شموئيل شموئيلي وعدوانيته الشمولية

كاظم فنجان الحمامي

يرى توينبي: ((ان الدرس الذي استخلصه اليهود من مواجهاتهم مع النازيين قادهم، لا إلى تجنب المجازر التي ارتكبها النازيون ضدهم، بل إلى تقليد عدوانيتهم الشمولية ضد الأقوام الأخرى))، وربما كان شموئيل شموئيلي هو الأكثر تطرفاً الآن في عدوانيته الشمولية، فقد تغلغل هذا الحاخام في تركيبة المجتمعات اليهودية المعقدة، وراح يدعو اليهود على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم إلى الحرب الشمولية، للتعبير عن شخصيته المتطرفة المعروفة بعدوانيتها، فلم يفرق بين يهود (الأشكناز) الأوربيين، ولا بين يهود (السفارديم) العرب، ولا بين يهود (الصباريم) المولودين في فلسطين، ولا (الفالاشا) النازحين من أفريقيا، ولا (الكنعانيين) الجدد، الذين يؤلفون اليوم الطبقة العلمانية، ويرى إن إسرائيل في حالة حرب دائمة لابد أن تشارك فيها الطوائف اليهودية كلها ضد المحيط العربي الخارجي، على اعتبار ان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تتمكن من تحقيق السلام، لا مع الفلسطينيين، ولا مع الدول العربية المجاورة..

تتعارض أفكار شموئيل شموئيلي تماما مع أفكار (يهودا ليف)، الذي يقول: ((كن يهودياً في بيتك، وإنساناً خارج بيتك))، فمثل هذه التوجهات المسالمة لا تروق لشموئيل أبدا، فهو يدعو للتمسك بأفكار (بن غوريون) الذي يقول: ((لا يهم ما تقوله الشعوب الأخرى، بل المهم هو ما يفعله اليهود))، ويقول أيضاً: ((بالدم والنار سقطت يهودا، وبالدم والنار ستقوم يهودا))، ويدعو الناس للتمسك بأفكار (زائيف جابوتنسكي)، الذي يقول: ((السيف والتوراة قد نزلا علينا من السماء))، فالحرب من وجهة نظر الحاخام شموئيل جزء من الماضي ومن الحاضر ومن المستقبل، ويدعو لتحويل إسرائيل إلى ثكنة عسكرية تتحين الفرص للانقضاض على الأقطار العربية المحيطة بها..

من لا يعرف شموئيلي نقول له: انه رئيس حركة (حماة إسرائيل) اليهودية المتطرفة، ويكرس أنشطته السياسية في المرحلة الراهنة على كيفية تدمير مصر، دولة وحضارة وشعباً..

لقد بدأ مشروعه السياسي في سبعينيات القرن الماضي، وخصص كتاباته لمحاربة مصر، فأسس موقعاً الكترونياً تحت اسم (تشاباد).

وهو الموقع الذي يعتمد عليه في تأمين التواصل مع الفرق والطوائف اليهودية، لحشدهم في الحرب القادمة ضد مصر باعتبارها من الحروب التي سيباركها الرب (يهوا) إله الحرب، فالرجل يصرح يومياً في الصحف والفضائيات عن دعوته لنسف الشعب المصري كله وإزالته من على وجه الأرض، ولم يتهمه أحد بالإرهاب، ولم يحتج عليه أحد، حتى لا يتهم بمعاداة السامية..

مصر في نظر (شموئيل) هي العدو الأول لأنها التي أخرجتهم أذلة في زمن سيدنا موسى عليه السلام، ويزعم إنها تسيطر الآن على أرضهم (سيناء)، التي تاهوا فيها أربعين عاماً، ثم يأتي من بعدها العراق الذي تعرض فيه اليهود للذل والمهانة في السبي البابلي على يد ملكهم نبوخذنصر..

يرى شموئيل: إن (سيناء) تمثل أكبر المنافذ الخطيرة، التي تهب منها رياح الشر على حد قوله، ويرى انه قد حان الوقت لاستعادتها واستردادها وتحريرها من قبضة العرب تمهيداً لقيام الإمبراطورية الإسرائيلية، التي مهدوا لها عبر مشاريع التفكيك والتمزيق المنفلتة من عقالها في كل أنحاء الوطن العربي، وتجميد الملف الفلسطيني نهائيا عن طريق توجيه ضربات موجعة إلى القوى المعارضة لإسرائيل، والاستفادة من النشوة، التي شعرت بها القيادات الإسرائيلية في ظل الدعم الأمريكي المتجدد، لذا فإن شموئيل شموئيلي وعصابته يتصورون في خضم غطرستهم وعنجهيتهم ان الحل الأمثل يقضي بضرورة التوسع بالقوة عن طريق مواصلة الهجوم على الدول العربية، التي لم تعد تمتلك المؤهلات الحربية الكافية، وبمساندة الدول العربية المنبطحة المؤمنة بسياسة التطبيع والتركيع...

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/كانون الأول/2012 - 2/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م