اثار كارثة على الاقتصاد الاميركي الهش. وقال "نريد قيادة من الحزبين تكسر الجمود في واشنطن". واستعرض ليبرمان مسيرته المثيرة للجدل التي بداها كديموقراطي ملتزم بوحي من الرئيس السابق جون كينيدي ثم انتقاله الى الوسط كمستقل اكتسب سمعة مؤيد متشدد للحرب في العراق.

وقال ليبرمان "خلال الفترة التي امضيتها هنا في واشنطن، شهدنا وصول اول امرأة الى منصب وزيرة الخارجية واول رئيس من اصول افريقية". كما ساهم ليبرمان شخصيا في صنع التاريخ بعدما اصبح اول مرشح يهودي لمنصب نائب الرئيس من حزب سياسي اميركي كبير. وقال "بالصدفة وبفضل الشعب الاميركي انا ممتن للحصول على نصف مليون صوت اكثر مما حصل عليه منافسي من الجانب الاخر".

وليبرمان المؤيد بشدة لاسرائيل اثار غضب الديموقراطيين مع دعمه بشكل كامل الاحتلال الاميركي في العراق. وقام بمحاولة فاشلة للترشح للرئاسة في 2004 ثم خسر الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ في 2006. واعلن نفسه مستقلا في تلك السنة وهزم المرشحين الديموقراطي والجمهوري واعيد انتخابه. لكن بقي يميل لصالح الديموقراطيين في التصويت في مجلس الشيوخ.

وفي 2007 وكمستقل ترأس لجنة الشؤون الداخلية في مجلس الشيوخ بعدما ساهم في اطلاق الدعوات لإنشاء وزارة الامن الداخلي بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر في 2001. لكن اثار غضب الكثير من الليبراليين حين ساند ماكين في 2008 بدلا من باراك اوباما والقى كلمة في تلك السنة امام المؤتمر العام للجمهوريين. بحسب فرنس برس.

واتضح ان ليبرمان يصبح معزولا اكثر فاكثر، وفي 2011 اعلن انه لن يترشح مجددا. وكتب في صحيفة كونيكتيكت ميرور "اعتقد انه آن الاوان بالنسبة لي للتنحي". وفي مجال السياسة الخارجية والامن كان ليبرمان يميل نحو اليمين واعد قانونا يجرد الاميركيين الذين يشتبه في انضمامهم الى مجموعات مثل القاعدة من جنسياتهم.

غلطة فظيعة

على صعيد متصل خلصت لجنة في مجلس الشيوخ الاميركي بعد ثلاثة اعوام ونصف من التحقيقات الى ان استخدام "تقنيات الاستجواب المشدد" من قبل وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) بحق موقوفين في قضايا تتعلق بالإرهاب كان "غلطة فظيعة"، على ما اعلنت رئيسة اللجنة. ووافق أعضاء اللجنة بأكثرية تسعة اصوات مقابل ستة على هذا التقرير الواقع في ستة الاف صفحة والذي تناول استخدام وسائل اعتبرها الرئيس الاميركي باراك اوباما والسناتور جون ماكين ومسؤولين اخرين تعذيبا.

الا ان اللجنة لم تقرر على الفور ما اذا كانت سترفع السرية عن الوثائق وتنشر التقرير. وبدا التحقيق قبل ثلاث سنوات ونصف السنة ودقق في اكثر من ستة ملايين صفحة مفصلة عن ممارسات السي اي ايه تشمل ارسال المعتقلين الى "مواقع سوداء" في اماكن متعددة من العالم حيث اخضعوا لوسائل استجواب قاسية.

وقالت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ دايان فاينشتاين في ختام جلسة مغلقة عقدتها اللجنة "انني على قناعة راسخة بان انشاء مواقع سوداء سرية لامد بعيد واستخدام تقنيات استجواب مشدد كان غلطة فظيعة". وأضافت السناتوره الديمقراطية التي تتمتع بنفوذ قوي ان "غالبية اعضاء اللجنة موافقون" على هذه الخلاصة.

وقاطع الجمهوريون في اللجنة المشاركة في التحقيق منذ البداية واحد الاسباب لأنه يستند على وثائق وليس على مقابلات أجريت مع عملاء استخبارات. كما راجعت اللجنة نتائج تقنية "الايهام بالغرق" التي استخدمها المحققون الاميركيون احيانا في عهد ادارة الرئيس السابق جورج بوش، الا ان اوباما اعتبرها من وسائل التعذيب. وامتنع السناتور الجمهوري ساكسبي تشامبليس العضو في اللجنة عن القول ما اذا صوت للموافقة على الخلاصة، واوضح "سبق وقلت ان هناك معلومات كثيرة غير دقيقة في التقرير".

واضافت فاينشتاين ان "المراجعة الشاملة" سترسل الان الى الرئيس. وامام الحكومة مهلة حتى 15 شباط/فبراير لإرسال تعليقاتها وتوصياتها حول نزع السرية عن التقرير الى اللجنة. وتابعت فاينشتاين ان التقرير يتضمن "تفاصيلا عن كل موقوف لدى السي آي ايه وظروف اعتقاله وطريقة استجوابه والمعلومات التي ادلى بها ومدى دقة او عدم دقة التفاصيل التي اعطتها السي آي ايه للعملية". بحسب فرنس برس.

واعرب ماكين الذي تعرض ايضا للتعذيب عندما كان اسير حرب في شمال فيتنام عن امله في ان تقنع خلاصة التقرير الراي العام الاميركي بان "وسائل التعذيب كتلك التي وردت في التقرير لا تليق بشرفنا القومي ويجب الا تطرح مجددا على النقاش". واضاف ماكين ان "المعاملة القاسية واللاانسانية والمذلة للمعتقلين ليست خطأ من حيث المبدأ ووصمة على ضمير بلادنا فحسب، بل هي كذلك وسيلة غير مجدية وقليلة المصداقية للحصول على معلومات". واعرب عن امله في ان تتخذ اللجنة "الخطوات اللازمة لانهاء التقرير ورفع السرية عنه، ليطلع عليه الشعب الاميركي، وهو ما سيؤدي برايي الى طي هذا الملف المؤلم اخيرا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/كانون الثاني/2013 - 18/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م