21/12/2012... نهاية العالم المفترضة!

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: راهن الكثيرون على ان تكون هذه الساعات توقيت طي العالم ونهايته الابدية، دون الولوج الى ما بعد تلك النهاية المفترضة وما بعد ذلك، سوى بعض التوقعات عن عالم الغيب وما تكتنفه من بعض الابجديات التي اقرتها الاديان السماوية، فيما ذهب الآخرون ممن تناولوا هذا التوقيت الزمني المثير للجدل الى انه بداية نهاية العالم وليست النهاية.

وبين تلك الآراء وما يفندها انقسمت العديد من شعوب العالم، على امل ان تكشف الساعات القادمة لما بعد يوم21/12/2012، حقيقة الامور وما سيفضي اليه مصير العالم.

فقد اظهر استطلاع أن حوالي 15 بالمئة من الناس في جميع أنحاء العالم يعتقدون أن العالم سينتهي خلال حياتهم و 10 بالمئة يعتقدون أن تقويم المايا قد يعني أن ذلك سيحدث في عام 2012.وأثارت نهاية تقويم المايا الذي يمتد نحو 5125 عاما في 21 من ديسمبر كانون الاول 2012 تفسيرات واقتراحات بأنه يمثل نهاية العالم.

وقالت كيرين جوتفريد مديرة ابحاث في ابسوس جلوبال للشؤون العامة والتي أجرت الاستطلاع لرويترز "سواء كانوا يعتقدون أن (العالم) سينتهي بيد الله أو كارثة طبيعية أو حدث سياسي أيا كان السبب فان واحدا بين كل سبعة أشخاص يعتقد أن نهاية العالم قادمة."

وقالت جوتفريد "ربما يكون السبب اهتمام وسائل الاعلام النابع من تفسير نبوءة المايا التي تؤكد أن العالم ينتهي في تقويمنا عام 2012." وأضافت أن بعض العلماء شككوا في تفسير المايا.

واختلفت الردود على الاستطلاع الدولي الذي شمل 16262 شخصا في أكثر من 20 دولة اختلافا كبيرا ويعتقد ستة بالمئة فقط من سكان فرنسا أن معركة هرمجدون وشيكة في حياتهم مقابل 22 بالمئة في تركيا والولايات المتحدة وأقل قليلا في جنوب أفريقيا والارجنتين. بحسب رويترز.

لكن سبعة بالمئة فقط في بلجيكا وثمانية بالمئة في بريطانيا العظمى يخشون نهاية العالم في حياتهم.وقال شخص بين كل عشرة أشخاص على مستوى العالم أيضا انهم يعانون الخوف أو القلق بشأن نهاية وشيكة للعالم في عام 2012. وكان أكبر عدد في روسيا وبولندا وأقل عدد في بريطانيا العظمى.

وقالت جوتفريد أيضا إن اصحاب مستويات التعليم المتدنية أو الدخول المنخفضة وكذلك الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما كانوا أكثر ميلا للاعتقاد في نهاية العالم خلال حياتهم أو في عام 2012 أو يخشون المستقبل.

حضارة المايا

في السياق ذاته تدحض روزنامات تتجاوز في تقويمها الأربعة آلاف سنة وهي محفورة على مسلات تعود إلى حضارة المايا عثر عليها في المكسيك وفي غواتيمالا، توقعات نهاية العالم في العام 2012 التي تعزى إلى هذه الحضارة، بحسب أحد الخبراء المكسيكيين.

وقد أكد إريك فيلاسكويوز وهو مؤرخ خبير في مخطوطات المايا خلال مؤتمر أن "الناس يؤمنون بنهاية العالم وفق المعتقدات اليهودية المسيحية. أما حضارة المايا، فهي لم تكن تؤمن بنهاية العالم وهي كانت تعتمد نظام تعداد لا متناه للسنوات يمتد على آلاف الأعوام. فيمكنكم أن تناموا ملء أعينكم".

