شبكة النبأ: تسجل بريطانيا حالة
اضطراب غير مسبوقة في الشؤون الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية خاصة في
الآونة الأخيرة، على الرغم من امتلاكها ارث اجتماعي وبنية ثقافية
وحضارية متمدنة تضعها ضمن أهم المجتمعات المتطورة حول العالم، إذ كانت
ولازالت المملكة المتحدة تحتل ادوار عالمية مهمة على المستويات كافة،
في حين تكشف التقارير المتواردة من داخل بريطانيا تزايد قياسي في أعداد
مواطنيها ممن يعانون من انعدام كبير في السلوك الاجتماعي المتحضر، على
الرغم من تمتع الشعب البريطاني بمستوى حس مدني عالي، الا ان التغيرات
الاجتماعية مؤخرا تشير الى أن الفرد البريطاني اصبح اقل نزاهة من ذي
قبل، وهذا مؤشر يوضح مدى تراجع مبادئ البريطانيين في الوقت الحالي،
فيما خلصت دراسة اخرى بتزايد المشاكل الاجتماعية والحقوقية كالطلاق
والعنف الجنسي وانعدام العلاقات الاجتماعية الرصينة، في حين بات اغلب
البريطانيين يرغبون بالهجرة للعدة أسباب من بينها الطقس والضرائب،
وعليه فان أهم المعطيات انفة الذكر المتعلقة بمختلف النواحي الحياتية
للبريطانيين، تشير الى ان بريطانيا اليوم تعاني من تدهور اجتماعية بشكل
غير مسبوق خاصة خلال الفترة الأخيرة.
العلم الطائفي
فقد تصاعدت الاحتجاجات في أيرلندا الشمالية مع تجدد غضب الموالين
للتاج البريطاني بسبب فرض قيود على رفع علم بريطانيا على مجلس بلدية
بلفاست، وكانت أعمال الشغب من جانب الموالين للتاج البريطاني قد انحسرت
كثيرا منذ قرار اتخذه أعضاء قوميون في مجلس البلدية قبل 15 يوما لإنهاء
تقليد قائم منذ قرن من الزمان يقضي برفع علم بريطانيا على مجلس البلدية
كل يوم، وفي إحدى الوقائع اقتحم خمسة ملثمين يلفون أجسامهم بالعلم
البريطاني اجتماعا للمجلس المحلي في كاريكفرجوس على بعد 17 كيلومترا
خارج مجلس بلدية بلفاست، وقال نويل وليامز وهو عضو في مجلس البلدية كان
حاضرا الاجتماع إن الرجال طرقوا على المكاتب ووجهوا إهانات طائفية
لأعضاء مجلس البلدية. بحسب رويترز.
وفضت الشرطة الحشد وتمكن الناس من مغادرة المبنى. ولم تقع إصابات
وليس من الواضح ما إذا كان قد تم إلقاء القبض على أحد، واستهدف بعض
المحتجين الموالين للتاج أعضاء من حزب التحالف الوسطي غير الطائفي
لتأييده الاقتراع الذي اقترحه قوميون لإنزال العلم البريطاني، ويعني
القرار أن العلم لن يرفع إلا 17 يوما في العام لأن هذا هو التقليد
المتبع في المجلس المحلي في ستورمونت بالإقليم الذي تسيطر عليه
بريطانيا، وانتهى العنف بين الجمهوريين الكاثوليك والبروتستانت
الموالين لبريطانيا -والذي ظل مستمرا بشكل متقطع طوال 30 عاما- منذ
توقيع اتفاق سلام عام 1998 لكن أغلب بلفاست ما زالت منقسمة طبقا
لاعتبارات طائفية.
معاناة التجاهل
فيما كشف تقرير مستقل أُجرى في بريطانيا أن فقدان الدعم وانعدام
الفرص للشباب كان سبباً في اندلاع حوادث الشغب التي شهدتها انجلترا
العام الماضي، وقالت لجنة حوادث الشغب والمجتمعات والضحايا، التي
شُكلّت العام الماضي، إن نحو 500 ألف أسرة عانت من التجاهل، كما قالت
اللجنة إن من أسباب اندلاع أعمال الشغب ضعف قدرة الأباء والأمهات
وتركيزهم على المادية بالإضافة إلى فقدان الثقة في الشرطة، وأضافت
اللجنة في تقريرها أن على المدارس مساعدة الأطفال على بناء شخصياتهم ،
مشيرة إلى "عدم حصول العوائل على الدعم الذي يحتاجونه"، وحضّت اللجنة
البريطانية المستقلة الحكومة والمؤسسات العامة على تطوير استراتيجية "لمساعدة
نحو نصف مليون أسرة على تغيير أنماط حياتهم."
