الاقتصاد العراقي... نمو يحتاج الى جهد إضافي

 

شبكة النبأ: على الرغم من الأزمات المتكررة والمشاكل السياسية المتواصلة التي يعيشها العراق لكنه لايزال يسعى وبشكل جاد الى إنعاش موارده الاقتصادية المختلفة من خلال اعتماد خطط جديدة ومباشرة والاستفادة من ثرواته المتاحة، هذا بالإضافة الى تشجيع مشاريع الاستثمارية ودعم القطاع الخاص بحسب بعض المتخصصين الذين أكدوا ان النمو الاقتصادي للعراق قد حقق تقدم ملموس لكنه يحتاج الى جهد إضافي وخطط وقرارات ودراسات إضافية, وفي هذا الشأن فقد تصدّر العراق، وفقاً لاستطلاع أجراه أحد أكبر المصارف الأميركية، قائمة أكثر الدول نمواً من الناحية الاقتصادية العام الجاري، ما زاد من مخاوف المعنيين بوضع خطط التنمية العراقية. ووصف خبراء هذا التصنيف بأنه وضع بلدهم في مفترق طرق بين الأصوات المتفائلة والفرص الضائعة. وأشار تقرير صدر عن مصرف «ميريل لينش- بنك أوف أميركا» بوضوح، إلى أن «العراق تصدّر قائمة الدول في تحقيق معدل نمو اقتصادي». وأشار التقرير إلى ان العراق سيحقق هذه السنة نمواً في الناتج المحلي يبلغ 10.5 في المئة، تليه الصين بـ7.7 في المئة.

ورأى رئيس المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي كمال البصري ان نتائج الاستطلاع دليل واضح الى ان العراق أصبح أمام مفترق طرق أكثر من أي وقت مضى. وأضاف ان التقرير يوضح أن العراق سيحقق أعلى معدل نمو في عامي 2012-2013، عالمياً. ودعا الجهات المعنية إلى إيجاد حلّ حاسم وواقعي لتبنّي أسلوب جديد للإسراع في إنشاء البنى التحتية، وتبنّي عقود مشاركة القطاعين الخاص والعام، كخيار استراتيجي خلال المرحلة الحالية، كبديل لأسلوب التعاقد القائم لتجاوز مشاكل عدم كفاية التخصيصات الحكومية ومعالجة نقص كفاءة الأداء في تنفيذ المشاريع.

وتابع «يمكننا من خلال هذه العقود إعادة تأهيل القطاعين الخاص والعام، عبر توأمة المؤسسات المحلية مع الشركات الأجنبية المتعاقدة معها، ومن ثمار هذه العقود نقل وسائل التكنولوجيا وأساليب العمل الحديثة». ولفت الى أن النمو المشار إليه يعود أساساً إلى النجاح الذي حققته وزارة النفط في رفع الإنتاج إلى 3.3 مليون برميل يومياً، والذي تحقق نتيجة جولات التراخيص والعقود التي وقعتها الحكومة العراقية مع الشركات النفطية العالمية لتطوير الحقول. وحذّر من استمرار الضعف في تطبيق الحكم الرشيد، بخاصة سيادة القانون، والذي قد يقود وفقاً للبنك الدولي» الى «تأجيج الانقسام السياسي والطائفي والقومي» ليتحول «صراعاً لا تُعرف مدّته».

وقللت الخبيرة الاقتصادية عضو اللجنة الاقتصادية والاستثمار في مجلس النواب العراقي نورة السالم البجاري من أهمية هذا التقرير. وعزت أسباب عدم تفاؤلها الى إن «اقتصادات الدول، بخاصة المتقدمة، تعاني أزمة اقتصادية خانقة انعكست سلباً على الدول التي لديها ارتباطات استثمارية ومالية معها، فكانت معدلات النمو ضئيلة، ما جعل العراق يتصدر القائمة من حيث النمو العام الجاري». وأكدت إن ما يجعل العراق «في منأى عن بؤرة الإعصار الاقتصادي العالمية، هو انغلاقه على نفسه، ووجود نفط خام يباع في الأسواق العالمية التي لا تستطيع الاستغناء عنه، وإنفاق عائدات النفط في تسيير شؤون البلد».

على صعيد متصل قال مسؤول رفيع بالمركزي العراقي إن من المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي عشرة بالمئة سنويا في المتوسط خلال السنوات الثلاث المقبلة بفضل نمو الإيرادات النفطية. ويحوز العراق عضو منظمة أوبك رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم ويتجاوز انتاجه حاليا ثلاثة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى في ثلاثة عقود. ويطمح العراق في زيادة الانتاج لمثليه خلال السنوات الثلاثة المقبلة.

