القائد الديمقراطي والقدرة على إدارة المناقشات

عبدالكريم العامري

 

شبكة النبأ: إن الاتجاه الحديث في الإدارة يرمي الى أن يجعل من الرؤساء قادة، كأن القائد الديمقراطي مرادف للقائد الكفء القدير. لكن، ماهي القدرات والمهارات التي يجب أن تتوافر لدى هذا الطراز من القادة؟

هذه القدرات والمهارات من أهمها: القدرة على إدارة المناقشة الجماعية لكي يستطيع اصدار الأوامر واتخاذ القرارات والمهارة في معاملة الناس..هي صفات يمكن تحسينها.

فالقدرة على إدارة المناقشات هي قدرة مركبة، يتم ملاحظتها في نواح عدة كما يشير الخبراء في مجال العلوم الإنسانية هي: الى جانب القرارات الجماعية التي تتخذ عقب المناقشات الجماعية، هناك القرارات الفردية التي يتعين على القائد اتخاذها بنفسه. لا يخفى أن الشخص كلما صعد في سلم الإدارة والسلطة زادت المشكلات التي يتعين عليه حلها والقرارات التي يجب أن يصدرها، التي تختلف اهميتها وخطورتها. ليعرف أن الأوامر التي لا تدخل في حدود سلطته، أو تلك التي لا تفهم فهما واضحا، أو الأوامر التي لا يمكن تنفيذها، هي أوامر لن تطاع!.

إن بعض الناس يستغلون مراكز الرياسة التي يشغلونها فيظنون أن أوامرهم يجب أن تطاع لمجرد أنهم (رؤساء).

القائد أو الرئيس الناجح ليست به حاجة الى أن يركن الى مركزه، بل ينبغي له أن يتصرف على نحو يحمل مرءوسيه على الاعتراف بمركزه. أهم تلك الصفات المطلوبة من الناحية السيكولوجية في القائد الديمقراطي، التي عكسها تقريبا تكون في القائد الاستبدادي هي:

1ـ اختيار المشكلات المناسبة للمناقشة، على رأسها المشكلات المشحونة بالانفعالات، التي يختلف بصددها الاعضاء اختلافا حادا، مثلها في مجتمعنا العراقي، البطاقة التموينية، رواتب الرئاسات، المناطق المتنازع عليها، المصالحة..الخ.

2ـ عرض الموضوع للمناقشة بحيث يبدو أنه مشكلة جديرة بالحل وليس نقدا موجها من الجماعة أو من عضو منها. عن عرض الموضوع تحدد الى مدى بعيد موقف الكتل والأحزاب والأطراف الأخرى، منه، هل ستهتم به أو تعرض عنه، أو تتربص به.

3ـ تقديم الحقائق الضرورية والخبرة اللازمة لإيضاح الموضوع دون اقتراح حل للمشكلة، أو عدة حلول للاختيار منها، دون اشارة الى تفضيله أحدها. المفروض أن قائد المناقشة أو الاجتماع لديه من المعلومات والخبرة أكثر مما لدى اعضاء الاجتماع. لكن، عليه ألا يطيل في هذا العرض، فأشيع خطأ يقع فيه المسؤولين هو ميلهم الى الاطالة في الحديث التمهيدي.

4ـ تشجيع اعضاء الاجتماع كلها على الاشتراك في المناقشة وتبادل الأفكار. فعن طريق هذا التفاعل يعرف الاعضاء نواحي الاتفاق ونواحي الخلاف فيما بينهم، كما يدركون أن الأمور لا يمكن أن تسير حسب النزوات الفردية، أو الحزبية أو الطائفية..عن طريق هذا التفاعل والنقاش الحر تستطيع اسلحة الضغط الاجتماعي أن تفعل فعلها. بفضل هذا التعبير الحر تخف وطأة التوتر والعدوان والكبت.

5ـ حماية الأقلية ورد المتطرفين الى جادة الاعتدال، والنظر بعين الاعتبار الى موقف من يرفضون التعاون مع المجموع لشعورهم بأنهم معزولون أو منبوذون. هؤلاء يجب إشعارهم أن المناقشة في حاجة الى آرائهم.

6ـ اشعار اصحاب الاجتماع أنهم مسئولون عن الاتفاق على حل المشكلة التي تم عقد الاجتماع من اجلها وهي التي تهم الجماهير، والحيلولة دون تهربهم من حمل هذه التبعة بالاستمرار في التنازع والاختلاف في الرأي، حتى لو تطلب أخذ التعهد الخطي أو التوقيع.

7ـ على القائد أن يعرف أن كثيرا من الخلافات تكون في أول الأمر صراعات بين رغبات أكثر من تكون خلافات على وقائع وحقائق. مهما يكن من أمر فلكي يصل جماعة من الناس الى اتفاق، لا بد ان تطفو أوجه الخلاف بينهم على السطح، وإلا لم يصلوا إلا الى اتفاق ظاهري. فالاتفاق الحقيقي مرهون بحل الخلافات.

8ـ من أهم وظائف القائد الحيلولة دون الاستطراد والخروج عن الموضوع في غير تزمت أو تدقيق شديد. ذلك أن تفكير كثير ممن يشتركون في الاجتماعات يدخلون في مناقشات يكون من نوع التداعي الحر الطليق وليس من نوع الموجه المضبوط في مصلحة الشعب. عليه أيضا أن يخلق الجو الذي يؤدي بالأعضاء الى حل المشكلة لا الى توكيد ذواتهم.

9ـ القائد القدير من يحسن صوغ الأسئلة التي تثير التفكير بما يعين على حل المشكلة، ومن يستطيع استعراض الآراء والمشاعر التي يعبر عنها الاعضاء بصورة أوضح وأدق وأعمق منهم، ومن يستطيع تلخيص ما سبقت مناقشته من أفكار للتأكد من فهم الأعضاء لها، لكي يتسنى له الانتقال من مرحلة الى أخرى في المناقشة التي تدور في الاجتماعات والندوات على بينة ودون تسويف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/كانون الأول/2012 - 13/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م