حرب اليمن... تفقد الثورة بريقها

 

شبكة النبأ: كان من المفترض أن تكون اليمن من أكثر الدول العربية استقرارا وحماية لحقوق الإنسان، بعدما فجرت ثورة شعبية استمرت على مدى عام وأجبرت الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التنحي بعد 33 عاما من الحكم، لكن حدث العكس فأصبح أكثرها اضطرابا وانتهاكا للحقوق والحريات، بسبب وتصاعد وتواصل الكوارث الإنسانية والمشكلات السياسية والاقتصادية الاجتماعية، لتشكل عقبات كبيرة وخطيرة في طريق تقدم هذه الدولة العربية الربيعية، مما يعني أن الحقوق والاستقرار والتنمية تتجه نحو انتكاسة تحرج الدولة لتدفع الديمقراطية الوليدة إلى حافة الانهيار، حيث يرى الكثير من المحللين بأن الانفلات الأمني مؤشر أساسي للضعف الأمني في البلاد، كما تضع الخلافات السياسية الداخلية والصراعات المستدامة بين السياسيين الكثير من العقبات أمام تحسن الاقتصاد والأمن خاصةً في الآونة الأخيرة، إذ تشكل تلك النزاعات احد ابرز العوامل التي تغدي ديمومة هذه الأزمة، بينما تلعب الحسابات والتدخلات الإقليمية دورا كبيرا في هذا المجال، كون اغلب الدول الإقليمية المجاورة لليمن تعيش نفس الهواجس والتحديات، غير أنها تسيطر على تلك التحديات لامتلاكها مؤسسات عسكرية متماسكة ومنظمة، فضلا عن تنظيم القاعدة الذي لايزال يشكل تهديدا كبيرا لليمن بالرغم من طرد مقاتليه من معاقلهم الجنوبية، وهذا ما يزيد من هشاشة الدولة الجديدة ويفاقم من انهيارها سياسيا وامنيا، خصوصا وان مؤيدي الحاكم السابق يحاولون إفساد العملية السياسية بدعم من بعض الجهات الإقليمية والخارجية، مما أثار استياء منظمات حقوقية دولية بشأن عدة قضايا حقوقية اهمها الكارثة الإنسانية في أبين اليمنية، وكذلك استفحال تنظيم القاعدة بشكل كبير بعد الثورة، حيث تشكل العوامل آنفة الذكر، عقبات مستعصية تعرقل التنمية والاستقرار في البلاد اليمنية، وتتيح أرضا خصبة للانتكاسات جديدة على المستويات كافة، لذا يبقى إعادة بناء بلدهم واستقرارها مشكلة لا تزال قائمة حتى الان، نتيجة لصراع إثبات الوجود، مما قد يفاقم من هشاشة الدولة مستقبلا.

هجمات القاعدة

فقد قالت مصادر قبلية ان طائرات سلاح الجو اليمني هاجمت مسلحين من القاعدة يشتبه بأنهم نصبوا كمينا قتل فيه 17 من ضباط الجيش وجنوده، ووقع هجوم المسلحين اثناء قيام دورية من الجيش بمعاينة خط انابيب في منطقة وادي عبيدة في محافظة مأرب المنتجة للنفط وكان من اعنف هجمات القاعدة في الأشهر الأخيرة، وقالت وكالة سبأ الرسمية للأنباء إن الرئيس عبد ربه منصور هادي حضر جنازة العسكريين القتلى ومن بينهم اللواء ناصر مهدي فريد رئيس أركان المنطقة العسكرية المركزية، وقالت المصادر القبلية ان الطائرات الحربية قصفت المسلحين الذين يشتبه في مسؤوليتهم عن الهجوم، وبدأت الهجمات الجوية وقتل فيها أربعة أشخاص لكن لم يتبين على الفور ما اذا كانوا من مقاتلي القاعدة، وكان اصلاح خط الانابيب وخطوط الكهرباء في مأرب بعد أن توصلت الحكومة الى اتفاق مع أبناء القبائل على الكف عن مهاجمة البنية الأساسية. بحسب رويترز.

فرار السجناء

في سياق متصل اعلن مسؤول في اجهزة الامن اليمنية ان السلطات اليمنية افشلت في عدن محاولة فرار شارك فيها 25 معتقلا يعتقد انهم ينتمون الى تنظيم القاعدة ويعد بعضهم "عناصر خطيرين"، وقال هذا المسؤول ان "حراس السجن المركزي في عدن افشلوا محاولة فرار عندما اكتشفوا نفقا طوله ثمانية امتار كان المعتقلون يقومون بحفره"، واوضح انه "لم يكن قد تبقى سوى مترين ليصل النفق الى ساحة في سوق قريب من السجن" الواقع في المنصورة، وسط عدن كبرى مدن الجنوب اليمني، وتابع ان السجناء "وبعضهم خطرون نقلوا مؤخرا من صنعاء" كانوا يعيشون في قاعة السجن نفسها، ويضم سجن عدن عددا من اعضاء تنظيم القاعدة الناشط خصوصا في جنوب وجنوب شرق اليمن. بحسب فرانس برس.