وذكر التقرير أن ما يقرب من 15 ألف شخص شاركوا في أعمال الشغب التي
اجتاحت إنجلترا ، معظمهم دون سن الرابعة والعشرين، ومستوياتهم
التعليمية ضعيفة، وألقت بعض الجاليات باللوم على إهمال الآباء والأمهات
في منع اندلاع هذه الحوادث، كما أوصت اللجنة بمعاقبة المدارس التي تفشل
في تحقيق أقل معدلات محو أمية الأطفال مالياً، وكانت أعمال شغب قد
اندلعت في عدة مدن إنجليزية في شهر أغسطس/آب من العام الماضي احتجاجاً
على مقتل شاب يدعى مارك دوغان برصاص الشرطة في أحد أحياء لندن، وقام
محتجّون بعمليات نهب وحرق ومواجهات مع الشرطة البريطانية أدت إلى إصابة
العشرات واعتقال المئات من الأشخاص، وأضطُر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون
ووزيرة داخليته تيريزا ماي ، إلى جانب عمدة لندن بوريس جونسون وزعيم
المعارضة إد ميليباند، إلى قطع إجازاتهم الصيفية وعُقدت جلسة طارئة
للبرلمان لمناقشة الأحداث، كما أنشأت الحكومة البريطانية موقعاً علي
الإنترنت متخصصاً في توجيه النصائح والإرشادات للمواطنين بشأن سبل
التكيف والتعامل مع اضطرابات كتلك التي عصفت بمدن إنجلترا.
نزاهة اليوم
كما أظهرت دراسة أعدتها جامعة إسيكس البريطانية، أن مبادئ
البريطانيين تتراجع.. فالاحتفاظ بمال عثر عليه في الشارع وخيانة الشريك
والكذب باتت سلوكا مقبولا اليوم أكثر مما كان قبل عشر سنوات، وسألت
الدراسة مجموعة من الأشخاص رأيهم في عشر تصرفات، مثل استعمال وسائل
النقل العام من دون دفع المال المطلوب والاحتفاظ بالمال الذي يعثر عليه
في الشارع ورمي القمامة على الأرض والكذب، وبينت الدراسة أن 50% من
البريطانيين اليوم يعتبرون خيانة الشريك أمر غير مبرر، مقابل 70% قبل
عشر سنوات.
إلى ذلك، يرفض 20% من البريطانيين اليوم الاحتفاظ بالمال الذي يعثر
عليه في الشارع، مقابل 40% في العام 2000، وأظهرت الدراسة التي أجريت
على شبكة الانترنت وشملت أكثر من ألفي راشد أن الشباب دون ال25 من
العمر يميلون إلى تقبل التصرفات غير النزيهة أكثر من الذين يكبرونهم
سنا، وفيما يعتبر ثلث الشباب الذين لا تتعدى أعمارهم ال25 سنة أن
الخداع في السيرة الذاتية أمر غير مقبول، يرفض ثلاثة أرباع الأشخاص
الذين تتخطى أعمارهم ال65 سنة هذا الأمر. ويرفض خمس الشباب الكذب رفضا
قاطعا، مقابل 55% من الأشخاص الذين تتعدى أعمارهم ال65 سنة. بحسب فرانس
برس.
ويمكن إيعاز هذا الأمر إلى أن الناس بشكل عام يتمسكون بالمبادئ أكثر
مع التقدم في العمر، لكن البروفسور بول وايتلي الذي قاد الدراسة يقول
إن تراجع النزاهة لدى الشبان يثير القلق أيضا "إذا اعتبرنا أن النزاهة
تكتسب في فترة المراهقة شأنها شأن المواقف السياسية"، وأظهرت الدراسة
أن النساء أكثر نزاهة من الرجال بقليل، لكن الطبقة الاجتماعية والوظيفة
لا يغيران شيئا في النتائج، وبحسب البروفسور وايتلي، فإن درجة النزاهة
تشير إلى مستوى الحس المدني. وفي حال تراجعها "يفقد الناس الثقة بعضهم
ببعض ويتوقفون عن العمل معا وتسوء حال الجماعات ويصبح أداؤها التربوي
والاقتصادي أضعف. وقد يخلف الأمر تداعيات خطيرة".
