روسيا... صراع سياسي محموم وحراك شعبي ملغوم

شبكة النبأ: تعاني روسيا من حالة اضطراب كبيرة في الشؤون السياسية والحقوقية خاصة في الأشهر الأخيرة، على الرغم من التقدم تصاعديا في تلك المجالات انفة الذكر خلال الفترة الأولى من حكم زعيمها الحالي بوتين، مما تسبب بحالة استياء شديدة وموجة عارمة من الانتقادات والاحتجاجات من جانب النخبة المحكومة وخاصةً من لدن المعارضين لتجاه قيادة بوتين للبلاد، وهذا ما تجلى ايضا بالحركة المعارضة غير المسبوقة، التي برزت في الفترة الاخيرة، بينما يرى المحللون السياسيون بان ما تقوم به حكومة بوتين من مداهمات واتهامات وتشيد العقوبات ما هي الا رسالة موجهة الى المعارضين لاثبات ان السلطة مستعدة لتضييق الخناق عليهم بشدة وحزم اكبر من اي وقت مضى، خصوصا بعدما الاتهامات الجديدة ضد المعارضة الروسية بمحاولة حياكة ثورة ضد النظام الروسي،  في حين يرى اغلب المحللين بأن الطموحات السياسية  لرجل المخابرات الروسية السابق تشبه طموحات القائد السابق ستالين، بهدف استعادة الهيبة الروسية دوليا، وكذلك توسيع نفوذه محليا، من خلال تقديمه صورة ستالينية مقاربة جديدة، مما اظهرت انقسامات داخل الشعب والسلطة الروسية ايضا، ويرى بعض المراقبين بان قيادة روسيا الحالية تنتهج ايدلوجية سياسية مضطربة تمهد الطريق لانتكاسة جديدة قد تزيد من هشاشة روسيا اذا بقت بنفس المنوال السياسي تحت حكم بوتين في المستقبل.

حياكة ثورة

فيما شنت قوات الامن الروسية عمليات مداهمة واستجواب جديدة لمعارضين متهمين بانهم دبروا "ثورة" ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل "مسيرة للحرية" تنظم في 15 كانون الاول/ديسمبر في موسكو، وفي موسكو وصل المحققون الى منزل يوري نابوتوفسكي الناشط في حركة سوليدارنوست المعارضة، واوضح ان السبب كان انه على علاقة مفترضة بليونيد رافوجاييف وقسطنطين ليبيديف الناشطين المعتقلين منذ تشرين الاول/اكتوبر بتهمة "التحضير لتنظيم مسيرات حاشدة" وزعيم الجبهة الشعبية سيرغي اودلتسوف الذي وجهت اليه التهم نفسها، وذكرت لجنة التحقيق، هيئة التحقيق الرئيسية الخاضعة لسلطة الكرملين حصريا، انها داهمت ايضا منزلي الناشطتين تايسيا الكسندروفا وانا كورنيلوفا واستجوبتهما بصفة شاهد في ملف "الاضطرابات والمسيرات الحاشدة"، واكدت لجنة التحقيق لاحقا انها تملك ادلة تثبت بان المعارضة الروسية كانت تحيك هذه السنة "ثورة" على غرار الثورة المؤيدة للغرب التي شهدتها اوكرانيا وجورجيا مطلع العام الفين، وقالت اللجنة في بيان "تبين انه في ربيع 2012 نظمت رحلة الى ليتوانيا لمواطنين روس من مناطق مختلفة للمشاركة في منتديات حول الاستيلاء على السلطة مثل +ثورات الالوان+ التي وقعت في دول اخرى"، وهذا يعني في روسيا "ثورة الورود" في جورجيا نهاية 2003 و"الثورة البرتقالية" في اوكرانيا نهاية 2004، وهما حركتان شعبيتان حملتا الى السلطة حكومتين مؤيدتين للغرب في هاتين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين، واطلقت الملاحقات في تشرين الاول/اكتوبر استنادا الى برنامج لقناة ان تي في الموالية للكرملين تضمن تسجيلا قيل انه صور بواسطة الكاميرا الخفية وظهر فيه اودلستوف يتباحث في هذا الموضوع مع البرلماني الجورجي غيفي ترغامدزي الممول المفترض للمشروع، واضاف البيان ان "التحقيق سمح بجمع وثائق اكدت تمويل ترغامدزي لنشاط اودلستوف ورافوجاييف وليبيديف غير المشروع لتنظيم تظاهرات حاشدة في اتحاد روسيا". بحسب فرانس برس.