وبحسب الفيلم الاميركي "2012" المقتبس من الرواية الأكثر مبيعا للكاتب الأميركي ستيف ألتن بعنوان "وصية المايا" وغيرها من الروايات، تفيد توقعات منسوبة للمايا بأن العالم سينتهي في 21 كانون الاول/ديسمبر من العام الحالي.

لكن المؤرخين يذكرون بأنه لم يتم العثور إلا على حجر واحد في موقع تورتوغيرو في ولاية تاباسكو (جنوب غرب المكسيك) نقش عليها روزنامة تنتهي في العام 2012 بحسب تقويم المايا الذي بدأ قبل 3144 عاما من التقويم الروماني.

ويعتبر الكثير من المؤرخين المكسيكيين أن هذا التاريخ يشير بكل بساطة إلى نهاية دورة وبداية الدورة الرابعة عشرة.وبالاستناد إلى فرضيات عدة زملاء، شدد المؤرخ على أن هذا التاريخ "لا يشكل بأي طريقة من الطرق نهاية نظام التعداد في روزنامة المايا التي هي غير متناهية، بالرغم من تقسيمها إلى دورات. وهو يشير بكل بساطة إلى بداية دورة جديدة"، مذكرا بأنه تم العثور على تاريخ أبعد بكثير حفر على حجرة في موقع أثري في جنوب شرق المكسيك يرمز إلى عيد أحد قادة هذه الحضارة في العام 4772 من التقويم الروماني.

ظهرت حضارة المايا في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد، وانتشرت من جنوب شرق المكسيك إلى غرب هندوراس والسلفادور. وهي بلغت ذروتها بين القرنين السادس والتاسع بعد الميلاد قبل أن تبدأ بالاندثار في القرن السادس عشر بعد الغزو الاسباني.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن 40 % من سكان غواتيمالا البالغ عددهم 13 مليون نسمة متحدرون من هذه الحضارة، فضلا عن مليون ونصف مليون مكسيكي متمركزين في ولاية يوكاتان.

في حين نظم عدة كهنة ينتمون الى هذه الثقافة الاربعاء مراسم طقسية في موقع اثري في غواتيمالا. وردد سبعة كهنة صلوات حول "نار مقدسة" اشعلوها على الساحة الكبيرة في موقع كويريغوا الاثري على بعد حوالى 200 كيلومتر شمال شرق العاصمة متضرعين ان تشكل الحقبة الجيددة "فجرا جديدا" لا تمييز ولا حقد فيه.

وتضرع هؤلاء بالاسبانية ولغتهم القديمة وهم محاطون بنحو عشرون شخصا بينهم فريق من وكالة فرانس الى الخالق امام النار التي احرقت فيها تقديمات مؤلفة من جذوع اشجار وشموع وحبوب والسكر والخبز والشوكولا.

ورزنامة المايا مؤلفة من 18 شهرا و20 يوما يضاف اليها "واييب" وهو الشهر المقدس المؤلف من خمسة ايام. و"الباكتون" هي الوحدة الاطول في هذا النظام وتمتد على 400 سنة. اما الحقبة الكبرى فتضم 13 باكتون اي 5200 سنة. وعرفت حضارة المايا ذروتها بين عامي 250 و900 بعد المسيح.

وفي حين تربط بعض النبؤات المنقلب الشتوي هذه السنة بنهاية العالم، كان الهدوء مسيطرا في ادغال غواتيمالا، فكل كاهن بدوره وجه رسالة. احدهم انتقد الانسان "لتدميره الغابات والجبال" وطلب اخر "اختفاء الشر وحلول الاخوة" وامل الجميع في ان تعم السعادة الحقبة المقبلة.

وفي هذا الموقع الاثري المحمي الذي يمتد على مسافة 34 هكتارا محاطا بمزارع الموز التي تملكها شركات اجنبية، مسلات محفورة يبلغ ارتفاعها امتارا عدة فضلا عن اهرامات ومساحة لالعاب الكرة ومذابح ومنحوتات لحيوانات اسطورية.

ويفيد علماء ان موقع كويريغوا اسس في العام 400 بعد المسيح واتى عليه فيضان في العما 810. وقد اكتشف الموقع في نهاية القرن العشرين وادرج على لائحة التراث العالمي لليونسكو العام 1981.