انعدام روح التواصل بين العائلات
في حين أظهرت دراسة جديدة نشرتها صحيفة ديلي اكسبريس، أن روح
التواصل بين العائلات البريطانية انعدمت ودخلت في مرحلة غيبوبة، بعد أن
كانت اعتادت الجلوس على طاولة واحدة تتبادل الحديث على مأدبة العشاء،
ووجدت الدراسة أن العائلات البريطانية بالكاد تكلف نفسها عناء التحدث
إلى بعضها بعضاً، بغض النظر عن جلوس افرادها معاً لتناول وجبات الطعام،
واعترف 20٪ من البريطانيين بأنهم يتحدثون مع نصفهم الآخر أقل من 10
دقائق في اليوم، وقالت إن 4٪ من البريطانيين اعترفوا بأنهم يتجاهلون
تماماً شريكات أو شركاء الحياة، فيما أقرّ 24٪ منهم بأنهم لا يتذكرون
آخر مرة جلسوا فيها معهم أو معهن لتناول العشاء، وأضافت الدراسة أن
الكثير من البريطانيين نحوا باللائمة على أعباء العمل المتزايدة
وصعوبات تأمين متطلبات الحياة على هذا الانهيار المثير للقلق بحياة
الأسرة البريطانية، واعترف 40٪ منهم بأن هذه الضغوط تجعلهم مرهقين
للغاية للجلوس في المطبخ، وتمنى ما يقرب من نصفهم لو أنهم يمتلكون
الطاقة لطهي طعامهم. بحسب يونايتد برس.
واشارت إلى أن 64٪ من البريطانيين يفضلون قضاء الوقت على شبكات
التواصل الاجتماعي، مثل «فيس بوك» و«تويتر»، على طهي الطعام وتبادل
الأحاديث مع نصفهم الآخر، ووجدت الدراسة أيضاً أن واحداً من كل خمسة
بريطانيين اعترف بأنه يتناول عشاءه أمام جهاز التلفزيون بدلاً من
التحدث حول طاولة الطعام.
أغلب الأطفال يعيشون مع أحد الوالدين
بينما كشفت دراسة جديدة أن نسبة كبيرة من الأطفال تتربى في كنف
عائلات من معيل واحد، ووجدت الدراسة أن واحداً من كل خمسة أطفال
بريطانيين يعيش مع والده أو أمه، مشيرة إلى أن هذه النسبة تفوق ما هي
عليه في أي بلد أوروبي آخر، وقالت إن عدد العائلات المتزوجة في
بريطانيا هي من بين أدنى المعدلات في اوروبا، كما أن علاقات المعاشرة
المستقرة هي أقل شيوعاً فيها من بلدان اوروبية أخرى، وأضافت الدراسة أن
العلاقات القوية خارج نطاق الزواج غير شائعة في بريطانيا، كما أن
انخفاض معدلات الزواج يعني الحياة مع أحد الوالدين فقط بالنسبة
للملايين من الأطفال، وحذّرت من أن هذا الوضع يجعل الأطفال أكثر عرضة
للمعاناة من مشكلات صحية، وتقديم اداء سيئ في المدرسة، والانتقال إلى
حياة أقل نجاحاً في مرحلة الشباب. بحسب يونايتد برس.
وأشارت الدراسة إلى أن معدل الأطفال الذين يعيشون في كنف أسر من
معيل واحد في بريطانيا يفوق بنسبة 50٪ ما هو عليه في فرنسا، وبنسبة 35٪
ما هو عليه في ألمانيا، وقالت إن 12.8٪ فقط من الأطفال في بريطانيا
يعيشون في أسر تضم آباء وأمهات، بالمقارنة مع 27.3٪ في السويد، و21٪ في
فرنسا.