وبحسب البيان "ضبطت خلال المداهمات في موسكو وثائق الكترونية تضمنت معلومات عن قلب النظام"، وبعد استجوابه انتقد اودلتسوف التهم "المجانية" الموجهة اليه مؤكدا انه لا يعرف المتهمين الثلاثة الاخرين في هذا الملف، وقال "لم اذهب ابدا الى اي مكان معهم لكني اعرف انه تنظم في روسيا وفي الخارج بانتظام منتديات مختلفة خصوصا حول مراقبة سير الانتخابات والدفاع عن حقوق الانسان. وليس هناك اي امر غير شرعي في ذلك"، ورأى ان المداهمات وعمليات الاستجواب ترمي الى "زيادة التوتر" مع اقتراب استحقاق "مسيرة الحرية" التي دعت اليها المعارضة في 15 من الجاري، واشارت وسائل الاعلام وناشطون الى مداهمات اخرى فجر في نيجني نوفغورود (500 كلم شرق موسكو) في منزل ناشطين في حركة روسيا الاخرى للكاتب ادوارد ليمونوف، وايكاترينا زايتسيفا ويوري ستاروفيروف، وبحسب زايتسيفا تمت هذه المداهمات في اطار تحقيق حول اعمال العنف المفترضة ضد قوى الامن خلال يوم سبق تعبئة للمعارضة في 15 ايلول/سبتمبر، وفي حينها اظهر شريط فيديو عرض على الانترنت شرطيا روسيا يضرب ايكاترينا زايتسيفا بقوة على الرأس اثناء تدافع. وكانت الشابة فقدت وعيها لفترة وجيزة وتبين لاحقا انها اصيبت برضوض في الدماغ.

دعم من الخارج

فقد دان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المعارضة الروسية، مؤكدا ان "من يتلقى اموالا من الخارج ويخدم مصالح اجنبية" لا يمكنه ان "يلعب دورا سياسيا" في روسيا، واتهم الكرملين عدة مرات المعارضة التي جمعت مئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع العام المنصرم، بانها تتلقى اموالا من الخارج، وقال بوتين ان "اي تدخل اجنبي مباشر او غير مباشر، في شؤوننا السياسية غير مقبول". واكد ان "الديموقراطية الروسية هي سلطة الشعب الروسي بتقاليده الخاصة وليست تطبيق معايير يحاولون فرضها من الخارج"، ويلمح بوتين بذلك الى الانتقادات التي وجهت اليه في الاشهر الاخيرة من قبل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بسبب تزايد اعتقال المعارضين وادانتهم. وتابع بوتين ان "حوارا متمدنا ليس ممكنا سوى مع قوى سياسية متحضرة تعمل في اطار القانون".

من جهة اخرى، اكد بوتين ان روسيا يجب ان تبقي على "السيادة والنفوذ" اللذين تتمتع بهما بينما "يدخل العالم في مرحلة تغييرات حاسمة وربما تقلبات كبيرة"، واوقف حوالى عشرين معارضا ووضعوا في الحبس الاحتياطي حاليا ويمكن ان تصدر عليهم احكام بالسجن، لمشاركتهم في "اضطرابات واسعة" خلال تظاهرة في موسكو انتهت بصدامات مع الشرطة، ورغب بوتين على ما يبدو في الرد على الذين يؤكدون تشدد السلطة في الاشهر الاخيرة. وقال ان "تدخل السلطة في آراء وقناعات الافراد يشكل بدون شك احد مظاهر الاستبداد وهو امر غير مقبول اطلاقا بالنسبة لنا ولا ننوي السير في هذا الاتجاه"، من جهة اخرى، وعد بوتين "بمواصلة مكافحة الفساد" بينما تهز فضائح فساد في الاسابيع الاخيرة اعلى دوائر الدولة وادت الى اقالة وزير الدفاع وتوجيه اتهامات لوزيرة سابقة للزراعة، وتضاعفت الدعوات الى مكافحة الفساد منذ وصول بوتين الى الرئاسة في العام 2000 لكن التقدم الذي تحقق ضئيل، باعتراف السلطات نفسها، وفي حديثه عن الاقتصاد، طالب بوتين بان تكون العقود التي تبرمها الشركات الروسية الكبرى خاضعة لقوانين البلاد من اجل وقف نقل الاستثمارات الى الخارج. بحسب فرانس برس.

