نرجس تبكي

هادي جلو مرعي

لا ألوم بالضرورة وزارة التربية عندنا فقد تكون سياسة دولة تلك المرتبطة بمنح عقود بناء المدارس وتأهيل أخرى على مساحة الوطن، لكن الجهد المتاح يجب أن يكون بمستوى المعاناة التي عليها واقع التلاميذ الصغار من الأولاد والبنات الذين يقطعون مسافات طويلة بقصد الوصول الى المدرسة، بينما لايجد آخرون مدرسة في حيّهم، وفي قريتي المسماة باطلا (السعادة) تمت إزالة المدرسة الإبتدائية الوحيدة بقصد إعادة تعميرها، وهي كانت مؤهلة لتستمر لعشرين سنة أخرى فقد كانت مبنية من الطابوق وسقوفها من الكونكريت المسلح وعدد صفوفها ملائم والأدهى إنها كانت مخصصة للبنات الصغيرات اللاتي تم تحويلهن الى مدرسة للأولاد وبدوام ثالث والأمور (لايصة) هناك الى درجة إن المعلمين تحولوا الى مايشبه رجال الشرطة من أجل ضبط الأمور.

 وزير التربية السيد محمد تميم في آخر لقاء معه على مائدة إفطار رمضاني تحدث عن معاناة في داخل وزارته لأنه ومن معه من مسؤولين يشعرون بتلك المعاناة تماما ويحاولون أن يضعوا إستراتيجية ملائمة لبناء آلاف منها وترميم أخرى مع وفرة من الحاجات وقليل من الإمكانات التي تتيح المضي بمشاريع إعمار في القطاع التربوي والنهوض به للمرحلة المقبلة بعد الإدراك الكامل لطبيعة الإحتياجات على مدى السنوات القادمة حيث تحتاج الوزارة الى تخصيصات مالية عالية لايمكن العمل من دون أن تكون حاضرة على الدوام.

في المناطق القصية ولنضرب مثلا بمدينة الفاو في أقصى الجنوب العراقي حيث ترتفع درجات الحرارة الى مستويات قياسية ولاتوجد كهرباء بمستوى ملائم لحفظ كرامة الناس وتشح مياه الشرب، يكون التلاميذ الصغار الأكثر معاناة من غيرهم مع مايتوفر من هموم تضغط على أسرهم التي تعجز في الغالب عن توفير المستلزمات الطبيعية لحياتهم ولتخفف من عذاباتهم، في هذه المدينة لاتتوفر المدارس عادة بشكل ملائم وفي مناطق منها كـ(رأس البيشة) التي عرفناها جيدا أيام الحرب مع إيران لاتوجد مدرسة لأولاد السيد عادل (أبو كنعان) الذي وضع الهاتف النقال بيد إبنته (نرجس) لتحدثني بلهجة (عراقية بصراوية فاوية) موشحة بالشجن ومغطاة بشوكلاته الهموم ورغبات الطفولة عن قرار الأسرة بمنعها من إتمام دراستها لعدم وجود مدرسة، والمدرسة الوحيدة تبعد بمسافة لاتستطيع أرجل الصغار قطعها ينما تتوفر خطوط نقل بمبلغ أربعين ألف دينار للتلميذ شهريا وهي مع أخويها يحتاجون مبلغا يصل الى مائة وعشرين ألف دينار لاتتوفر للوالد الذي يعمل حارسا في مدرسة وترك وظيفته من سنوات طويلة ثم عاد إليها بعد العام 2003 بواسطة مني وإتصال بالسيد وليد حسين الناطق بإسم وزارة التربية وزيارة لمرقد موسى الكاظم وصلوات الى الله ودموع وتوسلات من أم الصغار، لكن الأمور تتغير بإستمرار ويمكن للوالد أن يقول لصغاره (كلوا ولاتتعلموا).

مثل نرجس آلاف النرجسات، ولكن ماالحل ؟لماذا لايقاتل السادة أعضاء مجلس النواب ليوفروا فرص بناء المدارس مثلما يتقاتلون على إيصال فايلات التعيين الى مكتب وزير التربية؟ ولماذا لايسارعون الى التصويت بقبول قانون البنى التحتية الذي من شأنه أن يحل مشاكل الأمة العراقية في مجال الخدمات العامة بدلا من تسويق الاكاذيب نتيجة صراع سياسي مع رئيس الحكومة؟وكأن هتافاتهم تنادي : مجلس النواب يريد إسقاط المالكي حتى لو كان الثمن قتل الشعب العراقي وحرمانه من حاجاته.

ملاحظة أخيرة، لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.

Center_group@ymail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/كانون الأول/2012 - 8/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م