كل 20 دقيقة.. طفلة تتعرض لإعتداء جنسي
الى ذلك كشفت أرقام رسمية، أن أكثر من 400 طفلة تتعرّض لاعتداء جنسي
كل أسبوع في بريطانيا، أي بمعدل واحدة كل 20 دقيقة، وقالت صحيفة "الصن"،
إن قوى الشرطة في انجلترا وويلز سجلت وقوع 23.097 جريمة جنسية ضد
الأطفال العام الماضي، تشمل الإغتصاب وسفاح المحارم وبغاء الأطفال
والمواد الإباحية، أي ما يعادل 444 إعتداءً جنسياً في الأسبوع، وأضافت
أن 2135 إعتداءً جنسياً، أي ما يعادل 10% من مجموع الجرائم الجنسية ضد
الأطفال، قادت إلى إدانة مرتكبيها وإصدار أحكام سجن بحقهم، فيما فر
الآلاف من المجرمين المولعين بالأطفال من دون عقاب، وأشارت الصحيفة إلى
أن شرطة العاصمة لندن تعاملت مع غالبية جرائم الإعتداء الجنسي على
الأطفال والتي بلغت 3420 جريمة، تلتها شرطة وادي التايمز، والتي تغطي
مقاطعات أوكسفوردشاير وباكينغهامشاير وبيركشاير، وتعاملت مع 1264 جريمة،
وقالت إن أعمار ضحايا 1470 جريمة جنسية ضد الأطفال، تراوحت بين 5 سنوات
وما دون، فيما تراوحت أعمار ضحايا 4973 جريمة بين 5 و10 سنوات، وضحايا
14.819 جريمة بين 11 و17 سنة. بحسب يونايتد برس.
وأضافت أن 19.790 ضحية من الجرائم الجنسية ضد الأطفال هم من الفتيات
و3218 من الذكور، ودعت الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال في
بريطانيا السلطات المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بحق المجرمين
المولعين بممارسة الجنس مع الأطفال.
البريطانيات يتوفين مبكراً عن بقية
الأوروبيات
على الصعيد ذاته قال تقرير إخباري، إن دراسة أُجريت للحكومة
البريطانية أكدت أن نظام الرعاية الصحية في بريطانيا يتخلف عن بقية
الدول الأوروبية في عدد من المجالات الحيوية، مثل وفيات النساء،
ومعدلات الشفاء من السرطان، ومستويات البدانة، وذكر موقع صحيفة
«الإندبندنت» نقلاً عن هذه الدراسة، أن النساء في بريطانيا يتوفين
مبكراً بسنوات عدة عن العمر المتوقع لهن. وأوضحت الدراسة أن معدل
الوفيات من أمراض الجهاز التنفسي أعلى بأكثر من معدل الضعف عن فرنسا،
وإنه يمكن إنقاذ حياة 10 آلاف سيدة كل عام إذا كان مستوى علاج السرطان
بالمستويات الأوروبية نفسها. وكما هي الحال في انخفاض العمر المتوقع
للنساء البريطانيات، فإن بريطانيا أيضاً تعاني من وضع أسوأ متوسطات
الاتحاد الاوروبى في ما يتعلق بوفيات الأطفال، وأمراض القلب، والكبد،
والجهاز التنفسي، ومعدلات الشفاء مـن سرطان الرحم والثدي والقولون،
وقدمت الدراسة تقييماً قاتماً لأداء الخدمات الصحية البريطانية مقارنة
بـ15 دولة من دول الاتحاد الأوروبي. بحسب يونايتد برس.
الهجرة بسبب الطقس والضرائب
فيما يفكر حوالي 25% من أصحاب الملايين البريطانيين بالهجرة، بسبب
طقس البلاد، وكشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة ديلي اكسبريس، أن 22% من
البريطانيين الذين يملكون أكثر من مليون جنيه استرليني يرغبون بالرحيل
عن بلادهم في غضون عامين، وقالت إن 60% من أصحاب الملايين البريطانيين
عزوا السبب وراء رغبتهم في الهجرة إلى الطقس السيء والأمطار والعواصف
المستمرة، في حين عزا 50% منهم الأسباب إلى ارتفاع معدلات الجريمة،
واضافت الدراسة أن 41% من أثرياء بريطانيا اعترفوا بأن ارتفاع معدل
ضريبة الدخل هو السبب الرئيسي وراء رغبتهم في الهجرة، وكانت فرنسا
المكان المفضّل من قبل غالبيتهم، تلتها اسبانيا والولايات المتحدة
واستراليا ونيوزيلندا. بحسب يونايتد برس.
واشارت إلى أن 64% من أصحاب الملايين البريطانيين أكدوا أن ثرواتهم
لن تغريهم على مغادرة بلادهم وأنهم سعداء فيها رغم الطقس والأسباب
الأخرى التي ذكرها زملاؤهم الراغبون بالهجرة، وقال ريتشارد ماستي،
المدير في مصرف لويدز البريطاني الذي اجرى الدراسة، إن البريطانيين
الأثرياء "يفكرون بالهجرة على نحو متزايد وليس بالضرورة لأسباب مالية،
بل لأنهم يشعرون بأن نوعية حياتهم قد تكون أفضل في دول أخرى". |