وقال بوتين في خطاب الى الشعب الروسي "بحسب بعض التقديرات، تسعة من كل عشرة عقود تبرمها الشركات الروسية الكبرى لا يحكمها القانون الروسي". واضاف متوجها الى وزراء الحكومة الذين كانوا يصغون الى خطابه في الكرملين انه على الحكومة "اتخاذ اجراءات لمنع نقل الاستثمارات الى الخارج"، ومثلا، نجحت المجموعة الروسية العملاقة في الاحتفاظ بتسعين بالمئة من ارباحها بفضل فروع لها في جيرزي، كما كشفت مؤخرا صحيفة الاعمال فيدوموستي.

كما اكد المحققون الروس ان لديهم "ادلة دامغة" على ان المعارضة ارادت اثارة اضطرابات في روسيا وان بعض افرادها تلقوا تدريبا في الخارج استعدادا لتنفيذ انقلاب، وفي برنامج تلفزيوني اعلن المتحدث باسم لجنة التحقيق ان ناشطي جبهة اليسار الذين وجهت اليهم اتهامات كانوا "استعدوا في شكل دقيق لاضطرابات كبيرة"، واضاف ان "هذا الاستعداد تم خارج الحدود الروسية"، موضحا ان هدف تلك الاضطرابات كان "الاطاحة بالنظام"، وقالت لجنة التحقيق في بيان ان لديها "ادلة دامغة" تؤكد نيات المعارضين، وفي تشرين الاول/اكتوبر اتهمت السلطات الروسية العديد من ناشطي جبهة اليسار ب"الاعداد لاثارة اضطرابات كبيرة" بينهم زعيم الجبهة سيرغي اودالتسوف واحد القريبين منه ليونيد رازفوزجاييف، وروى الاخير المعتقل في موسكو انه "خطف" بايدي عناصر في الاستخبارات من اوكرانيا التي كان فر اليها واعيد بالقوة الى روسيا حيث اقر بذنبه جراء تعرضه للتعذيب. وقد عاد لاحقا عن هذه الاعترافات، لكن السلطات الروسية رفضت فتح تحقيق في شان اتهاماته، وفي البرنامج الذي عرض الجمعة، تحدثت امراة اسمها سميرة بدر ادعت انها عشيقة رازفوزجاييف، واكدت ان الاخير كان التقى مع اودالتسوف النائب الجورجي غيفي تارغامادزي لمناقشة كيفية اسقاط النظام، وقالت ان "المال بدأ بالظهور في الربيع" الفائت. بحسب فرانس برس.

الجريمة الخطيرة

في المقابل دان رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف في يوم احياء ذكرى ضحايا القمع في العهد السوفياتي، "الجريمة الخطيرة" التي ارتكبها ستالين بحق شعبه، وقال مدفيديف خلال زيارة للاورال بحسب وكالة انباء ريا نوفوستي "نظرا لما ارتكب في تلك الحقبة يستحق ليس فقط جوزف ستالين بل ايضا عدد كبير من المسؤولين دون شك اشد العقوبات"، واضاف "يجب ان يبقى ذلك في سجلات تاريخنا لكي لا يتكرر هذا الامر ابدا"، واحيا المدافعون عن حقوق الانسان في روسيا ذكرى الملايين من ضحايا القمع في العهد الشيوعي الذين تعرضوا للقتل او الابعاد او للسجن في مراكز اعتقال، وفي بوتوفو في ضاحية موسكو حيث يرقد في مقبرة جماعية 20 الف شخص اعدموا في عهد ستالين، اقيم قداس حضره مئات الاشخاص اعقبه تلاوة اسماء الضحايا، وقد شارك الف شخص في موسكو في حفل اقيم في ذكرى ضحايا ستالين في ساحة لوبيانكا قبالة مقر الاجهزة السرية (كاي جي بي سابقا) الذي كان مقرا للشرطة السياسية في حينها. بحسب فرانس برس.