وكان متحدث باسم اجهزة الامن في صنعاء اعلن في 25 حزيران/يونيو ان خمسة من عناصر تنظيم القاعدة تمكنوا من الفرار من سجن في مدينة الحديدة غرب اليمن، ولم يكشف المتحدث الذي اوردت تصريحه وكالة الانباء اليمنية ظروف الفرار ولا جنسيات الفارين.

اضطراب الامن القومي

على الصعيد نفسه طالب رئيس جهاز الأمن القومي اليمني اللواء علي الأحمدي إيران بالكف عن تدريب وتمويل المتمردين الحوثيين الذين يشكلون واحدا من ثلاث حالات تمرد تشمل ايضا إسلاميين مدعومين من القاعدة وانفصاليين جنوبيين وتهدد بتمزيق الدولة، وقال اللواء الأحمدي ان عدد اعضاء القاعدة لا يزيد على ما يبدو عن عن 700 إلى 800 شخص في اليمن منهم بضع مئات من السعوديين. لكنه اوضح ان الجناح اليمني للتنظيم والذي دبر هجمات على شركات طيران دولية وتعهد بالاطاحة بالأسرة الحاكمة في السعودية لديه خلايا نائمة لم تقتف السلطات اثرها حتى الان، واتهم الأحمدي طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين ينشطون في شمال اليمن قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية، وقال "انتهزت إيران الفرصة لتوسيع الصراع للعب دور معين..ليست لدينا عداوة مع إيران. كل ما نطلبه هو عدم التدخل (في شؤوننا)"، وأضاف الأحمدي على هامش مؤتمر في البحرين "لدينا أدلة واضحة على وجودهم واعتقلنا عددا من الاشخاص ولدينا أدلة كافية على تدخلهم"، ونفت إيران بالفعل تدخلها في الشؤون الداخلية لليمن، وتقول الحركة الحوثية انها تمثل مطالب الزيديين الذين حكموا اليمن لما يربو عن الف عام، ويتبع معظم الإيرانيين طائفة شيعية مختلفة لكن المسؤولين اليمنيين يقولون ان الحوثيين يسافرون إلى مدينة قم الإيرانية للتعلم، وذكرت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) ان اليمن قال في يوليو تموز انه القى القبض على اعضاء من خلية تجسس يتزعمها قائد عسكري سابق بالحرس الثوري الإيراني وأضافت أن الخلية كانت تعمل في منطقة القرن الافريقي وفي اليمن. وقال مسؤول بوزارة الداخلية ان كل المعتقلين من اليمن، ونجا الحوثيون من محاولات متكررة قامت بها الحكومة لسحقهم. وخاضوا حربا قصيرة مع المملكة العربية السعودية في 2009 بعد ان امتد صراعهم مع القوات اليمنية إلى خارج الحدود، ووجهت صنعاء الدعوة اليهم للانضمام لعملية حوار وطني بهدف التوفيق بين مختلف الجماعات التي ظهرت قبل وخلال الازمة السياسية التي شهدتها البلاد العام الماضي، وقال الأحمدي ايضا ان الحجم الدقيق لاعضاء القاعدة في شبه جزيرة العرب غير معروف، وأضاف "المجموعة الثانية سعوديون وتضم المئات ولكن من الصعب للغاية تحديد اعدادهم على وجه الدقة". بحسب رويترز.

واستغل المتشددون الإسلاميون احتجاجات العام الماضي ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح واستولوا على عدة بلدات في الجنوب قبل ان تشن القوات الحكومية بدعم أمريكي عملية لطردهم، وكان كثيرون منهم من السعوديين الذين فروا بعد ان سحقت المملكة موجة من الهجمات في عام 2006، ووصف المسؤولون السعوديون تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب بانه اخطر تهديد للمملكة وتعاونوا بقوة مع صنعاء ضد التنظيم، وقال الأحمدي "هناك تنسيق كامل بين اجهزة الدولتين لتبادل المعلومات. هناك اشكال مختلفة من الوحدات للتنسيق"، وأضاف ان عناصر القاعدة من السعوديين "يجلبون لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب الفكر والتمويل وخبرة صنع القنابل"، وأضاف "اكثر من 13 جنسية جاءت إلى اليمن مع القاعدة. معظم المقاتلين من داخل البلاد لكن الاجانب يجلبون الخبرة ويضللون ويخدعون الشباب اليمني"، وفي ابريل نيسان خطفت القاعدة دبلوماسيا سعوديا في عدن ولا تزال تحتجزه حتى الان. وقتل دبلوماسي اخر بالرصاص قرب منزله في صنعاء الشهر الماضي.