وقال رئيس شركة تسويق النفط الحكومية (سومو) إن صادرات العراق من النفط ارتفعت إلى 2.565 مليون برميل يوميا في المتوسط في اغسطس اب وهو اعلى مستوى في ثلاثة عقود. وقال مظهر قاسم في مقابلة إنه بدون النفط لن يتجاوز النمو 4.5 بالمئة لكن القطاع النفطي يشكل 60 بالمئة من الاقتصاد.وأضاف أن كل زيادة مقدارها 100 ألف برميل يوميا في الصادرات تضيف أكثر من 3.4 مليار دولار سنويا للاقتصاد العراقي. وأبدى قاسم أمله في أن يتجاوز نمو الناتج المحلي الاجمالي العشرة بالمئة بعد ثلاث سنوات شريطة أن تشهد القطاعات الأخرى غير النفط زيادة في الاستثمارات. بحسب رويترز.

وقال إن البنك المركزي يتوقع ان تبلغ الاحتياطيات الاجنبية الاتحادية نحو 75 مليار دولار بنهاية 2013 من 67 مليارا حاليا لو ظلت اسعار النفط عند المستويات الحالية ومضت الصادرات كما هو متوقع. وقال قاسم إنه يتوقع ان يظل التضخم الاساسي لعام 2012 في خانة الاحاد عند ستة بالمئة. وبلغ متوسط التضخم 6.5 بالمئة على أساس سنوي في 2010 و2011.

الموازنة العراقية

في السياق ذاته أعلنت الحكومة العراقية انها وافقت على موازنة 2013 بمبلغ 115 مليار دولار اي بزيادة قدرها 18% عن العام الماضي. واعلن الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان الموازنة البالغة 138 مليار دينار التي ما زال يتعين على البرلمان التصديق عليها، تفوق ب 21 مليار دينار موازنة 2012. واضاف الناطق في بيان ان العراق الذي يؤمن القسم الاكبر من عائداته من تصدير النفط، يعول على سعر لبرميل النفط يبلغ 90 دولارا، وعلى انتاج 2,9 مليون برميل يوميا.

ويمتلك العراق احتياطات نفطية تقدر ب 143,1 مليار برميل و3200 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، اي من اهم الاحتياطات في العالم. وتتوقع الموازنة تصدير 250 الف برميل يوميا من منطقة كردستان للحكم الذاتي في الشمال التي تواجه الحكومة خلافا معها حول مسألة عقود مع شركات اجنبية. ويخصص 40% من الموازنة للاستثمار اما المبالغ المتبقية فتشمل رواتب الموظفين والنفقات الحكومية الاخرى. بحسب فرنس برس.

وينوي العراق الاستثمار في قطاعي الكهرباء والامن اللذين يشكلان على التوالي 21% و14% من موازنة 2013. وبعد حوالى العقد على الاجتياح الاميركي الذي اطاح صدام حسين، لا يزال العراق يعاني من انقطاع مزمن للتيار الكهربائي، فلا يستفيد العراقيون الا من ست او ثماني ساعات من التيار الكهربائي يوميا. ولا يزال الامن يشكل هاجسا كبيرا ايضا، لانه اذا كانت اعمال العنف قد تراجعت كثيرا منذ الصدامات الطائفية في 2006 و2007، فان الاعتداءات ما زالت كثيرة خصوصا في بغداد وشمال العاصمة.

الى جانب ذلك قال فاضل نبي وكيل وزارة المالية العراقية إن الحكومة تلقت مشروع ميزانية بقيمة 118 مليار دولار لعام 2013 على أساس سعر 90 دولارا لبرميل النفط وتتوقع عجزا قدره 15.5 مليار دولار. وأضاف أن الميزانية التي تتضمن مشروعات استثمارية بقيمة 45.5 مليار دولار تتوقع أن تبلغ الصادرات النفطية 2.9 مليون برميل يوميا.

وقال نبي "كل سنة تزداد الموازنة عن العام الذي قبله" وعزا الزيادة إلى ارتفاع الانفاق على المشروعات الحكومية وتوفير فرص العمل. ويسعى العراق عضو منظمة أوبك لتعزيز انتاجه النفطي لمثليه خلال ثلاث سنوات بعد عقود من اهمال البنية التحتية بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية. ويمتلك العراق رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم ويصدر حاليا 2.5 مليون برميل يوميا في المتوسط. ويسهم النفط بنحو 95 بالمئة من ايرادات الميزانية العراقية. بحسب رويترز.

وقال نبي إن الميزانية ترصد 644 مليون دولار للشركات العاملة في منطقة كردستان شبه المستقلة. وأقر البرلمان العراقي ميزانية 2012 بقيمة 100 مليار دولار في فبراير شباط على أساس متوسط لسعر النفط قدره 85 دولارا للبرميل وبصادرات قدرها 2.6 مليون برميل يوميا.