ولم يشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولا ديمتري مدفيديف في هذه الاحتفالات، وعندما كان رئيسا (2008-2012) انتقد مدفيديف النظام "الشمولي" للاتحاد السوفياتي سابقا والجرائم "التي لا تغتفر" التي ارتكبها ستالين، ولا يزال ضريح ستالين بجوار الكرملين قبالة الساحة الحمراء.

مظاهرات متجددة

في سياق متصل دعي آلاف الروس الى التظاهر في موسكو ضد الرئيس فلاديمير بوتين في تحرك سيشكل اختبارا لحيوية الحركة الاحتجاجية مع تشدد الكرملين في سياسته في الاشهر الاخيرة، وكان 16 الف شخص اعلنوا على فيسبوك تلبيتهم الدعوة الى التجمع الذي اطلق عليه اسم "مسيرة المليون" وسمحت به البلدية شرط الا يتجاوز عدد المشاركين ال25 الفا، وسيتجمع المتظاهرون في ساحة بوشكين في وسط المدينة ثم يقوموا بمسيرتهم عبر الشوارع وصولا الى جادة ساخاروف لتجمع، وستنظم تظاهرات مماصلة في سان بطرسبورغ ثاني مدن البلاد ومدن اخرى من جيب كالينينغراد الاوروبي الى فلاديفوستوك اقصى شرق البلاد، ويأتي هذا التجمع بعد حكم بالسجن سنتين على ثلاث نساء من فرقة الروك بوسي رايوت لتحرك ضد بوتين قمن به داخل كاتدرائية في موسكو وبينما توجه اتهامات الى السلطات الروسية بتشديد اجراءاتها لاسكات المعارضين، وكان آخر هذه الاجراءات قيام الاغلبية المؤيدة للكرملين في مجلس النواب (الدوما) الجمعة برفع الصفة النيابية عن النائب المعارض لبوتين غينادي غودكوف بتهمة قيامه بنشاطات تجارية، ورأى غودكوف في هذه الخطوة "انتقاما" من قبل السلطة. بحسب فرانس برس.

واستهدف قادة آخرون للمعارضة بتحقيقات من بينهم الكسي نافالني الذي يتمتع بحضور كبير وقد يحكم عليه بالسجن حتى عشر سنوات بتهمة القيام "بعمليات اختلاس اموال واسعة"، كما اتهم 16 شخصا آخرين بالمشاركة في صدامات مع الشرطة في السادس من ايار/مايو خلال تظاهرة للمعارضة، واوقف معظمهم، وكان بوتين اصدر في حزيران/يونيو قانونا يفرض غرامات كبيرة لمعاقبة المتظاهرين في حال حدوث اضطرابات او تجمعات غير مصرح بها، وبدأت اولى التظاهرات الكبرى للمعارضة في كانون الاول/ديسمبر 2011 بعد فوز الحزب الحاكم روسيا الموحدة في الانتخابات التشريعية بحوالى خمسين بالمئة من الاصوات، الا ان الحركة فقدت من زخمها منذ تولي بوتين الرئاسة، وقال نائب مدير الاستخبارات الروسية سيرغي سميرنوف الجمعة ان ثورة مثل تلك التي هزت شمال افريقيا والشرق الاوسط "مستحيلة في روسيا".