وتحتفل اميركا الوسطى والمكسيك في 21 كانون الاول/ديسمبر بنهاية حقبة في رزنامة المايا (يحددها علماء في 23 كانون اول/ديسمبر) وتنتظر مجيء الاف الزوار من العالم باسره.

نظريات وكتب وأفلام

الى ذلك فالبعض يرى أن حلول عام 2012 يبشر بعهد جديد، بينما يرى آخرون أن هذا العام هو لا محالة نهاية دورة الكرة الأرضية، وهو أمر تناقلته الكثير من الكتب، والمواقع الإلكترونية التي تضع على صفحاتها ساعات توقيت تنازلي ليوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2012، وهو اليوم الموعود.

يقول ديفيد ستورات، مدير مركز "ميسوأمريكا" في جامعة تكساس: "هناك الكثير من الناس ممن يعتقدون أن نهاية الكون مرتبطة باعتقادات المايا، وهذا أمر غير صائب، لأنه لم يكن هناك أي حكيم من شعب المايا، ذكر هذا الأمر."

وعلى صعيد آخر، إذا ما قمت بإدخال الرقم 2012 في أي من محركات البحث على شبكة الإنترنت، فإنك ستجد الكثير من المواقع المتعلقة بهذا الموضوع، فبعضها يقدم إرشادات حول كيفية النجاة من هذا اليوم، والبعض الآخر يعطي تعليمات بشأن ما يجب أن ترتدي، ومنها قمصان كتب عليها "2012.. النهاية"، أو "قيامة 2012".

وتقول عدد من النظريات إن الأرض في ذلك اليوم ستبدأ بالدوران العكسي، كما أن هذا اليوم سيشهد الكثير من العواصف الشمسية التي ستؤدي إلى فوران البراكين، وذوبان الثلوج.

وإذا كنت تعتقد أن هذا كله يمكن أن يكون فيلما أمريكيا رائعا، فأنت على حق، لأن هوليوود تستعد لذلك.فالمخرج رولاند إيميريك، والنجم جون كوزاك، يستعدان لإطلاق فيلم 2012 الخريف المقبل،حيث يعرض الفيلم في بدايته راهبا يتوجه إلى الكنيسة لإعلان قرب نهاية العالم بينما تبدأ ثلوج الهملايا بالذوبان لتكوّن سيلا مائيا يقتل كل من يأتي أمامه.

أما على صعيد الكتب، فقد تم نشر المئات منها والتي تحمل عنوان 2012، ولا زالت المكتبات في انتظار المزيد منها خلال الشهور القادمة.

ومن بين هذه الكتب كتاب Apocalypse 2012، والذي يدرج فيه المؤلف لورنس جوزيف مجموعة من الاحتمالات التي يمكن أن تحصل في ذلك اليوم.إلا أن جوزيف يعتقد أن هذا اليوم لن يشهد نهاية العالم.يذكر أن يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2012 يتوافق مع يوم انقلاب الشمس في الشتاء، كما أن هذا اليوم سيشهد توازي الشمس مع مجرة درب التبان.

انتحار جماعي

من جهتها وجهت دوائر رسمية فرنسية تحذيرات شديدة إلى الحكومة في باريس من خطر حصول موجة انتحار جماعي في صفوف شرائح واسعة من السكان أصحاب الشخصيات الهشة والحساسة، وذلك مع انتشار الشائعات التي تروج لنهاية العالم عام 2012، سواء عبر الانترنت والطوائف الدينية التي تنتشر في البلاد.

وقال جورج فينيش، رئيس وكالة "ميفيلودز" الرسمية المعنية بمراقبة الطوائف الدينية المختلفة في البلاد، إن الظاهرة بدأت تدخل مرحلة الخطر مع توافد آلاف الأشخاص إلى منطقة نائية يعتقدون أنها ستنجو من الحدث المدمر، مضيفاً أن أخطر رئيس الحكومة بالأمر.

