ماذا عن الأمن الغذائي العراقي؟

زاهر الزبيدي

حذّر السيد حسن بابكر، وزير التجارة العراقي، من كارثة، قد تصيب الأمن الغذائي العراقي في مقتل، حيث وجه الوزير بابكر تحذيره، خلال إستضافته من قبل مجلس النواب العراقي، كما دعا الى أن تأخذ السلطة التشريعية دورها في الحفاظ على الأمن الغذائي العراقي بعيداً على الأزمات الداخلية والإقليمية المحيطة بالبلاد من كل جانب.

لم تكن تصريحات الوزير بعيدة عن الواقع، بل كانت قريبة جداً من قراءته لواقع الأمن الغذائي العالمي حين بدأت التحذيرات من أزمة غذائية عالمية يرافقها إرتفاع في أسعار الغذاء العالمي وبدأ التحضير لمواجهة إرتفاع تلك الأسعار التي كشفت عنها منظمة الغذاء العالمي "الفاو" قبل أشهر مع توقعها باحتمالية كبيرة لحدوث أزمة غذاء على غرار ما حصل في عام 2007-2008.

وعلى الرغم من أن اقتصادنا العراقي يشهد تحسناً نسبياً خلال السنوات الثلاثة الأخيرة عندما بدأت وزارة النفط بإستعادة عافيتها من خلال جولات التراخيص التي تحاول من خلالها الارتفاع بصادرات النفط العراقي لما يتناسب وحاجة البلد إلا إن دخول البلد بأزمات سياسية متتابعة مضافاً اليها التوترات السياسية التي تشهدها الدول الإقليمية المحيطة واحتمالات غلق الحدود تحسباً لطارئ ما قد يدخلنا بأزمة غذائية خانقة.. فواهم من يظن أن أزمة الغذاء العالمي لا تؤثر في إقتصاد العراق الذي لازال يعتمد بشكل شبه كامل على استيراداته الغذائية التي تتزايد طردياً مع مرور الأيام والأشهر.

 فالتوقعات تشير الى أن الأزمة ستحصل في أمريكا وأوربا.. إلا إن نتائجها ستظهر للعيان واضحة المعالم في العراق ومحيطنا العربي بالذات لعدم وجود ثقافة متوازنة في التعامل مع الغذاء.

لقد كانت مفردات الحصة التموينية، بكل مساوئها، توفر خزيناً ستراتيجياً مهماً للعراقيين يمكن المناورة به في حال حصول أزمات غذاء عالمية وعلينا أن نبادر اليوم الى رسم ستراتيجية إقتصادية علمية مبنية على حقائق وأرقام بهدف الضغط مباشرة على أسباب الأزمات الغذائية التي تهدد أمننا وأن نحاول أن نقدم للمبادرة الزراعية كل الدعم للاستفادة من القدرات العراقية في درء الأزمات الاقتصادية فالعراق لا يتحمل الأزمات المزدوجة التي قد تضرب في آن واحد، سياسية، إقتصادية، ثقافية.. والتي قد تسهم في إسقاط الحكومات لو حدثت في بلد غير العراق..

كذلك فأن الصناعات الغذائية العراقية عانت ولا زالت تعاني من أزمة تخطيط واضحة المعالم تراقبها عن كثب في البطيء الشديد لظهور صناعة غذائية محددة تنافس ما يطرح في اسواقنا اليوم من منتجات غذائية تأتي من خارج الحدود لا نعرف كنهها ولا مصدر موادها الأولية لذلك فأن على الحكومة أن تنشئ خزيناً ستراتيجياً مهما من المواد الغذائية تساهم به في، بين الحين والآخر، في خفض اسعار السلع الغذائية وبما يكفل الحصول على اسعار متوازنة دائماً تخدم بطبيعتها أغلب شرائح الشعب.

وعلى طريق إنشاء توعية نوعية في مجال تقنين وتوازن الاستهلاك الأسري للمواد الغذائية وتجنب التبذير والإسراف الكبيرين في هدر موارد مادية صعبة على الغذاء، ففي دراسة عالمية تبين أن الفرد العربي ينفق 50-80 % من موارده على الغذاء بينما لا يصرف الفرد الغربي أكثر من 20%.. وهذا تباين كبير سببه ضعف ثقافة الترشيد الغذائي.

إن ما يمتلكه العراق من ثروات قد تساعده للنفاذ بصعوبة من أزماته فعلينا إستغلاله بصورته المثلى في صناعة درعاً إقتصادياً حصيناً من الأزمات.. مع توقع مستمر لحجم الكوارث، لاسمح الله، نكون قد رسمنا لصورة اقتصادية حقيقية لما يجب أن تكون عليه ستراتيجيتنا في الدفاع عن أمننا الغذائي من الإنهيار السريع.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/كانون الأول/2012 - 24/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م