الدكتاتور السوفياتي

من جانب آخر قدم صاحب دراسة وافية جديدة عن ستالين صدرت للتو في روسيا، الدكتاتور السوفياتي على انه "رجل ذو قيمة كبيرة" انتقد بشكل ظالم مهنئا الرئيس الروسي الحالي فلاديمر بوتين لانه "يتقدم في الاتجاه ذاته"، واوضح نيكولاي ستاريكوف لصحيفة"كومسومولسكايا برافدا" الشعبية بمناسبة صدور عمله وهو بعنوان "ستالين. لنتذكر معا" ان "ستالين كان سياسيا ذا قيمة كبيرة وهو موضع الكثير من الاكاذيب. فعشرات ملايين الضحايا (على يد ستالين) الذين يتحدث عنهم المؤرخون الليبراليون لا وجود لهم"، وقد صدر الكتاب في 20 الف نسخة وهو عدد كبير راهنا في روسيا بالنسبة لكتاب تاريخ، وقال ستاركوف ان "اكثر من ثلاثة ملايين شخص بقليل ادينوا" خلال الحكم الستاليني وقد حكم على 600 او 700 الف منهم بالاعدام وهي ارقام اقل بكثير من تلك التي عرضها مؤرخون روس واجانب اطلعوا على الارشيف السوفياتي، ويتحدث هؤلاء عن 725 الف شخص اعدموا بالرصاص في عامي 1937 و1938 فقط في خضم سنوات القمع الستالينية وعن ان 12 مليونا شخص ارسلوا الى معسكرات او تم نفيهم الى مناطق نائية، واعتبر مؤلف هذه السيرة التي تعظم ستالين ان روسيا "بحاجة" اليوم الى ستالين جديد "لاعادة بناء القطاع الصناعي وقيادة سياستنا الخارجية بحذق والقضاء على اعداء الدولة الذين يعملون لحساب استخبارات اجنبية"، ولا تزال كتب تاريخ عدة في روسيا تدرس في الجامعات، تعطي صورة ايجابية عن ستالين. بحسب فرانس برس.

الاعداد لاضطرابات

من جهة أخرى وجهت "الاعداد لاضطرابات واسعة النطاق" الى زعيم المعارضة الروسية سيرغي اودالتسوف وعدد من المقربين اليه المودعين السجن، وهي تهمة يرفضها بالكامل وقد تؤدي الى حكم بالسجن عشر سنوات في حال ادانته، وصرح ممثل لجنة التحقيق فلاديمير ماركين "وجهت التهمة الى سيرغي اودالتسوف، وهو لا يقر بالذنب" مضيفا انه يمنع عليه مغادرة موسكو حيث يقيم، ووصل اودالتسوف الذي يرأس جبهة اليسار ويعتبر احد ابرز وجوه معارضة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى مقر لجنة التحقيق في موسكو هادئا رافعا قبضته على ما نقل التلفزيون الروسي، وصرح للصحافيين قبل دخول المبنى "انها قضية تعذيب، قضية مشينة (...) لست مذنبا. ادخل الى المبنى فخورا عالي الرأس"، كما كتب على حسابه على موقع تويتر "ستكون هذه محاكمة لنظام بوتين".

في 17 تشرين الاول/اكتوبر اعلنت اللجنة عن فتح تحقيق بحقه استنادا الى فيلم بثته قناة ان تي في الموالية للكرملين اكد من خلال صور سجلها بكاميرا مخفية ومن دون ذكر مصدرها ان معارضين من بينهم اودالتسوف يعدون للاطاحة بالحكومة بالقوة، لاحقا تمت مداهمة منزله ثم استجوبته لجنة التحقيق وافرجت عنه مساء اليوم نفسه مع منعه من مغادرة موسكو، كما وجهت التهمة الى عدد من المقربين من اودالتسوف ومن بينهم قسطنطين ليبيديف وليونيد رازفوجاييف اللذان احتجزا قيد التحقيق، واثارت قضية رازفوجاييف ضجة عالمية، حيث اكد المعارض المنتمي الى جبهة اليسار اختطافه في اوكرانيا واقتياده الى روسيا بالقوة لتوقيفه، وروى لمدافعين عن حقوق الانسان انه اقر بذنبه تحت التعذيب واكد تعرض عائلته للتهديد بالقتل، واكد محاميه مارك فيغين ان موكله سيطعن رسميا في افادته وسيطلب فتح تحقيق في "اختطافه" في كييف، كما اوكل المعارض اربعة محامين آخرين للدفاع عنه بحسب الوكالات الروسية، من بينهم آنا ستافيتسكايا التي اكدت ان موكلها سيخضع لاستجواب المحققين حول ظروف اعترافاته، وقالت "لكن احدا لن يقر بتعرضه للتعذيب". بحسب فرانس برس.