وقال فينيش: "نخشى أن يكون لرسالة الرعب هذه تداعيات خطيرة."ولفت فينيش إلى أن وكالة "ميفيلودز" لديها معلومات عن توافد آلاف الأشخاص إلى قرية تدعى "بوغاراش" في جنوبي البلاد، بسبب اعتقاد عممته طائفة "مدرسة رامثا للتنوير" الأمريكية، بأنها ستكون الملجأ الآمن شبه الوحيد على كوكب الأرض عند حلول نهاية العالم في 21 ديسمبر/كانون الأول 2012.

وتقول مؤسسة هذه الطائفة، جودي زيبرا نايت، إنها على اتصال مع روح محاربة قديمة كانت تقاتل سكان قارة أطلانتس الأسطورية قبل 35 ألف سنة، غير أن الناطقة باسم الطائفة في فرنسا نفت المسؤولية عن نقل تحذيرات نهاية العالم.

ولكن فينيش قال إن فرنسا شهدت في السابق موجات جماعية من الانتحار، وإن كان ذلك على نطاق ضيق، إذ انتحر عدد من الأشخاص في مدينة نانتز عام 2002، على خلفية انتشار شائعات مماثلة، أما الحدث الأخطر فقد وقع في نهاية العقد التاسع مع القرن الماضي مع انتحار متزامن لـ74 شخصاً في فرنسا وسويسرا وكندا من أفراد طائفة "معبد الشمس."

أما سكان قرية "بوغاراش" فقد أعربوا عن قلقهم العميق مما يحصل حولهم، إذ يتدفق الآلاف إلى المنطقة ساعين لشراء عقارات في أحياء معزولة، مع تقارير عن قيامهم ببناء أنفاق وملاجئ تحت الأرض، وتخزين كميات كبيرة من الطعام فيها.

وترتكز فكرة نهاية العالم في 21 ديسمبر/كانون الأول 2012 إلى واقع أن التقويم التاريخي لحضارة المايا ينتهي في هذا التاريخ الذي يتوقع أن تحصل فيه عملية اصطفاف نادرة للكواكب، ولكن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" نفت بشكل قاطع وجود ظاهرة من هذا النوع خلال العقود المقبلة.

فنادق تستعد ليوم "نهاية" العالم

فيما انتهزت العديد من الفنادق في المكسيك وأمريكا الوسطي، المناسبة بتقديم عروض خاصة مستوحاة من ثقافة حضارة المايا الغنية، للاسترخاء بعيداً عن هموم التفكير بيوم "نهاية" العالم، وقضاء أيام بمرافقها عوضاً عن الجلوس بانتظار وقوع الحدث الكبير، على حد قولها.

وروج فندق "سايترس" في دينفر، لعرضه قائلاً: "إذا العالم على وشك النهاية، فلما تختتم ذلك بعرض مدوى"، وعرض للمهتمين استئجار الطابق الـ15 بأكمله ليتسن للضيف وأصدقائه وأقاربه قضاء "الساعات" الأخيرة معاً وبمرح.

ويغري فندق آخر، وهو "ذا كيتينغ" بسان دييغو، زبائنه بتقديم "إرشادات ضرورية" للنجاة من اليوم الكبير، أو "الاستجمام" استعداداً له، بجانب الاستمتاع بـ"العشاء الأخير"، بإحدى مطاعمه الراقية.

وللمهتمين بعروض "نهاية العالم"، فالفنادق التي تقدمها هي: "فيرمونت ماياكوباوروزوودماياكوبا" بالمكسيك، و"كروسمالا" بمنطقة جاليسكو بالمكسيك أيضاً، "جي دبليو ماريوت كانون" بمنطقة كانكون بالمكسيك، "أزول بيتش" بريفيرا مايا بالمكسيك، و"منتجع هاماناسي" بمدينة هوبكينز في بليز، و"ذاكيتينغ" بسان دييغو، و"بارموفلادلفيا" بفلادلفيا، وفندق "المايا" لونغ بيتش بكاليفورنيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/كانون الأول/2012 - 6/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م