المستوي المطلوب

من جهة اخرى قال مسؤولون إن معظم البنوك العراقية الخاصة وعددها 34 بنكا تمكنت من تحقيق المستوى المطلوب لرأس المال لعام 2012 الذي حدده البنك المركزي العراقي عند 150 مليار دينار (128.8 مليون دولار) وهو مؤشر على ارتفاع قدراتها المالية. ووضع البنك المركزي برنامجا من ثلاث مراحل في 2009 للبنوك لزيادة رأسمالها في خطوة تهدف لدعم قدرات البنوك في التعامل مع أي أزمة قد تواجهها في بلد مازال يحاول إعادة بناء اقتصاده المتضرر بعد سنوات من الحرب والعقوبات الاقتصادية.

وانتهت المرحلة الأولى بنهاية يونيو حزيران 2011 حينما وصلت معظم البنوك إلى مستوى رأسمال قدره 100 مليار دينار. وفي يونيو 2012 زادت بنوك كثيرة رأسمالها إلى 128.8 مليون دولار وتنتهي المرحلة الثالثة في يونيو 2013 بمستوى رأسمال مطلوب قدره 215 مليون دولار.

وقال مضر قاسم نائب محافظ البنك المركزي العراقي إن زيادة رأسمال البنوك الخاصة يهدف إلى تقوية البنوك لتكون لديها القدرة على استيعاب أي خسائر. وقال عبد العزيز حسون المدير التنفيذي لرابطة المصارف العراقية الخاصة إن الوصول إلى رأس المال المستهدف تحقق بسهولة في العديد من البنوك. وأضاف أن 80 في المئة من البنوك زادت رأسمالها وتجاوز بعضها المستويات المطلوبة حيث لم يشكل الأمر معضلة. بحسب رويترز.

ولدى العراق عضو منظمة أوبك سبعة بنوك مملوكة للدولة و23 بنكا خاصا و11 مصرفا إسلاميا خاصا بحسب الموقع الألكتروني للبنك المركزي. ويقوم بنكان حكوميان وهما الرافدين والرشيد بمعظم الأنشطة المصرفية بينما ينحصر معظم نشاط البنوك الخاصة في خدمات الودائع ويشكل الإقراض الشخصي جزءا صغيرا من نشاطها.

العراق يستقطب

الى جانب ذلك بعد سنوات من الحرب وعدم الاستقرار الذي شهده العراق طوال السنوات الماضية، بدأت الحياة تعود إلى العاصمة بغداد شيئا فشيئا، ومن أبرز مظاهر ذلك، افتتاح أول سلسلة محال تجارية لعلامات تجارية عالمية تبيع منتجات مختلفة كالعطور والملابس وغيرها. من أبرز تلك العلامات التجارية "باريس غاليري"، الشهير ببيع العطور والساعات والحقائب في منطقة الخليج، والذي أعلن مؤخرا خططا لافتتاح خمسة فروح جديدة له في عدة مدن عراقية، من بينها بغداد والبصرة، خلال السنوات الثلاثة المقبلة.

وقال المدير التنفيذي لباريس غاليري، محمد الفهيم: "كنا ننتظر الظروف المناسبة للمضي قدما في هذا المشروع، وبعد تقييم البيئة الحالية والظروف المتوافرة، وجدنا أن العراق يبتعد شيئا فشيئا عن عدم الاستقرار وانعدام الأمن، ولهذا نعتقد أن فرصتنا هنا كبيرة جدا للنجاح." وأضاف الفهيم بالقول: "عندما نفتتح فرعا لنا في العراق، سيكون ذلك بمثابة عامل تشجيع للعراقيين، الذين سيشعرون أنهم كغيرهم من سكان العالم يستحقون أن يعيشوا في رفاهية."

أما سرى الراوي، وهي محاسبة يصل دخلها السنوي إلى 19 ألف دولار سنويا، وتعيش في العراق منذ فترة طويلة، فتشعر بالسعادة لأنها ستتمكن أخيرا من شراء العطور ومساحيق التجميل العالمية من السوق المحلية. وقالت الراوي: "أنا فتاة عراقية قادرة على شراء هذه المنتجات ولطالما تمنيت توافرها في المنطقة التي أعيش فيها."

غير أن وليام واتس، مدير شركة "دنيا فرونتير" للاستشارات، يرى أن تواصل العنف الطائفي في العراق إضافة إلى تعطل العديد من المشاريع الاستثمارية الحكومية يؤجل مثل هذه الخطط. وقال واتس: "يجلس العراقيون على واحد من أكبر احتياطات النفط في العالم، ولذلك فلا شك أن هناك الكثير من الفرص الاقتصادية في البلاد، ولكن لا يبدو أن البنية التحتية واعدة." غير أن الفهيم لا يبدو قلقا من هذا الأمر، فقد دخلت سلسلة محلات باريس غاليري في شراكة مع مجموعة الحنظل، وهي شركة عراقية أسست عام 1975، وهي شركة قادرة على فهم السوق العراقي، وستدير فروح المتجر في عدة مدن عراقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/كانون الأول/2012 - 27/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م