واعلنت اجهزة الاستخبارات الاوكرانية الجمعة فتح تحقيق بشأن اسباب وصول رازفوجاييف الى كييف وظروف مغادرته منها على عجل الى روسيا. وبررت اجهزة الاستخبارات في بيان ان التحقيق فتح بسبب الضجة التي اثارتها هذه القضية، وقد اعربت واشنطن والمفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة عن القلق على مصير رازفوجاييف، ونددت المعارضة الروسية بفيلم ان تي في في منتصف تشرين الاول/اكتوبر بعيد بثه، مؤكدة ان الاتهامات مفبركة بالكامل من اجل التعرض لمعارضي النظام، ويؤكد المعارضون ان تكثيف التحقيقات على غرار التحقيق حول المدون الناشط في مكافحة الفساد اليكسي نافالني الذي وجه اليه الاتهام في تموز/يوليو في اعقاب اتهامه باختلاسات ينفيها، يشهد على بدء مرحلة جديدة عنوانها تشدد النظام القائم منذ عودة بوتين الى الكرملين في ايار/مايو، كما تم في الاشهر الاخيرة تبني قوانين اعتبرتها المعارضة قمعية، على غرار قانون يصف المنظمات الحكومية التي تحصل على تمويل خارجي بانها "عميلة للخارج" ويضعها تحت رقابة مشددة، او القانون الذي يفرض غرامات كبيرة على المشاركين والمنظمين لتحركات احتجاجية في حال وقوع اضطرابات، وطلب معارض روسي آخر اللجوء السياسي في اوكرانيا خشية توقيفه في اطار تحقيق حول تظاهرة تحولت الى صدامات في ايار/مايو في موسكو، على ما اكدت منظمة حقوق الانسان اغورا، واكد ميخائيل ماغلوف العضو في حركة سوليدارنوست انه غادر روسيا متجها الى اوكرانيا بعد استجوابه امام لجنة التحقيق التي تبحث في تظاهرة معارضة جرت في 6 ايار/مايو عشية تسلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منصبه، بحسب ممثل اغورا ديمتري كولباسين.

انقسامات داخل السلطة

على الصعيد نفسه ظهرت الانقسامات داخل السلطة الروسية بعد ان نعت رئيس الوزراء ديميتري مدفيديف الذي لم يكن مذياعه مغلقا بعد مقابلة، محققين ب"الاغبياء" في تسجيل بث على الانترنت، وقال مدفيديف بعد مقابلة بثتها قنوات روسية عدة "لا تقلقوا كل شيء سيكون على ما يرام. سيكونون اغبياء اذا اتوا، وكان يجيب على سؤال صحافي حول تبرير مداهمة نفذها فجر اليوم نفسه اعضاء في لجنة تحقيق في منزل مخرج فيلم وثائقي عن المعارضة الروسية، وقد اعربت لجنة التحقيق النافذة الموضوعة تحت سلطة الكرملين، عن استيائها في بيان لم تكن لهجته دبلوماسية، وصرح المتحدث سيرغي ماركين في البيان "من المدهش ان نستمع الى تعليقات ليس فقط تهين محققي لجنة التحقيق الروسية بل تشكك في سلطة كافة قوات الامن في البلاد"، وسحب البيان لاحقا من موقع لجنة التحقيق لكن ماركين لم يسحب التصريحات التي ادلى بهالصحيفة "كومرسانت". وكتبت صحيفة "كومرسانت" ان "المقابلة مع رئيس الوزراء انتهت بفضيحة". بحسب فرانس برس.

ويعد تسجيل وبث على الانترنت تصريحات كان يفترض ان تبقى في الكواليس، لاحد ابرز الشخصيات السياسية عملية استثنائية في روسيا يحكمها فلاديمير بوتين، لكن تطبيق هذا الامر على بوتين يبقى مستبعدا. ونشر قناة "روسيا اليوم" العامة تسجيلات مدفيديف على الانترنت اثار تساؤلات اخرى، واكدت رئيسة تحرير القناة مارغاريتا سيمونيان انها غير مسؤولة عن هذه العملية وانها قامت فقط بنقل مباشرة على موقع يوتيوب الصور التي زودتها استوديوهات التلفزيون والاذاعة الروسية، وصرحت لكومرسانت "حاولنا وقف التسجيل بعد انتهاء القسم الرسمي من المقابلة لكننا لم ننجح في القيام بذلك في الوقت المناسب". وفسر محللون سلسلة تحقيقات اطلقت مؤخرا بتهمة الفساد على اعلى المستويات بدعم من وسائل الاعلام، وخسر نتيجتها وزير الدفاع اناتولي سيرديوكوف منصبه، بانه انعكاس لصراع مجموعات داخل سلطة بوتين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/كانون الأول/2012 - 2/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م