زيارات إفتراضية لرئيس الوزراء

زاهر الزبيدي

الكثير من العراقيين كانت قد أفرحتهم زيارات رئيس الوزراء الى بعض المرافق والمؤسسات الحكومية كمدينة الطب ودائرة الجوازات في بغداد وغيرها.. زيارة قليلة ومحدودة جداً إذا ما قيست بحجم ما لدينا من مشاكل إقتصادية وإجتماعية.. ذلك كان منذ مدة كبيرة وانقطعت تلك الزيارات ولم نعد رئيس الوزراء بين ابناء شعبه.

لذلك نرى أن لا مناص من وضع بعض الزيارات الإفتراضية لدولة رئيس الوزراء للكثير من المرافق الحكومية والمؤسسات، ومنظمات المجتمع المدني.. فمثلاً زيارة الى مدرسة من مدارس الصم والبكم أو زيارة لدار رعاية المسنين أو زيارة الجامعات العراقية ولقاء بالطلبة والتعرف على معاناتهم فهذا التواصل مع الشباب يقلل من الفجوة الحاصلة اليوم بين الحكومة وحلقات كثيرة من أبناء الشعب ومنهم الشباب رافد ومعين نهضتنا الأول..

زيارات الى الأسواق المكتظة والوقوف على حال الكثير من شرائح المجتمع والدخول في بيوتات الناس والجلوس على وسائد من لديهم وسائد، وعلى حصران من لديهم منها.. والدخول في العشوائيات والتجول في أزقتها اللانظامية ومعرفة حال شيوخهم وعجائزهم وطريق اطفالهم الى المدارس كيف يكون عندما تمطر السماء، خيراً علينا، وكيف حال معلميهم ومدراسهم وكيف هي كتبهم ودفاترهم.. ألمس جرح من أصابته الأزمات المتلاحقة ويضع يده على قلوب فارقها الفرح مذ فارقة أعمدة خيامها.

وكيف هم عندما يجن عليهم ليل من البرد والظلام وبعض الجوع.. وما هي الأحلام المخبوءة في عقولهم البسيطة.. وكيف حال أهليهم من ذوي الإحتياجات الخاصة.. هل لديهم حلم بالمستقبل.. أم أن المستقبل ضاع بعد إصابتهم بالعوق او الشلل نتيجة العمليات الإرهابية.. البحث في تلك العلب المعدنية، العشوائيات، عن الفتيان والصبايا الإيتام والنظر الى ملابسهم وهل لديهم ملابس نظيفة ومكوية ليوم غد، أم انهم لا يعرفون ماهو المكوى، ومداعبة حلم طفلة صغيرة تأمل أن يأذن لها أهلها في الذهاب مع صويحباتها الى المدرسة بقميص ابيض، كحلمها، وصدريتها الزرقاء لا أن تحمل علبة اللبان للتجول بين سائقي السيارات تستجدي قوة عائلتها.. ويعلم الله ما الكلام الذي تسمعه يومياً.

زيارة الى رياض الأطفال.. للنظر الى جبهات أطفالنا الناصعة الطرية التي لم تندسها أدران الطائفية.. ونقرأ لهم نشيداً وطنياً عن عراق واحد بدين واحد لله وقومية واحدة للعراق.. عسى أن يكون ذلك النشيد حصناً لهم من شياطين الطائفية إذا ما صادفتهم يوماً في الشوارع الى المدارس..

زيارات لقاعات وملاعب رياضية ولقاءات مع كل فريق يرفع اسم العراق وما أكثرهم أشبال وناشئة وشباب ورجال حصدوا جوائز كثيرة وأوسمة بكل الألوان وفي بطولات قارية وحتى عالمية ينتظرون رئيس حكومتهم أن يربت على أكتافهم عسى أن تصبح الفضة ذهباً يوماً.

زيارات أقترب بها من دور المسنين ممن عفا عليهم الدهر وتركهم، ومن كانوا يوماً أعزة، أحبتهم بين جدران من البرد.. يفتقر الى حنان الأسرة ولنعرف أسرارهم.. بل نعيش في أسرارهم ونصنع منها رؤيا جميلة لما تبقى من أعمار تلكم العجائز.. وزيارة الى مستشفى الرعاية النفسية لنعرف كيف جنَّ بعض الشعب كي لا يجن مثلهم الآخرون.

زيارات الى المصانع القليلة التي تعمل مكائنها وتشعر بالدفيء معها وتلك التي تنام بعد أن عقرت مكائنها عن الإنتاج فعسى أن يصحوا عامل نائم أو آخر كسول.. زيارات تعطي الشعب الأمل الحقيقي بأن هناك من هو قريب منهم يشاطرهم البؤس والحرمان ويقاسمهم فُتاة الأمل المتبقي بالمستقبل.. أو ان يزرع في دواخلهم بذرة المستقبل البهي.

فعسى أن يأتي يوماً وتصبح تلك الزيارات ذكريات حلوة يعلقها المحبون على جدرانهم.. بأن يوماً ما.. رجلاً ما.. زرع أملاً ما.. فأزهر المستقبل.. نسأل الله أن يكون قريباً..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/كانون الأول/2012 - 12/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م