اغتيالات

أغتال مسلحون مجهولون نائب مدير الأمن السياسي في مدينة المكلا اليمنية الجنوبية، وأكد شهود عيان أن العقيد سالم سعيد بارمادة نائب مدير الأمن السياسي بمحضرموت لقي مصرعه برصاص مسلحين مجهولين لاذوا بالفرار، وأكد الشهود أن شخصين كانت يمتطيان دراجة نارية أطلقا النار على العقيد بارمادة أثناء خروجه من منزله بمنطقة الديس بالمكلا، إذ تم نقله إلى المستشفى لكنه فارق الحياة أثناء عملية الإسعاف، يذكر ان المكلا الواقعة على خليج عدن هي اكبر مدن محافظة حضرموت اليمنية التي ينشط فيها التنظيم المذكور، وكان الفريق محمود الصبيحي احد كبار القادة العسكريين في جنوب اليمن قد نجا في وقت سابق من الشهر الجاري من محاولة لاغتياله عندما فتح مسلحون نيرانهم على سيارته في بلدة الحوطة بمحافظة لحج، وكانت القوات التي قادها الصبيحي قد لعبت دورا مهما في العمليات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية ضد تنظيم القاعدة في الجنوب، والتي طردت مسلحي التنظيم من المدن التي كانوا يسيطرون عليها منذ سنة تقريبا. بحسب البي بي سي.

كوارث إنسانية

من جهتها قالت منظمة العفو الدولية إن المتمردين والقوات الحكومية اليمنية تسببا في "كارثة لحقوق الإنسان" في مناطق في جنوب البلاد في وقت سابق هذا العام في صراع قامت خلاله جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة بعمليات بتر أطراف وصلب، وأثار التوتر في محافظة أبين قلق السعودية المجاورة لليمن ويعتبره الغرب تهديدا لخطوط الملاحة قبالة سواحل اليمن، وطالبت منظمة العفو الدولية بفحص الانتهاكات في المحافظة الجنوبية في تحقيق أعلنته الحكومة في سبتمبر أيلول الماضي في انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان أثناء انتفاضة شعبية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح في عام 2011 ، وطرد الجيش اليمني في هجوم عسكري دعمته الولايات المتحدة جماعة أنصار الشريعة من مدن وبلدات جنوبية بعد عام تقريبا من استيلاء الجماعة المتشددة على مساحات كبيرة من أبين بعد الانتفاضة الشعبية العام الماضي والتي أجبرت صالح في نهاية المطاف على التنحي عن السلطة، واتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير لها بعنوان "النزاع في اليمن: أحلك الأوقات في أبين" جماعة أنصار الشريعة وهي إحدى الجماعات المتشددة المرتبطة بالقاعدة والحكومة اليمنية بارتكاب "جملة من الانتهاكات الصارخة والمقلقة للغاية"، وقال فيليب لوثر مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "تعرضت أبين لكارثة في مجال حقوق الإنسان عندما تصارعت جماعة أنصار الشريعة والقوات الحكومية من أجل السيطرة على المنطقة خلال عام 2011 وفي النصف الأول من عام 2012"، وتابع قائلا "مأساة أبين ستظل شبحا يقض مضجع اليمن لعقود قادمة ما لم تتم، وقالت المنظمة إن لديها وثائق تظهر أن "المحاكم الشرعية" التي أُنشأتها جماعة أنصار الشريعة كثيرا ما كانت تفرض عقوبات قاسية وغير إنسانية ومهينة على المجرمين المزعومين ومن يشتبه في أنهم جواسيس يعملون ضد الجماعة في مدينة جعار، وأحد هؤلاء يدعي صالح أحمد صالح الجملي (28 عاما) الذي قتل وصلبت جثته بعد أن أدانته محكمة شرعية في جعار بزرع أجهزة إلكترونية في عربتين تنقلان قادة عسكريين في أنصار الشريعة، وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان أيضا إن المتشددين نفذوا أيضا عمليات قتل ميداني دون محاكمة وبتر للأطراف وجلد أثناء سيطرتهم على جعار. بحسب رويترز.

واتهمت المنظمة قوات الحكومة اليمنية باستخدام القوة المفرطة في حربها ضد القاعدة، وجاء في تقرير المنظمة "استخدمت قوات الحكومة اليمنية أسلحة ميدانية غير مناسبة مثل المدفعية في مناطق سكنية للمدنيين ولم تتخذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لحماية المدنيين في هجمات أخرى"، وقال ضابط في الجيش اليمني تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه إنه لم يكن أمام الجيش من خيار آخر سوى استخدام المدفعية لضرب المتشددين الإسلاميين لأنهم احتموا بمبان حكومية، وأضاف الضابط "كان يتعين علينا منع توسع الجماعات المسلحة وتحرير البلدات الخاضعة لسيطرتهم"، وقال المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن محمد الباشا في بيان "ستفحص الحكومة اليمنية بعناية النتائج التي خلص إليها أحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية"، وطالبت المنظمة بإجراء "تحقيقات محايدة وشاملة ومستقلة" في الانتهاكات"، وقالت إن القتال الذي دعمته الولايات المتحدة بمعلومات المخابرات وهجمات بطائرات دون طيار أدى إلى نزوح 250 ألفا من أبناء المحافظات الجنوبية التي تضررت من الحرب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/كانون الأول/2012 - 28/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م